مجلة الرسالة/العدد 297/رسالة أمير المؤمنين الفاروق إلى الشباب
→ ../ | مجلة الرسالة - العدد 297 رسالة أمير المؤمنين الفاروق إلى الشباب [[مؤلف:|]] |
براعة استهلال العام ← |
بتاريخ: 13 - 03 - 1939 |
شعبي العزيز
أحببت ونحن نستقبل العام الهجري الجديد، أن أهنئكم والعالم الإسلامي بهذا العيد السعيد، مبتهلاً إلى الله أن يجعله عام خير وسلام وإقبال على الجميع، وأن يقرنه بتوفيق الجد، وبلوغ القصد.
إن هذا اليوم الذي يتمثل فيه أمامنا حادث الهجرة العظيم بما فيه من العظة البالغة، والمعاني السامية، وبما كان له من الأثر الخالد في بث روح الفضيلة والإخاء والمغامرة في سبيل الحق، ليستحق منا تمجيده بالعمل الصالح والتوجيه النافع لخير الإنسانية.
وإني ليطيب لي أن أشير إلى ما سيتم بإذن الله وجميل رعايته في مستهل هذا العام المبارك من عقد أواصر المصاهرة، بين الأسرتين الكريمتين في إيران ومصر، مما يزيد في إحكام روابط الإخاء والمودة بين الشعبين، فوق ما يربطهما من الصلات الأدبية والثقافية منذ القدم
شعبي العزيز
لم أتحدث إليكم قبل اليوم عن نفسي، وكنت أعد ذلك من سبق الحوادث؛ ولكن هذه الفرصة قد أتاحت لي أن أتحدث إليكم قليلاً في ذلك فتزدادوا معرفة بي، وركوناً إليّ
إن سر النجاح هو الثقة والإيمان. ومن لا ثقة به ولا إيمان له لا رجاء فيه. فعلى الذين وثقوا بي أن يعتمدوا عليّ، إذ في ذلك كل الخير لهم
إنني مع إعجابي العظيم بوالدي - طيب الله ثراه وتغمده برحمته - قد أكون قد حالفته في بعض طباعه، ولكني أؤكد أنني قد احتفظت بأبرز هذه الطباع. فأنا مثله لا يستطيع أن يؤثر فيّ أحد إذا تبنيت صواب أمر واعتقدت - بعد تقليب وجوه الرأي - أنه في صالح شعبي أفراداً وجماعات
وإن ثقتي بنفسي، وتوكلي على الله، هو الذي يلهمني تصريف الأمور، ويوجهني الوجهة التي اختارها
بيد أن هذا لا يمنع أن أستمع لآراء ذوي الخبرة من الرجال، شأن كل إنسان يتحرى وجوه الصواب
إنني أومن - ومرُّ الأيام يؤيد إيماني - أن شباب مصر المتوثبة للمجد سيكتبون صفحة خالدة في تاريخ الوطن. وفي استطاعتهم أن يصنعوا من هذا الوطن العزيز مصر العظ المتحدة التي هي آمالنا وأحلامنا جميعاً وعلى الشباب وحده تحقيق هذا الحلم.
ولكن انتبهوا؛ فالطريقة التي تتبعونها لا تحقق أملنا هذا. ولابد من العمل المتواصل في جو يسوده الهدوء والإفادة من الرؤوس الناضجة واحترام النظام.
وليكن هدفكم سعادة المجتمع ومصر القوية، القوية في نفسها، وفي أبنائها، والمستعدة لإعلاء كلمتها، وفرض احترامها على من يعبث بعزتها
شعبي المحبوب!
كم كنت أحب أنكم بعد أن سمعتم هذه الكلمات تذكرونها ليرجع إليها كل منكم بين الوقت ولآخر، حتى لا تأتي عليها يد النسيان
ونصيحتي التي أسديها إلى كل مصري مخلص لوطنه ومليكه: أن يكون ذا ثقة بالله وبنفسه وبمليكه.
والسلام عليكم ورحمة الله