مجلة الرسالة/العدد 248/المسرح والسينما
→ البريد الأدبي | مجلة الرسالة - العدد 248 المسرح والسينما [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 04 - 04 - 1938 |
الفرقة القومية
برنامجها ورواية طيف الشباب
عادت الفرقة القومية إلى إتمام موسمها الثالث وقد افتتحته بتمثيل رواية (طيف الشباب) لمؤلفها الأديب الذائع الصيت مارسيل بانيول ترجمة الأستاذ احمد بدر خان
أرجئ الكلام عن موضوع هذه الرواية، لان ظاهرة غريبة ظهرت في الفرقة حملتني على الوقوف حيالها موقف الواجم المبهوت. وبيان الاستغراب في هذه الظاهرة أن الفرقة بشرتنا بأنها ستتحفنا بتمثيل اثنتي عشرة رواية في الفترة الباقية من الموسم وهي لا تزيد على الشهر الواحد إلا بضعة أيام فقط، وان أربعا من هذه الروايات وضعت وترجمت حديثاً، والثماني الروايات الباقية مثلت من قبل
للإدارة الفنية في الفرقة القومية الحرية في استعادة تمثيل الروايات الناجحة، ولكن ما بالك بالروايات الموضوعة التي سيعاد تمثيلها وهي التي بلغت من تفاهة المعنى وسخف المبنى، وهزال الفن مبلغاً حفز جميع النقاد المسرحيين بدون استثناء إلى إبداء استهجانهم لها وعدوا قبول الفرقة إياها لا يتفق وتقدير فن التمثيل، ولا يحقق الغرض الثقافي الذي رمت إليه وزارة المعارف من إنشاء الفرقة؟
ما هو السر يا ترى في عودة الفرقة إلى احتضان هذه الروايات وإحيائها من جديد؟ بل هو الباعث على جمع رمم روايتي (اليتيمة، وبناتنا سنة 1937) وكان الواجب أن تبقى مدفونة في الرماد؟ أهو تحدي للنقاد وإهمال آرائهم ودراساتهم أم الاستهتار بالغاية الثقافية التي أسست الفرقة من اجلها؟
نحاول أن نجل الفرقة عن هذا التدهور، ونؤثر لها السلامة على التورط في الغمرات، ولكن الواقع صارخ لا سبيل إلى السكوت عنه
ليس الطريق إلى معرفة نجاح الرواية أو فشلها هي القروش التي يجمعها بائع التذاكر، أو حشر ردهة الأوبرا ومقاصيرها بمعارف هذا الممثل أو أصدقاء ذاك الموظف، ولا بالمقالات المأجورة التي تنشر كالإعلانات
لا، ليس السبيل إلى ذلك إلا بالاستماع إلى أقوال الناقدين والأخذ بالرأي الناضج كنت أوثر الكلام عن رواية (طيف الشباب) لسببين: الأول أن المترجم متشبع بروح المؤلف، لم يجنح عن البساطة في الكلام الذي يعرب به عن الغاية من الفكرة الاساسية، ولم يطمس معالمها بالألفاظ المتقعرة النابية التي يتوسل بها فقراء الذهن عشاق التزمت
والسبب الثاني أن المترجم فنان سينمائي، يحسن الاختيار ويقدر ما هو صالح ونافع تقدير فنان خبير، يصطفى بعقل وتدبر الرواية التي تجمع بين المعنى والمبنى، والفكر والصيغة
كان يطيب لي أن أهيب بالفرقة أن توكل اختيار الروايات الغربية إلى أمثال الأستاذ احمد بدر خان وتترجم بسلاسة وبساطة كما ترجمها هو، وان أقول لها أشياء أخرى عن الروايات الموضوعة التي تتخبط فيها تخبط الضال في غابة كثيفة بليل مدلهم الظلام
ولكن مالي انصح الفرقة واهديها، ما فائدة الكلام في إدارتها ورجال لجانها، في ممثليها وممثلاتها؟ لم العناء في ذلك؟ بل ما الفائدة منه ما دامت تعمل وفق البداوات والنزوات؟ ولم لا أقول لها أنت خير الفرق التي ماتت وافضل الفرق السائرة في طريق الموت؟
حبيب الزحلاوي
كيف تكتب قصة الفلم؟
بقلم محمد علي ناصف
قصة الفلم: تعتبر قصة الفلم أهم النواحي الفنية فيه؛ فان من الميسور الآن أن تجد لأي فلم المخرج الذي يموله، والمدير الذي يتفهم ادارته، والممثل الذي يحسن تمثيله، ولكن ليس من السهل أن توفق إلى السيناريو الجيد الذي يبنى عليه عمل كل هؤلاء؛ ويقولون إن القصة الضعيفة تقتل النجم الكبير ومثل هذا القول لم يكن على هذه الدرجة في بدء صناعة السينما حيث كان الممثل هو أول وآخر من يحفل به؛ ولكن أهمية الكاتب أصبحت ملموسة بعد أن صار الفلم ناطقاً؛ وبعد أن ارتقت السينما وأخذت اتجاها أدبياً رفيعاً يظهر أثره يوماً بعد يوم
فمن نتائج الفلم الناطق انه أشرك الأذن مع العين في تذوق فائدة السينما؛ والإذن - علمياً - اشد انتقاداً من العين، لأنه من الجائز ألا تلمح عينك قبح وجه يخفيه طلاء متقن جميل، ولكنك لن تستطيع أن تحمل أذنك على الإعجاب بقول قبيح تستمعه في مناسبة جميلة وقد اصبح الحوار في الأفلام بعد تثقيفها من الخطورة بمكان لأنه يساعد الصورة على التعبير، وقد يكون في كثير من الأحيان أهم من نقس الصورة؛ ولقد شاهدنا فلم (روميو وجوليت) فكان إخراجه قوياً وتمثيله رائعاً وتصويره جميلاً، ولكن كان أهم ما بالفلم حكم شكسبير التي انطق بها أشخاص روايته الخالدة
كاتب الفلم: يخطئ من يحسب أن كل من له دراية بكتابة الرواية أو المسرحية أو كل من له اسم كبير في عالم الأدب يمكن الاستفادة منه في كتابة قصة الفلم؛ وقد وقع في هذا الخطأ كثير من المشتغلين بالأفلام في بدء عهودها فتعاقد هؤلاء مع موريس مترلنك، ارنولد بنيت، سير جلبرت باركر، سومرست موغام، الينور جلين، كدنان دويل وغيرهم؛ ولكن واحداً من هذه العقود لم يجدد مرة أخرى؛ وقد أصبحت حقيقة ملموسة أن اشهر كتاب القصة السينمائية ليسوا من الأسماء المعروفة في عالم الأدب إلا أن تكون الشهرة الأدبية قد جاءت ملحقة بالشهرة السينمائية
ولقد اقتنع جميع الكتاب المعاصرين الذين تخرج مؤلفاتهم في السينما بان كتابة الأفلام شئ يختلف عن كتابة الكتب فسلم أكثرهم مؤلفاتهم إلى أيدي كتاب الاستديو من غير قيد ولا شرط
محمد علي ناصف