الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 252/أبو العلاء حرب الظالمين

مجلة الرسالة/العدد 252/أبو العلاء حرب الظالمين

مجلة الرسالة - العدد 252
أبو العلاء حرب الظالمين
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 02 - 05 - 1938


لأستاذ جليل

من (عبقرية) نابغة العرب أبو العلاء حرب الظالمين وعدو المستبدين، ونصير البائسات والبائسين، وخصيم المترفين والباخلين، ومقرع المستكبرين والمدعين، ومجل التواضع والمتواضعين، ومهجن الشراب الحرام والشاربين. وأقواله في (اللزوميات) في هؤلاء المذكورين مشهورة؛ ولم يغفل (نابغة العرب) في (الفصول والغايات) - عبقرية في النثر - عنهم. وفي الآيات البينات بعض ما قال فيهم:

- 1 -

(يا بغاة الآثام، وولاة أمور الأنام، مرتع الجور وخيم، وغبه ليس بحميد، والتواضع أحسن رداء، والكبر ذريعة المقت، والمفاخرة شر كلام. كلنا عبيد لله)

- 2 -

(ما بيت يأتلق فيه الياقوت، وللزرياب حواليه شعاع، يسكنه ظالم جبار يسفك الدم، ويسفح دموع الباكيات، ويشرب كاسات الرحيق - بأعز عند الله من ناسجة الغبار فيا ويح جائر - إذا حكم - عات!)

- 3 -

(إذا أصبح النصح ثقيلاً، والمساجد قالاً وقيلاً، وصارت الإمارة غلاباً، والتجارة خلاباً - فالبيت المحفور، خير لك من مشيدات القصور، والفقير أربح صفقة من ذي التاج)

- 4 -

(إني لوغد وقد عرفت نفسي بعض العرفان، وحقرتها وهي جديرة بالاحتقار. خلقتني كما شئت، وأعطيتني ما لا أستحقه منك. ولعل في عبيدك من هو مثلي أو شر. في خزائنه بدر اللجين والعقيان لا يطعم منها المسكين، ولا يغاث الملهوف)

- 5 -

(إن من يفتقر إلي لفقير، فأغن (اللهم) كل مسكين. وبئس البيت المسكون، بيت تحت الغبراء يكون، لا أس له ولا عمود، إنما هو من هباء، ليس بالطراف ولا الخباء ولأعمال الصالحات خير ما راح إليه من السوام. فكن أيها الرجل من الصالحين، وإذا رأيت الملأ يبرمون أمراً فقل: لعب الولدان خراج)

- 6 -

(أطعم سائلك أطيب طعاميك، واكس العاري أجد ثوبيك، وامسح دمع الباكية بأرفق كفيك)

- 7 -

(ما ريا قطر، ورائحة حبيب عطر، بأطيب من ثناء مستطر، يثني به بر على مبر! وذكر الله مراتع القلوب يستعذبه الأواب، ويسكن إليه الصالحون. فاغسل الحوب بأن تتوب، ولا تعرك ذنبك بجنبك، فتصر على سخط ربك، والى السوق تحمل الوسوق، فما كان جيداً نفق، وما كان ردياً زهد فيه. وإنما أنت درهم إن اتقى وضح، وإن فسق زاف)

- 8 -

(خافوا الله وتجنبوا المسكرات: حمراء مثل النار، وصفراء كالدينار، وبيضاء تشبه الآل، وكميتاً وصهباء، وكل ما أدرك من الألوان. لو كانت أقسام اللب كرهاق الحصى، والسكرة من الجرع بمثل ذاك لقلت: إن النغبة الواحدة حرام. ولو هجر أب لجناية ولد لحرم العنب لجريرة المدام. وهل لها من ذنب؟ إنما الذنب لعاصر الجون، ومستخرجها وردية اللون، وحابسها في الدن، ومنتظرها برهة من الدهر، وشاربها ورد العطشان. فاجتنبوا ما يذهب العقول، فبها عرف الصواب)

- 9 -

(أحسن الفضل ما شهد به الملأ لغير شاهد؛ إذ كان الغائب كثير العائب، والحاضر يلقي بالوجه الناظر؛ والدعوى رأس مال قلما ربح تاجره وإن صدق. وأحب لابن آدم أن تكون مناقبه كمناقب الطرف الرائع والسيف الحسام تذكر، وهما صامتان)

- 10 -

(قد يكون الخمول داعياً للنباهة كالنار ستر ضوءها باليبيس فأظهر ذلك لهباً) أبو العلاء حسنة من حسنات سيدي وسيده (محمد) - صلى الإله على محمد - هداه (كتاب الله) فكان من المهديين ومن الأئمة الهادين، وكان (والله) رهين المحبسين أزهد الزاهدين. واستضاء بالقرآن وبلاغة القرآن فأضاءت أقواله وأشعت وبهرت الناظرين والسامعين

نور القرآن قولاً فعلاً، وسما صاحبه في القائلين

إنما القرآن هدى الناطقين. إنما القرآن نور العالمين

غث قول لم يهذبه (الكتاب)

القارئ