مجلة الرسالة/العدد 313/جناية أحمد أمين على الأدب العربي
→ بيلاطس (باشا) | مجلة الرسالة - العدد 313 جناية أحمد أمين على الأدب العربي [[مؤلف:|]] |
التجني على أحمد أمين ← |
بتاريخ: 03 - 07 - 1939 |
للدكتور زكي مبارك
- 4 -
عجب ناسٌ حين رأونا نقول بأن الأستاذ أحمد أمين ينظر إلى الأدب وإلى الوجود نظرةً عامية، واستكثروا أن نحكم هذا الحكم على رجل من أساتذة الجامعة المصرية
ونجيب بأننا لم نظلم هذا الصديق، وإنما نفسه ظلم، فهو الذي يبني أبحاثه على قواعد المسلّمات والمقررات عند عوامّ الباحثين، وذلك يشهد بأن الابتكار والابتداع بعيدان كل البعد عن ذهن هذا الباحث المفضال
يعلن الأستاذ أنه يحتقر المعدة ليصح له التطاول على ماضي الأدب العربي؛ واحتقار المعدة لا يقوم على أساس من الواقع ولا من المنطق، وإنما هو مجاراةٌ للعوامّ الذين يصعب عليهم أن يدركوا أن النفس تتبع الجسم في الصحة والمرض، والقوة والضعف، والنشاط والخمول، ويعسر عليهم أن يفهموا أن الإنسان يرى المعنويات والمحسوسات بأشكال مختلفة في وجوه متباينة تبعاً لاختلاف الذوق والحسّ والمزاج
والواقع أننا عبيد لحواسنا وأعصابنا، وأن جمهورنا مدين في تكوين ذوقه وحسه وعقله إلى ما يأكل وما يشرب وما يلبس وما يرى وما يذوق. وقد راعى ذلك فقهاء الشريعة الإسلامية حين وضعوا آداب القضاء، فقد استحبوا للقاضي أن يمتنع عن الحكم إذا شعر ببعض عوارض المرض أو الظمأ أو الجوع
قلنا من قبل إننا لا نهجم على هذا الرجل بلا تأثّم ولا تحرّج، فالله وحده يعلم أننا نهجم عليه كارهين، لأنه صديق لم نر منه غير الجميل، ولأن له أصدقاء كنا نحب أن لا نؤذيهم بالهجوم عليه، فلنا فيهم إخوان أعزاء
ولكن هل يجوز أن يكون أحمد أمين وأصدقاؤه أعز علينا من الحق؟
هل يجوز أن نترك هذا الرجل يتحذلق ذات اليمين وذات الشمال مراعاةً للأخوة الغالية التي جمعت بيننا وبينه منذ نحو عشرين عاماً؟
إن أحمد أمين يجور على ماضي الأدب العربي بلا تحفظ ولا احتراس، وأغلب الظن أنه ما كان ينتظر أن يقول له أحد: (قف مكانك، يا أحمد أمين، حتى تدرس دراسة تمكنك من الحكم له أو عليه)
وساعده على الاطمئنان إلى السلامة من عواقب ما يصنع أنه يصدر أحكامه الخواطئ في وقت خمد فيه النقد الأدبي. فهو يظن أنه لن يجد من يرشده إلى التصدر لأستاذية الأدب العربي يوجب حتماً أن يكون ذلك المتصدر أدبياً يتذوق المعاني ويدرك الفروق بين أساليب البيان.
فإن كان القراء في ريب من ذلك. فإنّا ننقل إليهم أحكامه على مقامات بديع الزمان، ومقامات الحريري؛ ننقلها بالحرف ليستطيعوا متابعتنا في تبيين ما فيها من خطأ وضعف.
