مجلة الرسالة/العدد 274/البريد الأدبي
→ وحي الشاعرية | مجلة الرسالة - العدد 274 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتُب ← |
بتاريخ: 03 - 10 - 1938 |
القصص في الأدب العربي الحديث
لقد سبق لي أن حدثت قراء (الرسالة) عن المستشرق الفرنسي (هنري
بيريس) يوم وصفت كتابه (أسبانية في أعين الرحالين المسلمين).
واليوم أخرج هذا المستشرق المشتغل بالأدب العربي الحديث رسالة
إضافية في القصص عندنا، وقد نشرها في مجلة معهد الدراسات
الشرقية لكلية الآداب في جامعة الجزائر (الجزء الثالث، سنة 1937
ص1 - ص72)
وللرسالة مقدمة حسنة على قصرها عرض فيها المؤلف نشأة القصة في أدبنا الحديث وارتقائها. فقال فيما قال: إن فن القصة انحدر إلى الشرق العربي من جانب الغرب وإن فارس الشدياق صاحب (الساق على الساق) كان أول من نبذ (المقامة) متأثراً بما وقع إليه من قصص الفرنسيين ولإنجليز. وهنا أشار المؤلف إلى ما صنعه اللبنانيون والسوريون النازحون إلى مصر في سبيل القصة أول أمرها، فذكر سليم الشلفون وأديب اسحق وجرجي زيدان، ولم يفته أن يذكر رفاعة الطهطاوي الذي نقل رواية (تليماك) من الفرنسية إلى العربية فطبعت في بيروت عشرين سنة بعد كتابتها. ثم انتقل إلى عهد المويلحي والمنفلوطي فتكلم على انعطاف القصة نحو الروح المصرية. ثم انتهى عند عهدنا هذا فنوه بخروج القصة من حيز الترجمة والنقل والتقليد إلى حيز الإنشاء والإبداع. ثم أخذ يعدد مجلاتنا الأدبية التي تنشر فيها القصص. ثم رتب أنواع القصص فذكر النوع الابتداعي والواقعي والطبيعي والرمزي والتاريخي والنفساني و (البوليسي)
ومما غاب عن المؤلف فيما أظن أنه أغفل تراثنا القصصي فلم يحاول أن يرد إليه بعض ما يجري في قصصنا (من ذلك (على هامش السيرة) لطه حسين و (شهرزاد) لتوفيق الحكيم فضلاً عن روايات زيدان ومسرحيات شوقي) وأنه أهمل قصصنا الشعبي ففاته أن يتلمسه في طائفة من القصص (من ذلك أقاصيص لجبران خليل حبران وأخرى لميخائيل نعيمة و (يحكى أن) لطاهر لاشين) ويلي المقدمة ثبت أسماء المؤلفين وعناوين القصص على طريقة علمية قوية. والثبت على أربعة أبواب:
الباب الأول: ما ألف في الأدب العربي الحديث عامة، في العربية واللغات الإفرنجية
الباب الثاني: ما ألف في فن القصة، في العربية واللغات الإفرنجية
الباب الثالث: القصص والأقاصيص المنقولة من اللغة الفرنسية إلى العربية
الباب الرابع: القصص والأقاصيص المؤلفة باللغة العربية في القرن التاسع عشر والعشرين
وجل ما يؤخذ على هذا التثبت الدقيق الجامع أن صاحبه لم يرتب الأسماء حسب حروف المعجم
هذا ولعل الأستاذ (هنري بيرس) يواصل عمله النفيس إذ في نيته أن يثبت المقدمات التي يصنعا القصصيون لقصصهم مع النظر فيها وأن يتعقب ألوان الكتب وأنواع التأليف التي سارت في الشرق العربي سنة 1930
(باريس)
بشر فارس
الحركة النسوية في ألمانيا
