مجلة الرسالة/العدد 469/مطالعات في الأدب الغربي
→ على هامش النقد | مجلة الرسالة - العدد 469 مطالعات في الأدب الغربي [[مؤلف:|]] |
يا سواقي. . . ← |
بتاريخ: 29 - 06 - 1942 |
عقليات الشعوب في معادلات رياضية
للأستاذ علي كمال
(لن يوتانج) أعظم الكتاب الصينيين المعاصرين، وهو من أشهر مفكري القرن العشرين وكتبه من أوسع الكتب الحديثة انتشاراً، أكتسب شهرة واسعة لتوفقه في فهم طبيعة العقل الغربي ومقارنته بأعرق العقليات الشرقية قدماً وهو العقل الغربي ومقارنته بأعرق العقليات الشرقية قدماً وهو العقل الصيني. وكتابه (أهمية الحياة) يعتبر أهم كتبه وقد أعيد طبعه في أمريكا أكثر من عشر مرات في نحو من سنتين. وفي هذا الكتاب فصول قيمة ننقل إلى القارئ منها خلاصة فصل طريف ضمنه دراسة لعقليات الشعوب حاول رسمها بمعادلات رياضة
(. . . يظهر أن الجنس البشري يقسم إلى طائفتين: الواحدة مثالية والأخرى واقعية. والمثالية والواقعية هما القوتان العظيمتان اللتان تتجاذبان التقدم الإنساني. فطَفْل الإنسانية قد صار ليناً مرناً بماء المثالية. . . إن هاتين القوتين المثالية في طرف والواقعية في طرف آخر تتجاذبان في جميع حقول النشاط الإنساني، والتقدم الحقيقي ممكن فقط بمزج هذين العنصرين بنسب موافقة حتى يظل الطين ليناً مرناً، فلا يشتد طبعه فيصعب تدبيره، ولا يلين قوامه فيصبح وحلاً. فالشعب الإنجليزي وهو أحكم الشعوب قد مزج الواقعية والمثالية بنسب موافقة فلم يترك المزيج قاسياً يصعب على الفنان تدبيره وتناوله، ولم يتركه مرقاً فلا يقوى على حفظ شكله وقوامه
وبعض الأمم في ثورات متتابعة، ذلك لأنه قد حقن في طينتهم الأصيلة بعض السائل من مثاليات الأمم الأجنبية التي لم تتمثل بعض في طبيعتهم، لهذا لم تقو طينتهم الأصيلة على حفظ شكلها
لقد فكرت في معادلات يمكن بواسطتها أن نعبر عن التقدم الإنساني وعن التغيرات التاريخية وهذه هي:
الحقيقة - الأحلام=كائن حيواني
الحقيقة + الأحلام=صداع القلب (يسمى عادة: المثالية) الحقيقة + روح النكتة=الواقعية
الأحلام - روح النكتة=التعصب
الأحلام + روح النكتة=الوهم
الحقيقة + الأحلام + روح النكتة=الحكمة
وعلى ذلك فالحكمة أو أرقى أنواع التفكير تتألف في ربط أحلامنا بروح الفكاهة والنكتة ودعمها بالحقيقة نفسها
ولعل المعادلات التالية تفصل ما وصلت إليه من دراسة عقليات الشعوب، والمجال واسع لمعارضتها ونقدها
إذا رمزنا للحقيقة أو الواقع بالحرف (ق) وللحلم بالحرف (ح) ولروح النكتة بالحرف (ن) وللعاطفة بالحرف (ع)، ثم استعملنا الأعداد 4، 3، 2، 1 لندلل على نسبة حظ الشعوب من هذه العناصر بنفس الطريقة التي تسلك فيها العناصر والمركبات الكيميائية في تفاعلها. وما دمنا لا نستطيع أن نخلق اصطلاحات كالمستعملة في علم الكيمياء مثلاً فلنا أن نعبر عن هذه المركبات بمقادير ذرية كأن نقول 3 ذرات في الحقيقة حق 3، وذرتين في الحلم ح 2 وهكذا
حق3 ح2 ن2 ع1=الإنجليزي
حق2 ح3 ع3=الفرنسي
حق3 ح3 ن2 ع2=الأمريكي
حق3 ح4 ن1 ع2=الألماني
حق2 ح4 ن1 ع1=الروسي
ح2 ح3 ن1 ع1=الياباني
ح4 ح1 ن3 ع3=الصيني
ولست أعلم عن الإيطاليين والأسبانيين والهنود ما يمكنني من وضع مثل هذه المعادلات لهم، وأنا واثق بأن هذا القليل الذي وضعته سيكفي لفتح سيل عرم على رأسي من النقد
ولابد من الملاحظة على هذه المعادلات، فمنها يظهر أن الفرنسيين أقرب الناس إلى الصينيين من حيث روح النكتة والعاطفية، كما يتضح ذلك في كيفية كتابة الفرنسيين لكتبهم وأكلهم وطعامهم. ولكن طبيعة الفرنسيين المتبخرة ناتجة عن مثالية أوسع تأخذ شكل الحب للفكر المجرد
واليابانيون والألمان متشابهون جداً في فقدانهم لروح النكتة والفكاهة، وما دام من غير الممكن وضع صفر كدرجة لهم في هذا العنصر من مركبهم العقلي فأنا أضع (1) وأعتقد بأنني محق في ذلك. غير أنني أعتقد بأن اليابانيين والألمان قد قاسوا كثيراً في حياتهم السياسية ويقاسون الآن بسبب إخفاقهم في امتلاك روح نكتة وفكاهة ملائمة. وعندما وضعت ح3. لليابانيين عنيت بذلك ولاءهم التعصبي لإمبراطورهم ولدولتهم الذي ما كان ممكناً لو أن في عقليتهم بعض الشيء من روح النكتة
. . . إن هنالك تجاذباً طريفاً في أمريكا بين المثالية والواقعية وكلتاهما متمثلتان بقوة كبيرة، وهذا يفسر لنا النشاط والقوة التي يتصف بها الأمريكيون. إن الكثير من مثالية الأمريكيين نبيل بمعنى أن الأمريكيين يلبون بسهولة دعوة نبيلة محقة، ولكن البعض من مثاليتهم يتصف بروح الأساطير
والإنجليز كما يظهر لي إجمالاً هم أحكم الشعوب، فإن (حق3 ح2) تنطق بالثبات والاتزان، وهي أقرب المعادلات للمعادلة المثالية في نظري، وهي (حق3 ح2 ن2 ع2) التي قصر الإنجليز عن بلوغها بدرجة واحدة في العاطفة
من دراسة عقليات الشعوب نخرج بهذه النتيجة: في الصين يعيش الرجل حياة أقرب إلى الطبيعة وأقرب إلى الطفولة، حياة تمارس فيها الغرائز والعواطف بحرية تامة، وتؤكد هذه الحياة بقوة ضد الفكر. وعلى هذا ففلسفتهم في الحياة توصف بما يلي:
أولاً: رؤية الحياة تامة في الفن، ثانياً: رجوع واعٍ للبساطة في الفلسفة، وثالثاً: (مثال) من التعقل في الحياة. وخلاصة هذه الفلسفة جميعها هي عبادة الشاعر والفلاح والمتشرد)
علي كمال