الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 239/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 239/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 239
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 31 - 01 - 1938


المهرجانات الأدبية في موكب الزفاف الملكي

كان زفاف الفاروق الميمون موسماً من مواسم الأدب والشعر، اهتمت له جميع الهيئات الرسمية وغير الرسمية، فأعدت الحفلات الحافلة، وأقامت المهرجانات الفخمة، وتبارى الشعراء والخطباء في وصف اليوم الرائع وكلهم مجيد محسن. فأقامت جمعية الشبان المسلمين حفلة شائقة افتتحها الأمير عمر طوسون بكلمة طيبة، وأقامت اللجنة الأهلية مهرجاناً رائعاً في دار الأوبرا تكلم فيه نخبة طيبة من رجال المواهب في الشعر والخطابة، وأقامت الجامعة الأزهرية حفلاً مهيباً حضره رئيس الوزراء وخطب فيه شيخ الأزهر وكثير من الأعلام، وإنما كان أروع وأفخم جميع الحفلات والمهرجانات ذلك المهرجان الكبير الذي أقامته وزارة المعارف في دار الأوبرا الملكية في الساعة الرابعة بعد ظهر يوم الاثنين الموافق 24 يناير سنة 1938م، فقد حضره مندوب جلالة الملك، وألقى وزير المعارف كلمة الافتتاح، ثم تعاقب على منصة القول حضرات الأساتذة الشعراء علي الجارم وخليل مطران ومحمد الهراوي وعلي محمود طه، والأساتذة الخطباء عباس محمود العقاد وأحمد أمين وإبراهيم المازني وعبد العزيز البشري. وقد زاد في روعة المهرجان وأفاض عليه روح الفكاهة والبهجة أن الخطباء والشعراء عُرضوا على الجمهور عرضاً مسرحياً فكاهياً ضمن صورة تاريخية مسرحية لمجالي الشعر والأدب في عصر الرشيد وضعها الأستاذ توفيق الحكيم وهي فكرة طريفة لم يسبق إبداعها في مثل هذه المناسبات، وقد صدحت فرقة الهواة الموسيقية تحت رياسة الدكتور الحفني بالأنغام العذبة الشجية في البدء والختام

متحف فلسطين

أفتتح أخيراً في بيت المقدس متحف عظيم، قد يغدو في المستقبل القريب المتحف الثاني في الشرق الأدنى من حيث أهميته الأثرية بعد متحف القاهرة، ولهذا المتحف قصة ترتبط أيضاً بذكر متحف القاهرة؛ ففي سنة 1923 عرض المثري الأمريكي الشهير روكفلر كما نذكر، على الحكومة المصرية هبة مالية عظيمة لبناء متحف مصري عظيم، ولكن الحكومة المصرية اعتذرت من قبول هذه الهبة نظراً لما اقترن بها من شروط غير مقبولة؛ فعندئذ تدخل بعض علماء الآثار في الأمر وفي مقدمتهم العلامة الأستاذ برستيد، وتوسطوا لدى المثري روكفلر في أن يحول مشروع الهبة إلى حكومة فلسطين، فنزل عند هذه الرغبة وقدم إلى الحكومة الفلسطينية هبة قدرها مليونان من الدولارات (أربعمائة ألف جنيه) لبناء متحف عظيم في فلسطين يضم آثار الأرض المقدسة؛ وتبرعت الحكومة بالأرض التي يقام عليها المتحف وهي تبلغ نحو عشرة فدادين تقع في الجانب الشمالي الشرقي من المدينة وتشرف على جبل الزيتون، وقبة الصخرة، وربى شرق الأردن

وأقيم المتحف في هذا الموقع التاريخي على أحدث الأصول الفنية، وقسم إلى أروقة تظللها حنيات معقودة، وأقيمت في شماله حظيرة بها فسقية عربية جميلة؛ ونظمت أروقته تنظيماً تاريخياً لتكون معرضاً لتاريخ فلسطين في جميع أطواره، وجمعت فيه كل الآثار التي وجدت في فلسطين حتى اليوم، ومنها آثار العصر البرنزي حتى عصر الكنعانيين. وسيخصص فيه قسم لعرض الزخارف العربية التي استخرج معظمها من أطلال قصر هشام ابن عبد الملك التي اكتشفت أخيراً بالقرب من أريحا، وقسم آخر للتحف المصرية الآشورية، وهكذا. وقد فتح للجمهور رواق واحد هو الذي يضم آثار العصر البرنزي، وذلك حتى يتم تنظيم الأقسام الأخرى

وقد أثار افتتاح هذا المتحف الجديد اهتماماً في الدوائر الأثرية والمعتقد أنه سيكون إلى جانب آثار بيت المقدس التاريخية عاملاُ جديداً في إغراء السياح من أنحاء العالم على زيارة الأراضي المقدسة

حرب الأثير

يشهد العالم اليوم أغرب حرب عرفت في التاريخ فهي ليست صراعاً بين الجيوش والقوى المادية، بل هي صراع بين وسائل الدعاية لغزو أعظم حشد ممكن من العقول والقلوب. ولم يبق الراديو أداة للدعاية القومية أو المحلية فقط بل غدا أداة للدعاية العالمية يرسل أمواجه فيما وراء البحار إلى مختلف الأمم؛ فمن محطة باري الإيطالية تسمع الأمم العربية منذ أعوام خطباً عربية في مختلف الشئون وتسمع أنباء العالم بالعربية وتسمع الموسيقى العربية؛ ولم يكن القصد من ترتيب هذه البرامج العربية في محطة إذاعة أوربية إمتاع الأمم العربية فقط أو تحري غايات ثقافية، بل رتبت بقصد التأثير في عقول السامعين وتوجيههم إلى ناحية معينة من التفكير السياسي. ومنذ أسابيع قلائل أنشئت في لندن محطة للإذاعة العربية تنحو نحو المحطة الإيطالية في إذاعة الخطب والمحاضرات والموسيقى العربية من العاصمة الإنكليزية؛ ومن أنها أنشئت في الحقيقة لمقاومة الأثر الذي تحدثه محطة باري في نفوس الأمم العربية، فإنها لم تسلك سبيل الدعاية المفرقة، على أنها تؤمل على أي حال أن تلطف من هذا الأثر الذي اعتبر في لندن ضاراً بهيئة إنكلترا وسمعتها في الأمم العربية. والذي يلفت النظر في أمر هذه الحرب الأثيرية الغريبة هو العبرة التي يمكن للأمم العربية أن تستخلصها منها؛ فهي في كلتا الحالتين الميدان المختار لأحداث الأثر والآثار المنشودة، وهي المقصودة بالتوجيه والتحريك، ولا ريب أن الأمم العربية ليست من الغفلة بحيث يفوتها هذا الاعتبار

في مجاهل التركستان

عاد أخيراً إلى ألمانيا العلامة الرحالة الألماني الدكتور فلشر بعد رحلة خطرة في مجاهل التركستان دامت أربعة أعوام، واستقبل في برلين بحفاوة عظيمة؛ وكان قد بدأ رحلته في سنة 1934، وذلك بقصد استكشاف الخواص المغنطيسية والمعدنية للمنطقة الشاسعة التي تقع بين الصين والهند، فقصد إلى نانكين ومنها إلى التركستان في قافلة مؤلفة من زميل له وستة من الصينيين وأربعين جملاً، ولقي من الصعاب والمتاعب ما لا يوصف من اعتداء قطاع الطريق وتمرض رفاقه، والمرض المتكرر والحر المرهق. ولما وصل إلى خوتان قبض عليه الحاكم وألقاه مع رفيقه في السجن وصادر ما يحملانه من الآلات الفلكية والعلمية؛ ولبثا في السجن ستة أشهر، ثم أفرج عنهما أخيراً بتدخل ممثل إنكلترا؛ فاستأنفا رحلتهما إلى (لي) بعد أن عبرا جبال الهمالايا الشامخة

وأنفق الدكتور فلشر أربعة أعوام في الدرس والاستكشاف وفي رأيه أن هذه المناطق غنية بالبترول ولا سيما في شرق التركستان حيث تبدو آثار الزيت ماثلة في مياه الأنهر، كذلك هناك ما يحمل على الاعتقاد بوجود الذهب في سهل كشغر نظراً لأن الأهالي يحرزون كثيراً من تراب هذا المعدن النفيس

وقد زار الدكتور فلشر هذه المناطق من قبل في سنة 1903 حيث سافر من طشقند في التركستان الروسية إلى منغوليا وكنسو، وفي سنة 1926 عاد إلى طشقند وسار منها إلى تنجاز، ثم عاد إلى الهند بطريق كشمير، فهو بذلك من العلماء الخبيرين بهذه المنطقة وخواصها

نسائم الأستاذ الجارم

الأستاذ علي الجارم الأديب الكبير وخليفة (شوقي) في مصر عند طائفة يقول في لاميته في المهرجان الملكي:

يفديه غصن الدوح ريان ناضراً ... إذا اهتز في كف النسائم مائله

فجاء بالنسائم جمعاً للنسيم أو للنسمة، والمعروف أن جمع نسيم أنسام وجمع نسمة نَسم وسالمها نسمات، ولم ترد هذه (النسائم) في كلام إسلامي أو مولد. دع عنك المخضرم والجاهلي، والمتأخر والعصري ما هما حجة

(الإسكندرية)

(* * *)

مخطوط للموسيقي موتسارت

ظهرت أخيراً تحفة أثرية جديدة للموسيقى الأشهر موتسارت هي عبارة عن مذكراته التي كانت يكتبها (بالألمانية) عن حياته وتآليفه الموسيقية في مذكرة جيب صغيرة، وقد كانت هذه التحفة في حوزة أحد الهواة الإنكليز، فعمل أخيراً على تصويرها، وطبعها أحد الناشرين الإنكليز، ولم يغير شيئاً فيها بل نقلها كما هي في لوحات (أكليشيهات) مصورة، وبذلك يستطيع القارئ أن يقرأ فيها محتويات بخط الموسيقي نفسه

وفاة مستر كيلوج

ليس في الدنيا رجل محب لسلام العالم لا يعرف مستر كليوج صاحب الميثاق المعروف باسمه لعدم اتخاذ الحرب وسيلة لحسم المنازعات التي تحدث بين الدول. . . هذا الميثاق الذي حمل غصن الزيتون طويلاً والذي أقرته الدول قاطبة، وكانت اليابان ثم إيطاليا أول من جعله قصاصة ورق لا قيمة لها من حيث القيمة الفعلية. . .

مات مستر كليوج في 22 ديسمبر الماضي في سن الحادية والثمانين بعد حياة موفورة مليئة بجلائل الأعمال. . . حياة غالية غزيرة الحب للإنسانية، هي المثل الأعلى لما يجب أن تكون عليه حياة العظماء العصاميين في كل زمن ومكان

ولد كيلوج في ديسمبر سنة 1856 من أبوين فلاحين وعمل في المزرعة مع أبيه ثم تردد على مدرسة أولية تعلم فيها القراءة والكتابة ورشف قدراً تافهاً من المعلومات البسيطة أغراه بالدراسة العالية بطريق المراسلة والانتساب من الخارج حتى نال إجازته التي فتحت له باب المجد على مصراعيه فما زال يرقى من منصب إلى منصب حتى عين سنة 1924 سفيراً لبلاده (والولايات المتحدة) في لندن وفيها سعى حتى عقد ميثاقه ضد الحرب بين الدول ثم نقل إلى واشنطون ليظل سكرتيراً للجمهورية طوال رئاسة مستر كوليدج (1925 - 1929) ثم عين قاضياً لمحكمة (إلهاج كورت). . . . . . وهكذا كانت حياته سلسلة من المفاخر سيزهى بها أسمه على اسكندر قيصر روسيا وولسن رئيس أمريكا وغيرهما من خدام السلام