تعمد ألمانيا الهتلرية إلى توفير أسباب الحياة والراحة للألمان فكان من أثر ذلك حركتها ضد اليهود، ثم نزعتها الأخيرة إلى إقحام مسائل الجنس في الوطنية، وما تدعيه من تفوق الجنس الآري وتقدمه على بقية الأجناس الأخرى في نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية، ولما كانت مسألة العطلة من أكبر المسائل التي تواجه الأمم الحديثة، فقد رأت ألمانيا أن تأخذ في الإقلال - جهد الإمكان - من النساء في الصناعات والأعمال التجارية حتى لا يكنّ مزاحماً خطراً للرجال، غير أن الواقع هو أن عددهن يزداد يوماً بعد يوم في دائرة الأعمال، وقد ذكرت ذلك جريدة سويسرية فقالت (إن أهم ما تعنى به ألمانيا الحديثة في تربية نسائها تربية سياسية هو طبع الفتيات بروح الحركة الاشتراكية الوطنية، وعدتها في ذلك الرياضة الذهنية والجسمية، تلك هي أسس جمعية البنات الألمانية ? وتقوم تربيتهن في هذه المؤسسة على أساسين، إحداهما يجعل منها امرأة اشتراكية، تعرف كيف تسوس أمور الدولة إن دعت الحال إلى ذلك، والثاني يعدها لأن تكون أُما قوية البنيان، عبلة القوى، لتنتج (الإنسان الكامل) للوطن؛ ويبدأ انخراط الفتيات في هذه الجمعية منذ بلوغهن السادسة عشرة من عمرهن، فمن أظهرت مقدرة وكفاءة في تشرب مبادئ الجمعية منحت شارة فضية، وهي دليل التفوق الفكري والسياسي، ويعقد لهن كل أسبوع اجتماع ليلي يشرح لهن فيه تطور السياسة في الداخل والخارج، ونصيب ألمانيا من ذلك كله. ولقد أعلن أخيراً (الهرفون شبراخ) زعيم شباب الريخ وجوب اشتراك كل فتاة يتراوح سنها بين 17، 21 سنة في جماعة القوة والجمال) والغرض المنشود منه هو تربيتهن تربية جثمانيه قوامها الرياضة والرقص، وتعليمهن أصول الصحة، وقصارى القول إن مرماه إيجاد جيل نسوي جديد، قوي البنيان، جميل المنظر معتد بنفسه واثق بها.
وفي خلال هذه المدة تتلقى الفتاة نوعاً من التعليم الإجباري في المعسكرات التي أوجدت ألمانيا منها أكثر من ستمائة معسكر في ثلاثة عشرة بلدة، يعشن فيها عيشة خشنة، ويمارسن أشق الألعاب.
وعلى الرغم من أن ألمانيا النازية ترى أن مكان المرأة الأول هو البيت، إلا أنهنَّ ينافسن الرجال في كثير من الأعمال، حتى لقد بلغ عددهن اليوم قرابة 25. 5 % فيما يختص بالفتيات الناشئات، أما الأمهات وسيدات الجيل الماضي، فقد أوجدت لهن ألمانيا (اتحاد وهو بجانب تحبيب النازية إليهنَّ، يقوم بتعليمهن الحياكة والحضانة وشؤون المنزل ورعاية الطفل
نور الدين وصلاح الدين في فلسطين
نشرت جريدة (النهار) في بيروت مقالة بعنوان (إلى الأستاذ إسعاف النشاشيبي) أشارت فيها إلى ما نشرته (الرسالة) في عنوان (من أمين الريحاني إلى محمد إسعاف النشاشيبي) وذكرت - مطنبة - تحية الأستاذ الريحاني، وبكاء الأستاذ النشاشيبي واستنجاده بسيد المرسلين، وبكت متأثرة معه، ومما جاء في تلك المقالة: (إنني كل يوم أرى المجاهدين يخطون بدمائهم حطيناً جديدة، وكل ساعة أرى بينهم نور الدين، وصلاح الدين وعماد الدين) الفلسفة الشرقية
