الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 262/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 262/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 262
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 11 - 07 - 1938


بين العراق ومصر

سيدي الأستاذ الجليل صاحب الرسالة

لكم تألمت حين قرأت في (الأهرام) وغير الأهرام وسمعت من إخواننا

المصريين ما كتبوا وقالوا في تأويل حادث الدكتور الشهيد سيف رحمه

الله. وكم وددت أن أكتب كلمة في الموضوع أبعث بها إلى الرسالة أدفع

فيها عن العراق وأبين عن وجه الحق، ثم ظننت أن الرسالة تضيق

عن مثل ذلك صفحاتها فترددت، حتى طلعت علينا يا سيدي بمقالتك

البليغة التي قطعت قول كل كاتب وخطيب، فسرني منها ما يسرني من

كنز أقع عليه، أو أمل أصل إليه، وشكرتها لك أنا وأصحابي، شكر الله

لك سعيك وجزاك خيراً، فلقد ذدت والله عن الحق حين ذدت عن

العراق، ولقد شهدت شهادة الحق بما رأيت في العراق

وهذه شهادة أخرى، أشهدها بالله ولله، أن قد عشت في العراق سنة، كنت فيها مع التلاميذ أخاً بين إخوان، لا مدرساً بين تلاميذ، فما رأيت إلا كرماً ووداً، ووفاء وتقديراً، ورقة في الطبع وسموًّا في النفس. ولقد كنت على أن أكتب ذلك من أمد طويل، فكان يمنعني أن الناس يظنون بكل صاحب ثناء رهبة أو رغبة، وما بي رغبة ولا رهبة، وإنما بي حب العراق وإجلاله كحبي لمصر وإجلالي إياها

وأشهد لقد عرفت هذا الطالب في العام الماضي طالباً في صف البكالوريا فعرفت فيه الفتى المهذب الوديع، فلما سمعت بفعلته التي فعل، بلغ مني العجب، ولم أرد ماذا حاق به بعدي؛ ثم سألت وتحسست الأخبار فعلمت أنها صدمة (الرسوب) طارت بلبه ولم يطق عليها صبراً (والصبر عند الصدمة الأولى) وتملكته حال لو رأى معها أباه لقتله، فعزم وأمضى عزمه في لحظة واحدة فهل يلام في شرع أو عرف من ذهب اليأس بلبه فمضى يفعل فعله من غير لب؟ وهل تؤخذ بجريرته هذه الأمة الحبيبة الوفية المسلمة العربية، وهل تنسى حسناتها كلها لشبه إساءة؟

لئن يكن الفعل الذي ساء واحداً ... فأفعالها اللائى سررن ألوف

وهل لنا (نحن معشر العرب المسلمين) إلا العراق ومصر؟ هناك العروبة منشورة اللواء، وهنا الإسلام رفاف العلم، بل هنا وهناك العروبة والإسلام. لقد أسمعتنا هذه الأمة الطيبة، وهذه الحكومة العربية المسلمة، صوت الإسلام يخرج (في أسبوع المولد) من (محطة) بغداد فتتجارب به أرجاء هذه الكرة، ولقد سمعنا الكلمة من كل مصري في مصر. أفتفصم عرى هذه الأخوَّة التي عقدتها يد الله من فوق سبع سماوات فعلة شاب يائس؟ هل يمكن أن يفرق شيء بين الأمتين المسلمتين الحبيبتين، أمة الملك الصالح فاروق زين شباب المسلمين، والملك الماجد غازي فخر شباب العرب؟

لا والله، إلا أن تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟

فرحمة الله على الدكتور سيف البطل الشهيد، وعلى الطالب القاتل البريء، وعزّى الأمتين الشقيقتين، بل عزّى الأمة المسلمة (الواحدة) على ضفاف النيل وشواطئ الرافدين، وزادها عزَّا ومجداً و (اتحاداً)

(دمشق)

علي الطنطاوي

نجاح الفنانين المصريين

تلقت إدارة الفنون الجميلة بوزارة المعارف من مدير الجناح المصري بمعرض (بيينال) الدولي للفنون الجميلة المقام الآن بمدينة البندقية والذي اشتركت مصر فيه لأول مرة هذا العام - كتاباً يشير فيه إلى نجاح القسم المصري بهذا المعرض نجاحاً حمل بعض الشخصيات الأوربية على إبداء الرغبة في اقتناء بعض معروضات الفنانين المصرين المشتركين في المعرض. وطلب المدير تحقيقاً لهذه الرغبة أن يخفض الفنانون المصرين أثمان معروضاتهم حتى يتمكن من تسهيل نشر الفن المصري بين الأوساط الأوربية الراقية

