الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 280/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 280/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 280
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 14 - 11 - 1938


معرض (بونابرت في مصر)

أقيم في متحف (الأورانجري) بحديقة (التويلري) في باريس معرض يحتوي على أهم ما له علاقة بالجنرال بونابرت قائد الحملة الفرنسية في مصر. وقد كثر إقبال زائري هذا المعرض لمشاهدة الصور والتماثيل ورسائل قائد الحملة، وقد خطها بيده، ورسوم الضباط والعلماء والفنيين الذين رافقوا الحملة. ويرى زائر المعرض أيضاً رسوم المماليك وملابسهم وسروج خيولهم وسلاحهم الثمين، كالطبنجات، والغدارات التي يضعونها في مناطقهم أو على جوانب سروج خيلهم، واليطقان، والسيف المدلى من السرج. وكان نصل السيف ماضياً يؤثر تأثيراً شديداً في المضروب به، وقد قال (لاري) كبير أطباء الحملة إنه رأى للمرة الأولى في حياته، في موقعة الصالحية، تأثير سيوف المماليك: فكثيرون من الجرحى كانوا قد فقدوا أعضاءهم كلها أو جانباً كبيراً منها بضربة سيف

وكان للماليك أربعة وعشرون قائداً يحمل كل منهم (بيرقاً) كان الصدر الأعظم التركي أو حاكم مصر يسلمه إليه حينما ينعم عليه بلقب (بك)

وفي المعرض نماذج من تلك (البيارق) ويعلو كل بيرق كرة مذهبة أو صفيحة معدنية عليها كتابة. ويعلق في عصا البيرق الطويلة أذناب الخيل. وكان عدد تلك الأذناب يدل على أهمية المنصب عند الأتراك في ذلك العهد

وفي المعرض صورة كبيرة تمثل معركة الأهرام ويرى الناظر فيها السيوف المصلتة وغلافاتها والغدارات والخيول وسروجها والبيارق وغير ذلك تغطي وجه الأرض، وقد كانت تلك المعركة قاضية على سلطة المماليك في مصر والنظام الذي وضعه فيها السلطان سليم الأول العثماني من نحو ثلاثمائة سنة

كتابة التوراة والإنجيل وأوراق البردي المصرية

ألقى السير فريدريك كنيون محاضرة ألقت ضوءاً جديداً على تاريخ كتابة التوراة وذلك بفضل اكتشاف أوراق البردي في مصر. ومصر هي الدولة الوحيدة التي أمكنها الاحتفاظ بهذه الأوراق السريعة التلف

وقال المحاضر إن الآثار المهمة التي يرجع إليها في تحديد تاريخ كتابة التوراة اكتشفت سنة 1881. ولكن منذ ثلاثة أعوام كان شاب من طلبة العلم يبحث في مكتبة رايلندز في مدينة منشستر فعثر على مجموعة أوراق من البردي تركت في مكانها نحو ثلاثين أو أربعين عاماً. ودقق فيها فوجد بينها قطعة صغيرة تحتوي على بضع آيات من إنجيل القديس يوحنا مكتوبة في النصف الأول من القرن الثاني للميلاد

ولو أن هذه الورقة الصغيرة وجدت قبل خمسين عاماً لوضعت وقتئذ حدا لخلاف شديد كان ناشباً في شأن التاريخ الذي كتب هذا الإنجيل فيه. فهي تدل على أن هذا الإنجيل كان منتشراً في قرية ريفية صغيرة من قرى مصر سنة 140

وعثر الطالب نفسه سنة 1936 على أقدم قطعة معروفة من التوراة ممزقة من السفر الخامس من أسفار موسى كتبت في القرن الثاني قبل المسيح

فهذه الاكتشافات وأمثالها قربت إلى حد محسوس الشقة بين التواريخ التي كتبت فيها أسفار التوراة وتواريخ أقدم المخطوطات الموجودة منها

