مجلة الرسالة/العدد 260/البريد الأدبي
→ من وحي الصحراء | مجلة الرسالة - العدد 260 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 27 - 06 - 1938 |
توحيد الثقافة بين الشعوب الشرقية
تلقت وزارة الخارجية من وزير مصر المفوض ببغداد تقريراً عن زيارة صاحب العزة محمد العشماوي بك وكيل وزارة المعارف للعراق في أثناء عطلة العيد الأضحى الماضي، وعما نجم عنها من تفاهم مع رجال وزارة المعارف العراقية على الدعوة إلى مؤتمرات ثقافية، تعقد كل عام لتوحيد الثقافة بين الشعوب الشرقية.
وقد رفع صاحب العزة العشماوي بك وكيل المعارف إلى معالي الدكتور حسين هيكل باشا مذكرة يقترح فيها تشكيل لجنة لدراسة هذا الموضوع وقد جاء في هذه المذكرة ما يأتي:
(عند وجودي في العراق جرى الحديث مع كبار رجال التعليم في موضوع توحيد المناهج والخطط في البلاد الشرقية، بقصد توثيق الروابط الثقافية بينهما وانتفاع البلاد الشرقية بموارد بعضها العلمية، وإن مثل هذه الفكرة تؤدي إلى التفكير في بحث تمهيدي للدعوة لمؤتمر يدرس شؤون التعليم بين أمم الشرق ووسائل التربية والسياسة العامة في نشر الثقافة، ويواجه بعض المشاكل التي تعرض لهذه الأمم وتكاد تكون متشابهة.
وقد أثار هذا التفكير في العراق وسورية اتجاه هذين البلدين للاستعانة بموارد مصر الثقافية، وسعيها لأن تقتفي أثرها في نهضتها العلمية وتترسم خطاها.
وقد كان عقد المؤتمر الطبي في بغداد من المناسبات التي أثارت هذا البحث، وشجع نجاح المؤتمر على زيادة العناية بهذه الفكرة. ولما تشرفت بمقابلة صاحب الجلالة الملك غازي الأول، أثار سعادة وزير مصر المفوض هذه الفكرة فلقيت من جلالته كل تشجيع.
وإنني أرى أن الوقت قد حان لاتخاذ خطوة تمهيدية لتحقيق هذا الغرض وذلك بأن يعهد إلى لجنة من كبار رجال التعليم في الوزارة والجامعة بحث الفكرة من جميع نواحيها وتوحيد الموضوعات التي ينبغي العناية ببحثها، حتى إذا أقرت هذه الفكرة بدأت مصر في الاتصال بالبلاد الشرقية لمواصلة تنفيذها في الوقت المناسب).
فلما عرض هذا الموضوع على معالي الدكتور حسين هيكل باشا رأى أن تحقيق هذه الفكرة يتمشى مع السياسة التي يعنى باتباعها في هذه الأيام والتي ترمي إلى الروابط الثقافية بين ممالك الشرق المختلفة ولهذا أصدر معاليه قراراً بتشكيل لجنة لبحث الموضوع وفيم نص القرار بعد الديباجة:
المادة الأولى - تشكيل لجنة تمهيدية لبحث هذا الاقتراح على الوجه الآتي:
وكيل الوزارة رئيساً، والوكيل المساعد وعمداء الكليات ومحمد فهيم بك والدكتور عبد السلام الكرداني بك والأستاذ نجيب حتاتة أعضاء.
على أن يكون محمد فهيم بك سكرتيراً عاماً لهذه اللجنة.
المادة الثانية - تكون مهمة هذه اللجنة بحث الفكرة من جميع نواحيها، وتحديد الموضوعات التي يتعين العناية ببحثها حتى إذا أخذ بهذه الفكرة بدأت مصر في الاتصال بالبلاد الشرقية لمواجهة تنفيذها في الوقت المناسب
فلما وقف حضرات أعضاء البعثة الإيرانية السامية على هذا المشروع أبدوا رغبتهم إلى وزارة المعارف أن توافي وزارة المعارف الإيرانية بجميع القوانين واللوائح والإحصاءات المختلفة عن الشئون التعليمية التي تضطلع بها وزارة المعارف والجامعتان المصرية والأزهرية، وذلك لتكون تحت نظرها أثناء البحث في المشروع الذي يرمي إلى التعاون العلمي والثقافي بين البلاد العربية ومصر.
وقد تقدم حضراتهم إلى سعادة وكيل المعارف بالمقترحات التالية التي تنمي تلك الروح بين مصر وإيران.
أولاً - عقد اجتماعات دورية في أوقات متباينة بين القاهرة وطهران تنتظم أساتذة الجامعات المصرية والإيرانية دينية ومدنية.
ثانياً - تبادل الأبحاث الخاصة بالكشف الأثري الذي يتم في كل من البلدين.
