مجلة الرسالة/العدد 237/البريد الأدبي
→ القصص | مجلة الرسالة - العدد 237 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
مهرجان الأدب في الزفاف الملكي ← |
بتاريخ: 17 - 01 - 1938 |
العربية والإنكليزية
كنت كاتب في جريدة (الأجبشيان جازيت) عن تعلم المصرين اللغة الإنكليزية يقول إن المصرين في مقدمة الشعوب التي تتقن التكلم والنطق بالإنكليزية، ولكنهم لا يصلون في ذلك إلى براعة السويديين والهولنديين وإن كانوا يفوقون الألمان والفرنسيين في ذلك بمراحل؛ ويرجع ذلك إلى أن الطلبة المصريين يتلقون اللغة الإنكليزية في مراحل الدراسة الأولى من الأساتذة الإنكليز أنفسهم، ويخصصون لدراستها في الأسبوع عدة ساعات، وبذلك تتاح لهم فرصة ملائمة لتلقي نطقها ولهجتها من أبنائها الأصليين، وبذلك ينجون من اللهجات الغريبة التي تخالطها أحياناً البلاد الأخرى.
وفي قول الكاتب كثير من الصحة، ولكنا نستطيع أن نزيد على قوله أن الطلبة المصرين لم يبلغوا في تحصيل اللغة الإنكليزية ما كان حقيقاً بهم أن يبلغوه في مثل هذه الظروف والفرص الملائمة، فالحصص التي تخصص لتدريس الإنكليزية في مدارسنا الثانوية تكاد تعادل الحصص التي تخصص للعربية، ومع ذلك فقد لوحظ أن الطلبة يلاقون في تعلمها صعاباً شديدة، وأنهم ما زالوا في تعلمها في مستوى لا يبعث على الرضى. وقد كان لهذه المسالة ضجة في العام الماضي اهتم لها رجال التعليم والمسئولون من رجال وزارة المعارف.
على أن الذي نريد أن ننوه به هنا هو أنه إذا كان للمصرين حظ من إتقان اللغة الإنكليزية سواء في التحدث أو الكتابة بها فإنه من بواعث الأسف أن يجيء هذا الإتقان في أحوال كثيرة على حساب اللغة العربية. وإذا كان ضعف الطلبة في اللغة الإنكليزية قد لفت نظر المسئولين من رجال التربية، فأن ضعفهم في اللغة العربية كان أيضاً باعثاً إلى الاهتمام والنظر.
وفي رأينا أن اللغة العربية ما زالت مغبونة الحق في مدارسنا الثانوية، وقد كان طغيان الإنكليزية والفرنسية على مناهج التعليم في الماضي مفهوماً، وكانت لذلك ظروفه وبواعثه. ومن الحق أن نقول إن هذا الافتئات عل حقوق العربية في الماضي كانت له آثار سيئة في تكوين الأسس التي قام عليها التعليم القومي في العهد المنقضي؛ ولكنا لا نفهم لماذا يبقى هذا الافتئات باقياً إلى اليوم بعد أن تحررت برامج التعليم من القيود التي كانت تحول في الماضي دون تقديم العربية على سواها.
إن تعليم اللغات الأجنبية الحية من العناصر الجوهرية في تكوين الثقافات الحديثة؛ ولا شك أن الإنكليزية والفرنسية من أهم اللغات الثقافية، ولكن الذي نرجوه هو ألا يبقى هذا العنصر الأجنبي كما كان في الماضي أداة للغزو الثقافي والمعنوي على حساب اللغة القومية، وأن يقتصر الأمر فيه على الاغتراف من مناهل الثقافة والعرفان.
