الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 319/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 319/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 319
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 14 - 08 - 1939


حول جناية الأدب الجاهلي حديث لأديب مصري مصطاف في

لبنان

نشرت زميلتنا المكشوف البيروتية في عددها الأخير هذه الكلمة وهذا الحديث بإمضاء (جوابة) فرأينا من فائدة الأدب في ذاته أن ننقلهما عنها لا مقرين ولا منكرين، فإن رأي الرسالة في الموضوع قد صرحت به في العدد 316 فلا تسأل إلا عنه. قال الكاتب الفاضل:

أطالع منذ أسبوعين في مجلة (الرسالة) المصرية سلسلة من المقالات للدكتور زكي مبارك ينقد فيها آراء للأستاذ أحمد أمين أبداها في الأدب الجاهلي وجنايته على الأدب العربي ونشرها في مجلة الثقافة. وقد أختار الدكتور مبارك عنواناً لمقالاته (جناية أحمد أمين على الأدب العربي). ولاشك أن التهمتين مبالغ فيهما؛ فلا الأدب الجاهلي جنى على الأدب العربي بقدر ما يتصور الأستاذ أحمد أمين، ولا الأستاذ أحمد أمين جنى على الأدب العربي بقدر ما يتخيل الدكتور زكي مبارك. فما هو السبب يا ترى في إثارة هذا النوع من النقاش، بل هذه المعركة الحامية الوطيس بين الرسالة والثقافة؟

مما لاشك فيه أن هذه الأبحاث طريفة في حد ذاتها على ما يرافقها من مبالغات وعنف في العرض والرد واللهجة. ومما لاشك فيه أيضاً أنها تحث قرائح الباحثين، فيتناولون هذا الموضوع ويعالجونه في جو بعيد عن غبار المعركة. ولابد أن يجني الأدب فائدة تذكر من درس الأدب العربي على ضوء (المعدة والروح) على أن يقارن بينه وبين آداب الأمم في عصورها المتشابهة أو المتقاربة، وعلى أن تسلم النيات وتطيب الإرادات.

وقد اتفق لي منذ يومين أن التقيت في أحد المصايف أديباً مصرياً قدم إلى لبنان ترويحاً للنفس، فجرى بيني وبينه حديث عن المعركة التي أثارها الدكتور زكي مبارك وعن أسبابها الظاهرة والخفية، فصارحني محدثي برأيه. ولما طلبت إليه الأذن لي بنقل هذا الرأي إلى قراء (المكشوف) أوصاني بإهمال ذكر اسمه، معتذراً بأنه يفضل أن يتفرج على أن يدخل شخصاً ثالثاً في نقاش قد يضطره إلى الدرس والمراجعة، وهو ما جاء لبنان إلا للراحة والسكينة. . .

ونزولاً على مشيئة محدثي أكتم اسمه وأكتفي بنقل خلاصة أمينة لما قال:

- لا جدال أن النقد في مصر قد خفت صوته، ولذلك أسباب لا مجال للخوض فيها الآن. . . ومن الخير للأدب أن يعود النقد إلى سابق عهده فتروج الكتب والمجلات. وقد يسعف الحظ بعض الأدباء الناشئين فتلمع أسماؤهم في سماء الأدب وتقوم شهرتهم على جثث ضحاياهم، وهذه سنة الحياة. . . أما الدكتور زكي مبارك فلم أعرف أديباً أشد اندفاعاً منه في ميدان النقد، فكأنه مفطور عليه يموت إن لم يتغذ به. إنه حركة دائمة؛ وإن هو لم يجد من ينقد مال على نفسه ينقدها. ولست أشك في إخلاصه لفنه، إلا إنني أعيب عليه ميلاً قد يكون مكتسباً، إلى حمل خصومه على مناقشته في مواضيع دقيقة وحساسة في شرقنا العربي. أضرب مثلاً على ذلك اتهامه الأستاذ أحمد أمين بشيء من الفتور في دينه، وإلصاقه به تحيزاً ضد الشام والعراق وغيرهما من الأقطار العربية.