قرأت في العدد 271 من مجلة (الرسالة) الغراء ذلك المقال القيم الذي كتبه حضرة الأديب السيد أحمد صقر عن كتابنا (الفلسفة الشرقية) فسررت من قراءة هذا المقال سروراً عظيماً ولكن، لا لما قد يتبادر إلى ذهن القارئ للوهلة الأولى من أن مبعث هذا السرور هو ثناء مستفيض على الكتاب ومؤلفه وإنما مبعثه هو ما ظهر لي من خلال المقال من أن كاتبه لم يكتبه إلا بعد أن طالع الكتاب في دقة وتمعن
غير أن لنا بعد هذا ملاحظة وجيزة على ذلك المقال نحب أن نسجلها هنا وصفاً للحقيقة العلمية في نصابها
قال كاتب المقال: إني ذهبت إلى أني كنت أول من أثبت بالأدلة القاطعة سذاجة (أرسطو) وأذنابه في دعواهم أن الفلسفة نشأت للمرة الأولى في إيونيا في القرن السادس قبل المسيح، وأن أول فيلسوف في الدنيا هو تاليس المليتي ثم علق على هذا بقوله: (والحق أن هذا الإثبات قديم الميلاد وليس أدل على ذلك مما قال الدكتور عن (ديوجين لاإرس) في كتابه (حياة الفلاسفة) وأن الشرق قد سبق الغرب في النظر العقلي، وأنه كان أستاذه وملهمه. .
ويظهر أن حضرة الأديب خيل إليه أن بين العبارتين ومعارضة إذ تدل الأولى على أن مؤلف كتاب (الفلسفة الشرقية) هو الذي أثبت تأثر الفلسفة الإغريقية بالفلسفة الشرقية، بينما تنص الثانية على أن (ديوجين لاإرس) قد سبقه إلى هذا الثبات.
والحق في هذا الموضوع هو غير ذلك تماماً، إذ أن (ديوجين لاإرس) لم يزد في كتابه (حياة الفلاسفة) على أن حدثنا (حديثاً يثبت أن الشرق قد سبق الغرب إلى النظر العقلي وأنه كان أستاذه وملهمه كما هو النص حرفياً. أما نحن فقد أثبتنا هذه الدعوى بالطريقة العلمية الحديثة وهي استعراض نظريات الإغريق ومذاهبهم وإبانة مواضع تأثرها بالفلسفة الشرقية بالأدلة الناصعة التي لم تكن قد وجدت بعد في عصر (ديوجين لاإرس) وفوق ذلك فقد أتينا من نتائج البحث الحديث بطائفة من الأدلة العلمية التي تؤيد هذه الدعوى تأييداً قاطعاً، وذلك مثل اكتشافات الأستاذة المستمصرين (ماسبرو) و (لوريه) و (موريه) و (بريستيد) التي استغللتها في إثبات دعواي استغلالاً لم يتح مثله لديوجين لاإرس، ومثل نتيجة بحوث العلماء الطبعيين الذين أوضحوا الفرق الطبيعي بين الجماجم الشرقية والجماجم الإغريقية، وأتاحوا لنا الفرصة لاستنباط أن كثيراً من النظريات الإغريقية مبنية على أسس شرقية، ومثل اكتشافاتي الخاصة التي وصلت إليها بعد الموازنة الدقيقة بين كل هذه الفلسفات، إلى غير ذلك مما نستطيع أن نجزم في صراحة أن (ديوجين لاإرس) لم يوفق منه إلى شيء يذكر
وأحسب أن حديث ديوجين لاإرس الذي يستنتج منه استنتاجاً تأثر الفلسفة الإغريقية بالفلسفة الشرقية لا يساوي في نظر العلم إثباتنا هذه الدعوى بالحجج القاطعة التي لا تحتمل الجدل والتي لو وفق (ديوجين) إلى مثلها لما جرؤ (سانت - هلير) على جحود هذه الفكرة بمثل ذلك التثبت الذي ورد في مقدمة ترجمته للكون والفساد
ولهذا الفرق الذي يوجد بين طريقتنا في الإثبات وطريقة (ديوجين لاإرس) عبرنا في جانب طريقته بقولنا: (إنه حدثنا حديثاً يثبت إلى آخره) وعبرنا في جانب طريقتنا بقولنا: (إننا أثبتنا بالأدلة القاطعة إلى آخره). ولا شك أن هذا كاف في وجود الفرق بين الطريقتين.