ولا شك أن نجاح القسم المصري في معرض دولي يعد من أكبر معارض الفن بأوربا لمما يدعو إلى التفاؤل بمستقبل الفنانين المصريين بفضل الجهود التي تبذلها مراقبة الفنون الجميلة بوزارة المعارف

آثار حملة نابليون بونابرت

سيفتتح قريباً في قصر (التويليري) بباريس معرض لآثار حملة نابليون بونابرت على مصر. وسيضم هذا المعرض مجموعة قيمة من الوثائق الخاصة بإعداد هذه الحملة؛ وهي تدل على أن نابليون - الذي عرف كيف يجمع حوله العلماء - كان قد فكر في جميع التفاصيل المادية. ومن أمثال ذلك أنه حمل معه مطبعة لإعداد مجموعة من البيانات العلمية

وسيتضمن هذا المعرض أيضاً مجموعة من الصور تمثل القواد الشبان الذين اشتركوا في حملة مصر

ولا شك في أن التحفة النادرة في المعرض ستكون الجمل المحنط الذي حمل نابليون في مصر ولا سيما في معركة الأهرام

ومع أن نابليون كان يشعر بمثل دوار البحر عندما يمتطي جمله فقد تعلق به وعهد إلى أحسن علماء الطبيعيات في المتحف بحشوه بالقش بعد أن نفق

وقد مر أمام هذا الجمل مئات من الزوار في متحف باريس أو في متحف نابليون في ايكس

وقد عاد هذا الجمل التاريخي الآن إلى باريس حيث يظهر في المعرض وعليه رحل مزخرف بالذهب والفضة

ويحتمل أن ينقل الجمل - بعد انتهاء المعرض - إلى قصر ماليزون بجوار باريس حيث يبقى إلى جانب السرير الصغير الذي كان ينام عليه بونابرت في منفاه بجزيرة القديسة هيلانة

وفاة أديب إنجليزي

توفي المستر برسي هويت الصحفي الروائي في السادسة والثمانين من عمره، وقد تولى رياسة تحرير جريدة (الرأي العام) ببلك أوبنيون عشر سنوات، واشتغل محاضراً في آداب اللغة الإنجليزية بالجامعة المصرية من سنة 1911 إلى سنة 1924

مكتبة عصبة الأمم ودراسة نظامها

وافقت وزارة المعارف على إيفاد الأستاذ أحمد رامي إلى جنيف لزيارة عصبة الأمم ودراسة نظام العمل في مكتبتها توطئة لاقتباس هذا النظام وإدخاله على دار الكتب المصرية

مقالة في الجدل للإمام الاسفراييني

للإمام أبي حامد الاسفراييني مقالة في الجدل مبينة، وللعلامة أبي نصر السبكي تعليقة عليها لطيفة. وقد رأيت أن أروي التعليقة والمقالة، وإنهما لحقيقتان بالرواية في (الرسالة):

(قال أبو حيان التوحيدي: سمعت الشيخ أبا حامد (الاسْفَرَايني) يقول لطاهر العبَّاداني: لا تعلق كثيراً لما تسمع مني في مجالس الجدل؛ فإن الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته، فلسنا نتكلم لوجه الله خلصاً، ولو أردنا ذلك لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله (تعالى) فإنا مع ذلك نطمع في سعة رحمة الله)

قال أبو نصر السبكي: (قلت: وهو طمع قريب، فإن ما يقع من المغالطات والمغالبات في مجالس النظر يحصل به من تعليم إقامة الحجة، ونشر العلم، وبعث الهمم على طلبه - ما يعظم في نظر أهل الحق، ويقل عنده قلة الخلوص، وتعود بركة فائدته وانتشارها على عدم الخلوص، فقرب من الإخلاص إن شاء الله)

(القارئ)