على أن أسباب المعركة القائمة الآن بينه وبين أحمد أمين، أو بين (الرسالة) و (الثقافة) ليست ناتجة - فيما أظن - عن الأخطاء التي ارتكبها أحمد أمين في بحثه عن جناية الأدب الجاهلي على الأدب العربي، بل يرجح عندي أن هذه الأخطاء كانت فرصة اغتنمها الدكتور لشن الغارة على أحمد أمين. أما الأسباب الحقيقية فترجع إلى المناوشات التي قامت في وقت ما بين الزيات وأحمد أمين من أجل الكتب التي قررت وزارة المعارف وضعها بين أيدي التلاميذ، ولم يكن بينها كتب الزيات. فاحتج صاحب (الرسالة) على هذا الاحتكار، واتهم أحمد أمين بكونه لولبه. وكان أحمد أمين صريحاً، فاعترف بأنه لم يوافق على إدخال مؤلفات الزيات في قائمة الكتب المقررة لأن فيها ما يؤذي الأخلاق. . .

واستمر هذا الخصام بين الزيات وأحمد أمين تارة مستتراً، وتارة ظاهراً، حتى ظهرت (الثقافة) وكان هدفها الأول محاربة (الرسالة). وفي الواقع من هم قراء الأدب في مصر؟ هم طلبة الجامعة في أكثريتهم، فلماذا لا تستغلهم لجنة التأليف والترجمة والنشر بمجلة توجه أبحاثها إليهم بعد أن استغلتهم بالكتب؟ وأكثر أعضاء هذه اللجنة من أساتذة الجامعة، فصدرت (الثقافة) يؤيدها خصوم الزيات من طه حسين، إلى محمد عبد الله عنان، إلى أحمد أمين، إلى غيرهم ممن أغضبهم الزيات لسبب من الأسباب في وقت من الأوقات. وهذه نوازع بشرية لا غرابة فيها، وإنما الغرابة أن يستطيع أحمد أمين الانتقام من الزيات ولا يفعل!

وقراء الأدب في مصر محدودون، فكان بديهياً أن يتحول قسم كبير منهم من (الرسالة) إلى (الثقافة) وأن تحس الرسالة أنها لم تبق وحدها في الميدان. فاشتد النزاع واشتد. . . ورأينا الزيات يدخل على مجلته تحسينات وأبواباً جديدة، ثم لا يلبث أن يحاول اجتذاب طلبة الأزهر إليه فيجعل منهم حزباً يعضده على حزب الجامعة. ولا أدري أنجح في محاولته هذه أم أخفق. وكل ما أعرفه أن الثقافة راجت سوقها على ضعف مادتها، وعلى افتقارها إلى الروح الصحفية الحديثة.

فـ (المعدة) إذن كانت منشأ المعركة القائمة الآن بين أحمد أمين والدكتور زكي مبارك، أو بين الرسالة والثقافة. فإذا كان الأدب العربي أدب معدة في عصوره القديمة لا أدب روح، فمعلوم أن حياة الأديب القديم لم تكن هينة الموارد، فما بال الأستاذ أحمد أمين يتمسك في أدبه بما يعيبه على الآخرين؟. . .

انتهى كلام محدثي، وقد نقلته إلى قراء (المكشوف) بكل أمانة.

(جوابة)

بعثة عراقية إلى الأزهر

كان نوري باشا السعيد رئيس الوزارة العراقية قد كتب إلى رفعة علي ماهر باشا رئيس الديوان الملكي في صدد قبول الحكومة المصرية عدداً من طلبة العراق في الأزهر للتخصص في الوعظ والإرشاد، فتلقى نوري باشا من رفعته الرد التالي:

(تلوت بموفور السرور والارتياح خطابكم الكريم الذي ضمنتموه عزيز أمنيتكم أن تقبل الحكومة المصرية عدداً من طلبة القطر العراقي الشقيق للتخصص في مسائل الوعظ والإرشاد، وقد بادرت بعرض الأمر على جلالة مولانا الملك المعظم، ثم اتصلت بفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر في هذا الشأن، وقد اتفق على قبول عدد من الطلبة بقدر ما يستطاع توفيره له من أماكن، ستبلغ نحو العشرة.

ولا أراني في حاجة إلى أن أؤكد لدولتكم أن من أحب الأشياء إلي العمل ما أمكن على ازدياد روابط البلدين إحكاماً وقوة، وإننا جميعاً يسرنا أن نبذل أقصى الجهد في تحقيق هذه الغاية الشريفة.

