مجلة الرسالة/العدد 40/التفاؤل والتشاؤم وهل لهما أسباب تاريخية؟
→ بين المعري ودانتي | مجلة الرسالة - العدد 40 التفاؤل والتشاؤم وهل لهما أسباب تاريخية؟ [[مؤلف:|]] |
بديع الزمان الهمذاني ← |
بتاريخ: 09 - 04 - 1934 |
5 - التفاؤل والتشاؤم وهل لهما أسباب تاريخية؟
بعض غرائب الخرافات عند الغربيين والشرقيين
الرقم 13
إن كثيرا من الغربيين يعتبرون أن رقم 13 يحمل الويل والدمار في طياته، كما يعتقدون المصريون في العدد (11) أما 3 و 7 فهما رمز السعادة عند بعض الغربيين.
ومن الغريب أن رقم 13 تناول العلماء وذوي الثقافة ولملوك والعظماء كما سرى بين الجهلاء وتناوله بعض الحكومات ايضا، فهم يتوّقون هذا الرقم في الولائم والحفلات وبعض الفنادق وغيرها فيقفزون في عدد الغرف الفنادق وغيرها من 12 إلى 14 حتى لا يتشاءم النازل بالفندق من هذا الرقم.
ويتفق في بعض الشهور السنة أن يطابق يوم الجمعة الثالث عشر من الشهر فيتطير الواهمون من هذا التطابق ويتوقعون الشرور والأخطار العظيمة، لان هذا الرقم دليل على الشؤم عندهم فيملأ نفوسهم رعبا فضلا عما يعرف به يوم الجمعة من النحس.
والأسرة المالكة في إنكلترا تتقي ذكر الرقم لمذكور، ومحال أن تضم المائدة الملكية على 13 مدعوا.
وفي عام 1912 حينما دعا المستر جون وارد جلالة ملك إنكلترا الحالي جورج الخامس إلى مأدبة غداء في بستان (شلتن) كان عدد المدعوين 13 فجاءوا بالرابع عشر.
ومما يحكى عن ملكة رومانيا ماري إنها تتشاءم من رقم 13 أسوة بكثير من الغربيين، وقد حدث عند زيارتها لأهرام الجيزة ومعها كريمتها الأميرة اليانا عام 1930 حادث يدل على مبلغ تشاؤمها من الرقم 13.
شاهدت الملكة عمال الحفر الذي كان يديره هناك الأثري المعروف المستر فيرث، وعند انتهاء الزيارة دعاها إلى الغداء، وما كادت ماري تستعد للجلوس على المائدة حتى شاهدت أن عدد المدعوين 13 فاكفهر وجه الملكة فجأة، واعتذرت بالمرض إلا أن المستر فيرث أدرك حقيقة الأمر بسرعة خاطره فبادر بإصلاح هذا الخطأ ودعا ضابطا مصريا ظريفا للجلوس على المائدة حتى يكون العدد 14 فلم تتردد الملكة عندئذ في قبول الدعوة.
وكان إمبراطور ألمانيا السابق غليوم يحذر هذا الرقم ويتشاءم منه، ويقال انه رفض أن يعلن الحرب عام 1913 لان السنة تنتهي بالرقمين المشؤمين.
وكان بسمارك يكره الخرافات إلا انه كان يبغض الرقم 13 بغضا عظيما، وما حاول أن يهم بأمر ذي بال في يوم 13 منأي شهر، وكذلك المستر تشرشل الوزير الإنكليزي وهو سليل آل مرلبورو أعرق الأسر الإنكليزية نسبا.
ولكن الرئيس ويلسون يعتقد أن الرقم 13 هو عدده الجالب لليمن والسعد، ومن دلائل حب الرئيس ويلسون للرقم 13 انه وصل إلى ثغر برست بفرنسا يوم الجمعة 13 ديسمبر عام 1918 ليحضر مؤتمر الصلح وانه أودع 26 فقرة (2 في 13) وأتمها يوم 13 فبراير سنة 1919 ودعا لمائدة عيد ميلاده 13 مدعوا فقط.
ولم يكن الرئيس ويلسون بالرجل الوحيد الذي احب هذا الرقم، فان المستر لويد جورج رئيس حزب الأحرار بإنجلترا وقف عام 1924 في حفلة انتخابية وقال أن الرقم 13 هو رقمه المحبوب.
ودعا أحد رجال الأعمال بإنكلترا بعض خلانه ليتناولوا معه طعام العشاء، فلما جلسوا إلى المائدة فطن أحدهم إلى أن عددهم 13 فتشاءموا وأرسلوا الخدم في اصطياد أي رجل ليأكل معهم، ولم يتناولوا الطعام حتى انتظموا على المائدة أربعة عشر.
ويتشاءم المركيز نيجرو توكمبيازو العضو الإيطالي في صندوق الدين برقم 13 تشاؤما كبيرا، ويروي عنه قبل شيوع السيارات انه كان يمتنع عن ركوب مركبة رقمها 13 أو مؤلفة من مضاعفات 13 كأن يكون رقمها 26 أو 39 الخ. . .
وحدث لما زار الدكتور أميل لدويج الكاتب والمؤرخ الألماني الشهير القطر المصري أن أدب له أحد الأصدقاء مأدبة عشاء ودعا إليها 14 شخصا، وفي أخر لحظة تخلف أحدهم عن لحضور فأبت سيدتان أن تجلسا إلى المائدة لان عدد المدعوين اصبح 13 فجيء بمائدة صغيرة وضعت على مقربة من المائدة الكبيرة، وجلس إليها اثنان من المدعوين لكي يصبح عدد الآخرين 11.
ويرد الباحثون في الضائقة الاقتصادية التي غشيت العالم من أقصاه إلى أقصاه إلى أسباب شتى إلا أن أحدهم في نيويورك قال أن السبب فيضائقة عام 1930 هي عام 1930 وحجته الدامغة هي أن مجموع أرقامه 13، ولكن مرت سنوات وما تزال الأزمة المالية باقية حتى الآن. ولكي يزيد الجمهور اقتناعا وبرهانا بتأييد ذك رجع إلى سني الضنك المشهورة في القرن الحالي فإذا هي كما يلي
سنة 1903 ومجموع أرقامها 13، سنة 1912 ومجموع أرقامها 13، سنة 1921 ومجموع أرقامها 13، سنة 1930 ومجموع أرقامها 13.
ولكن هدئ روعك أيها المتشائم فسوف تمر 96 سنة قبل أن تأتي سنة أخرى مجموع أرقامها 13 وهي سنة 2029.
ومن الشواهد التي يستندون إليها أن كلا من نابليون بونابرت وهنري الرابع ولدا في 13 من الشهر، فنفي نابليون في مثل هذا اليوم وقتل هنري الرابع أيضا في مثله.
وتمتنع الأسر الإفرنجية بتاتا عن سكنى المنازل المرقمة بالعدد 13 ولا يستأجر الأمريكي غرفة رقمها هذا الرقم في أي فندق أو باخرة.
وقد اتفق مدير وبعض المستشفيات على حذف رقم 13 من مستشفياتهم، فهم لا يضعونه على غرفة لمريض أو سرير خشية تأثر المريض من الوهم الناشئ عنده من التشاؤم. وشوهد في إيطاليا أن الفنادق لا تضع ذلك الرقم على الغرف، وذلك لتذمر المسافرين وامتناعهم عن النزول في الغرف التي يوجد بها الرقم المذكور، وإدارة سكة حديد لندن والشمال الشرقي قد ألغت هذا العدد من مركبات النوم.
وأدرك الوهم اصحب البواخر فوضعوا عدد 12 13
منها يثبت أن الناس اصبحوا يخشون الرقم المذكور حتى أن أحد شوارع لا يحمل رقم 13 وان حكومة فرنسا إذا وضعت الأرقام على المنازل ووصلت إلى المنزل الذي ينبغي أن يوضع عليه الرقم 13 لا تكتب عليه هذا الرقم وإنما تضع عليه رقم 12 والى جانبه لفظة مكرر تخلصا من شؤمه.
ووقف أحد المجرمين إمام القاضي فقال اقسم أن شؤم عددي هو الذي يسوقني هنا دائما، فسأله وما ذلك الرقم؟ قال ما وقفت متهما إلا وكان المحلفون 12 والقاضي واحداً وما الـ 12 والواحد إلا 13 وهو الرقم اللعين. . .
ولكن هناك حوادث أبدل النحس فيها بالسعد، ولو أن الرقم 13 كان موجودا. فقد اتفق أخيرا أن وقع بناء مدخنة داخل أحد منازل مدينة بريتون، وكان في المنزل ثلاثة عشر ساكنا فلم يصيب أحد منهم بسوء، مع أن قطع الحجارة وجدت على الوسائد بجوار النائمين.
واشترى بعضهم منزلا فلما رأى أن رقمه 13 جعله 12 وما مر يومان حتى سرق المنزل برغم العدد السعيد الميمون مع انه ما سرق يوم كان شؤما.
وقد عمدت إحدى السفن الكبرى إلى وضع علامة 1 بجوار العدد 12 للدلالة على الغرفة 13 وبذلك تريح فكر المسافر الذي يكون نصيبه تلك الغرفة.
وقد علل الكاتب الاجتماعي الإنكليزي هـ. ج. ولز شؤم هذا الرقم (بأنه لا يقبل القسمة) على أن حين غيره من الأرقام التي قبله أو بعده تقبل القسمة، وبعبارة أخرى نقول أن الإنسان الأول كان رديء الفهم في الحساب لا يعرف الكسور، ثم هناك أشياء لا يمكن كسرها فإذا كان عدد السبايا 13 حدثت المشاجرات بين أفراد القبيلة من اجل امرأة تزيد في حظ أحدهم أو تنقص، في حين أن الأرقام الأخرى لم يكن فيها ذلك.
ويقال إن الخرافات التي نسجت حول الرقم 13 مصدرها عشاء السيد المسيح الأخير مع تلاميذه الأثني عشر، وجلسوا على مائدة واحدة فكان جموعهم ثلاثة عشر، وكان واحد من التلاميذ خائنا هو يهوذا الأسخريوطي الذي سلمه. لذلك كان الناس يتشاءمون من الجلوس ثلاثة عشر شخصا على مائدة واحدة، لان ذلك نذير شؤم بسوء أو موت يقع لأحدهم خلال سنة على الاكثر، ثم سرى التشاؤم من الرقم 13 حتى شمل كل شيء ولم يقتصر على مائدة الطعام.
الهلال
جميع الأمم تقريبا تتفاءل بالهلال الجديد، وكثيرا ما يرى الناس في مصر وغير مصر قد تهللت وجوههم استبشارا لرؤية الهلال في أول الشهر القمري وهم يدعون الدعوات.
وان العامة في مصر يتناولون قطعة من العملة الفضية ويديرونها نحو الهلال لأول ولادته تيمنا، ولا يصنعون مثل ذلك في الذهب لأنهم يتطيرون به، وهكذا يفعلون في الشام ويزيدون عليه أن يتمتم الواحد بعبارة مثل قوله (يهلك ويستهلك، ويجعلك علينا شهرا مباركا)
وفي إنكلترا يتشاءمون من النظر إلى الهلال المولود حديثا من وراء زجاج النوافذ.
والمرجح أن الإنسان الأول كان يعتقد انه إذا ظهر القمر جديدا وجب عليه أن يخرج إلى العراء للترحيب به بوسائل كانت معروفة عنده وكان لا يلزم منزله وينظر إليه من ثقوب الجدران ولا عوقب على ذلك
وان الإنسان نظر إلى القمر من زمان بعيد نظرة التفاؤل والاستحسان، والإنسان الأول معذور في تفاؤله بالهلال الجديد إذ هو يعيش في خطر المداهمة والغارة، فالهلال يكشف له عن ظلمات الليل ويؤمنه بعض التامين، لذلك كان القمر من اقدم الإله التي عبدها الناس بل أقدمها. وان العرب اشتقوا لفظة تهلل من الهلال، ولا نزال نرى كثيرا من الأعياد حتى الأعياد المسيحية تقرر تبعا لأوجه القمر.
(تم البحث)
إبراهيم تادرس بشاي