مجلة الرسالة/العدد 393/البريد الأدبي
→ رسالة الفن | مجلة الرسالة - العدد 393 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 13 - 01 - 1941 |
الجيل
يعضد مقالة الدكتور زكي مبارك في (الجيل) مستدرك التاج (والجيل القرن) (والقرن - كما في النهاية - أهل كل زمان وهو مقدار التوسط في أعمار أهل كل زمان، وكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم. وقيل: القرن أربعون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: مائة، وقيل: هو مطلق الزمان)
والجيل في هذه اللزومية:
دين وكفر وأنباء تقص وفرقان (م) ... ينص وتوراة وإنجيل
في كل جيل أباطيل يدان بها ... فهل تفرد يوماً بالهدى جيل؟
وما تزال لأهل الفضل منقصة ... وللأصاغر تعظيم وتبجيل!
الجيل في قول الشيخ قد يراه الدكتور من حججه
حول مسابقة الأدب العربي
في هذا العدد من الرسالة يظهر المقال التاسع، وفي العدد المقبل إن شاء الله يظهر المقال العاشر في نقد كتاب (المختار) للأستاذ عبد العزيز البشري، ويرى طلبة السنة التوجيهية أن موعد المسابقة اقترب وأنه صار من المتعذر أن نكتب عن (تحرير المرأة) و (ديوان إسماعيل صبري)
أما كتاب المرأة فقد نشرت عنه (الرسالة) مقالين لباحثين فاضلين، فأنارت الطريق أمام الطلاب، وأما ديوان إسماعيل صبري فمعه أربع دراسات لحضرات الأساتذة الأفاضل طه حسين وأحمد أمين وأنطون الجميّل وأحمد الزين، وفي هذه الدراسات ما يوضّح ملامح هذه الشاعرية أحسن توضيح.
لكن بقي جانبٌ من هذه الشاعرية لم يلتفت إليه هؤلاء الباحثون، وذلك الجانب هو تأثير إسماعيل صبري في الشعر الحديث من الناحية الوصفية، وأريد بها وصف الآثار المصرية وكنت أحب أن أنشر في (الرسالة) مقالة في خصائص هذا الجانب من شاعرية صبري، ولكني لم أجد ما أقوله بعد البحثين اللذين أثبتهما في الطبعة الثانية من كتاب (الموازنة بين الشعراء) وهما يقعان في سبع وعشرين صفحة، فإن رأي الطلبة أن يرجعوا إلى هذين البحثين في كتاب الموازنة بين الشعراء فسيكون لذلك بعض النفع، لأنهم سيرون ملامح لم يروها في تلك الدراسات، وقد يكون فيما فصلنا من الموازنة بين صبري ومطران معان لم يلتفت إليها من قبل.
وأن أرجو أن يكتب الله التوفيق لجميع المتسابقين، وأنتظر بعون الله ورعايته أن يكون إجابات المتسابقين شاهداً على اهتمام الشبان في مصر بمسايرة الأدب الحديث والله عز شأنه هو الموفق.
زكي مبارك
الرواية الإسلامية في عدد أصحاب الكهف
ذكر الأستاذ الجليل زكي مبارك في العدد (391) من مجلة الرسالة الغراء أنه بمراجعة التفاسير في قوله تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب، ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم، قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) يعرف أن أصحاب القول الأول هم اليهود، وأصحاب القول الثاني هم النصارى، وأصحاب القول الثالث هم المسلمون، وقد جعل الرواية الإسلامية أن عددهم ثمانية بإضافة كلبهم إليهم.