قال الأستاذ أحمد أمين:
(ثم انظر بعدُ إلى الفن المبتكر في العصر العباسي، وهو فن المقامات، فقد ابتدعها بديع الزمان الهمذاني، فلم يجعل محورها حبّاً ولا غراماً كما يفعل الروائيون اليوم. ولم يجعل محورها شيئاً يتصل بأدب الروح، ولكنها كلها (أدب معدة). فأبو الفتح الإسكندري بطل المقامات كلها، رجل مكر واحتيال، يصطنع جميع المهن لابتزاز الأموال. نراه مرة قرّاداً يسلي الناس ويضحكهم، ومرة واعظاً مزيفاً يعظ وينصح؛ ثم تنكشف حيلته فإذا هو مهرج؛ ومرةً مشعوذاً يحتال على الناس بشعوذته ليفتحوا كيسهم ويغدقوا عليه من مالهم، وهو في كل ذلك مستجد سائل محتال. وجاء الحريري فجعل مكان أبي الفتح الإسكندري أبا زيد السروجي، وهو كصاحبه دناءة نفس، وخساسة حرفة. يشحذ ثمن كفن لميت يدّعيه، ويتعامى فتقوده امرأته إلى المسجد ليبتز أموال المصلين، ويجمّل غلامه ليوقع الوالي في شركه فيسلبه ماله وهكذا، ويتخذ الفصاحة والبلاغة وسيلة للتكدي والسؤال. . . أليس هذا كله أدب معدة؟)
ذلك كلام الباحث المفضال أحمد أمين نقلناه بحروفه لئلا نتّهم بالتجنّي عليه حين نحكم بأنه رجل لا يدرك أسرار الحروف، أبهذه الجرأة يحكم أحمد أمين على فن المقامات؟
لن نقول شيئاً يمس أحمد أمين، ويكفي أن نقف عند الملاحظات الآتية:
1 - نلاحظ أولاً أن أحمد أمين لم يفهم أغراض الحريري وبديع الزمان، فهو يتوهم أنهما يحاولان إغراء الجماهير بالإقبال على ما في تلك المقامات من شمائل وخصال، ومن هنا جاز له أن يضيف أدب المقامات إلى أدب المعدة، ولو كان أحمد أمين درس مقامات الحريري ومقامات بديع الزمان لأدرك بلا شك أن لهذين الرجلين غاية ما كان يصح أن تخفى على رجل يؤرخ الأدب بالجامعة المصرية.
فما هي تلك الغاية؟
هي غاية واضحة لمن يقرأ ويفهم، وهو بحمد الله ممن يقرءون ويفهمون، ولكنه لم يقرأ المقامات
الغرض من نظم المقامات عند بديع الزمان هو نقد الحياة الاجتماعية والأدبية في القرن الرابع. وفي سبيل هذا الغرض تعرض بديع الزمان لوصف ما رآه في زمانه من مثالب وعيوب، واهتم بتدوين ما عاناه الناس في تلك الأيام من حيل الدجالين والمشعوذين. وقد وصل إلى أبعد حدود الإجادة حين حدثنا عما كان يعرف أهل ذلك العصر من فنون الأدب ومذاهب المعاش، ولم يفته أن يقيد حيل اللصوص في تلك الأيام، بحيث صارت مقاماته سجلاً صادقاً لبعض أحوال المجتمع في القرن الرابع بأقطار فارس والعراق
وكذلك كان الغرض عند الحريري، فقد أراد أن يصور ما عرف الناس لعهده من ألوان الحياة، وأن يبين كيف كانوا يجدون وكيف كانوا يمزحون
وهناك غاية ثانية عند الحريري لم يفطن لها الأستاذ أحمد أمين وهي تقييد ما شاع في زمانه من ضروب الرموز والكنايات
