مجلة الرسالة/العدد 326/البريد الأدبي
→ من هنا ومن هناك | مجلة الرسالة - العدد 326 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 02 - 10 - 1939 |
على هامش خطاب رئيس الوزراء
صاحب هذه المجلة وكاتب هذا المقال لم ينفكا يناوئان عدوَّين لمصر، أحدهما تسلّط الموظف بغير حق، والآخر (الخدر والنعاس). وفي الخطاب الرصين الذي ألقاه رئيس الوزراء في التاسع عشر من هذا الشهر ما حرفه:
(وكم رأينا ببعض الموظفين من ضجيج كاذب وحركات لا خير من ورائها ولا بركة. وكم شاهدنا القادرين من أهل الفن والمعرفة يُقصون عن العمل فيما هم أهل له، في حين يشغل بعض المراكز الكبيرة ويتقاضى المرتبات الضخمة من يكتفي من الوظائف بمظهرها وجاهها دون أن يستطيع الاضطلاع بمسئولياتها حق الاضطلاع)
ثم (نعتمد على الشباب. . . وليعلم الشباب أن الباب مفتوح أمامه، وأن الحكومة تريد أن تنتفع بالكفايات والروح الفتية حيثما وجدت، وليس كل شاب فتياً، وعند بعض الكهول شباب متوقد)
هذا كلام يطرب له من يريد التقدّم الحق لهذا البلد: بلد الموظف المتعجرف والناعس المطمئن. أمران ثنتا عندنا بفضل عهدين كريهين: كلاهما نشَّأ الناس للقناعة بخدمة الحكومة القائمة مع حصر الفخر في ذلك، فانهدمت الروح الوثابة والهمة العالية. وعلى هذا جرت الأمور في خطٍّ لا يمتد طرفاه فجمدت حيث هي
الموظف خادم الأمة، منها يتلقى راتبه ولأجلها أنشئت وظيفته. وجاء الوظائف بالقياس إلى جلال الخدمة لا بالنسبة إلى مبلغ الراتب. وإذا شغل الوظيفة من لا يستحقها فذلك مسلَبَة لمال الأمة وعدوان على حقها. وعلى هذا فاستثمار الوظيفة لغير خدمة الأمة إثم، و (المحسوبية) إثم، والتهاون بالمصلحة العامة إثم. ففي وزارة المعارف مثلاً من يستعين بوظيفته على تقرير كتاب من كتبه، وفي كلية الآداب من يدرِّس مادةً زميله المصري أحقُّ بتدريسها، ومعهد الموسيقى يكلفنا مالاً كثيراً ولا يصنع شيئاً
هذا وفي حِسبان بعض الشرقيين أن المقدرة لا تؤاتيك إلا إذا تدلت لحيتك وتخدّد وجهك وارتعشت يدك وثقلت رجلك وأعانت العين صاحبتها على فتح باب وإغلاق نافذة
وأكبر الظن أن الشيوخ في هذا البلد يحذرون الشباب بعض الحذر أو كله. ذلك لأن الشبان المثقفين ولا سيما الذين تخرجوا في جامعات أوربة ربما أصابوا من العلم والخبرة ما فات الشيوخ. دليل ذلك مثلاً أن البعثات الأولى كانت تقنع بنيل إجازة كذا. وأما البعثات الأخيرة فقد أدركت أن هذه الإجازات ليست كل شيء: ذلك أن في مصر من يحملها فليست هي بالعزيزة ولا بالنادرة؛ ثم الإجازة شهادة، والمقدرة فيما وراء الشهادة، المقدرة في الاطلاع الواسع والتأليف الرفيع والإنجاز. هذا في باب العلم وعليه قس أبواباً أخرى
تلك حقائق فطنت إليها الوزارة الجديدة وأعلنها رئيس الوزراء ونحن نرقب ما يكون. نرقب وضع الشيء موضعه، فتُسند الوظيفة إلى من هَمُّه خدمة الأمة وباعثه الإخلاص ومقصده التقدم؛ ويشغل المنصب، سواء رفع أو وضع، صاحب الكفاية، والكفاية دليلها العمل المُنجَز؛ وببُعْد من الأجانب مَن في المصريين غنىً عنهم؛ وتُغلق المعاهد والمصالح التي لا تثمر أو تصلح من الأساس بغير تلطف ولا ترحم
بقي أن رئيس الوزراء قال: (كذلك نود أن لا يفوتنا الاتصال بالكتاب والمفكرين، فإنه يسرنا أن نحصل على تحقيق رقابة الأمة في مختلف صورها)
