مجلة الرسالة/العدد 449/هجرة في سبيل الله
→ من مذكرات عمر بن أبي ربيعه | مجلة الرسالة - العدد 449 هجرة في سبيل الله [[مؤلف:|]] |
روح الهجرة ← |
بتاريخ: 09 - 02 - 1942 |
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
هَجَرْتَ بِطاَحَ مَكَّهَ وَالشَّعَاباَ ... وَوَدَّعْتَ الْمَنَازلَ وَالرَّحَاباَ
تَخِذْتَ مِنَ الُّدجى ياَ بْدرُ سِتْراً ... وَمِنْ مَرْهُوبِ حُلْكَتِهَ ثِياَبا
فكَيْفَ تَركْتَ خَلْفَكَ كُلَّ شأَنٍ ... وَخَلَّيْتَ الْقَرَابةَ وَالصَّحَابا؟
وَشَرُّ مَوَاطِنِ الإنسان دَارٌ ... يَرَىْ مِنْ أَهْلِهِ فيِهاَ عَذَاباً
يُناَدِيْهمْ فَلاَ يَلْقيَ سَمِيْعاً ... وَيَدْعُوهُمْ فَلاَ يَجِدُ الَجْوَابا
صَبَرتَ وَكُلُّ دَاعِيَةٍ يُلاَقِي ... مِنَ الأَهوَال ماَ يُوْهِي الصَّلاَبا
تَمرُّ بِكَ الَحْوَادِثُ وَهْيَ كَلْمى ... كَأنَّ مِزَاجَهَا الصَّخْريَّ ذَابا
فَمَا أَلقَيْتَ مِنْ رَهَبٍ سِلاَحاً ... وَلاَ خَلَّيْتَ مِنْ نَصَبٍ حِرَابا
تَزيدُك كُلُّ حَادِثةٍ ثَباَتاً ... وَصَبراً فيِ الْمَوَاقِفِ وَانْكِبَابا
أتَعْرِفُ دَعْوَةً للهِ قَامَتْ ... وَكاَنَ قِوَامُهاَ شَهْداً مُذاباَ؟
سَبِيلُ اَلحْقَّ حُفَّتْ بِشَوْكٍ ... وَلمْ تُمْلأَ عَلَى دَعَةٍ رُضَاباَ
وَمَا غَلَبَ اللَّيَاِليِ مِثْلُ قَلْبٍ ... تَجَرَّعَ كَأْسَهاَ عَسَلاً وَصَابا
نَبَتْ بك أرض مَكَّةَ وَهْيَ أَوْفَي ... وَأرْحَبُ فيِ سَبِيلِ الشَّركِ باَباَ
وَضَاَقَتْ بالَحْنِيْفَةِ فيِ إلاَهٍ ... وَمَا ضَاقَتْ بآلهِةٍ جَنَابا
أَمَا عُبِدَتْ بِهاَ الْعُزَّى قَديماً ... أمَا شَبَّ الضَّلاَلُ بِهاَ وَشَابا؟
لَقَدْ وَسَعَتْ الأَدْياَنِ بُطْلاً ... وَلمْ تَسَعِ الَحْقِيقَةَ والصَّوَابا
وَمِنْ عَجَبٍ تُسِيءُ إِليْكَ أَرضٌ ... شَبَبْتَ فمَا أَسَأْتَ بِهاَ الشَّبَابا
مَنَازلُ كُنْتَ تَنْزِلهُاَ طَهُوراً ... وَتَلْقَى الْوَحْيِ فِيهاَ وَالْكِتَابا
فَمَا عَرَفوا عَلَيْكَ بِهِنَّ نَقْصاً ... وَلاَ أَخَذُوا عَلَيْكَ بِهنَّ عَابا
تَقُومُ الَّليْلَ فيِ جَنَبَاتِ غَارٍ ... وَتَقْطَعُهُ زَكَاَةً وَاحْتِسَابا
وَتَدْعُو وَالْمَضَاجِعُ غَارقَاتٌ ... بأَهْلِيهاَ وَتَنَتْظُرِ الثَّوَابا
تُزَلْزِلُ بالدُّعَاءِ ذُرَا (حِرَاءٍ) ... فَلَوْلاَ الله يُمْسِكُهُ لَذَابا