من آفات المناظرة

من آفات المناظرة في بلادنا (دون بلاد الله كلها) أن جمهرة القراء تنظر إليها نظرها إلى شكل من أشكال الصراع أو القتال لا ترى بينها وبين الملاكمة فرقاً ظاهراً. فليس الظافر من جاء بالحجة الظاهرة والدليل القاهر، ولكن الظافر من كان أكثر كلاماً، وأطول لسناً، وأدنى إلى التعريض والتسميع بخصمه وأقدر على النيل منه، ومن كان في الجدال؛ بل إن كثيراً، من القراء يرون الظافر من كان صاحب الكلمة الأخيرة، أي أنهم يقرءون لهذا فيميلون معه، ثم يقرءون لذلك فيميلون إليه حتى يسكت أحد الخصمين فيحكموا عليه. أما الموازنة بين الحجج والمفاضلة بين الدلائل، والحكم حكم المنصف العادل والناقد البصير، فشيء لا يكاد ينصرف إليه أحد. ثم إن القراء لا يعجبون بأحد ما يعجبون بكاتب يدافع وحده ويقابل جماعة من الناس، ولو كان مبطلاً يقول الواحد نصف الثلاثة، ولو كانوا محقين يقولون الواحد ثلثها، ولو كان مغالطاً وكانوا أصحاب الدليل، ولو كان ضعيفاً في نفسه، وكان كل واحد منهم أقوى منه؛ والقراء بعد ذلك يريدون من المناظر أن يجيب كل قائل، ولو لم يفرق بين كلمة العقيدة مثلاً تراجع اللسان، وبين العقيدة ذاتها تدرس في كتاب الآراء والمعتقدات، ويحسبون من العجز أن يعرض المرء عن بعض القائلين ولو نالوا منه ولا يجدهم للجواب أهلاً. هذا إذا لم يكن القارئ صاحب هوى يميل حيث يميل به الهوى، ويستقر حيث تطرحه صداقة أو عداوة، فلا يفيد مما يقال شيئاً. . .

. . . فأي فائدة للمناظرة مع هذه الآفات؟

(دمشق)

(ع. . .)

تحية إلى الأستاذ العقاد

عزيزي الأستاذ الزيات صاحب (الرسالة) الغراء

أطلعني (بعضهم) على كلمات هزيلة درجت في جريدة (الإصلاح) السورية تستفتيني الحكم النزيه في أدب الأستاذين العقاد والمرحوم الرافعي، وتدعوني إلى أن أخوض المعمعة الأدبية التي أثارها تلاميذ الكاتبين العظيمين؛ ثم ينقل المحرر عني حديثاً ملفقاً مختلفاً يثبت فيه أني من أنصار الأستاذ المرحوم الرافعي؛ ودليله على ذلك (طبعاً) الحفلة التأبينية الكبرى التي كنت قد عزمت على إقامتها في مدينة ابن الوليد إجلالاً للكاتب العربي الكبير وتقديراً لمنافحته عن الإسلام والعروبة. ثم حالت الظروف القاهرة من دون تنفيذها وإخراجها إلى حيز الواقع والوجود. . .

وليت المحرر الفاضل وقف عند هذا الحد فلا يغش القراء ولا يظلم الحقيقة، بل هو يأبى إلا أن ينحلني مقالة مذيلة بإمضائي مؤداها أني ثائر على أدب العقاد، منكر عليه شعره وفنه، ناعٍ عليه ضيق أفقه وغباوة فهمه لمعنى الأدب الصحيح. . .!

وأنا - الذي أصرح الآن على صفحات الرسالة الغراء بأني من أشد الناس تعصباً لأدبه وعبقريته - لا يسعني إلا أن أحيي الأستاذ الكبير العقاد وأقول باختصار: إن كان كل ما يرويه المحرر الفاضل من هذا القبيل فويل للحقيقة منه وويل له من الحقيقة. . .

(حمص)

عبد القادر جنيدي

أسرار أبي الهول

أنجز الأستاذ سليم بك حسن وكيل مصلحة الآثار كتاباً جديداً نفيساً باللغة الإنكليزية في (أبي الهول وأسراره) وهو في نحو أربعمائة صفحة ومائة وثمانين صورة، والمنتظر أن يقدم للطبع في إنكلترا قريباً

والكتاب أربعة فصول أولها يحتوي على بحث الحفائر حول أبي الهول من عهد الملك خفرع إلى سنة 1938، والثاني بحث في الملوك الذين زاروا أبا الهول من عهد الأسرة الثامنة عشرة المصرية إلى عهد الرومان، والثالث أصل أبي الهول وتحوله شكلاً ورمزاً في الأمم التي أخذته عن مصر، والرابع في المعنى الديني لأبي الهول ووجود مستعمرة كنعانية أو إسرائيلية في جواره والعثور على البلد المفقود اسمه والذي كان هؤلاء القوم يقطنون فيه