ولا موجب لإيراد الشواهد، فسيعرف ذلك أحمد أمين حين يقرأ تلك المقامات
2 - ونلاحظ ثانيا أن أحمد أمين غفل عن نظرية تعد من البديهيات، وهي أول ما يدرس طلبة الكليات، وهي النظرية التي تقول بأن للفن والأدب غاية أصيلة هي الصدق في وصف ما ترى العيون، وما تحس القلوب، وما تدرك العقول؛ وليس من الحتم أن يكون الأدب والفن جنديين في جيش الأخلاق، فبعض أشعار ديك الجن وأبي نواس أرفع قيمة من بعض ما كتب ابن مسكويه والغزالي، أرفع من الوجهة الأدبية والفنية، وأن كانت أضعف من الوجهة الدينية والخلقية
3 - ونلاحظ ثالثاً أن أحمد أمين ينظر إلى الأخلاق نظرة سطحية، فلو أنه كان تعمق في دراسة الأخلاق لعرف أن الأخلاق تغلب عليها الصفة الاعتبارية، فما نعيبه اليوم من طرائق التعبير لا يجب أن يكون كذلك في أذهان من سبقنا من الأدباء في الأعصر السوالف
4 - ونلاحظ رابعاً أن أحمد أمين توهم أن فن المقامات وقف عند الحدود التي رسمها الحريري وبديع الزمان، ولو كان أحمد أمين من المطلعين على تاريخ الأدب العربي لعرف أن فن المقامات اتسعت آفاقه فشمل الزهديات والفقهيات، وتحول مع الزمن إلى أن صار من الأساليب التعليمية، ولذلك تفصيل سيهتدي إليه حين يقرأ تاريخ المقامات، وهو سيقرأ ذلك التاريخ لأنه يؤرخ الأدب بكلية الآداب
5 - ونلاحظ خامساً أن أحمد أمين لم يعرف أن فن المقامات الذي ابتكره الهمذاني وأجاده الحريري قد انتقل إلى اللغة الفارسية واللغة العبرية واللغة السريانية، فهو من الفنون العربية التي وصل تأثيرها إلى ما جاورها من اللغات، وأدب المعدة لا يؤثر كل هذا التأثير
6 - ونلاحظ سادساً أن الأستاذ أحمد أمين الذي أساء الأدب مع الحريري فجعل راويته مثالاً في (دناءة النفس وخساسة الحرفة) لم يعرف أن مقامات الحريري خدمت الأدب واللغة خدمة عظيمة جداً، فقد شُرحت تلك المقامات مرات كثيرة وشغلت الأدباء واللغويين في المشرق والمغرب، وكتبت بالذهب مئات المرات، وتهاداها الأمراء والملوك، وكان لها تأثير شديد في النهضة الأدبية الحديثة لأنها من أقدم ما نشرت مطبعة بولاق. وحديث عيسى بن هشام وهو أول كتاب مبتكر في الأدب الحديث له صلة بأسلوب المقامات
7 - ونلاحظ سابعاً أن أحمد أمين لم يخطر بباله أن في مقامات بديع الزمان تحفة فنية نستطيع أن نباهي بها أدباء العالم في الشرق والغرب، وهي المقامة المضيرية، فقد بلغت من الروعة مبلغاً لم يصل إليه كاتب في قديم ولا حديث، ولو ترجمت إلى اللغات الأجنبية لعدها الأجانب من الأعاجيب
8 - ونلاحظ ثامنا أن الجانب التعليمي في مقامات الحريري خفيت دقائقه على فطنة أحمد أمين، وما أحب أن أزيد!