وفي هذا دلالة على أن الحكم في مصر بعيد عن الاستبداد بالرأي وأن للفكر دولته وعزته. ومن العسْف أن يهمل الحاكم نظر المستنيرين، فهم هم الذين يؤدبون الأمة ويهذبون الأذهان من طريق الكتابة والتعليم العالي. وعسى أن تنفسح المجلات الراقية - وفي مقدمتها الرسالة - لإشارات أهل الدراية والخبرة من الكتاب، فهذى الصحف اليومية مشغولة عن الجانب الفكري بسرد الأخبار المحلية الخاصة بالقطن والدفاع وغيرهما ثم ببرقيات السياسة الخارجية ومسير الحرب القائمة في أوربة الضائع حظها لانصرافها إلى المادة المطلقة وهيامها بالسلطان فالبطش
وإشارات أهل الدراية والخبرة من الكتاب يحق لها أن تتعدى جانب الثقافة إلى جوانب نشاط الأمة كلها. حتى الدفاع الوطني يلفت نظر المفكر الذي شهد وسمع من قبل. وأما الشؤون الاجتماعية فهي محور نظره، ذلك أن الحياة الاجتماعية تحكم جميع ألوان نشاط الأمة. وفي العدد المقبل - إن شاء ربك - حديث يجري على قلم الدعاية في وزارة الشؤون الاجتماعية.
(الإسكندرية) بشر فارس
وفاة الأستاذ سجموند فرويد
توفي الأستاذ سجموند فرويد في ليلة الأحد الرابع والعشرين من شهر سبتمبر في منزله بهامستيد عن ثلاثة وثمانين عاماً قضاها في خدمة الطب وعلم النفس وشؤون الاجتماع دارساً وباحثاً ومعلماً ومؤلفاً حتى ترك للعالم والعلم ثروة من نتاج الفكر العبقري الخالق كان لها الأثر العظيم في توجيه علم النفس إلى وجهة جديدة
ولد هذا العلامة الكبير بمدينة فريبرج الصغيرة في اليوم السادس من شهر أغسطس سنة 1856 ثم تلقى ثقافته العامة في فيينا ورحل بعد ذلك إلى باريس فدرس نظريات الدكتور شركون في الأعصاب وخواصها وأوضاعها. ثم عاد إلى فيينا فتولى التدريس في جامعتها وتقدمت به كفايته حتى عين فيها أستاذاً لأمراض الأعصاب وعلاجها سنة 1902، وفي خلال ذلك توفر على البحث والتأليف فلفت إليه أنظار العلماء بأصالة فكره وثقوب ذهنه وطراقة رأيه، ونال الدكتوراه الفخرية في سنة 1909 من جامعة كلارك ووستر بأمريكا. ثم عين في السنة التي بعدها عضواً أجنبياً في الجمعية الملكية ببريطانيا. وظل في وطنه يخدم العلم والتعليم وهو موفور العيش مرفوع المكانة حتى ضمت النمسا إلى ألمانيا فاضطهدته العصبة النازية لأنه يهودي فهاجر بزوجته وأولاده إلى لندن فعاش بها إلى أن توفاه الله
كان فرويد بطلاً من أبطال العلم جاهد فيه وصابر حتى انتصر وفتح. فهو صاحب مذهب جديد في علم النفس قوض أسسه القديمة، وقلب أوضاعه القائمة، ولقي في سبيل تأييده ونشره ما يلقاه المجددون من عنت الجدل وسفه الخصومة. ورماه الناس بالدجل والشعوذة حين قرر أن الأمراض العصبية تشفى بالتحليل النفسي؛ ولكنه يثبت لخصومه يقارعهم بالحجة ويأخذهم بالتجربة حتى انظم إليه طائفة من صفوة العلماء فاعتقدوا مذهبه وأعانوه على ضبطه وبسطه
وخلاصة مذهب فرويد في علم النفس أن الغريزة الجنسية هي علة الاضطرابات العصبية، وأن ما يختزنه العقل الباطن في جميع مراحل العمر هو الذي يؤثر فينا ويهيمن علينا؛ والعقل الباطن إنما يمثل رغبات النفس الحقيقية؛ أما العقل الواعي فيمثل رغباتها العرفية التي أقرتها البيئة وارتضتها التقاليد؛ وذلك الصراع الذي ينشأ بين رغبات العقل الباطن ورغبات العقل الظاهر هو الذي ينتهي أحياناً إلى الاضطرابات العصبية. فإذا نجحنا في إطلاق الغرائز المكبوتة نجحنا في توفير الهناء المعنوي للنفس. لذلك أخذ فرويد يعالج الأمراض العصبية بالكشف عن مخزون العقل الباطن وهو ما يسميه بالتحليل النفسي. ويقول فرويد إن الأحلام هي تعبير عن رغبات العقل الباطن فلا تنبئ عن المستقبل ولا تدل عليه.