وفي هذا الفصل الأخيرة ولا سيما الكلام الخاص بالمستعمرة الكنعانية أمور كثيرة جديدة خطيرة الشأن كشفها الأستاذ سليم بك حسن وأفضت إلى فهم كثير من الأسرار التي كانت ولا تزال مقترنة باسم (أبي الهول)

نشأة الصحافة المصرية اليومية وتطورها

قدم الدكتور كمال الدين جلال رسالة عن (نشأة الصحافة اليومية المصرية وتطورها) إلى جامعة برلين نال بها إجازة الدكتوراه في علوم الصحافة فنال بها أعلى درجة جامعية، وأرسلت الجامعة إلى الجهات المصرية الرسمية في برلين تقريراً تثني فيه على جهود الدكتور جلال وتمتدح رسالته

ولا شك أن أسرة الصحافة المصرية التي يخدمها الزميل جلال خدماته الجليلة المعروفة منذ سنوات يهمها الوقوف على ما تحويه هذه الرسالة النفيسة التي جمعت لأول مرة تاريخ الصحافة في مصر منذ نشأتها الأولى حتى اليوم والتي سيكون لها بعد طبعها قريباً قيمتها العلمية المنتظرة

تعد الرسالة خير دعاية لجهود الصحافة المصرية وكفاحها في سبيل الشعب المصري حتى أصبحت عونه الأول والأخير في نضاله وتقدمه الاجتماعي

قسم المؤلف رسالته - وتقع في نحو 350 صفحة - إلى أقسام يختص كل قسم بعصر سياسي تاريخي في مصر، وقد بدأ الرسالة ببحث ليس بالقصير يقع في فصلين، أولهما عن طريق النشر عند قدماء المصريين (وقد نال هذا الفصل تقديراً وثناء من الأستاذ جرابو أستاذ علم الآثار المصرية في جامعة برلين) وثانيهما عن طرق النشر في مصر تحت الحكم العربي، ثم تطرق الدكتور جلال إلى موضوع رسالته الأصلي فقسمها إلى:

1 - الحملة الفرنسية وأثرها في نشأة الصحافة في مصر

2 - نشأة (الوقائع) في عهد محمد علي

3 - الصحافة المصرية في عصر إسماعيل

4 - الصحافة في عصر توفيق إلى مبدأ الثورة العرابية

5 - الثورة العرابية وأثرها في الصحافة المصرية

6 - الصحافة في عهد الاحتلال إلى أول نشوب الحرب الكبرى

7 - الصحافة أثناء الحرب الكبرى

8 - الصحافة في الثورة الاستقلالية

9 - الصحافة من إعلان الدستور حتى اليوم

هذه هي أبواب الرسالة الرئيسية قسم المؤلف كلا منها إلى ثلاثة فصول: درس في الفصل الأول العصر من الوجهة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وذكر في الثاني الصحف التي نشأت في العصر فتحدث عن كل صحيفة بالتفصيل ثم ترجم لمؤسسيها والمشتغلين بها، وتكلم في الفصل الثالث عن عوامل العصر السياسية والاجتماعية التي أثرت في تطور الصحافة. وقد قارن الدكتور جلال في كثير من العصور صحافة مصر بصحافة البلاد الشرقية المجاورة

أتت هذه الرسالة على جل ما يتعلق بصحافة مصر العربية، فكانت سفراً علمياً جامعاً سد به المؤلف فراغاً في تاريخ النهضة المصرية الحديثة ولقد أحسن الزميل إذ ذكر في مقدمة رسالته أنه يهدي ثمرة جهوده هذه إلى صحافي مصر الذين اتخذوا الصحافة مهنة لهم يخدمون بها وطنهم مصر والذين لم يبالوا بما أصابهم ولن يعبئوا بما يصيبهم في سبيل القيام بهذا الواجب المقدس

فالشباب المصري يفتخر بجهود هذا الصحفي الشاب الذي جمع بين العلم والصحافة وجعلها سلاحه في خدمة بلاده والدعاية لها، ونحن نهنئه من قلوب تنبض سعيدة مستبشرة كلما شعرت بجهود ناجحة في سبيل الواجب

مراد كامل

دكتور في اللغات السامية