ثالثاً - توطيد صلات العلم بين جماعات العلماء المشتغلين بالآثار والتاريخ والأدب في مصر وإيران
رابعاً - تبادل المطبوعات التي تصدر في كل من المملكتين.
في مؤتمر المستشرقين.
يعقد مؤتمر المستشرقين الدولي ببروكسل من اليوم الخامس إلى اليوم العاشر من شهر سبتمبر المقبل، ويمثل مصر فيه عميد كلية الآداب رئيساً، والأساتذة أحمد أمين أستاذ تاريخ الآداب العربية في الكلية، والدكتور عبد الوهاب العزام الأستاذ المساعد للغتين الفارسية والتركية في هذه الكلية، والدكتور سامي جبرة أستاذ تاريخ مصر القديمة، ومسيو جاستون فييت مدير دار الآثار العربية والحفريات أعضاء.
وسيتقدم الدكتور طه حسين بك إلى المؤتمر ببحث عن تبسيط النحو، والأستاذ أحمد أمين ببحث عن امتزاج الثقافات في البيئة المصرية، وسيمثل الدكتور عبد الوهاب عزام الثقافة الفارسية، والدكتور سامي جبرة ناحية الآثار الفرعونية، ومسيو فييت ناحية الآثار الإسلامية
زيارة عضوين من البعثة الإيرانية السامية لمجمع اللغة
الملكي.
زار حضرتا صاحبي السعادة الدكتور قاسم غني والدكتور مؤدب نفيسي من أعضاء البعثة الإيرانية دار المجمع الملكي للغة العربية يرافقهما معالي الدكتور هيكل باشا وزير المعارف.
وكان في استقبالهما صاحب السعادة توفيق رفعت باشا رئيس المجمع، والأستاذ الشيخ عبد العزيز البشري مراقب المجمع، والدكتور فارس نمر باشا، والدكتور منصور فهمي بك، وعلي الجارم بك، وأحمد العوامري بك، والشيخ إبراهيم حمروش والشيخ محمد الخضر حسين، من أعضاء المجمع. فزارا معهم غرفة معجم الدكتور فيشر اللغوي التاريخي وكان يشرح ما فيها لسعادتهما الدكتور منصور فهمي، ثم زارا غرفة فيشات معجم الدكتور فيشر وهي تحتوي على معظم الألفاظ العربية، وطافا بعد ذلك بغرف المكتبة واطلعا على كتب تاريخية قديمة وأخرى خطية مما يعني به المجمع لحصر كلمات اللغة
وأعرب معالي الوزير عن رغبة المجمع في ربط الثقافة الإيرانية بالثقافة المصرية وأنه يسر المجمع المصري أن يعين فيه أربعة أعضاء إيرانيون مراسلون وطلب إلى سعادة الدكتور قاسم غني أن يقدم الأسماء التي يقع عليها الاختيار إلى المجمع لتتولى إدارته اتخاذ الإجراءات السريعة لتعيين حضراتهم فقدم سعادته كشفاً فيه أربعة أسماء فتسلمه الأستاذ الشيخ عبد العزيز البشري.
واتفق كذلك على تعيين أربعة أعضاء مصريين مراسلين للمجمع الإيراني.
متحف التعليم الفني
يفتتح - بعد أيام - معالي الدكتور حسين هيكل باشا وزير المعارف القسم الأول لمتحف التعليم الفني المقام بسراي المعارف بأرض المعارض بالجزيرة، وهو المتحف الذي وضعت نواته الوزارة في العام الماضي عندما احتفلت بعيدها المئوي.
ويشمل هذا القسم ثلاثين مجموعة، يحتوي كل منها نماذج بالحجم الطبيعي. ومن أبدع تلك المجموعات مدرسة نموذجية كاملة في الهواء الطلق، وكذلك حجرة مذاكرة لطالب من الأرياف يتلقى علومه في معاهد التعليم بالقاهرة.
وإلى جانب هذا طائفة كبيرة من النماذج المصغرة المجسمة، والتماثيل والصور المصبوبة صباً في غاية الإتقان، والرسوم البيانية التي أعدت على أحدث الأساليب، والطرائق الفنية التي تمثل اطراد النهضة التعليمية في مصر في العصور المختلفة.
إلى الدكتور عبد الوهاب عزام
قرأنا مقالكم الرائع المنشور في العدد (256) من الرسالة الزهراء عن فقيد الشعر والشرق محمد إقبال، وعند ذكركم مؤلفاته رحمه الله، لم تذكروا سفرين جليلين له نظمهما قبل كتابه الأخير (أهلك حجاز)، أحدهما باللغة الأردية أطلق عليه (صور إسرافيل)؛ والثاني باللغة الفارسية سماه (بس جيه بايد دكرداي أقوام شرق) أي (وماذا يجب أن نعمل أيتها الأمم الشرقية). وقد وضعه متأثراً بالحرب الإيطالية الحبشية الأخيرة واندحار الأحباش كما هو معلوم
هذا ما أردت ملاحظته على مقال الأستاذ الكريم، راجياً الالتفات إليه، داعياً الله أن يفسح له المجال، حتى يحدثنا عن شعر إقبال وفلسفة إقبال، إنه سميع مجيب.