(علي ماهر)

الحمد لله على نعمة الإسلام

امتاز الإسلام من بين سائر الديانات بمزية جميلة جداً، هي رفع الوساطة بين الله والناس، فلكل مسلم الحق في أن ينظر إلى الله والوجود كيف شاء في حدود المنطق والعقل، ومن حقه أن يخاطب الله بلا وسيط من الأشياخ أو الأحبار أو الرهبان.

أقول هذا وقد قرأت في (الرسالة) كلمة يقول كاتبها إن من حقي أن أتتكلم في الأدب لأني دكتور في الآداب، وليس من حقي أن أتكلم في الدين لأني لست دكتوراً في الدين.

وهذا الكلام يدل على أن قائله بعيد عن فهم الغرض من الرسالة الإسلامية. فالرسول عليه الصلاة والسلام بُعث لرفع الكلفة بين الناس وبين خالقهم، بعد أن كانوا يتوهمون أن بينهم وبينه حجاباً لا يرفعه غير الأحبار والرهبان.

ولو أني انتظرت الإذن من رجال الدين لكان من المحتوم أن تضيع الجهود التي بذلتها في الدراسات الإسلامية، وهي جهود سألقى بها الله وأنا مرفوع الرأس، لأنه عز شأنه لا يضيع أجر المحسنين.

والذين استكثروا أن أتكلم في الدين فاتهم أني صححت أشنع خطأ في تاريخ التشريع الإسلامي حين بينت بالأدلة والبراهين أن كتاب (الأم) لم يؤلفه الشافعي، وإنما ألفه البويطي المصري، وتصرف فيه الربيع بن سليمان.

وهم كذلك ينسون أني صاحب كتاب (التصوف الإسلامي) وهو كتاب سأدخل به الجنة وسأدخل معي على حسابه ألوفاً من الأدباء المحرومين، كما أوحى الله إلى الزيات أن يقول، وهو رجل صادق الإيمان، ورجاؤه في الله مقبول.

والحق أني أعجب من الذين يصرون على التشكيك في عقيدتي. فلو كانت قلوب هؤلاء عرفت معاني النور لعرفوا أن في مؤلفاتي نفحات هي أنفاس حرار من وهج الإيمان الصحيح.

وما يهمني أن أزكي نفسي، فالله يعلم ما بينه وبيني، وإنما يهمني أن يقلع بعض الناس عن اغتيابي في السر أو مهاجمتي في العلانية في أمور متصلة بالدين، فإني أخشى أن يغضب الله عليهم فلا يبوءوا بغير الخسران.

وإني لخليق بأن أرجو لهم المغفرة متمثلاً بالقول المنسوب إلى الرسول:

(اللهم اهد قومي، فإنهم لا يعلمون)

وإلى الله أرفع الرجاء في أن يصيرني من المعفو عنهم، وأن يجعلني بفضله من عباده الصالحين، وأن يمنحني من العافية ما أملك به الصبر على خدمة الأدب والدين.

زكي مبارك

سعد وسعاد

قرأت ما كتبه الصديق العلامة الأستاذ عبد المتعال الصعيدي وأبادر فأقول: إن مروان ليس بدلاً من الخليفة بل من (وإلى تلك الجهة) وبذا يرتفع الأشكال، وأحسب أن طول العبارة ألقى عليها ظلاً من اللبس.

ولا أكتم شيخنا الجليل أنني سررت بوقوعه في هذا الاشتباه فقد أغضب (سعاد) حين قسا على قومها في مقاله (بنو عذرة) وتابع الخليفة عمر بن عبد العزيز في نظرته إليهم، فكان من حقها أن تثأر منه لهم! فهل يؤمن بعد هذا بان للجمال (كرامات)؟

أما القصة فقد وردت مختصرة في بعض الكتب أذكر منها نهاية الأرب للنويري. وقد تكون صحيحة أو موضوعة لا أستطيع الجزم بشيء منهما، فوجدت فيها مجالاً واسعاً للتحدث عن البدو في حبهم وعفتهم وزواجهم وعاداتهم، فهي تخالف ما سبق من المقالات بان حظها عظيم من الخيال، ولكنه خيال يسامي الحقيقة في الصدق لأنه يتكئ عليها وينبثق منها. بل لقد توسعت في بعض المواقف فانطلقت سعداً بشعر لم يقله، لأن المقام يحتم ذلك وأدب القصة يبيح هذا التوسع.