وله في تفسير الأحلام كتاب ضخم يؤيد به هذه النظرية من طريق التحليل العلمي والمنهج القويم
وقد انبسط سلطان المذهب الفرويدي على الأدب والفن والفلسفة والتشريع، وأحدث موجة من التفكير في أحوال الإنسان الداخلية سيكون لها الأثر البالغ في توجيه حياته وتقدير عمله
خطبة منبرية من نوع جديد
ألقى الخطيب الكاتب الأستاذ محمد عبد الرحمن الجديلي مدير قسم المساجد بوزارة الأوقاف خطبة الجمعة الأولى من شعبان في مسجد يحيى باشا الذي صلى به صاحب الجلالة الفاروق المعظم، فكانت الخطبة في إنشائها وإلقائها ومغزاها نمطاً عالياً في فن سحبان الذي ضعضعه الزمن حتى انقلب بيانه لغواً على الألسنة، كما انقلب سيفه خشباً في الأيدي. وطرافة هذه الخطبة أنها تشعرك بجدة الدين ومسايرته لكل عصر ومطابقته لكل حالة؛ فقد عالج فيها الخطيب أعراض الحرب القائمة من الخوف والتخاذل والأثرة والادخار والاحتكار بطب من كلام الله وحديث الرسول كأنما نزل به الوحي أمس. ولقد كان أثر هذه الخطبة بليغاً في نفوس من سمعوها في المسجد أو في المذياع حتى كتب إلينا كثير منهم يطلب إلى وزارة الأوقاف أو وزارة الشؤون الاجتماعية أن تضع أمثال هذه الخطبة فيما يحزُب الناس كل يوم من أمور العيش ومشاكل الحياة ثم توزعها على الخطباء في المدن والأقاليم، فإن في ذلك توثيقاً لنظام الجماعة بقانون الله، وتحقيقاً لغرض الشارع من سن هذه الخطبة
ماذا تركة روما وماذا خلفة أثينا؟ أشار صاحب المقام الرفيع علي ماهر باشا في البيان الذي أذاعه إلى ما جناه الخلاف على المدنية الأثينية، وإلى ما جناه الترف على الحضارة الرومانية، وناشد أبناء مصر أن يتعظوا بأخبار الدول السالفة فيجعلوا القصد والاتحاد وسيلتهم إلى المجد المنشود.
ولقد ذكرت بمناسبة إشارته إلى روما وأثينا أن رفعته لما كان وزيراً للمعارف قد أعلن مباراة في ترجمة كتب مختارة من روائع الأدب الغربي منها كتابان: (تركة روما) و (تركة أثينا).
ومع أن المباراة ألغيت في عهد الوزارة التالية فإني أعتقد أن كثيرين من الأدباء قد أفادهم اختيار تلك الكتب، وأن محاولات بذلت لترجمة هذين الكتابين بالذات من بين الكتب المختارة. . .
فهلا أعادت وزارة المعارف النظر في قرار الإلغاء لهذه المباراة، أو هلا نشط من يمكنه وقته وظروفه إلى ترجمتها بغير حاجة إلى جوائز الوزارة؟!. . .
