الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 301/نقل الأديب

مجلة الرسالة/العدد 301/نقل الأديب

بتاريخ: 10 - 04 - 1939


للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

371 - من حق الفتوة أن أكتبها قائماً

قال الكراني: حرّم بعض الأمراء بالكوفة بيع الخمر على خماري الحيرة، وركب فكسر نبيذهم، فجاء بكر بن خارجة يشرب عندهم على عادته، فرأى الخمر مصبوبة في الرحاب والطرق فبكى طويلاً وقال:

يا لقومي لما جنى السلطان ... لا يكوننْ لما أهان، الهوان

فهوة في التراب ممن حلب الكرم (م) ... عقاراً كأنها الزعفران

فهوة في مكان سوء لقد صادف (م) ... سعدَ السعود ذاك المكان

كيف صبري عن بعض نفسي وهل يصبر ... عن بعض نفسه الإنسان

قال: فأنشدتها الجاحظ فقال: إن من حق الفتوة أن أكتب هذه الأبيات قائماً، وما أقدر ذلك إلا أن تعمدني - وقد كان تقوس - فعمَدته، فقام فكتبها قائماً. . .

372 - حولها ندندق

في (مجمع الأمثال): قاله - أي هذا المثل: حولها نُدندن - (ﷺ) لأعرابي قال: إنما أسأل الله الجنة فأما دندنتك ودندنة معاذ فلا أحسنها

الدندنة أن يتكلم الرجل بالكلام تسمع نغمته، ولا تفهمه عنه لأنه يخفيه. أراد (ﷺ) أن ما تسمعه منا هو من أجل الجنة أيضاً.

373 - وكفى الله المؤمنين القتال

في (تاريخ ابن عساكر والنجوم الزاهرة): كان المتوكل قد ولى على أهل دمشق سالم بن حامد، فأذل قوماً بها كان بينه وبينهم طائلة ودماء، وكان لبني بيهس وجماعة من قريش دمشق قوة ووجاهة ومنعة وكلمة مقبولة، فلما رأوا كثرة تعدي سالم وجوره وأذيته وثبوا عليه فقتلوه على باب الخضراء بدمشق في يوم جمعة (سنة 236) وبلغ ذلك المتوكل فندب لإمرة دمشق أفريدون التركي وسيره إليها، وكان فاتكاً ظالماً، فقدم في سبعة آلاف فارس وثلاثة آلاف راجل، وأباح له المتوكل القتل بدمشق والنهب ثلاث ساعات!!! نزل أفريدو بيت لهيا، فلما اصبح قال: يا دمشق، أيش لا يحل بك مني في يومي هذا؟! ثم طلب الركوب فقدمت له بغلة فضربته بالزوج على فؤاده فسقط من ساعته ميتاً، فدفن مكانه، وقطع الله أمله، وصار حديثاً ومثلاً، ورجع الجيش إلى العراق خائباً. وبلغ المتوكل ذلك، فصلحت نيته لأهل دمشق

374 - أدب النفس

في (الاقتضاب في شرح أدب الكتاب) للبطليوسي:

المتأدب أحوج إلى تأديب أخلاقه من تأديب لسانه وذلك أنك تجد من العامة الذين لم ينظروا في شيء من الأدب من هو حسن اللقاء، جميل المعاملة، حلو الشمائل، مكرم لجليسه، وتجد في ذوي الأدب من أفنى دهره في القراءة والنظر وهو مع ذلك قبيح اللقاء سيئ المعاملة، جافي الشمائل، غليظ الطبع، ولذلك قيل: الأدب نوعان: أدب خبرة، وأدب عشرة وقال الشاعر:

يا سائلي عن أدب الخبرة ... أحسن منه أدب العشرة

375 - إلا الأنبياء

قال القاضي أبو يوسف عبد السلام القزويني: قال لي المعري:

لهم أهج أحداً قط

فقلت له: صدقت إلا الأنبياء عليهم السلام. . .

376 - أن الإزار على ما ضم محسود

في (العقد): خرج أبو السائب وابن أبي يوماً يتنزهان في بعض نواحي مكة فمال أبو السائب لأمر وعليه طويلته فانصرف دونها. فقال له أبن أبي عتيق: ما فعلت طويلتك؟ قال؟: ذكرت قول كثيّر:

أرى الإزار على لبنى فأحسده=إن الإزار على ما ضم محسود!

فتصدقتُ بها على الشيطان الذي أجرى هذا البيت على لسانه. فأخذ ابن أبي عتيق طويلته فرمى بها وقال: أتسبقني إلى برّ الشيطان؟!. . .

377 - كريح المسك فاح بلا دخان في (ذيل ثمرات الأوراق) لإبراهيم الأحدب: يحكى أن شهاب الدين الخفاجي المصري شرب الدخان هو وجماعة، فاعترض عليهم شيخي زاده، فكتب له الشهاب:

إذا شرب الدخان فلا تلمني ... وُجدْ بالعفو يا روض الأماني

تريد مهذباً لا عيب فيه ... وهل عود يفوح بلا دخان؟

فأجابه شيخي أفندي:

إذا شرب الدخان فلا تلمني ... على لومي لأبناء الزمان

أريد مهذباً من غير ذنب ... كريح المسك فاح بلا دخان

378 - أرسلت نفسي على سجيتها

في (تاريخ بغداد). قال اسحق الموصلي: أتيت محمد بن كناسة لأكتب عنه فكثر عليه أصحاب الحديث فتضجر بهم وتجهمهم، فلما انصرفوا عنه دنوت منه، فهش إلي، واستبشر بي، وبسط من وجهه فقلت له: لقد تعجبت من تفاوت حاليك، فقال لي:

أضجرني هؤلاء بسوء آدابهم، فلما جئتني أنت انبسطت إليك وأنشدتك، وقد حضرني في هذا المعنى بيتان وهما:

فيَّ انقباض وحشمة فإذا ... صادفت أهل الوفاء والكرم

أرسلت نفسي على سجيتها ... وقلت ما قلت غير محتشم

فقلت له: وددت (والله) أن هذين البيتين لي بنصف ما أملك، فقال: قد وفد عليك مالك، والله ما سمعها أحد وما قلتها إلا الساعة. فقلت له: فكيف لي بعلم نفسي أنهما ليسا لي

379 - لو تركته لأورثك السل

روى ابن الجوزي: أنشد رجل أبا عثمان المازني شعراً له، فقال: كيف تراه؟

قال: أراك قد عملت عملاً بإخراج هذا من جوفك، لأنك لو تركته لأورثك السل

380 - دين سوء يدور مع الدول

قال إبراهيم بن عبد الله الكَجَّي: قلت للبحتري: ويحك! أتقول في قصيدتك التي مدحت بها أبا سعيد:

يرمون خالقهم بأقبح فعلهم ... ويحرمون كلامه المخلوة أصرت قَدَرياً معتزلياً؟

فقال لي: كان هذا ديني في أيام (الواثق) ثم نزعت عنه في أيام (المتوكل)

فقلت: يا أبا عبادة، هذا دين سوء يدور مع الدول. . .