مجلة الرسالة/العدد 472/كتاب الإمتاع والمؤانسة
→ من أدب الحرب | مجلة الرسالة - العدد 472 كتاب الإمتاع والمؤانسة [[مؤلف:|]] |
ترتيب القرآن ← |
بتاريخ: 20 - 07 - 1942 |
2 - كتاب الإمتاع والمؤانسة
الجزء الثاني
للأب أنستاس ماري الكرملي
3 - أوهام علم الحيوان
جاء في حاشية ص 31: (الأفلاء جمع فِلو بكسر الفاء. وهو المهر الذي لم يبلغ الفِطَام). والمشهور في لغة العراقيين، وهو كذلك في اللغة الفصحى: أن الفلو: المهر إذا فطم، أو بلغ السنة.
وورد في نص تلك الصفحة وفي نحو آخر سطر منها: كما أن الأفعى تأخذ السمَّ من (الأصِلَّة (وضبطت الأصِلَّة بهمزة القطع، وكسر الصاد، وشد اللام، وفي الآخر هاء. وهو لفظ لا وجود له في لغتنا الفصحى، ولعلَّ الناشرَيْن توهما أن الأصلة جمع الصِلَّ بكسر فشد اللام. قلنا: هذا لا يمكن أن يكون عقلاً، ولا نقلاً؛ أما أنه لا يكون عقلاً، فلأن الأفعى لا تأخذ سمها من عدة أصلالٍ، بل من صِل واحد. وأما أنهُ لا يكون نقلاً، فلأن صِلاَّ لا تجمع على أصِلَّة - كأهِلَّة - إنما تجمع على أصلال. وأما الأصلة هنا فزنتها قصبة؛ وهي حية صغيرة، أو عظيمة، قيل: تهلك بنفخها. وهي في نظرنا تعريب (باصلة) اليونانية ومعناها ملكة الحيات؛ وحذفت الباء من أولها ظناً أن الباء زائدة للجرِّ. ولهذا قال التوحيدي: كما أن الأفعى - وهي كل حية سامة - تأخذ السم من الأصلة. كأنه يقول: تأخذ سمها من الأفعى الملكة، كما أن الوالي، أو العامل، يأخذ سطوته وقوته من الملك أو السلطان، وحذفت الباء كما حذفت من فاندلس فقالوا: أندلس.
وفسر الكودن، الوارد في ص 59 بقول الناشرين في الحاشية: الكودن (البغل) قلنا: هذا من باب التوسع لا من باب التحقق، وإلا فالكودن - على ما في ديوان الشارح - الفرس الهجين، والبغل، والبرذون الرومي، إلا أن المسعودي استعملها لهذا الحيوان الهجيْن المتولد من الحصان والأتان، وهذا ما يجب أن نعرفه وندقق النظر في تحقيقه، لأننا أصبحنا في عصر نحتاج إلى هذا التمييز.
وقيل في ص 104: (إن العلماء بطابع الحيوان ذكروا أن الفيلة لا تتولد إلا في جزائر البحار الجنوبية) اهـ وكان يحسن بالناشرين أن يقولا: وقد ثبت اليوم أن الفيلة تكون في بلاد الهند، من غير أن يَحْصرا القول بقولهما: في جزائر البحار الجنوبية لأنها تكون في أفريقية.
وقال المؤلف في ص 14 أيضاً: والزرافة لا تكون إلا في بلاد الحبشة. قلنا: والذي أجمع علياء العلماء بطابع الحيوان أنها تكون في فلوات أفريقية وصحاريها.
وقال المذكور في تلك الصحيفة عينها: (والسمور وغزال المسك لا يكونان إلا في الصحارى الشرقية الشمالية).
قلنا وكان يحسن أن يعلق في الحاشية ما يصحح هذه القالة. فالسمور يُرى في شماليَّ أوربة، وآسية، ويعيش في كمنشكة وألاسكة. وغزال المسك يعيش في جبال آسية الشرقية، ويوجد منه في الصين، والتُبَّت، وبنغال، وديار التَتَر، والتَنْكينَ، كما ذكره علماء الحيوان.
وقال أيضاً في تلك الصفحة: (والعقاب والنعام لا تفرخ إلا في البراري والقفار والفلوات). وجاء في الحاشية: (في ب التي نقلت عنها هذه الزيادة وحدها: (والعطاف)، ولعل صوابه ما أثبتنا (أي العقاب) إذ لم نجد العطاف فيما راجعناه من كتب الحيوان. وفي كتاب (حياة الحيوان): إن من أنواع العقاب ما يأوي إلى الصحارى) أهـ.
قلنا: (لا يمكن) أن يكون الصواب ما أثبته الناشران، فلو فرضنا أن بعض أنواع العقاب يأوي إلى الصحارى، فمن المحال أن يفرخ فيها، لأن العقاب لا تفرخ إلا في أعالي الجبال وشواهق الهضاب. والتوحيدي يوجه النظر إلى أن هذا الطائر الذي يذكر اسمه يتخذ أفحوصَه في البراري والقفار والفلوات، ولا يكون إلا لنوع من القطا وهو الغَطَاط، بالغين المعجمة والواحدة غطاطة. وفي نسخة من حياة الحيوان: يرى العَطَاط بعين مهملة وفتحها كالغطاط بالمعجمة.