9 - وألاحظ تاسعاً أن أحمد أمين لم يدرك أن للكاتب حرية ذاتية في طريقة التأليف، فهو كان ينتظر أن يكون في المقامات حب وغرام كما يصنع الروائيون في هذه الأيام، وهو أيضاً يجهل أسلوب الروايات بعض الجهل، فالحب ليس ركناً أساسياً في تأليف الرواية كما يتوهم الناقد، وإنما هو وسيلة لدرس الشخصيات وللمؤلف الروائي أن يغفله حين يشاء 10 - ونلاحظ عاشراً أن أحمد أمين لم يبتكر الهجوم على المقامات، وإنما نقله عن الأستاذ سلامة موسى، وسلامة موسى له عذر مقبول هو بعده عن التغلغل في أسرار الأدب العربي. فما عذر أحمد أمين وهو يتصدر لتدريس الأدب بالجامعة المصرية؟
ألم أقل لكم أن أحمد أمين يعتمد على ما يقرأ ويسمع بلا نقد ولا تمحيص؟ إن أحمد أمين يتوجع فيقول:
(أصبحنا إذا قرأنا ما يقوله الإفرنج عن تعريف الأدب بأنه (نقد الحياة) عجبنا من هذا التعريف، لأنا لا نرى الأدب العباسي ينقد الحياة، وإنما يصف نوعاً من حياة القصور، فأما الشعب فلم يوصف إلا قليلاً)
ولو كان أحمد أمين يدقق لعرف أن مقامات الهمذاني والحريري هي من الصميم في (نقد الحياة)
وكيف يكون وصف القصور بعيداً عن (نقد الحياة) يا أحمد أمين، وأنت تعرف أن القصور في تلك الأزمان كانت محور الحياة؟
وهل يستطيع الأدب أن يخرج على واجبه في (نقد الحياة) حين يتحدث عن الوزراء والملوك والخلفاء؟
وهل كانت المدائح والأهاجي إلا دساتير لحياة الناس في تلك الأزمان. . .؟
و (الشعب) الذي يتحدث عنه أحمد أمين هو نفسه الذي كان يتلقى المدائح والأهاجي بالقبول، وهو الذي كان يروي ما يقوله الشعراء في الرؤساء والملوك، فهو قد اشترك فعلاً في مسايرة الاتجاهات الأدبية في العصور الخالية
أحب أن أعرف رأي الأستاذ أحمد أمين في التصحيحات التي قدمناها إليه
ألا يزال يعتقد أن الهمذاني والحريري كانا يضعان دستوراً لحياة الصعلكة والتشرد والاحتيال؟
أيكون انتفع بهذا الدرس فعرف أن فن الهمذاني والحريري يقوم على أساس السخرية من بعض أخلاق الناس في تلك الأزمان؟
أحب أن أعرف كيف يحرم على أمثال الهمذاني والحريري أن ينقدوا المجتمع بالرسائل والقصائد والأقاصيص، وهو مذهب استحله كتاب الإنجليز والفرنسيين والألمان؟ لو كان أحمد أمين من المطلعين على تاريخ الأدب العربي لعرف أن أدباء العرب فهموا أن فن المقامات ليس إلا وسيلة للتعبير عن طوائف من الأغراض، ومن أجل ذلك تصرفوا فيه فنقلوه من ميدان إلى ميادين، وحملّوه ما شاءوا من المذاهب والآراء
وما فهمه أدباء العرب فهمه أدباء الفرس حين اتخذوا المقامات وسيلة لشرح المذاهب الدينية والفلسفية، وعرض الصور الفنية والأدبية، وكذلك فعل بعض اليهود وبعض السريان فضمنوا المقامات طوائف من العضات والأخلاق
ثم ماذا؟ ثم ماذا؟
ثم يقول الأستاذ أحمد أمين:
(وانتشر بجانب أدب المقامات نوع آخر من أدب المعدة بمعناه الحقيقي هو أدب التطفيل. . . وخلف لنا الأدب وصيتين طويلتين يوصي بهما نقيب الطفيليين ولي عهده: إحداهما من إنشاء أبي اسحق إبراهيم بن هلال الصابي الأديب المعروف، والثانية من إنشاء المولى تاج الدين عبد الباقي بن عبد المجيد اليماني)
ذلك ما قال أحمد أمين، وهو بما قال رهين
فهل يفهم هذا الرجل أن الصابي كان يجّد حين أنشأ تلك الوصية؟
لو كان أحمد أمين قرأ كتاب النثر الفني لرأى المؤلف يقول:
