مجلة الرسالة/العدد 261/رِسَالة الشعِر
→ ماضي القرويين وحاضرها | مجلة الرسالة - العدد 261 رِسَالة الشعِر [[مؤلف:|]] |
أنت دير الهوى وشعري صلاة ← |
بتاريخ: 04 - 07 - 1938 |
في حادث العراق
جناية الأقدار
للأستاذ محمود غنيم
كلمة أوحى بها إلى حادث العراق الأليم على أثر ما قرأته من حملات بعض غير المنصفين من كتابنا المصريين وعلى الأخص في جريدة الأهرام
أمر به سَبَق القضاءُ الجاري ... ما حيلةُ الإِنسان في الأقدارِ
لا تأخذوا بالذنب غيرَ جُناتِه ... إن الصوابَ تلمُّسُ الأعذارِ
الرُّزءُ يذهب بالعقول جلاُله ... فحذَارِ من شَطَطِ المقالِ حذارِ
إن تسرفوا في الاتِّهام جَنَيْتُمُو ... أتتم على القُطر الشقيق الجارِ
هي أمةٌ وَزِرَ امرؤٌ من أهلها ... أفتثقلون الكلَّ بالأوزارِ؟
اللهُ يعلم أنَهم ما أضمروا ... للنيل غيرَ الحبِّ والإكبارِ
أوَ لم يُصُبْ (سعدٌ) بأيدي أمةٍ ... تَفدِْيه بالأسماع والأبصارِ
إن الذين أصاب (سيفاً) سهمُهُمْ ... مِنْ دمعهم غسلوه في أنهارِ
ولو استطاعوا لافتَدُوُه من الحِما ... مِ بألف سيفٍ منهمو بتَّارِ
قالوا: العراقُ ومصرُ قُلنا: بل هما ... مِصْرَانِ بل مصرٌ من الأمصارِ
هذا أبٌ أودى به نَزَقُ ابنه ... ماذا تقول لِصِبْيَةٍ أَغْرَارِ؟
ماذا تقولُ لنائبٍ عن رُشده ... يَجْني جنايتَه وليس بدارِ؟
ما حاد عن سَنَن العدالة آخذٌ ... لغريمه من نفسه بالثارِ
عُذْرٌ الشبيبة طيشُها والخِطْءُ ما ... فعلوه عن عَمْدٍ وعن إصْرَارِ
لا كان مخترع (الرصاص) فإنه ... باع المنونَ رخيصةَ الأسعارِ
بغدادُ عذراً للكنانة إن قست ... في عَتْبها والعَتَبُ للأحرارِ
أو ما نظرت إلى الكنانةِ أعيناَ ... تَهْمي وأفئدةً بغير قرارِ؟
إنا لنرخصُ في سبيل الوُدِّيا ... بغدادُ ما يغلو من الأعم وهو الودادُ إذا عُراه توَثَّقَتْ ... أَضْفَى على الآثام كلَّ ستارِ
إحسانُ من عاديتَ كلُّ إساءةٍ ... وكبارُ من صافيتَ غيرُ كبارِ
هذا شهيد العلم عزَّزْنَا به ... مَنْ راح من شهدائنا الأبرارِ
خلِقَ الجهادُ لنا سواءٌ عندنا ... مَنْ بالحديد يموت أو بالنار
والعلمُ مختلِفُ الضحايا كم طوى ... من سابحٍ وقضى على طيَّارِ
يا رُبَّ مخترعٍ يروح ضحيةً ... للكشف عن سر من الأسرارِ
ومعلِّم قد راح يبذلُ نفسه ... بذلَ الكرام لناشئينَ صِغارِ
تمتَصُّ أفواهُ الشبيبة رُوحَهُ ... مثلَ امتصاص النحل للأزهارِ
(عزمي) إذا التأمتْ جراحُك في غدٍ ... وبرِئتِ فاشكُر للطيف الباري
أنت ابتدأتَ رسالةً فأَتمَّها ... واهزَأ بما تَلْقَى من الأخطارِ
املأْ مكانك في العراقِ وقل له ... لا يعرف الجبنَ الأشَمُّ الضاري
محمود غنيم