ولعل الصديق الأستاذ زكي مبارك يقصد الرواية الإسلامية المشهورة، فلا تكون هذه الرواية في الإسلام ضربة لازب وإن اشتهرت بين المسلمين، فكم من أمور اشتهرت بيننا معشر المسلمين وليست في شيء من ديننا. والحقيقة أن ظاهر القرآن الكريم على أن هذه الأقوال الثلاثة لأهل الكتاب خاصة، فهم الذين قالوا مرة إنهم ثلاثة رابعهم كلبهم، وقالوا مرة إنهم خمسة سادسهم كلبهم، وقالوا مرة إنهم سبعة وثامنهم كلبهم، وقد أمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن يرد عليهم أقوالهم المختلفة بقوله: (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) ثم أمره بعد هذا ألا يماري فيهم إلا مراء ظاهراً، واختيار أحد هذه الأقوال وحمله على القرآن والإسلام ليس من المراء الظاهر في شيء، والحكمة ظاهرة في ترك ذلك المراء، لأن الإسلام لا يعني بعدد أصحاب الكهف ولا غيره من شأنهم، وليس من شأنه أن يدخل في جدال مع أهل الكتاب في تلك التفاصيل، وإنما يسوق قصة أهل الكهف للعبرة والعظة، شأنه في كل ما قصه علينا في القرآن الكريم، والعناية بتلك التفاصيل من شأن علم التاريخ لا من شأن الكتب السماوية.
وقد تمسك الذين رجحوا أن يكون عدد أصحاب الكهف ثمانية من علمائنا بهذه الواو التي وردت في قوله تعالى: (وثامنهم كلبهم إذ لم يقل قبلها ورابعهم وسادسهم، ولكن هذه الواو إذا دلت على مثل هذا فإنما تدل عليه في قول الذين حكى الله تعالى هذا القول عنهم، ولا تدل على ترجيح الله تعالى لهذا القول على القولين قبله.
وإذن يكون الراجح عندنا في عدد أصحاب الكهف أنه مما استأثر الله بعلمه مع القليل الذي ذكره في كتابه، وليكن بعد هذه عددهم أربعة أو ستة أو ثمانية، فكل هذا من الرجم بالغيب. ولا يهمنا في ديننا بشيء، ولو كان المسلمون كلهم يعرفون عددهم وأنه ثمانية ما قال الله تعالى في عددهم (ما يعلمهم إلا قليل)
عبد المتعال الصعيدي
في ديوان إسماعيل صبري باشا
قرأت ديوان إسماعيل صبري باشا الذي صححه وضبطه وشرحه ورتبه الصديق الشاعر الأستاذ أحمد الزين والذي قامت بنشره لجنة التأليف والترجمة والنشر سنة 1938م فَلفتَ انتباهي خطأ وقع فيه الأستاذ الزين رأيت أن يصححه كل من اقتنى الديوان. ففي صفحة 186 قصيدة عنوانها (الحرب الإيطالية في طرابلس أيضاً) أولها:
يَا بِنتَ رُومَا لا تكوني كماَ ... كانَتْ أثِينا بَيْنَ قِيلٍ وقالِ
وهذه القصيدة مُشكلةٌ كل أبياتها بكسر اللام في القافية وهذا خطل تصويبه تسكين اللام يصير وزن القصيدة:
مُستفعلن مستفعِلُنْ فاعلنْ ... مُستفعلنْ مُستفعلن فاعلانْ
فليس من الجائز أن نقول:
مُستفعلنْ مُستفعلنْ فاعلنْ ... مُستفعلن مُستفعلن فاعلاَنِ
والخطأ في القول الثاني هو كسر النون في (فاعلانِ) وصحته تسكين اللام يقول (فاعلانْ)
عبد الرحمن الخميسي
قصيدة كبلنج قرأت في العدد (389) من الرسالة الغراء ترجمة الأستاذ عبد الواحد الخطيب لقصيدة كبلنج الخالدة (إذا. . .) فوقفت عند السطر الثاني والثلث منها عندما لاحظت اضطراباً في المعنى فقد جاء في ترجمة الأستاذ ما نصه (وكان في إمكانك أن تثق بنفسك حينما يشك فيك بعد أن تعرف رأيهم ووجهتهم التي يعيبونك فيها) فالضمير في رأيهم يعود على فاعل يشك التي بناها الأستاذ لصيغة المجهول، وكان الصواب أن يذكر فاعلها وهو (الناس) كما ورد في الأصل الإنجليزي.