(ومن أظرف ما كتب على طريق الهزل والفكاهة (عهد التطفل) وهو عهد أنشأه أبو اسحق الصابي على لسان طفيلي اسمه (عليكا) كان يقع على مائدة معين الدولة بن بويه، والطريف في هذا العهد أنه يجري على نمط العهود السلطانية فيبدأ بعرض خصائص العهود إليه، ثم يعيّن المهمات التي كُتب من أجلها العهد)
إن الأدب هو (نقد الحياة) كما يقول الإفرنج، فهل يكون من الفضول في (نقد الحياة) أن يعمد كاتب مثل الصابي إلى السخرية من طائفة طفيلية كانت تعيش على هامش المجتمع في القرن الرابع؟
وهل يطلب من الكاتب أن يغفل وصف الطفيليين لئلا يقال إن أدبه أدب معدة؟
وما قيمة الأدب إن سكت عن وصف عيوب المجتمع؟
إن العصر العباسي هو من العصور التي اشتبكت فيها النوازع الإنسانية فكثر فيه الجدل والهزل، والعفاف والمجون
فكيف يجوز أن يقف الأدب عند غاية واحدة هي وصف الجانب الرزين من المجتمع؟
إن ذلك لا يجوز إلا في ذهن رجل يجهل أن غاية الأدب هي (نقد الحياة)
أتحبون أن تعرفوا من أين وصل الخطأ إلى الأستاذ أحمد أمين؟ وصل إليه الخطأ من التلمذة للأستاذ الكبير الدكتور طه حسين، فقد حكم الدكتور طه بأن العصر العباسي عصر شك ومجون، لأن فيه عصابة مشهورة بالزيغ والفسق، وهي جماعة أبي نواس ومطيع بن إياس، مع أن العصر الذي عرف أمثال هذين الرجلين هو نفسه العصر الذي نبغ فيه كبار الفقهاء والنساك والزهاد، وهو الذي بلغ فيه الفكر العربي غاية الغايات في فهم أصول الفلسفة وأصول الأخلاق
فهل خطر في بال أحمد أمين أن العصر العباسي لا يصح الحكم عليه بإيثار المعدة وإغفال الروح من أجل كلمة أو كلمات في وصف الاحتيال على الطعام والشراب؟
تذكّر يا أستاذ أمين أنك أستاذ مسئول، وتذكّر أنك بالفعل رجل محترم، ولأغلاطك تأثير سيئ في تلاميذك، وفيمن يثقون بك فيأخذون عنك بلا مراجعة ولا تدقيق.
تذكر، يا أستاذ، أن للدنيا آفاقاً أوسع مما تظن، وأن من واجب الأديب أن يتعقب بالوصف تلك الآفاق.
تذكّر أننا قد نطالبك بوصف زمانك، وفيه (طفيليون) يتقربون إليك بتجريح الرجل الذي يواجهك بكلمة الحق، وأنت تعرف ما أعني ومن أعني.
تذكّر، أن من العيب أن تقول إنك نظرت في الأدب العربي فوجدته (ينحدر مع التاريخ شيئاً فشيئاً ليكون أدب معدة)، وأنت تعرف بلا ريب أن من ذكرتهم من الأدباء لم يكونوا يصورون إلا بعض الجوانب من الحياة الاجتماعية.
وهل غاب عنك أن العصر الذي جعلته يعيش من أجل المعدة هو نفسه العصر الذي نشأ فيه أبو طالب المكي وأبو حامد الغزالي وجار الله الزمخشري، وهو نفسه العصر الذي نبغ فيه ابن مسكويه والحلاج والجيلي إخوان الصفاء؟
أنت رجل فاضل فيما أعتقد وفيما يعتقد عارفوك، فأنت أستاذ على جانب عظيم من أدب النفس، وقد أنصفتُك مرات كثيرة في مؤلفاتي، فمن جنايتك على نفسك أن ترتجل في مواطن لا ينفع فيها الارتجال.
أما بعد فقد دعانا كثير من الزملاء إلى نقض ما كتبه الأستاذ أحمد أمين عن جناية الأدب الجاهلي على الأدب العربي.
ونجيب بأننا سنؤدي هذا الواجب بعد أن نشرب معه فنجاناً من قهوة أبي الفضل على شوا طي الإسكندرية، الإسكندرية الجميلة التي لم يخلق الله مثلها في البلاد.
وهنالك، على شاطئ البحر، وفي رعاية الألوف من أسراب الملاح، سأصاول صديقي أحمد أمين
(للحديث شجون)
زكي مبارك