الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 261/أنت دير الهوى وشعري صلاة

مجلة الرسالة/العدد 261/أنت دير الهوى وشعري صلاة

مجلة الرسالة - العدد 261
أنت دير الهوى وشعري صلاة
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 04 - 07 - 1938


للأستاذ محمود إسماعيل

(إلى غمامتي الشاردة. . . أهدي هذه الصلاة)

أَقبِلي كالصَّلاة رَقْرَقها النُّسْ ... كُ بمحرابِ عابدٍ مُتَبَتِّلْ

أقبلي آيةً من الله عُلْيا ... زَفَّها للفُنون وَحْيٌ مُنزَّلْ

أَقبلي فالجِراحُ ظمآى! وكأس اْلحُ ... بِّ ثكلَى! والشِّعرُ نايٌ معَّطل

أنْتِ لحنٌ على فمي عبقريٌ ... وأنا في حدائق الله بُلْبُلْ

أقبلي. . . قبل أَنْ تَمِيِلَ بنا الرِّي ... حُ! وَيهوى بنا الفناءُ المعجَّل

زَوْرقي في الوجود حَيرانُ شاكٍ ... مثْقَلٌ بالأَسى، شريدٌ مُضَلَّلْ

أَزعَجَتْهُ الرِّياحُ، واغتالَهُ اللي ... ل بجنُح من الدياجير مُسبَلْ

فَهْوَ في ثَوْرَةِ الخضَمِّ غريبٌ ... خلَطَ النَّوْحَ بالمنى وتنقَّلْ

أقبلي يا غرامَ رُوحِي فالشَّطُ (م) ... - بعيدٌ! والرَّوح باليأس مُثقَلْ

وَغمامُ الحياةِ أَعْشَى سواديَّ (م) ... ونورُ المنى بقلبي ترحَّلْ

أنا مَيْتٌ تغافَلَ الْقبرُ عنِّي ... وهْوَ إنْ يَدْرِ شِقْوتي ما تَمَهَّلْ

فاسكُبي لي السَّناَ وطوفي بنَعشي ... يُنْعش الرُّوحَ سِحْرُكِ المتَهَلِّلْ

أَنتِ نَبعي، وأيْكتيِ، وظِلالي ... وَخِمِيلي، وجَدْوَلي المُتَسَلْسلْ

أَنْتِ ليِ وَاحةٌ أفِيء إليهاَ ... وَهَجيرُ الأَسىَ بجنبَيَّ مُشْعَلْ

أَنتِ تَرْنيمَةَ الهدُوء بشِعري ... وأنا الشاعر الَحزينُ المبَلْبَلْ

أنتِ تَهويدَةُ الخيَال لاحزَا ... ني بأَطْيَافِ نورِها أَتَعَلَّلْ

أنتِ كأسِي وَكَرْمَتي وَمُدَامِي ... والطِّلاَ من يدَيْكِ سُكَرٌ مُحَلَّلْ

أنتِ فَجْرِي على الحقُولِ، حياةٌ ... وصَلاةٌ، وَنَشْوَةٌ، وَتَهَلُّلْ

أنتِ تَغْرِيدَةُ الخُلود بأَلْحا ... ني. . وشٍعْرُ الحَياةِ لَغْوٌ مهَلْهَلْ

أنتِ طَيفُ الغُيْوب رَفرَفَ بالرَّح ... مةَ والطهْر وَاْلهُدَى والتَّبَتلْ

أنتِ لي توبَةٌ إذا زَلَّ عُمرِي ... وصَحا الإثْمُ في دمي وتَمَلْمَلْ

أنتِ لي رَحْمَةٌ بَراها شُعاعٌ ... هَلَّ من أعْيُن السمًّا وَتَنزَّلْ أنتِ لي زَهْرَةٌ عَلَى شاَطئ الأَحْ ... لام تُرْوَى بمُهْجَتي وتُظَلَّلْ

أنتِ شِعْرَ الانساَم وَسَوْسَتِ الفُجُّ ... رَ، وذابَتْ عَلىَ حَفِيف السُّنْبل

أنْتِ سِحْرُ الغُرُوُب، بل مَوْجَةُ الإِش ... راقِ عن سِحْرِهاَ جَنَاني يُسْألْ

أنتِ صَفوُ الظَّلالِ تَسْبَحُ في النه ... ر وَتلهوُ عَلَى ضفاف الجدْوَلْ

أنتِ عيدُ الأطْيَار فوْق الروابي ... أقبِلي! فالرَّبيعُ للطير أَقْبَلْ. . .