صومبارت والوطنية الاشتراكية

أفلحت النازية - أو أفلحت الاشتراكية الوطنية الألمانية - في خلق فلسفة جديدة ثابتة الدعائم هي الآن ألد أعداء الماركسية أو بالأخرى الشيوعية، وقد كتب العلامة فرنر صومبارت كتابه العظيم (فلسفة جديدة اشتراكية فلفت إليه الأنظار بما تناول به كتاب كارل ماركس (الرأسمالية الحديثة) من النقد المر والتجريح البارع، وقد ارتفع العلامة صومبارت بكتابه هذا إلى مرتبة هِيِجل في الوطنية الألمانية، والألمانيون يتخذون من كتابه إنجيلاً جديداً يذكي فيهم روح المطامع العالية التي نفختها فيهم النازية والتي نفخها في أسلافهم هجل من قبل. وصومبارت يدعو إلى فلسفة إيجابية تأتي من الله مباشرة، فلا تعرف هذه الطريق الملتوية المكتظة بالوسطاء من قسس وأحبار ودهاقين؛ وهذا هو الذي أثار عليه الكنيسة وخلق منها عدواً داخليّاً لألمانيا النازية، بل هو أيضاً ما ألب الألمان على اليهود وحفزهم إلى طردهم خارج الوطن الألماني المقدس لأن النازية لا تعنى بشيء أكثر مما تعنى بالوحدة في كل شيء

تاريخ أبن حيان

صدر أخيراً القسم الثالث من الجزء الذي انتهى إلينا من تاريخ ابن حيان مؤرخ الأندلس مطبوعاً بعناية بعض المستشرقين وقد نشر هذا الجزء بأقسامه الثلاثة عن مخطوط وحيد تحتفظ به مكتبة (بودليان) الإنكليزية؛ وتبدو نفاسته وأهميته متى علمنا أن مؤلفه أبو مروان ابن حيان هو أعظم مؤرخي الأندلس المسلمة؛ وهو جزء من تاريخه الشهير المسمى (المقتبس في تاريخ الأندلس) وفيه يستعرض تاريخ الأندلس منذ الفتح إلى أوائل الطوائف، ويعنى عناية خاصة بترجمة العلماء، ويتعلق الجزء المنشور بعهد الأمير عبد الله الأموي (275 - 300هـ) وهو عصر من اخطر عصور الدولة الأموية، وفيه كانت ثورات الأندلس الشهيرة ومنها ثورة ابن حفصون أعظم ثوار الأندلس؛ هذا ويظن بعض العلماء المطلعين أن كتاب (المقتبس) بأكمله لم يفقد نهائياً، وأنه ربما وجدت منه نسخة في بعض مجموعات المغرب؛ خصوصاً وأنه كان حتى القرن الحادي عشر الهجري مرجعاً للكتاب المتأخرين ومنهم المقري

مقدمة ابن خلدون بالفرنسية

منذ نحو قرن وضع المستشرق الفرنسي البارون دي سلان ترجمة فرنسية لمقدمة ابن خلدون، صدرها بترجمة لحياته مشتقة مما كتبه ابن خلدون نفسه عن حياته في (التعريف) وقد لبثت هذه الترجمة عمدة المستشرقين حتى يومنا؛ وقد فكر لفيفهم في إعادة طبع هذه الترجمة وتنقيحها وإخراجها في ثوب جديد؛ وبالفعل صدرت أخيراً طبعة جديدة لترجمة دي سلان تفضل الترجمة القديمة بكثير، وهي كالقديمة في ثلاث مجلدات كبيرة، منقحة مهمشة ذات فهارس جديدة