عبد اللطيف النشار
المنضدة في اللغة
في مقتطف يونيه أخذ العلامة الأب الكرملي على صاحب كتاب (مباحث عربية) استعماله لفظة الِمْنضَدَة بدلاً من النضَد إذ قال إنها لم ترد في كلام فصيح. وذكر كاتب جعل توقيعه نجماً - في الرسالة رقم 317 (البريد الأدبي) أن المنضدة وردت في (أساس البلاغة) هكذا: (المنضدة شيء كالسرير له أربع قوائم يضعون عليه نضدهم). وقد راجعت مادة ن ض د في (أساس البلاغة) ولم أعثر على هذا النص. فهل هو في مادة أخرى؟
عسى أن يرشدنا الكاتب الفاضل إلى مظنة النص فيفيد
قارئ
رد على (اقتباس الكتاب)
حضرة الفاضل الأستاذ محرر (الرسالة).
تحية وسلاماً. . . وبعد، قرأت في عدد (الرسالة) الأخير الكلمة التي تهجم فيها الدكتور بشر فارس من جديد عليّ. والرد على تهجمه أن كتاب (فرعون الصغير) للأستاذ محمود بك تيمور وصلني صبيحة 15 يونية سنة 1939، والكتاب يحمل إهداء تيمور بك، والتاريخ 14 يونية مرقوم تحت التوقيع. وكتبت كلمتي في الأسبوع الثالث من شهر يونية، وقرأتها على الأستاذ صديق شيبوب في حينها، وبعثت بها إلى (الرسالة) بتاريخ 27 يونية - أعني قبل صدور مقتطف يولية بأيام -
على أن كلمتي وإن تأخر نشرها للعدد الصادر في 14 أغسطس سنة 1939، فذلك على ما يبدو لي راجع إلى تقديم بعض كلمات أرسلتها للرسالة، وكانت لمناسباتها تتطلب نشرها في وقتها، من ذلك كلمتي عن المرحوم فليكس فارس، وردودي على الدكتور بشر فارس، وردي على الدكتور غالي والأستاذ المنقبادي.
وأظن أن في هذا البيان ما يقطع كل مظنة للاقتباس
(الإسكندرية)
إسماعيل أحمد أدهم
مهرجان للأدب في السودان
عزم شباب السودان على أن يجعلوا من عيد الفطر المبارك عيداً قومياً آخر. فقرروا أن يقام في أيامه الثلاثة مهرجان للأدب في واد مدني عاصمة الجزيرة
وفي هذا المهرجان ستعرض جهود السودان المتعلم، وما ناله من حظ في العلم والأدب. وسيكون العرض شاملاً لمختلف نواحي العلوم والفنون والآداب من أبحاث فلكية وطبية واجتماعية وتاريخية.
وهذه فرصة طيبة لتقوية الصلات الثقافية بين مصر والسودان يجدر بأبناء الشقيق انتهازها حتى يكون لنا من العيد أعياد. فهلا يبادر الكتاب والأدباء لزيارة السودان في رحلة شتوية ممتعة ليروا أثار النهضة الأدبية؟ وعلى أرباب الصحف ومحرريها التي لا تخلو منها دار سودانية واجب كبير في هذا الصدد. وسيجد مندوبوها مادة غزيرة للكتابة عن ناحية مجهولة في السودان الذي لا يعرفه وا أسفاه إلا قلة من أبناء مصر. وما أسعد قلوب السودانيين جميعاً إذا ساهمت مصر بكتابها ومفكريها في ذلك المهرجان، فيروا بينهم توفيق الحكيم والعقاد والزيات وزكي مبارك والمازني وفكري أباظة وفتحي رضوان وإبراهيم المصري
وللسودان على هؤلاء جميعاً دين يجب أن يؤدوه، فهو يدرس أدبهم، ويقرأ كتبهم، ويعيش معهم دائماً بروحه وعطفه، وهو لا يرجو إلا أن يزوروه بهذه المناسبة ليصفوه ويعرفوه وينصفوه وينعموا بجوه الشتوي الجميل.
هذا، ومن لم يستطع الحضور، فلا أقل من أن يرسل تحيته إلى السودان على عنوان سكرتير المهرجان أحمد محمد خير السوداني واد مدني.
سكرتير المهرجان
حول رواية محمد علي الكبير
سيدي الأستاذ الجليل صاحب الرسالة
قرأت لمحرر الرسالة الفني كلمة عن رواية (محمد علي الكبير) هنأنا فيها على قبض ثمنها من الفرقة القومية وعزا عدم إخراجها إلى أسباب غير صحيحة
والواقع أن الرواية مأخوذة عن قصة (ابنة الملوك) للأستاذ محمد فريد أبو حديد، وقد فازت بجائزة ممتازة في مباراة التأليف المسرحي عام 1929 بين ما يربي على مائة رواية لمؤلفي المسرح المصري.