وإني لأنتهز هذه الفرصة فأهدي إلى فضيلة الشيخ الصديق أزكى التحيات المباركات.

ملحوظة: ورد في المقال الثاني شطر بيت هكذا: أو صاحب التاج أو مروان عأهله، وصحته عامله.

علي الجندي سعد وسعاد ومعاوية بن أبي سفيان

قرأت المقال الثاني لصديقي الأستاذ علي الجندي فرأيته يجعل ذلك الوالي الذي أغتصب سعاد من ابن عمها سعد، مروان بن الحكم، فزاد هذا تلك القصة اضطراباً. وقد رأيت بعد هذا أن أراجعها في مظانها، ولم يحملني على هذا إلا استبعادي أن يقع مثل ذلك من مروان في مكانته وزعامته لبني أمية، وأن يظهر في تلك القصة بمظهر الوالي الذليل لمعاوية، وهو الذي كان يساميه في نسبه وزعامته لتلك الأسرة الحاكمة من قريش، وقد كان معاوية يلانيه ويداريه، ولا يعامله بتلك الخشونة التي عامله بها في تلك القصة، حتى إنه لما عهد لابنه يزيد كتب إلى مروان يأمره بأخذ بيعة قريش وأهل المدينة ليزيد، فأبى ذلك وأبته معه قريش، ثم ذهب إلى معاوية مغاضباً في نفر من أهل بيته، وأنكر عليه خروجه على ما سار عليه الخلفاء قبله من جعل ذلك الأمر شورى بين المسلمين، وتأميره الصبيان عليهم، فأهم معاوية أمره، واشترى رضاه بالمال، ففرض له ألف دينار في كل هلال، وفرض له في أهل بيته مائة مائة

ولم تخطئ والحمد لله فراستي في ذلك، فقد راجعت تلك القصة في كتاب تزيين الأسواق بتفصيل أشواق العشاق للشيخ الفيلسوف داود الأنطاكي الطبيب المعروف، فوجدته يذكر أن ابن عمها لما أملقت يده رفع أبوها أمره إلى ابن أم الحكم، فضيق عليه السجن والقيود حتى طلقها كارهاً، فأعطى أباها عشرة آلاف درهم وتزوج بها. ولاشك أن ابن أم الحكم غير مروان ابن الحكم، لأن ابن أم الحكم هو عبد الرحمن بن عبد الله الثقفي وقد اشتهر بنسبته إلى أمه أم الحكم بنت أبي سفيان بن حرب الأموي، وكان خاله معاوية يوليه أعماله فيسئ السيرة فيها، وهو الذي يليق بأن ينسب ما حصل في تلك القصة.

على أني أرى أن تلك القصة من القصص الموضوعة الضعيفة في سبكها وشعرها، فقد جاء فيما نسب إلى معاوية من الشعر فيها هذا البيت:

قد كنت تشبه صوفيَّا له كتبٌ ... من الفرائض أو آيات قرآن

ومثل هذا لا يمكن أن يقال في عصر معاوية، لأن نظام التصوف لم يكن قد حدث في ذلك العصر، ولم يكن فيه كتب في التصوف يحملها المتصوفة أو غيرهم. وكل أشعار تلك القصة على ذلك الشكل من الضعف الذي لا يتفق مع شعر عصر بني أمية في سائر فنونه، وإنما هي أشعار موضوعة في العصر الذي ألف فيه كتاب تزيين الأسواق، وهو العصر الذي وصلت فيه العربية إلى حالة الضعف في أدبها وأشعارها.

عبد المتعال الصعيدي

الدين والسياسة

جاء في مقال الأستاذ الجليل ساطع الحصري بك في العدد (317) من الرسالة: (من أن السياسة شيء والدين شيء آخر) وإطلاق هذا القول في بلد دين دولته الإسلام، ودين شعبه الإسلام، لا ينصرف معنى الدين فيه إلا إلى إسلام.