أسبوع الكتاب الألماني

خطب الدكتور غوبلز وزير الدعاية في فبمار بمناسبة (أسبوع الكتاب الألماني) ومما قاله إن مبيعات دور الطباعة والنشر في ألمانيا في خلال السنة الماضية زادت مرة أخرى وبلغت هذه الزيادة 11. 2 في الكتب العلمية و 4 للكتب الأدبية. صدر في الأشهر الستة الأولى من هذه السنة 3852 كتاباً (في سنة 1937، 2327 كتاباً) فتكون الزيادة 65 , 8 في المائة ويوجد في ألمانيا الآن نحو 4 آلاف مكتبة في المعامل. ثم أعلن الدكتور غوبلز إنشاء صندوق معاشات للمؤلفين الألمان وقال إنه سينظم معرض عظيم للكتب بعد وقت قصير

بين الرافعي والكرملي

جاء في كتاب الأستاذ الكرملي إلى المرحوم الرافعي الذي نشره الأستاذ العريان في الرسالة مسائل يستفتيه فيها وطلب إلى القراء أن ينشروا ما يرون من رأي فيها ولعله يأذن لي أن أقول شيئاً في بعضها. . . قال الأستاذ الكرملي: في صفحة 8 ورد ذكر (المصنع) والعرب لم تنطق به، على أن القياس لا يمنعه ألا يتخذ الكاتب البليغ الكلمة التي جرت على أسلات السلف وهي (الطراز)؟

والذي أرى أن الكلمة التي هي أولى أن يتخذها الكاتب البليغ وجرت أيضاً على أسلات السلف هي كلمة (المعتمل) فقد جاء في فتح الباري على البخاري للعلامة ابن حجر في الجزء الثاني ص10. . . أنه سمع أبا سعيد الخدري يحدث أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: أرأيت لو أن رجلاً كان له معتمل وبين منزله ومعتمله خمسة أنهار فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله فأصابه وسخ أو عرق فكلما مر بنهر اغتسل منه الحديث. . . فالمصنع لم تنطق به العرب والطراز لا يدل إلا على الموضع الذي تنسج فيه الثياب الجديدة ليس غير، أما المواضع التي تصنع فيها أشياء أخرى غير الثياب فلا يطلق عليها الطراز إلا على سبيل التوسع والتجوز.

أما (المعتمل) فهو يشمل كل المواضع التي يعمل فيها (العامل).

وقال الأستاذ الكرملي أيضاً: وفي تلك الصفحة: (تراها - أي الطاقات - عطرة بيضاء) وأنا لم أجد إلى الآن في شعر أو نثر من وصف جمعاً مؤنثاً سالماً لعاقل أو لغير عاقل بوصف مفرد مؤنث. . الخ. أقول إن هذا السؤال قد أجاب عنه الرافعي قبل أن طبع كتابه وحي القلم فقد جاء في مقالته لحوم البحر. . وترد الأمواج نقية بيضاء كأنها عمائم العلماء) علق على هذه الجملة في الهامش قال: يرى بعضهم أن مثل هذا الوصف خطأ، وأن الصواب أن يقال (بيض)، ولسنا من هذا الرأي وقد غلط فيه المبرد ومن تابعوه لغفلتهم عن السر في بلاغة الاستعمال مرة في الوصف بالمفرد ومرة في الوصف بالجمع أنظر (الرسالة سنة ثانية ص1487)

(الرشيدي)

برنردشو والمدارس والتعليم

وجهت مجلة عالم المدرسين الإنجليزية استفتاء عاماً إلى عظماء رجال الفكر في إنجلترا عن المدارس والتعليم وما إليها من شئون وحصرت الاستفتاء في تسعة أسئلة تسلمت إجابة (شو) عنها فكانت إجابة عجيبة صريحة لا تصدر إلا عن شيخ الأدباء الفتيّ الجبار الذي يزدري كل شيء في العالم ولا يعجب بأي شيء. سئل شو عما يقدر اليوم أكثر من حياته المدرسية أو الجامعية الماضية فأجاب في بساطة وسخرية: لا شيء. فقيل له: وماذا تأسف عليه من هذه الحياة؟ فقال إنه لا يأسف إلا على ذهابه إلى المدرسة أو الكلية؟!