هذا وإننا نشكر الرسالة الغراء فتحها المجال لأمناء العربية ممن قدِّر لهم الوقوف على الأدب الإنجليزي الزاخر ليطلعونا على عيونه وفرائده.
(عكا. فلسطين)
عرفات الطاهر
ميكرسكوب كهربائي يكبر 25 ألف مرة
من أخبار أمريكا الأخيرة أن أحد المصانع الكبرى بها وهو مصنع للراديو قد تمكن من إخراج ميكرسكوب يستعين بالقوة الكهربائية لإعطاء نظر قوته 25 ألف مرة. وهذا الميكرسكوب قد وضع تصميمه العالم الدكتور فلاديمير زوركين وتمكن المصنع من صنعه بمعونة نفر من أقطاب صناعة العدسات وعلى رأسهم الدكتور لادسلوس ماركون أشهر أخصائي في صنع الميكرسكوبات.
ولا شك أن هذا المجهر يفتح مجالاً كبيراً للعلماء في شتى الأبحاث التي ظلت خفية أو مجهولة، بل وفي شتى الصناعات الكيميائية التي تعتمد على الكيمياء الصناعية كما هو الحال في الراديو، وقد يفسر هذا إقدام هذه الشركة على تمويل المشروع.
ومن البديهي أن استخدام هذا المجهر في علم البيولوجيا سيعود بأعظم النفع على الإنسانية إذ سيكشف عن جزئيات الميكروبات، كما أنه سيكون ذا فائدة كبيرة في دراسة علم المعادن العضوية وغير العضوية التي لا يمكن رؤيتها بالمجاهر العادية.
ومن قوة هذا المجهر أنه يستطاع به رؤية الميكروبات الدقيقة التي لا يمكن رؤيتها بالضوء العادي، فلقد استعمل المصنع ضوءاً قوته من 30 ألف - 100 ألف فولت حتى استطاعوا أن يشاهدوا به الموجات الضوئية الدقيقة.
وهذا المجهر مزود بآلة فوتوغرافية غاية في الدقة تستطيع أن تصور التطورات المختلفة التي تمر تحت عدساته. وحسب القارئ في الدلالة على دقتها أن يعرف أن في استطاعتها تصوير جزء من مليون من السنتيمتر. وشريطها رقيق جداً بدرجة حساسة وهو مصنوع من مادة النتركيلولوس.
وعدسات هذا المجهر ثلاث: الأولى تجعل المشاهدة حوالي مائة مرة، والثانية تصلها إلى 250 مرة، والثالثة تضاعفها إلى 25 ألف مرة؛ وجميع هذه المكثفات واقعة تحت تأثير منبع كهربائي قوته كما قلنا أقلها 30 ألف فولت وآخرها 100 ألف فولت، وفي أسفل هذه العدسات الآلة الفوتوغرافية الدقيقة. . . أرجو أن أستطيع في فرصة أخرى توضيح هذا الشرح بصور لهذا المجهر العجيب.
مصطفى مشعل
سفساف لا سفاسف
جاء في كلمة عبد الوهاب عزام عدد (388) هذه الجملة:
(ويعلو عن (سفاسفه)). فقد ند قلم الدكتور السيال عن هذه اللفظة، فاستعملها بمعنى الرديء، والذي ورد في كتب اللغة (سَفْساف) ولم يرد إلا سُفاسِفْ بالضم بمعنى شديد.