ونحن نعلم أن الأستاذ ساطع بك من أكابر علماء التربية وأساطينها، وإنه أن قال فيها فقوله القول، ولكنا لا نعرفه عالماً بالدين الإسلامي، ولو اطلع على الإسلام لما أخذ رأي الأوربيين في وجوب فصل الدين (المسيحي) عن السياسة ولما أطلقه على الدين الإسلامي إذ أن معنى الدين عند القائلين بهذا المبدأ ما يحدد علاقة الإنسان بربه أو ما يسمى في فقهنا بالعبادات، وهذا الذي يريدون أبعاده عن السياسة، كما أنهم يريدون الخلاص من سلطة الكنيسة وسيطرة رجال الدين. وهذان الأمران لا يردان على دعاة السياسة الإسلامية لأنهم يسلمون بان الإسلام عبادات ومعاملات وتشريع. أما العبادات فبين المرء وربه لا تدخل في السياسة ولا تؤثر فيها، أما المعاملات والتشريع فلا يمكن فصلهما عن السياسة أصلاً، وفي القرآن نفسه آيات في السياسة الداخلية والخارجية وفيه سورة براءة، أفنفصل هذه الآيات كلها عن القرآن؟ أما سلطة رجال الدين فلا يعرفها الإسلام وليس فيه طبقات تتميز من طبقات، أو أناس هم وكلاء عن الله.

وأحسب أن الأستاذ الحصري لو اطلع على كتاب (السياسة الشرعية) مثلا للأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاف أو (الشرع الدولي في الإسلام) للدكتور الأرمنازي أو كتب العلماء المتقدمين من أمثال ابن تيمية وابن القيم قبل أن يكتب ما كتب، لكان له في الموضوع موقف آخر.

(دمشق) ناجي الطنطاوي

كشف أثري في شمال الترنسفال

تلقت جريدة (السنداي تيمس) من مراسلها بيتروسبورج كتاباً قال فيه: إنه كشف في شمال الترنسفال أخيراً صورة ملونة يعتقد أنها من صور قدماء المصريين، فأثار هذا الكشف عناية العلماء هناك وكان موضع اهتمامهم.

فإذا صح ما زعمه مراسل الجريدة، وثبت أن الكشف مصري قديم، فمعنى ذلك أن كل ما دون عن أفريقيا الجنوبية في عصور ما قبل التاريخ ستعاد كتابته من جديد.

وقد عثر على هذه اللوحة في مغارة تقع فوق رابية من ربى مزرعة المستر (ج. جادا) التي تبعد اثني عشر ميلاً عن مدينة بوتجيتر ستراست.

وأرسل صاحب المزرعة كتاباً إلى الدكتور بروم، العالم الأثرى الشهير، يبلغه فيه نبأ الكشف الجديد، ويطلب إليه زيارة المزرعة ليرى تلك اللوحة التي أثارت في الأيام الأخيرة اهتماماً غير قليل، إذ المعروف حتى الآن أنه لم تكشف صور ملونة من أصل مصري قديم في بلاد تتعدى مواقعها جنوب منابع النيل.

ولاشك أن زيارة الدكتور بروم ستجلو الغموض الذي يلابس هذا الكشف الجديد، وخاصة أن المصريين القدماء كانوا يتخذون في رسومهم قاعدة خاصة لا يخطئ معها الإنسان في أن يعرف إذا ما كانت هذه المخلفات من آثارهم أم لا.

لقد أثبتت الآثار المصرية التي أمكن العثور عليها في مختلف السواحل الأفريقية أن قدماء المصريين تمكنوا بواسطة طرقهم الملاحية، من أن يصلوا إلى تلك الجهات، ولكن الكشف عن مثل هذا الأثر الجديد في بقاع داخلية متوغلة يعد ظاهرة جديدة يحتمل معها كثيراً أن يكون قدماء المصريين قد توصلوا في عصور ما قبل التاريخ إلى تأسيس مستعمرات لهم في أفريقيا الجنوبية. . .

إهداء أوراق خطية قبطية إلى مكتبة جامعة كمبردج

أعلن عميد جامعة كمبردج أن السر هربرت تومبسون الأستاذ السابق بكلية ترنيتي أهدى إلى مكتبة الجامعة عدداً من الأوراق الخطية القبطية القديمة، يتراوح بين ثمانين وتسعين ورقة.

وترجع أهمية هذه الأوراق إلى أنها تمثل أشكالاً مختلفة للحركة الأدبية في العهود التي جاءت بين القرن الخامس إلى القرن الثامن، وقد وجدت هذه الأوراق في الدير الأبيض المشهور في جوار أخميم.

