مجلة الرسالة/العدد 350/النسر المهيض
→ من وحي الفوضى | مجلة الرسالة - العدد 350 النسر المهيض [[مؤلف:|]] |
إعصار ← |
بتاريخ: 18 - 03 - 1940 |
للأستاذ محمود الخفيف
حُلْمكَ القَيْصَرِيُّ كَيْفَ تَقَضّي ... أَيُّهَا السَّاهِمُ الملَقَّى الْهَوَانَا؟
ضَاقَ عَنْكَ الفْضَاَءُ طولاً وَعَرْضا ... وَتَعَالَيْتَ لَسْتَ تَحْفِلُ بُغْضاَ
لاَ وَلاَ كُنْتَ أَمْسِ تَحْفِلُ حُباً
لِبَنِي الطِّينِ، أوْ تَهَابُ الزْمَانَا
كنْتَ بالأمْسِ الإمبراطورَ تُدْعَى ... بَعْدَ نَعْتٍ بالْكرْسِكِيَّ الصَّغيرِ
تتَهَاوَى أَلقْاَبُ مَجْدِكَ صَرْعى ... وَتَرَى مَنْ وَالَوْكَ كَرْهاً وَطَوْعَا
بَيْنَ رَاثٍ وَشَامِتٍ يَتَشَفَّى
فيِ مَصِير مَا مِثْلهُ مِنْ مَصِيرِ!
لمْ تَرَ الأرْضُ مثلَ عُقْبَاكَ عُقْبى ... هَلْ رأَتْ مِثلَ ما بَلغْتَ اْرِتقَاَء؟
نلْتَ مَا نِلْتَ مِنْ زَمَانِكَ غَصْبَا ... لمْ تَجِدْ فيِ اَلْحيَاةِ سَهْلاً وَصَعْبَا
ثُمَّ حَلَّقْتَ تَبْتَغِي غَيْرَ وَانٍ
أَيُّهَا النَّسْرُ أَنْ تَنَال السَّمَاءَ!
قُضِيَ الأمْرُ! هلْ رَضِيتَ القَضاَء ... أَيُّهَا اللاُّغِبُ الْمَهِيض اَلْجَناحِ!
كَيْفَ تَرْضَى وَمَا عَرَفْتَ الرِّضَاَء ... مَرَّةً أَمْسِ أو عَدِمْتَ الرَّجَاَء
أَيُّهَا الوَاجِمُ الْعَبُوسُ تَلاَشَتْ
خُدَعُ اُلْحلْمِ فِي يَقِينِ الصَّبَاحِ
قَدْ تَزَيَّدْتَ فِي غُرُورِكَ حَتَّى ... كِدْتَ تُنْمَىِ لَغْيِرِ هذَا الوُجُودِ!
وَتَأتَّي من زوِرِه ما تأَتيَّ ... فَتَغاَبْيتَ فِي مَوِاطنَ شتىَّ
لَشَجَانِي بِرَغْمِ ذَلِكَ مِرْأَى
شَبَحِ الُذلِّ في الُعقَاِب الَّصُيِودِ!
تصِفُ الَعْينُ فِي مُحَيَّاكَ خَوْفاً ... وُابتِئَاساً وذِلَّةً واُنكسَارَا
لاَ يُوَفِّيكَ غير مَرْآكَ وَصْفاً ... عُدْت كَالَّناسِ بْلِ لقْد زْدتَ ضَعْفَا
ليْتَ شِعْرِي يا مَنْ هَزَمْتَ كيف تَحيا؟ هل تستطيع اصطبارا؟
بَهَر الَّناسَ في صُعُوِدَكَ بَرْقُ ... لْم يَرَوْا في سَناهُ مِنْكَ العُيوبا
كلُّ إْفنٍ أََرْدَتُه فَهْوَ حَقٌ ... وتَحَدِّى الزّمَان عْندَكَ سَبْقٌ
تْشِفُق الَعْيَنُ أن ترَى الشَّمْسَ حَتَّى
تتراءَى لها تُريدُ الغروبا
كَمْ تَرَى العَيْنُ في غُرُوبِكِ مِمَّا ... يَمْلأُ القَلْبَ من شَتِيتِ المعاني
أَنْتَ فِي الأرضِ من بني الأرض منهما ... مَلأتْكَ اَلْحَياة وَهما وعَزْما!
عَبْقَريَّ الحروبِ، كَمْ كُنْتَ تبدو
أَمْس كالطِّفْلِ أَطْمَعَتْهُ الأماني!
رُحْتَ كالطَّفْلِ لاعِباً بالعُروشِ ... لَعِباً حَارَ جُنْدُ عَرْشكَ فيِهِ!
النَّجِيعُ الصَّبِيبُ أَبْهَى النْقُوشِ ... والدُّمَى من أَسِرَّةٍ وَنُعُوشِ
كرَةَ الأرض بَيْنَ رجْلَيْكَ حَيْرَى
والَمنايا تَجْري بما تَشتهيِهِ
وَيْكَ! قد كُنْتَ كالشِّهاب التماعا ... وَسَنَاءً وَرَوْعَة وانطِلاقاً
كلِّماَ زادَ في السَّماَءِ ارتفاعاً ... وَتَبَدَّي لِلْعَيْنِ أَبْهَى شُعاعا
وَمضَى يَخْطِفُ العُيُونَ سَناهُ
لمْ يَزِدْهُ المضاء إلاّ احتراقا
أَشبَهتْ مُلكَك الفَقَاقيعُ مَعْنىً ... وبناءً وبَسطْةً وَفناَء
بهرْجُ المجدِ كان زوراً وَإِفناً ... وَبَريقاً يكْسُو الفقاقيعَ حُسْناً
وَهْيَ مِثْلُ الهَواءِ أَوْ هِيَ أَوْهَى
وَهْيَ كَالبَرقِ وَمْضَةً وَانْطِفاءَ!
الخفيف