وقال المؤلف في تلك الصفحة أيضاً: (والوطواط والطيطوى وامثالهما في الطير لا تفرخ إلا على سواحل البحار وشطوط الأنهار والبطائح والآجام) اهـ
قلنا من معاني الوطواط: الخفاش لضرب من خطاطيف الجبال. وكل منهما لا يفرخ على سواحل البحار ولا على شطوط الأنهار ولا على شواطئ البطائح والآجام. فيجب أن نأتي باسم طائر يشبه لفظ الوطواط ويعشش في المواطن المذكورة وهذا الطائر يسمى اليوم في أنحاء البطائح في العراق البيبط أي
وتلفظ البيبط بكسر الباءين ومن الغريب أن هذا اللفظ معروف بهذا الضبط في فلسطين على ما صرَّح به القانوني تدسترام في ص 402 من كتابه. وذكره أيضاً دنبي وكذلك دوماس وذكره شربونو بصورة بيبيط بياء زائدة قبل الآخر. وسماه الدكتور حنا أبقاريوس بوطيط وغناج في ص 588 من معجمه الطبعة الثالثة. وسماه الكبتن هـ. ف. س امرى في معجمه الإنكليزي العربي في ص 204 هدهد (كذا). وسماه الأب بلو اليسوعي في معجمه الكبير الفرنسي العربي: طائر طويل الرجلين (كذا). وفي معجم الدكتور سعادة الإنكليزي العربي: نباح وطاتويت وفي معجم ج. ج. مارسيل الفرنسي العربي: بيبط بكسر الباء الأول وفتح الثالث.
قلنا والأصل هو بيبط مشتق من البط لأنه مغرم بالطين والتردد إليه، وسكناه الآجام والمستنقعات وهو يبطبط فيها: أي يدخل منقاره فيها وفي أوحالها وأطيانها، ويبحث فيها عن طعامه من دود وحشرات مسمعاً صوتاً يحكي: بط بط بط، ومنه اسم البط أيضاً واسم هذا البيبط. وأما أبو طيط وبوطيط في لغة عوام بعض الشاميين فهو من تصحيف البيبط. ونحن لا نشك أن الطيبط هو اللفظ الذي كان معروفاً في أنحاء البطائح منذ عهد العباسيين، وهو أيضاً اللفظ الذي عرفه التوحيدي.
وجاء ذكر الذر في حاشية ص 105 عند قول الناشرين: الذر النمل الأحمر الصغير. قلنا ونحن العراقيين نعرف الذر إلى يومنا هذا ونريد به صغار النمل بغض النظر عن لونه؛ وهو بهذا المعنى ورد في كلام اللغويين والبلغاء والكتاب الحذاق والأدباء البصراء.
وقيل في ص 108: (وكذلك اللُك فإنه (طل) يقع على نبات مخصوص ينعقد عليه) قلنا: والمشهور أن اللك ليس طلاً بل هو صمغ، أو راتينج، أو كما يقول علماء العرب: لثيً يسيل من بعض الأشجار في الهند كالتَّيْن الهندي، والتيْن الدَّيِّن، والعوسج العُنابي، ونظائرها، ويخرج بعد أن تجرحه أنثى حشرة نصفية الجناح أسمها الحبة اللكية فإذا ثحن هذا اللثي، تبيض فيه الهامة وتفرخ.
وفي تلك الصفحة عينها: (وكذلك الدُرُّ فإن طل يرسخ في أصداف نوع من الحيوان البحري، ثم يغلط ويجمد وينعقد فيه) - والمشهور اليوم عند المحققين أن الدرة إفراز يحدث أثر خدش تخدشهُ دُوَيْدَة، أو هي حبة رمل تقع في صَدَفَة حيوان هلاميَّ فتنحبس فيها، فتتحول درة، وليست بطلٍّ، ولا بندًي كما كان يظنه الأقدمون. فيجب أن تصحح آراء الأقدمين بعد تحقيق العلماء العصريين لها ولا تبقى على حالتها الأولى.
وفسر الناشران قول التوحيدي في حاشية ص 164 (ينكز) بقولهما: من النكز: وهو لسع الحية بأنفها، ومعلوم اليوم أن الأفعى لا تنكز بأنفها كما هو رأي الأقدمين، وإنما تنكز بناب في أعلى مقدم فمها؛ أما إذا أريد بالأنف هذه الناب، فالتعبير صحيح، وإلا فيجب أن يعدل عنه إلى ما يوافق تقدم العلم وتحقيقات المتخصصين فيه.
ومما يتعلق بعلم الحيوان، وبتعبير أصح، بعلم المواليد ما جاء بخصوص الماس. فقد ورد في ص 109: (ويقال: لا يوجد الماس إلا في معدن الذهب في بلد من ناحية المشرق) - قلنا: إنه يوجد في رمال الذهب في الهند، والبرازيل والأورال، فكان يجب أن تزاد هذه الكلمات.
(بغداد)
الأب أنستاس ماري الكرملي
من أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية