الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 4/طرف من شعر السلاطين

مجلة الرسالة/العدد 4/طرف من شعر السلاطين

مجلة الرسالة - العدد 4
طرف من شعر السلاطين
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 01 - 03 - 1933


هذه طرف من شعر سلاطين آل عثمان، وقد نبع منهم شعراء كثيرون، ولبعضهم دواوين متداولة. وأعظمهم أثراً في الشعر بايزيد الثاني، ومحمد الفاتح، وسليم الأول، وسليمان القانوني، وسليم الثاني، (وكل واحد من هؤلاء أب لمن بعده) ثم مراد الثالث، ومراد الرابع، ولكل من هؤلاء السلاطين الشعراء اسم عرف به في الشعر فالفاتح (عوني) وسليمان القانوني (محيي) وهلم جرا.

وقد يشوق القارئ أن يسمع إلى السلاطين يتحدثون عن سرائرهم ليرى أن الدولة والسلطان لا يرفعانهم عن مستوى الآلام والآمال.

ومن يظن أن السعادة ملك وغنى وصيت وجاه وجبروت فليسأل سليمان القانوني، وإرادته قضاء محتوم، وقوله في العالم قانون، ليسمع أن السعادة ليست ملك (سليمان)، وأن العروش لا تسمو على الأشجان.

السلطان محمد الفاتح (عوني)

أيها الساقي هات المدامة! ّفسيذهب البستان من اليد،

سيأتي الخريف، وتذهب الحديقة والربيع من اليد

أيها الحبيب! أوف بالعهد، ولا يغرنك الجمال والنضرة

ياملكي، قد جعلتني أسيراً في سلسلة طرتك

ويا رب لا تحررني من هذه العبودية

جور الحبيب، وطعان العدو، وحرقة الفراق، وضعف القلب

لهذه الألوان من الآلام خلقتني يا رب!

قد اجتمع على إحراقي وهدمي

حرقة القلب، ونار الآهات، ودمع العين

السلطان بايزيد الثاني (عدني)

يبدى لنا الفلك حينا حبا ووفاء

ويتقلب حينا فيبدل بالنعمة ألف نقمة!

ما عهدت من قبل تلك الآلام التي احتملت في سبيل العشق وكذلك ترى هذه البدور العاشق ما لم يره

هاأنذا أتحامل في طريق العشق غريبا!

والجميلات يتغامزن بي

لا تحسبن هذا الفلك الغدار يمكن للسرور

فانه يضمر جوراً ويبدي صفاء

قد سير طبيبي آلامي بنظرة واعدة

كأنه لقمان تذهب يده بالسقام

إن ضللت طريق العشق فسل (عدني)

فهو يهدي إلى السبيل كل من أضل طريقه يهدي!

السلطان سليمان القانوني (محيي)

إن الذي يؤثر الفقر لا يريد عرشاً ولا إيوانا

ولا يبغي لنفسه إلا من زاد الأحزان

ولن يتبوأ عرش القناعة ملكا حرا

لا يريد أن يكون سلطانا على سبعة الأقاليم كلها

إنما أهل العشق من يقيم في دار الحبيب

يجن ولكن لا يريد الصحاري ولا الجبال

يا محبي: من يشرب قدحا من يد حبيبه

لا يرد حتى ماء الحيوان من يد الخضر

لا شيء أعظم من الدولة في هذا العالم

ولكن الدولة في هذه الدنيا لا تزن نفساً واحدا من العافية

ما هذا الذي يسمى سلطنة إلا ضوضاء الخليقة

وما في هذه الدنيا سعادة ولا جد كالوحدة

دع هذا العيش واللهو فإلى الفناء المصير

وإذا أردت الصديق الباقي فلا شيء كالطاعة

إن يكن عمرك عدد الرمال فلن يبلغ ساعة واحدة في زجاجة هذا الفلك

إن ترد الحضور يا محبي فأفرغ قلبك

فليس للوحدة مقام كزاوية العزلة