(بغداد - الكرخ)
محمود العيطة
الكلمة الأخيرة إلى الأستاذ سيد قطب
أكتب هذه الكلمة جواباً عما تفضل به الأستاذ الناقد الأديب. . . سيد قطب في الرسالة (259) ثم لن أعود إلى الموضوع لأن الكلام فيه مع الأستاذ عبث. . .
تضمن جواب سيد قطب أموراً ثلاثة:
أولها: أنه جعل جهلي بحضرته (جهلاً بالأدب والأدباء في مصر)، وطمأن المصريين بأنه ليس كل شامي مثل (علي الطنطاوي) في هذا الجهل. . . ومعنى هذا أن (سيد قطب) هو (الأدب والأدباء في مصر) من عرفه فقد عرف ذلك ومن جهله فقد جهله، وهذا من الادعاء وعوج الفهم بمكان؛ وأنا بحمد الله أعرف أدباء مصر شعراءهم وكتابهم: أعرف شوقي وحافظ رحمهما الله والجارم ومحرم ورامي والهراوي، وأعرف الرافعي رحمة الله عليه والعقاد والمازني وهيكل والزيات وطه والبشري وأحمد أمين وكثيرين لأجدى من عد أسمائهم؛ وقرأت لهم (كل) ما كتبوه ولكني لم أتشرف بمعرفة سيد قطب؛ فهل يمحو جهلي به علمي بكل أولئك؟
وثانيها أنه لم يأخذ من كلامي أو لم يفهم منه إلا أني استدللت على صحة تشبيه الرافعي بأن لشوقي مثله، مع أن كلامي بين أيدي القراء، وأن الذي قلته هو أن الأستاذ سيد قطب لم يستكمل أدوات النقد، ولم يرع المعروف من قواعد البلاغة، وأنه أشتغل عنهما بما يبدأ فيه ويعيد من الدعاوى العريضة في العلم والفن والتجديد، فلماذا ترك ذلك كله من كلامي وأخذ مثالاً عارضاً جئت به، وعلماؤنا يقولون: (ليس من دأب المحصل المناقشة في المثال)
وثالثهما أن الأستاذ ينصحني بالاقتصار على التدريس وترك الأدب، ويخرجني من زمرة الأدباء، وهذا كلام لا أحب أن أجيب عليه، ولا أعود إلى البحث مع من يقوله، لأنه لا يقوله إلا جاهل بأصول النقد بعيد عن المنطق، لأن النقد لا يجيز شتم الخصم والكلام على شخصه، وإنما يدعو إلى مناقشة الرأي الذي رآه، والمنطق يقضي عليه أن ينظر في كلامي ويرد عليه أو يدع، ويذكره المنطق (لو كان من أهله) بأن إقرار التحكيم والاعتراف بكفاية القاضي وسلطانه، مقدم على إصدار الأحكام. فمنذا الذي نصب هذا المحترم قاضياً بين الأدباء وحاكماً فيهم؟
وآخر ما أقوله للأستاذ سيد قطب تحية و. . . (سلاماً)!
علي الطنطاوي إلى الأستاذ سيد قطب
عاب سيد قطب على الأستاذ شاكر أن نقده مملوء بالغمز واللمز والتعريض، وعاب عليه أيضاً أنه لا ينفذ إلى صميم الموضوع عند ما يناقش. وكنا ننتظر من سيد قطب أن يرد على الكلمة التي كتبها الأستاذ الطنطاوي في عدد مضى، فيناقشها مناقشة هادئة تدل على أنه ناقد منصف ومناظر نزيه. . . أو يتجاهلها فلا يذكر شيئاً. وإذا به يتصف بالخلة التي عابها على الأستاذ شاكر فيعرض بالأستاذ الطنطاوي تعريضا، ً ويكرم دمشق أن يكسب خصومته إذا وضعها حيث ينبغي وضعها من الأدب والرأي. فما ندري أحسب سيد قطب أن كلمة الأستاذ الطنطاوي وظيفة إنشاء. . . أريد منه أن يتفضل فيدلي برأيه فيها ويضعها حيث ينبغي وضعها من مدارج الآداب. . .؟ وكأن دمشق قد فرغت من مشكلاتها ومصائبها، وانتهت من قضية (المعاهدة) و (اسكندرونة) ولم يبق لها إلا أن تتفرغ لسيد قطب! فنحن نريد أن يطمئن الأستاذ قطب وألا يجزع، وأن يتنازل فيناقش الأستاذ الطنطاوي مناقشة هادئة منصفة أو يقبل ما جاء به. . . ولن تغلق أسواق دمشق احتجاجاً بعد ذلك؟. . .! ثم لن ترسل البرقيات إلى عصبة الأمم. . .! فهل يكفي سيد قطب هذا التطمين؟ إذن:
فقد وجدت مكان القول ذا سعة ... فان وجدت لساناً قائلاً فقل
(دمشق)
صلاح الدين المنجد
نداء الباعة
قرأت في العدد الماضي في البريد الأدبي كلمة حول هذا الموضوع، قال مسطرها: إن كاتباً إنجليزياً نشر بحثاً ضافياً في هذا الموضوع في صحيفة إنجليزية، وقد عنى فيه بالجانب النفسي عناية فائقة. ثم أثنى كاتب الرسالة على الباحث الإنجليزي وأعجب بطرافة موضوعه.