على أن (ديوجين لاإرس) كتب ما كتب في الغرب وقد ظل المتفيهقون في الشرق يدعون عكس ما قرره. أما بعد هذه البراهين التي أدلينا بها، فلا يجادل في هذه الفكرة إلا مكابر أو جحود.
بهذه الإشارة الوجيزة يتبين أن ادعاءنا أننا أول من أثبت هذه الفكرة لا يتنافى مع نصنا على أن (ديوجين لاإرس) حدثنا هذا الحديث منذ زمن بعيد.
وأخيراً أكرر تهنئتي للأديب صقر على روح النقد الحر الذي نحن في أشد الحاجة إليه في نهضتنا الحاضرة.
الدكتور محمد غلاب
الأمالي
قال الأديب الفقيه الأستاذ داود حمدان: ما مفرد الأمالي؟
قلت: الإملاء. وقد رأيت أن أروي في (الرسالة) الغراء كلمة في أمالي السلف الصالح لملا كاتب جلبي وقولاً للشيخ إبراهيم اليازجي في هذه اللفظة ومفردها، فيه فائدة
قال الأول: (هو جمع الإملاء، وهو أن يقعد عالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس فيتكلم العالم بما فتح الله (سبحانه وتعالى) عليه من العلم، ويكتبه التلامذة فيصير كتاباً، ويسمونه الإملاء والأمالي، وكذلك كان السلف من الفقهاء والمحدثين وأهل العربية وغيرها في علومهم فاندرست لذهاب العلم والعلماء؛ وإلى الله المصير، وعلماء الشافعية يسمون مثله التعليق) ثم ذكر في مصنفه (كشف الظنون) (66) كتاباً مسمى بالأمالي، منها: (أمالي ابن الحاجب في النحو وغيره، أمالي أبن دريد في العربية لخصها السيوطي وسماها (قطف الوُرٌيد)، أمالي أبن الشجري، أمالي أبي العلاء المعري، أمالي أبي يوسف (صاحب أبي حنيفة)، أمالي بديع الزمان، أمالي جار الله الزمخشري من كل فن، أمالي الشافعي في الفقه، أمالي القالي في اللغة، أمالي الصفوة من أشعار العرب لأبي القاسم فضل بن محمد البصري، أمالي نظام الملك (الوزير العظيم العالم) في الحديث، أمالي المطلقة للسيوطي)
قال الثاني: (هناك ألفاظ لا ندري بم ننعتها. . . وذلك كقول القائل: (آمال فلكية) فجاء أول هذه الكلمة أشبه بوزن أفعال نحو آبال وآرام، وآخرها أشبه بوزن فعال المنقوص كجوارٍ وليالٍ، وهذان الضبطان لا يجتمعان في صيغة عربية. وكأن الكاتب رأى هذه اللفظة في بعض الكتب لكنه لم يعلم ما هي، فمد أولها لأنه وجد هجاءها يشبه هجاء آمال جمع أمل، ورأى آخرها منوناً تنوين الكسر فحكاه فيها، فجاءت على هذه الصورة المنكرة. وإنما هي الأمالي جمع إملاء مصدر أملي، وأصلها أماليُّ بالتشديد بعد قلب همزتها ياء، ثم حذفت إحدى الياءين جوازاً كما هو القياس في مثلها من الجموع فصارت أمالي بتخفيف الياء، وإذ ذاك عوملت معاملة جوارٍ ونحوه)
القارئ