مجلة الرسالة/العدد 452/الفصل الثامن
→ المصريون المحدثون | مجلة الرسالة - العدد 452 الفصل الثامن [[مؤلف:|]] |
أغنية ← |
بتاريخ: 02 - 03 - 1942 |
عادات المجتمع العامة
يؤدي احترام المسلم للتجارة إلى اتساع دائرة معرفته بالناس على اختلاف درجاتهم اتساعاً عظيماً؛ وينشط قانون انفصال الجنسين حرية المعاملات بين التجار إلى مدى بعيد، إذ يسمح للتاجر أن يشارك غيره - بصرف النظر عن اختلاف الثروة أو الدرجة - دون خشية اقتران شخصين متفاوتين بالزواج؛ وتتمتع النساء مثل الرجال بسعة المعاملات التجارية مع الغير من جنسهن
ويتكلف المسلمون ويدققون في شمائلهم الاجتماعية إلى أقصى حد؛ ويقوم الكثير من عاداتهم الشائعة على تعاليم الدين، وذلك يميزهم في مجتمعاتهم من كل قوم آخرين. ومن عاداتهم تحية بعضهم بعضاً بقولهم: (السلام عليكم) فيرد من يحيونه بقوله: (عليكم السلام ورحمة الله وبركاته). ولا يوجه المسلم هذا السلام إلى من يخالفه في الدين ولا بالعكس؛ ويجب على المسلم أن يحيي المسلم بهذه التحية، إلا أن إهمال هذا الواجب لا حرج فيه. ويجب رد التحية على الإطلاق؛ فالتحية (سنة) وردها (فرض). وقد يحيى المسلم مع ذلك خطأ من يخالفه في الدين، وليس على هذا أن يرد التحية. وينقض المسلم تحيته عندما يتبين خطأه بقوله: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)؛ وكذلك يفعل أحياناً إذا حيا مسلماً ورفض أن يرد السلام
وأهم آداب السلام كما أملاها الرسول (ص) وكما يتبعها المصريون المحدثون ما يأتي: يبدأ الراكب بالسلام على الراجل، وألعابر على الجالسين قلوا أو كثروا، والفئة القليلة أو أحدهم على الفئة الكبيرة، والصغير على الكبير، ولما كان يكفي أن يوجه السلام واحد من الجماعة فكذلك يكفي أن يرده واحد. ويجب على المسلم أيضاً أن يحيي أهل المنزل عند دخوله وخروجه؛ ويجب دائماً أن يبدأ بالتحية ثم يتحدث. وللآداب السابقة بعض الشواذ فلا يلزم مثلاً في المدينة المزدحمة تحية أكثر هؤلاء الذين قد يمر بهم الإنسان ولا في الطريق حيث يقابل المرء عدة عابرين. إلا أن العادة جرت على أن يحيي الرجل الموسر أو الحسن الهندام أو الشيخ المحترم أو أي شخص وجيه من يبدو إنه رفيع المكانة أو عظيم الثروة أو من رجال العلم ولو كان الطريق حافلاً. وعادة المهذبين أن يضع من يسلم أو من يرد السلام يده اليمنى على صدره أو يلمس شفتيه ثم جبهته أو عمامته ويسمى ذلك (تيمينة). وتؤدي التيمينة الأخيرة، وهي أكثر احتراماً، لمن علا قدره لا مع السلام فحسب، ولكن أثناء الحديث أيضاً وبدون سلام حينئذ
ولا يؤدي من كان من الطبقة الدنيا السلام إلى العظيم دائماً وعلى الأخص إذا كان تركياً، وإنما يكتفي بأداء التيمينة. ويظهر احترامه لمن سما مركزه بإحناء اليد إلى أسفل ثم رفعها إلى شفتيه وجبهته دون أن ينطق بالسلام. ومن العادات الشائعة أيضاً أن يقبل الرجل يد العظيم، ظهرها وحده أو ظهرها وباطنها أحياناً، ثم يضعها على جبهته لإظهار احترامه الخاص. إلا أن العظيم لا يسمح بذلك في أغلب الأحوال، وإنما يلمس اليد التي تمد إليه فيضع المحيي حينئذ يده على شفتيه وجبهته فقط. وتقبل القدمان دلالة على الخضوع والمذلة لالتماس العفو عن ذنب أو للشفاعة لشخص آخر، أو لطلب إحسان من عظيم. ويقبل الولد يد أبيه والزوجة يد زوجها والعبد والخادم الحر غالباً يد السيد. ويقبل أرقاء العظيم وخدمه كم ملابسه أو طرفها
وعندما يحيي الأصدقاء الخواص بعضهم بعضاً يتصافحون باليمنى، ثم يقبل كل منهم يده أو يضعها على شفتيه وجبهته أو يرفعها إلى جبهته فقط أو يضعها على صدره دون أن يقبلها. ويتعانقون بعد الغياب الطويل وفي بعض المناسبات الأخرى. فيقبل كل منهم الآخر على الناحيتين اليمنى واليسرى. وهناك طريقة أخرى للتحية شائعة الاستعمال بين الطبقات الدنيا. فعندما يتقابل صديقان بعد سفر يتصافحان بعد سفر يتصافحان ويهنئ كل منهما الآخر على سلامته ويتمنى له الهناءة والرفاهية مرددا عبارتي: (سلامات) و (طيبين) على التعاقب ومراراً. وعندما يبدأن هذه التحية التي تدوم وقتاً، وقبل أن يأخذا في الحديث يتصافحان كالعادة المتبعة عندنا، ويغيران وضع اليد كلما يلفظان العبارتين السابقتين فيدير كل منهما إصبعه على إبهام الآخر عندما يردد العبارة الثانية ويعود إلى الوضع عند العبارة الأولى
(يتبع)
عدلي طاهر نور