وقد نشرت (الرسالة) منظراً تمثيلياً منها في العدد الخاص الذي صدر بمناسبة تولي صاحب الجلالة الملك سلطته الدستورية. وحاشا أن أصور محمد علي باشا في صورة السفاح كما توهم المحرر، فإني أعقل من أن أصور منشئ مصر الحديثة في هذه الصورة.
وستعرض الرواية في الوقت المناسب، وسيراها رواد المسرح والنقاد ويصدرون حكمهم على موضوعها وقيمتها
أما السبب الصحيح في تأجيل تمثيلها فهو اشتمالها على مواقف حربية بين محمد علي والإنجليز، وقد ورد فيها انتصاره عليهم في موقعة رشيد، فرأوا من المناسب ألا تمثل في الظروف الدولية الحاضرة
أما المكافأة عليها فلم تدفعها الفرقة وإنما فازت بحق تمثيلها من غير مقابل، لأن شرط مباراة التأليف كما وضعته وزارة المعارف يعطي الفرقة هذا الحق. وقد صرفت الجائزة من هبة المرحوم عليوه بك التي رصدها تشجيعاً للتأليف المسرحي. . .
يوسف تادرس
حول الفن والحرية أيضاً
تتبعت الدوائر الفنية والأدبية في مصر باهتمام شديد كل ما كتب حول جماعة الفن والحرية في مجلة (الرسالة) الغراء. ولقد ضمت هذه الجماعة مجموعة من الشباب المصري المثقف تلمس فيهم كل إخلاص وحب للوطن العزيز. ولا شك في أن كل ما كتب في (الرسالة) ما هو إلا كتابات سطحية عن أغراض الجماعة لم توف حقها من البحث حتى نطمئن جميعاً إليها حتى إنني لم أكد أدرك ما يريده أعضاء الجماعة من حركتهم الجديدة.
بقي سؤال، وهو أليس للجماعة حساب على جماعة (الفن والحرية)، وهي تؤمن به كما علمت حتى تفصح عن أغراضها الحقيقية، وتوضح بكل جلاء ما ينتجه أعضاؤها من الفنانين أو الأدباء - من فنون حديثة سواء في الرسم أو في الأدب أو في الشعر. ومقال الأستاذ (كامل التلمساني) الذي نشر بالعدد (321) ودافع فيه عن فنه وفن زملائه (فتحي البكري) و (كمال وليم) والأستاذ (حسين يوسف أمين) و (أبو خليل لطفي) ثم الأستاذ (يوسف العفيفي) و (فؤاد كامل) لم يوضح فيه بشكل قاطع وغير قابل للشك ماهية فنونهم هذه؛ بل ترك مقاله خالياً من أي نتيجة حاسمة نطمئن لها. ثم جاء بعده مقال للأستاذ (رمسيس يونان) نشر بالعدد (322) عرض فيه عرضاً عاماً شاملاً سريعاً لحركة (السيرريالزم)، وبعض أساليبها في التعبير. وفي هذا المقال أيضاً لم يخرج القارئ منه بنتيجة حاسمة
وأذكر أيضاً كلمة جاءت في صفحة (البريد الأدبي) في أحد أعداد (الرسالة) الغراء كتبها الأستاذ (أنور كامل)، وهي لا تقل في غموضها وشمولها عما كتب من قبل
أليست الحكمة إذن أن تفصح جماعة (الفن والحرية) عن فنها وعن أدبها في صراحة تامة دون مواربة أو إبهام؟
وبعد، فإنني أرى أن أعضاء هذه الجماعة تغمرهم عواطف حارة جياشة في صدورهم الرحبة لخلق فن جديد، وأدب جديد ينبت حقاً من تربة مصر رأساً
ولكن لا بد من إفصاح ولابد من بيان. فهل تتقدم جماعة (الفن والحرية) فتبين لنا ماهية هذه التحولات الجديدة في الفنون وتذكر لنا أثرها في مستقبل مصر الفني والأدبي والمعنوي، على أن يكون بيانها مبنياً على أسس متينة من البحث العلمي أو الفني، معترف بها لدى الجميع.
حسين عبد الله السيد
ليسانسيه في الآداب