مجلة الرسالة/العدد 262/الكتب
→ البريد الأدبي | مجلة الرسالة - العدد 262 الكتب [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 11 - 07 - 1938 |
ُتبُ
الباب المرصود
تأليف الأستاذ عمر فاخوري
من مطبوعات دار (المكشوف) - بيروت
للأستاذ محمد سعيد العريان
دأبت دار (المكشوف) على أن تنشر لقراء العربية خير ما يؤلفه أدباء لبنان في الآداب والفنون
والمكشوف كما قد يعرف قراء العربية في مصر هو جريدة أدبية يقوم على شئونها طائفة من خير أدباء لبنان، وهي لسان الجيل الجديد من أدبائه وكتابه وشعرائه
أما كتاب اليوم فهو سلسلة مقالات أنشأها منشئها الفاضل في مناسبات عدة، فلما بلغت عَّدتها أن تكون كتاباً أخرجته دار المكشوف لقراء العربية
أما الأستاذ عمر فاخوري مؤلف هذه الفصول فأديب من أدباء لبنان لا نجد ما نعرِّفه به إلى القراء إلا من قوله في بعض رسائل هذا الكتاب
(إني كثير المطالعة قليل الكتابة. وقد أوتيتُ بسطة من العيش وكثيراً من الفراغ يسَّر إلى الانصراف إلى كتبي ودفاتري، أقرأ وأقيَّد ما يعن لبالي، وقلما أغفل شاردة أو واردة لاعتقادي أنها تفيد يوماً من الأيام. ولو شئت الآن أن أعيد النظر في حياتي الماضية وأحصى ما مرَّ عليَّ من حوادث جديرة بالذكر، كي أكتب سيرتي بنفسي، لاستطعت دون عناء اختصارها في هذه الجملة الجامعة (مطالعات في زاوية بيت) فان الكتب التي طالعتها هي أعظم حوادث حياتي!)
ويبدو لي أن هذا الذي يقوله المؤلف عن نفسه هو حق؛ فإن أثر مطالعاته الشاملة المنوعة من أدب الشرق وأدب الغرب، واضح كل الوضوح فيما أنشأ من فصول هذا الكتاب، سواء في الرأي والفكرة والاتجاه العقلي، أو في أسلوب الكتابة
أما موضوع الكتاب فقد أسلفت الإشارة إليه، فهو فصول عدة كتبها كاتبها في مناسبات مختلفة بين سنتي 1926، 1937، ولكنها على طول العهد بين أجزائها تجمعها رابطة واحدة يصح أن نسميها (نظرات في الشعر من بعض نواحيه)
ويتحدث المؤلف في الفصل الأول من هذا الكتاب عن (الشاعر وأبنائه) ويعني بأبنائه: مؤلفاته، أو بنات أفكاره على ما نسميها أحياناً؛ أما الباب الثاني فيتحدث عن الباب المرصود: الباب الذي يخال الإنسان أن وراءه السعادة التي يدأب في السعي إليها
وهو في الفصل الثالث يتحدث عن (كنوز الفقراء)، الكنوز التي يتعزَّون منها بوهم الأماني في الحكايات والخرافات وأساطير الأولين. وله في هذا الفصل فكر وروح شاعرة؛ ولكن له فيه إلى ذلك حديثاً عن النبوة والأنبياء كنا نؤثر ألا ينزلق إليه، وإن كنت أومن في نفسي أنه لم يقصد إلى معنى من المعاني التي تتبادر إلى ذهن قارئه. ولكنا نحب ألا نتناول الحديث عن النبوة والأنبياء إلا بالعبارة الصريحة التي تؤدي إلى نفس قارئها غير معنى واحد
وفي حديثه عن الشعر القومي وعن صديقه الشاعر (عمر الزعني) تقرأ له رأياً في العامية والفصحى أحسب أن لا أحد من أصدقاء الوحدة العربية يوافقه عليه
وله فصل بعنوان (المرأة المجلوة والمرآة الصدئة) جمع فيه إلى رأيه آراء، وتحدث عن الصلة بين الأخلاق والفن، وعن الأسلوب والمعنى، وعن الموضوعات التي ينبغي أن يتناولها الأديب، وهو موضوع له خطره تناوله الكاتب بروح الشاب الثائر يحكم فيه الحكم (المبرم) قبل أن تجتمع له مقدماته؛ فما ينبغي أن نتحدث عن صلة الأدب والفن بالأخلاق قبل أن نتفق على الرأي في الغاية من الأدب وفي رسالة الأديب وما يعود منهما على الإنسانية. ومهما يكن الرأي في ذلك فلا جدال في أن الأمة العربية في حالها الواقع لم تنضج بعد النضج الأدبي أو الخلقي الذي يبيح لنا أن ندعو إلى ما يسمونه الأدب المكشوف، على ما قد يكون فيه - كما يقول دُعاتُه - من السمو بالآداب والفنون!
وفي الكتاب غير ذلك فصول ممتعة، خليقة بأن يجد فيها القارئ لذة وفكراً ومعرفة؛ وحسبي أن أذكر منها: العمود الهادئ، والأحلام، والشاعر في السوق. فأنها فصول جديدة في موضوعها، وقد وفِّق الكاتب في تناولها توفيقاً يدعو إلى الإعجاب. . .
أما بعد فهذا كتاب من منشورات إخواننا العرب في لبنان وما أقل ما نعرف عن أدباء لبنان وغيرها من الأقطار العربية؛ وأقل منه ما نقرأ من مؤلفاتهم ومنشوراتهم؛ على حين يعرف إخواننا في الشرق العربي من أدبائنا ويقرءون من مطبوعاتنا في مصر أكثر مما تعرف مصر نفسها عن أدبائها ومؤلفيها. وما نذكر ذلك لمعنى نفاضل به بيننا وبينهم في الأدب، ولكن لنذكر إخواننا في مصر بأن عليهم واجباً في الوفاء لإخواننا في البلاد العربية عرفوه ونسيناه، وإني لأشير إليه في هذه الكلمة اعترافاً بالحق وعرفاناً بالجميل
وإني لأشعر بكثير من السرور إذ أقدم هذا المؤلَّف إلى من يريد أن يقرأه من أدباء مصر، وإذ أعرفهم بأديب من جيراننا ينبغي أن يعرفوه ويقرءوا له؛ ولعلي بهذا أكون قد اعتذرت لإخواننا مما يظنون بنا وقمت بشيء مما علينا لإخواننا من الوفاء وعرفان الجميل
محمد سعيد العريان