وسئل عما إذا كان أحد من مدرسيه قد أثر فيه فوجهه إلى الخير أو الشر؟ فنفى أن يكون أحد منهم قد ترك أثره فيه وأنهم لم يكونوا يحبونه مطلقاً ولم يكونوا يفقهون من وسائل التربية السيكلوجية كثيراً ولا قليلاً

وسئل عن الكتب التي تركت طابعها في نفسه أكثر من غيرها في طور طفولته، فذكر أنه قرأ كل ما تيسر له من الكتب إلا كتب الأطفال التي كان يمقتها، ثم أورد الكتب التي ما يزال صداها يملأ ذاكرته فكانت ثلاثة هي رحلة الحاج لجون بنيان وألف ليلة وليلة وروبنسون كروزو

ونفى في سؤال رابع أن يكون لفئة المدرسين في هذا العصر طابع خاص يلفت إليهم النظر، ويميزهم من سواهم من سائر الناس. ثم أجاب عن شطر آخر من السؤال، فقال إن المدرس سجان برغمه للأطفال الشياطين يحبسهم سحابة النهار حتى لا يصيبوا أمهاتهم بالجنون.

وسئل عن الجمع بين الجنسين في التعليم إلى سن الرابعة عشرة ثم ما بين الرابعة عشرة والثامنة عشرة، هل هو مع الجمع أو هو ضده؟ فقال إنه لا يصلح للحكم في هذه المسألة على أنه لا يرى في الجمع أي بأس لاسيما للأبناء الذين ليس لهم أخوات والبنات اللاتي ليس لهن اخوة

وسئل عما يلاحظ في شباب هذا الجيل من الفظاظة والكسل وانعدام روح المجازفة، فاعترف بكل ذلك، لكنه فضل شباب هذا الجيل من هذه الوجهات على شباب عصره، بل فضلهم على نفسه هو حينما كان طفلاً وشاباً

وسئل عن هذه الفروع المملة من التعليم والتي لا تسيغها نفوس التلاميذ: هل ينبغي مع ذاك أن تكون جزءاً مما يفرض عليهم تعلمه؟ فقال: (حسن! وهل يسيغ أحد من التلاميذ جدول الضرب مع شدة لزومه؟). ثم أوصى بوجوب إثارة الرغبة في نفس التلميذ ليحفظ الجدول وما شابهه وإفهامه أنه بدون هذا الجدول لا يستطيع أن يتصرف في النقود التي يعطيها له أبوه لينفقها وإلا يبعثرها هباء؛ وبهذا يقبل الطفل على كل صعب مملول فيحفظه بدافع الرغبة لا بدافع الرهبة والخوف من العقاب

وسئل عما عسى أن تكسبه الأمة أو تخسره في حالتي تعميم المدرسة الابتدائية أو المدرسة الأولية كخطوة أولى لتعليم الطفل. ويظهر أن (شو) أميل إلى تعميم المدرسة الابتدائية لأن هناك (نهاية صغرى) من المعلومات التي يجب تلقينها للأطفال لا يمكن ولا يصح بأي حال أن ينقص منها شيء ماداموا سيحيون في جماعة إنسانية متمدينة

وبقي السؤال الرابع. . . وهو أعجب الأسئلة كلها لأنه يتعلق بالخط! وهل من المهم أن يكون فرعاً من فروع التعليم المدرسي قائماً بذاته؟ وقد حتم (شو) أن يكون الخط كذلك. غير أنه رأى أن تزود المدارس بصور من خط ميكائيل أنجلو ليضاهي التلاميذ خطوطهم بها. . . وهذا ما لم نفهمه من (شو) فخط أنجلو لا يصلح مطلقاً أن يكون خطا لأبناء هذا الجيل من الكاتبين بالحروف اللاتينية، وكان الأجدر به أن يحتم تدريس الخط كفرع من فروع التعليم المدرسي وحسب