جاء في القاموس مادة (سفف)، (وجوعٌ سُفاسِف بالضم شديد، والسفساف الرديء من كل شيء والأمر الحقير، وسفسف عمله لم يبالغ في إحكامه) وفي لسان العرب السفساف الأمر الحقير وأورد شاهداً ما جاء في الحديث: (إن الله سبحانه وتعالى يحب معالي الأمور ويكره سفسافها) وأنكر سفاسفه قال: (وفي حديث فاطمة بنت قيس إني أخاف عليك سفاسفه قال ابن الأثير هكذا أخرجه أبو موسى في السين والفاء ولم يفسره وقال: ذكره العكبري بالفاء والقاف ولم يورده أيضاً في السين والقاف قال: والمشهور المحفوظ في حديث فاطمة هو: إنما هو إني أخاف عليك قسقاسته وهي العصا قال: فأما سفاسفه وسقاسقه فلا أعرفه إلا أن يكون من قولهم لطرائق السيف سفاسقه وهي التي يقال لها (الفرند) فارسية معربة.
وأستفهم من حضرة الدكتور الأديب: هل هناك فرق بين الصبر الجميل والصبر. فقد جاء في القرآن الكريم حكاية عن سيدنا يعقوب (فصبر جميل) وأمر الله سبحانه وتعالى رسوله ﷺ بقوله: فاصبر صبراً جميلاً، وبقوله: فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، فهذا الدليل على أن هناك أنواعاً للصبر بينها فروق. أرجو الإجابة على هذا مع جميل الثناء.
فخر الدين غزي
إلى الدكتور عبد الوهاب عزام
إنك وحدك - فيما أعلم - الذي تستطيع بلسانك الفارسي أن تسلك القلم العربي المبين في هذه الناحية التي عنت لي في دراسة الأدب العباسي. تلك الناحية هي تأثير اللغة العربية في اللغة الفارسية تأثيراً شاملاً لا ريب فيه، وتلك الثغرة أتقدم إلى فتحها في البحث الأدبي إذ المستفيض في كتابات الناس على كثرتها وتنوعها أنها لم تتعد الحديث عن تأثير الفارسية في العربية تأثيراً عاماً في الألفاظ والأساليب والأخيلة والمعاني وكل ما يضرب في هذه السبل، ويذهبون في العوامل التي أدت إلى ذلك كل مذهب، وليس يعنينا هنا أن نقول إن العربية اقتحمت على الفارسية معاقلها أو كادت تمحوها حيناً من الحين، أو أن نتاج العقول الفارسية الراجحة إنما هو بالعربية، إذ كان شعر الشاعر منهم بالعربية كبشار، وأدب الأديب منهم بالعربية كابن المقفع، وتأليف المؤلف منهم بالعربية كابن قتيبة والطبري، نعم هذا حسن ولكني أعتقد أن هناك شيئاً وراء ذلك كله وهذا الشيء لم يعرض له أحد من الباحثين فيما قرأت من تواريخ اللغة والأدب. وهل رأينا أحداً ألف كتاباً أو بحث بحثاً في تأثير اللغة العربية في الفارسية وآدابها. لا نقول إن هذا لون في البحث لا يعرض له مؤرخ الفارسية وأدبها، فالباحث الحديث لا يقف قلمه عند النظرة البدائية أو نظرة الطائر كما يقولون. والمهم هنا هو أن أنص بقوة على أن اللغة الفارسية لا بد أنها تأثرت تأثيراً عميقاً باللغة العربية في الألفاظ والأساليب والأخيلة والمعاني والأفكار، إذ المعلوم أن سريان مثل هذه التأثيرات شيء معنوي لا يمكن أن تضع يدك عليه وتقول إنه وصل إلى هنا وابتدأ من هناك، أو تستطيع أن تقف تياره عند حد معين، فذلك بالماديات أليق، وإذا كان كذلك فإني أتقدم إلى الدكتور الفاضل عبد الوهاب عزام راجياً أن يسلك القلم في هذا الموضوع الخطير وله في العربية العرفان بالجميل، وهذه إشارة عجلان لعلها تحظى بالجواب من العالم الوقور.
أحمد عبد الرحمن عيسى