وأود - حفظاً لحق أدبي - أن أقول: إنني سبقت الكاتب الإنجليزي إلى معالجة هذا الموضوع، ولكني عالجته شعراً في قصيدة تزيد أبيتها على الثلاثين، بداءتها قولي:
نَطَقْتمْ مقاطعَ لم أدْرِها ... ولم تكشف النفسُ عن سرِّها
وصُغْتمْ نفوسكم هتفةً ... تبينتكم من صدَي جَأُرِها!
ولا أريد أن أثبت تمام القصيدة في تلك الكلمة القصيرة، وسوف أنشرها - إن شاء الله - في ديواني عند طبعه.
(الإسكندرية - الشاطئ)
العوضي الوكيل
بين مذهبين
جاءتنا كلمة بهذا العنوان من الأستاذ محمد سعيد العريان، يرد بها على شيء تناوله به الأستاذ سيد قطب في عدد الرسالة الماضي، ولكنا لم نتمكن من نشرها لوصولها بعد إعداد هذا العدد وترتيب موضوعاته، فموعدنا بنشرها العدد القادم.
تصويب
في (قصة الكلمة المترجمة): (في الرابعة والرابعين) وهي (في الأربعة والأربعين) و (تذكرنا بهذه الأملوحة) وهي (بهذه الأملوحة) و (أبو بكر البلاقلاني) وهي (الباقلاني) و (نفي القتل لا يبيده) وهي (القاتل) وفي الشرح: (وإن كنت في الصنيعة) وهي (الصنعة).
مزالق الأدب
القصة الأدبية دعامة قوية يعتمد عليها الأدب الحي ويرتفع بناؤه الشامخ الوطيد، وهي لون جميل من ألوان الحياة الفكرية ومظهر خلاب من مظاهر الثقافة والتهذيب. . .
وإن أدب القصة يحتل اليوم المكانة الأولى والمنزلة السامية بين الآداب الأخرى، كما أن القارئ المصري ينظر الآن في القصة لا (للتسلية) فحسب بل ليجد فيها المتعة الأدبية والغذاء الروحي والحكمة الموفقة والموعظة الحسنة.
وقد حمدنا لبعض كتابنا عنايتهم بذلك الضرب من الأدب، وبذل الجهود السامية في سبيل نصرته وتقوية أركانه، ووضع ما يكفل له الحياة والنمو! بيد أن هناك كتاباً قد وجدوا في ترجمة القصة (البوليسية) سوقاً نافعة وربحاً وفيراً، فحبسوا جهودهم عليها. وقد انزلق بعض كتاب هذه القصة فذكروا في قصصهم ما يعبد طريق الشر والفساد، ويبعث في نفس القارئ - الشاب - العوامل المختلفة المتباينة، وقد تؤدي هذه العوامل إلى الوقوع في مهاوي الجريمة. وحسبك أن ترجع إلى تلك القصص لترى فيها فساد الرأي، وعدم التوفيق إلى فكرة صالحة، تشاهد المجرم وقد صوره القاص في صورة البطل الفذ، وقدمه إليك في مهارة وعبقرية، بعد أن وضع على رأسه إكليل الغار.
لا جدال في أن ذلك الأدب الرخيص لا يؤدي إلى الغاية المنشودة ولا يحقق الرجاء المنتظر، بل ينزلق بالقارئ إلى مكان سحيق لا نرجوه له. . .
وبعد. فنحن في صدر طفرة جديدة وعهد جديد، فيجب علينا أن نتخير نوع الغذاء الروحي لأبنائنا، حتى يتسنى لنا أن نجعل منهم جيلاً جديداً له من نبل أخلاقه وحسن صفاته ما يحمله على النهوض والتقدم.
(بني مزار)
الطهناوي