أنتِ هَولْي وَحَيْرَتي وجنوني ... يومَ للحُسنِ زهوةٌ وَتدَللْ

أنتِ دَيْرُ الهوَى وَشِعْرِي صَلاةٌ ... لكِ طابت ضَراعَتِي والتذلّلْ

أنتِ نَبْعٌ من الَحْناَنِ، عليه ... أطرَقَ الفَنُّ ضاَرعاً يتوسَّلْ

أعيُنٌ للخشوع تُغري، فَخَلَّي ... هاعلى لوْعَتي تُغَضُّ وتُسْبَلْ

واتُرِكيها وسِحْرَهَا يتمادى ... عَلَّماَ (بابلٌ) بنجواه تُشغَلْ

هو فنِّي، ومُلْهمِي. . . فابعثيِهِ ... فهْو من زَهْوِه شَحيحٌ مُبَخَّلْ

يَتَغَافى عل الجُفون، فإن رُحْ ... تُ أناجيه لَجَّ في الكَرى وتَوَغَّل

وانتشى من سَنَاك وانساب في لْح ... ظِكِ يحسو الضّياََء منه وينْهلْ

وَانْبرَى من جُفُونك الْبِيض كالأق ... دار يُرْدِى كما يشاءُ ويقتُلْ

لَيْتَ لي من صراعِهِ كلَّ يومٍ ... غزوةً في سكون قلبي تجَلْجِلْ

وَلَكِ الصوتُ ناغما عادَهُ الشَّوْ ... قُ فأَضحْى حَنينُهُ يترسَّلْ

نَبَراتٌ كأنَّهَا شَجَنُ الأَو ... تارِ في عودِ عَاشِقٍ مُتَرَحِّلْ

أو حَفيفُ الأَذَانِ في مِسْمع الفَجْ ... ر نَدِيُّ الصَّدَى، شِذَيُّ، المنْهلْ

أو غِنَاءٌ الظِّلالِ في خَاطر الغُدْ ... ر انِ شعْرٌ في الصَّمْتِ عانٍ مكَبلْ

أو نَشيدٌ أَذابَهُ الأفُقُ النَّا ... ئي، وَغَنَّاهُ خاطِري المُتأمِّلْ!

ولكِ البَسْمَةُ الوديعةُ. . طُهْرٌ ... وصفاءٌ، وصَبْوَةٌ، وتعزُّلْ

لذةُ الهمْسِ في دَمِي تَنقُلُ الرو ... حَ لِوَادٍ بِصَفْو عُمْري مُظَلَّلْ

فاسكبيها على جَناني، وخَلِّى ... سِحرَها في مشاعري يتَهدَّلْ!

ولكِ الهدْأَةُ التي تغمُرُ اْلحِ_سَّ فيرْوَي من السَّكون وَيَثْمَلْ

وَاحةٌ للْجمال، قَلْبِيَ فيها ... من أَسى الدهرِ ناسِكٌ مُتعزِّلْ علمتني ظلالُها كيف أَنْسي ... صَخَبَ الهم وهو عَصْفٌ مُزَلزِلْ

وَلكِ العِفَّةُ التي عاد منها ... (مريَميُّ) السُّتُور فوقَكِ مُسْبَلْ

فتعاَليْ نَغيبُ عن ضَجَّة الدُّن ... يا، وَنمْضي عن الوجود ونرْحَلْ

وَإلَى عُشْنا الجميلِ. . . فَفيهِ ... هَزَجٌ للْهوَى، وظِلٌّ، وسَلْسَلْ

وعَصافيرُ لْلمُنى تتَغَنَّى ... بالتَّرانيم بين عُشْبٍ وَجدْوَلْ

وَغرامٌ مُقَدَّسٌ، كاد يَضْوِي ... نوُرُهُ العَذْبُ في سَمانا وَيشْعَلْ

وَوَفاءُ يكاد يَسْطَعُ للدُّن ... يا بِشَرْعٍ إلى المحبِّينَ مُرْسَلْ

عادَ لْلعُشِّ كلُّ طَيْرٍ، ولم يَب ... قَ سِوى طائرٍ شَريد مخَبَّلْ. .

هو قَلْبي الذي تناسَيتِ بَلْوَا ... هُ فأَضْحَى على الجِراح يُوَلْوِلْ!

أَقْبِلي. . قبلَ أن تميلَ به الري ... حُ، ويَهوِى به الفَنَاءُ المُعَجَّلْ

(أَقْبِلي. . . فالجراحُ ظمأى! وَكَأسُ الْ ... حُبِّ ثَكْلىَ! والشِّعْرُ نايٌ مُعَطَّلْ!)

(المجمع اللغوي الملكي بمصر)

محمود حسن إسماعيل

-