لَقَدْ آذَاكَ أَهْلُكَ فيِ حِمَاهُمْ ... فَكَانَ أَذَاهُمُ الْعَجَبَ الْعُجَ رَمَوْا وَاللهُ جَارُكَ مِنْ أَذَاهُم ... فَأَخْطَأَ سهمُ رَمِيهمْ وَخَابا
فَلاَ تَرْجُ السَّلامَةَ مِنْ قَريبٍ ... ولاَ تَأْمَنْ مِنَ الأهْلِ انْقِلاَبا
فَرُبَّ أَباَعِدٍ كاَنوُا رَجَاءً ... وَرُبَّ أَقَارِبٍ كاَنوُا مُصَابا
أَمِينَ اللهِ أَهْلُكَ قَدْ أَسَاءُوا ... وَلَجَّ لِساَنُهُمْ إِثْماً وَعَابا
وَقًاَلُوا السَّاحرُ الْكَذَّابُ حَاشَى ... لِرَبَّكَ لَمْ تَقُلْ يَومْاً كِذَابا
وَكَانُوا مِنْ صِفَاتِكَ فيِ يَقينٍ ... فكَيْفَ يَرَوْنَ دعْوتَكَ ارْتيِاَبا
وَلكِنْ دَوْلَةُ الأَغْراضِ تُعمْيِ ... وَتلُقْيِ فَوْقَ أَعْيُنِهاَ حِجَابا
لَقَدْ جَحَدُاوَ ضيائَكَ هْو سَارٍ ... يَشُقُّ الْبيِدَ أو يَطْوِي الْهِضَابا
كَأَنَّ مِنَ الْهُدَى فيهِ سِرَاجاً ... وَمِنْ وَضَحِ الْيَقِينِ بِهِ شِهاَبا
وَمَنْ تَكُنِ الْمآرِبُ ضَلَّلَتْهُ ... يَرَى فيِ الَحْقَّ زيغاً وَاضْطِرَابا
يِعَيبُ ذوي الْمَبَاَدِئ وَهْوَاهْلٌ ... لأِنْ يُرْمَي وَأجْدَرُ أن يُعاَبا
أَمِيْنَ اللهِ قَوْمْكُ قَدْ أَسَاءُوا ... وَطاَرَ صَوَابُهُم وَمَضَى وَغَابا
لَقَدْ عَادَوْكَ مَوْجِدَةً وَكبرًا ... وَربَّ مُكاَبِرٍ فَقَدَ الصَّوَابا
مَضَوا يَسْتَكْثِرون عَلَيْكَ فَضَلاً ... مِنَ اللهِ الذِي يُعْطِي الرَّغابا
هُوَ الْحَسدَ الّذِي أَكَلَ الْبَرَاياَ ... وَصَيَّرَهُمْ عَلَى أَنَسٍ ذِئاَبا
يَكَادُ الِحْقدُ يَمْسَخُهُمْ قُرُوداً ... وَيَخْلُقُ فِيهِمُو ظُفْراً وَناَبا
وَلَمَّا أَنْ قَدَرْتَ عَفَوْتَ عَنْهُمْ ... وَلَمْ تَفَرْضْ عَلَى اَلْجانِي عِقاَبا
دَعَوْتَ لَهُمْ بِمَغْفِرَةٍ وَصَفْحٍ ... فَكَانَ دُعَاؤُكَ الْعَاليِ مُجاَبا
مَلكْتَ رِقَابَهُمْ عَفْواً فَلاَنُوا ... وَلمْ أَرَ مِثْلَهُ مَلَكَ الرَّقَابا
خَرَجْتَ إلى الْمَديِنَة وَهْيَ دَاَرٌ ... شَهِدتَ بِهاَ عَلَى الْكُفْرِ اْنقِلابا
لَقَدْ آوَاكَ أَهْلُوهاَ وَقاَمُوا ... لِيُنْسوكَ الرَّحِيلَ وَالاْغتِرَابا
وََجَدْتَ بَهاَ مِنَ الأَنْصَارِ أَهْلاً ... وَزِدْتَ بِهِمْ عَلىَ الْبُعدِ اقِترَابا
وَرُبَّ أَباعِدٍ لَكَ قَدْ أَجَابوا ... وَمَا سَمعَ الْقَرِيبُ وَلاَ أَجَابا
رَجَوتَ بِهِمْ لِدِينَ اللهِ نَصْراً ... وَلمْ أَر رَاجِياً فِي اللهِ خَابا
محمد عبد الغني حسن