هل كانت الفيوم منزل شعب في العصر الحجري
عثر المنقبون أخيراً في بقعة أثرية على مقربة من بحيرة قارون بمديرية الفيوم على جمجمة بشرية قديمة جداً. وقد عرضت هذه الجمجمة على العلامة الدكتور دري أستاذ التشريح بكلية الطب المصرية، فقرر بعد الفحص أنها لرجل بالغ، ويغلب علي الظن أنه كان ضعيف العقل نظراً لصغر حجمها عن الطبيعي. على أن هذا الفحص التشريحي ليس أهم ما في الموضوع، وإنما هو القيمة الأثرية؛ فقد عرفت هذه البقعة المجاورة لبحيرة قارون بأنها كانت وطن شعب مصري قديم يرجع إلى آلاف السنين قبل الميلاد. ووجد فيها العلماء المنقبون ولا سيما العلامة الألماني يونكر كثيراً من الآثار التي تدل على أن هذه البقعة قد عرفت العصر الحجري. ودلّ فحص الجمجمة المشار إليها من الوجهة الأثرية على أنها لإنسان عاش منذ نحو ثمانية آلاف عام. فإذا صح ذلك فأن علم الآثار المصرية يخطو خطوة جديدة نحو معرفة التاريخ المصري القديم. ذلك لأن قدم الوثائق الفرعونية التي عثر علها ترجع إلى نحو ثلاثة آلاف عام قبل المسيح أي إلى خمسة آلاف عام؛ ولكن هذه اللقطة الجديدة إذا عززت ببعض آثار أخرى توجد في نفس المنطقة وتماثلها في القدم، قد توجه أنظار الباحثين إلى مرحلة أقدم جداً من تاريخ مصر الفرعونية.
هذا وقد أحال الدكتور دري هذه المسألة إلى العلامة في الأجناس الدكتور تيودور منود مدير متحف التاريخ الطبيعي بباريس، فأجاب بأن خواص الفلين في الجمجمة المشار إليها توجد الآن عند كثير من فصائل الزنوج في أفريقية الشمالية، وفي الصحراء الكبرى. وتاريخ هذا الإنسان مجهول، ويوجد بين القبائل المغربية قبائل تحمل جماجمها بعض هذه الخواص.
وإذن فالمسألة ما تزال موضع البحث والتحقيق.
جائزة فاروق الأول
استقر الرأي على أن يطلق على الجوائز التي أقترحها الدكتور حافظ عفيفي باشا لتشجيع الحركة الأدبية والعلمية: جوائز فاروق الأول في الأدب وفي غيره من الفروع والفنون التي يستحق صاحبها من أجلها تلك الجائزة. ورأت اللجنة جعل الموضوعات التي تدخل في نطاق الجائزة ستة تتصل بالحياة المصرية في الأدب والقصص والاجتماع والتشريع والتعليم والزراعة.
وتقرر أن تكون قيمة كل جائزة خمسمائة جنيه وأن يكون التقدم إليها مرة في كل عامين. ورأت اللجنة توثيقاً لأواصر اللغة وتوحيداً للثقافة بين أبناء الأمم الشرقية إباحة دخول المسابقة في جوائز الأدب والقصص والاجتماع للشرقيين من أبناء العربية.
ودرست اللجنة طريقة اختيار المؤلفات، وهل ينحى فيها نحو (جائزة نوبل) أو يكتفي بأن يتقدم الكتاب والمؤلفون بكتبهم وتآليفهم مطبوعة طبعاً جيداً. وقد استقر الرأي على الأخذ بالطريقة الأخيرة.
وعند إقرار المبدأ تؤلف اللجان الفنية المختصة كل عامين لبحث ما يتجمع لديها في هذا الصدد. وقد لوحظ في جعل المدة سنتين أن تتاح الفرصة الكافية لكبار المؤلفين لإجادة ما يكتبون وما يؤلفون.
لجنة تنظيم الصحافة
يشتغل صاحب المعالي الدكتور محمد حسين هيكل بك وزير الدولة، ببحث المسائل التي درستها اللجنة الحكومية (لتنظيم جمعية الصحافة وترقية شؤونها).
وقد استقر الرأي على أن يضم إلى اللجنة أعضاء جدد من كبار الموظفين وأصحاب الصحف.
وسيرأس اجتماعها القادم صاحب الدولة رئيس الوزراء.