مجلة الرسالة/العدد 305/هتلر
→ من برجنا العاجي | مجلة الرسالة - العدد 305 هتلر [[مؤلف:|]] |
صلوات فكر ← |
بتاريخ: 08 - 05 - 1939 |
لأستاذ جليل
لو رام اليوم جرماني مشغوف بهتلر أن ينشئ كتاباً كبيراً في تقريظ إمامه وزعيمه جاهداً نفسه متنوقاً محتفلاً في كلامه مستنجداً ببلاغة غوته - ما استطاعَ عندي أن يأتي في كتاب بمثل الذي قاله أبو تمام في بيت. وسأروي بيت حبيب وأبياتاً ثلاثة قبله، والشاهد هو، وتلكم مقدمات نفيسات. قال ابن أوس الغواصي على المعاني:
قد علمنا أن ليس إلا بشق النفس ... صار (العظيم) يدعى (عظيما)
طلب المجد يورث المرء خبلا ... وهموماً تقضقض الحيزوما
فتراه وهو الخليّ شجيّا ... وتراه وهو الصحيح سقيما
تميته العلا فليس يَعُد البؤس ... بؤساً ولا النعيم نعيما
وإن امرؤاً ترك في الدنيا هذا الدويّ وبلغ بنفسه الكبيرة ما بلغ (من الرفش إلى العرش) لعظيم حق عظيم، كل العظيم
عطست بأنف شامخ وتناولت ... يداي الثريا قاعداً غير قائم
وإذا تذكر الهر الفوهرر صيور غشمشمين مخاطرين مثل نونابرته - كما يسميه الجبرتي - وغليوم نزيل هولاندة، وتدبر قول المهلب بن أبي صفرة، الجملة الأولى منه: (الإقدام على الهلكة تغرير، والإحجام عن الفرصة جبن شديد) ونال بالتهويل وبالوعيد، بالكلام لا بالمدفع والحسام أمانيه، وفارق الدنيا دون أن يحرقها ويحرق الإنكليز والفرنسيين وصحبه الطليان ويحترق - فإذا تذكر وتدبر وقام اللسان مقام السنان كان فوق الرجل العظيم، كان (والله) عجيبة، كان نبي الجرمان، على أنه اليوم نبي القوم
وإني لأنوه به تنويهاً لبطولته وعظمته وإن شتم الشتامة وقال في أجناس الناس غير الحق. إنه من قادة الأمم العظماء، لا من الباحثين الفاحصين العلماء، وإن جهل ألماني أو غير ألماني أصوله الكريمة وأعراقه الدساسة. . . فليرجع إلى كتاب الأنساب لغير السمعاني، وليقرأ مؤلفات الأستاذ أرنست هيكل العالم الجريء الجرماني، حتى يعرف متغطرس منتفخ من هو، ومن جده وأبوه
إن هتلر من الزعماء لا من العلماء، فقوله في الأصل والفصل والجنس والنوع هراء بهرج، المحقق لا يقوله
وإنه والله يا أخا العرب، على العلات لعظيم أي عظيم
ولقد ذكرتني خلائق في ابن هتلر: إخلاصهُ وزهده وبطولته، بأبطال كرام عظيمين من العربيين والمسلمين السابقين سادة الدنيا وهداة العالمين
محمد! أبعث لنا واحداً من مثلهم، واحداً من مثلهم!
(الإسكندرية)
(* * *)