حول الفن المنحط - كلمة أخيرة

أساء الأستاذ أنور كامل فهم الروح التي أملت علي كلمتي المنشورة في العدد 316 من الرسالة تحت عنوان (فن منحط برغم ذلك) والتي أثارت الأستاذ والجماعة التي فوضت إليه أمر الكلام عنها - ومن حقي أن أعتقد أن الأستاذ على استعداد لمناقشة الآراء التي يستهدي بهديها بعد أن قال عن جماعته: (وأغراضها تنحصر في الدفاع عن حرية الفن والثقافة وفي نشر المؤلفات الحديثة وإلقاء المحاضرات. .) (الرسالة عدد 315 ص 1426) وقد أتحت له بكلمتي هذه فرصة طيبة للإعلان عن جهود جماعته في مجلة عالية كالرسالة؛ ولكن الأستاذ تخاذل ونشر في العدد 317 من الرسالة كلمة تختلف في روحها اختلافاً كبيراً عما نشره في العدد 315، وترك الفرصة تفلت من يده لا لشيء إلا لأنه لا يمكنه الدفاع عن الفن الذي يروج له، لا عن طريق الفكر المنطقي المقنع ولا عن طريق البيان الذي يلهمه الإيمان الحار الذي يتدفق من القلب ويتصل بالقلوب مباشرة فتقنع به. ومن الراجح (كما هو ظاهر لكل قارئ) أن الرسالة لم تنشر الرد الذي بعث به إليها الأستاذ كاملاً بل حذفت منه ما لا يتفق مع أدبها العالي ومستواها الرفيع. وأنا لا يهمني أن يسبني الأستاذ الفاضل ولن أتأثر لما ينال شخصي من الأحوال، وإني أؤكد للأستاذ ولأسرة الرسالة أني كتبت ما كتبت مؤمناً بأن الفن الحديث متاهة يضل فيها الكثيرون وأن المناقشة فيه ودرسه خير طريق لتمحيصه ومعرفة حقه من باطله فقد يدلني الأستاذ كامل على ما أجهل وقد أدله على ما يجهل.

وأعيد هنا أني رأيت طرفاً مما رسمه بعض أعضاء الجماعة. وإني لأكرر بكل قواي أنه فن منحط؛ فرسومهم تستند إلى مذهب السير ريالزم وهذه حركة فرنسية محضة باعثها الأول نظريات العالم سيجموند فرويد. وللدلالة على طبيعة اتجاه هذه الحركة نقتبس قول أحد أقطابها وهو الأديب اندريه بريتون (إن نزوات الأفكار في الأشخاص المعتوهين تتفق اتفاقاً مقرراً مع بعض افتراضاتي العزيزية. إن ظاهرة الكتابة الآلية قد تأتي بنتائج مدهشة. نحن لا نعترف بشيء مطلقاً. إننا نعتقد بقدرتنا على اختزال أو التغلب على العقل والاحساسات الجميلة. نحن نحس العطف على كل الأحزاب الثورية. نحن لا نؤمن بالتقدم الإنساني. إننا نريد أن ندعم كل حركة معارضة بعنف مجازفين بأعمارنا. الزمن لا وجود له، إني أفضل أن أحطم على أن أشيد. نحن نصر على مراجعة القيم الفنية مراجعة كاملة. نحن لا نؤمن بالنبوغ الأدبي؛ والصفة الأدبية ليس لها إلا قيمة ثانوية. إننا ننقم على الحقيقة الحاضرة).

وأظن أن الحركات الفنية لا تنقل بمثل هذه السهولة من قطر إلى آخر. . . دعك عن حديث الشخصية والإلهام. . .

أما الشطر الاجتماعي من جهود الجماعة فإني أتمنى له الازدهار والأثمار المبكر وأقدم اعتذاري للأستاذ الذي ثار وهاج لأني وضعت فيه ثقتي ودعوته دعوة بريئة للحديث عن الفن.

وكان كاتب هذه المقالات قد وعد قراء (الرسالة) بسلسلة مقالات عن الفن. وقد قاربنا الانتهاء من إعداد هذه المقالات وسننشرها في الرسالة قريباً تحت عنوان (الفن كما أؤمن به) وبذلك نؤدي ما نعتقد أنه واجبنا المحتوم.

نصري عطا الله سوس