مجلة الرسالة/العدد 236/قبرة شيلي
→ مقدمة حضارة العرب | مجلة الرسالة - العدد 236 قبرة شيلي [[مؤلف:|]] |
أناشيد صوفية ← |
بتاريخ: 10 - 01 - 1938 |
للأديب نظمي خليل
نقل الأستاذ خليل هنداوي إلى قراء الرسالة في العدد 235 قصيدة القبرة للشاعر شيلي نقلاً مختصراً فآثرت أن أنقلها على نصها الكامل
سلام عليك أيها الروح الخفيف!
سلام عليك أيها الطائر الذي لم تلامس الأرض، ولكنك تحلق في أطباق السماء العامرة
بينابيع الفن الأصيل حيث تنسكب في قلبك!
تشيل من الأرض وتسمو عالياً وعالياً كسحابة من نار وترفرف بجناحيك في طبقات الجو
الصافي. ثم تشدو وأنت تحلق وتحلق وأنت تشدو!
في الأنوار الذهبية للشمس الغارقة في بحار السحب تطير وتسبح. . .!
أيها الطائر. إنك وإن كنت بعيداً عن أنظارنا، ولكني أسمع أنشودة سرورك. . .!
تملأ الأرض والجو بصوتك إذا ما خلع الليل رداء السحب وسقطت أشعة القمر الباردة
فغمرت الكون. . .!
أما أنت، فلن ندركك. فما الذي يشبهك. . .؟
إن قطرات المياه التي تسحها السحب لا تبهجنا كتلك القطرات الموسيقية التي تهبط من
لدنك!
إنك شاعر مختبئ في ضوء الفكر يترنم بأناشيد الخلود حتى يتنبه له العالم فيحنو على
الآمال ولا يعبأ بالمخاوف
أو كعذراء كريمة الأصل في قصرها الحصين قد اختلست ساعة تسري عن نفسها جوى
الحب بموسيقاها العذبة التي تغمر خميلتها. . .
أو كحشرة ذهبية وهاجة في رض ندية ترسل لونها الشفاف في صمت وخفاء بين
الأزهار والحشائش التي تحجبها عن الأنظار
أو كوردة مستترة في أوراقها الخضراء تفتحت أكمامها بريح ساخنة ففاح شذا عرفها
القوي الجذاب. . .
إن صوت قطرات الربيع على الحشائش النضرة كان مبهجاً عذباً، ولكنها دون موسيقاك.
خبرني أيها الخيال أو العصفور أي أفكار سامية أفكارك؟
إن لغتك أسمى من لغة الحب وحميا الكأس!
أهو نشيد مرتمين، أم أغنية نصر قد بارتك. فلم تكن إلا ادعاء كاذباً. . .!
من أي الينابيع تستقي سعادتك. . . أمن الحقول، أم من الأمواج، أم من الجبال، أم من
الأجواء، أم من السهول. .؟
إن سرورك العميق الصافي لن يفتر أو يقل. .!
شبح الكدر لن يحوم حولك. .!
إنك تحب. ولكنك لم تعرف ثمالة الحب المحزنة
تفكر في الموت يقظان ونائماً. وفي أشياء أسمى وأصدق مما نحلم به نحن الفانين وإلا
فكيف استطعت التحليق في هذا الجو البلوري
أما نحن، فإننا ننظر أمامنا وخلفنا. ونذوب أسى للشيء الغامض الخفي ويشوب سرورنا
بعض الألم. .!
إن أعذب أناشيدنا ما كانت تفصح عن أحزن الأفكار لو استطعنا أن نزدري البغضاء
بالكبرياء والخوف. بل لو خلقنا لا نذرف دمعة واحدة لما عرفنا سر اقترابنا من فرحك دائماً!
أيها المزدري الأرض، إن مهارتك كانت أجدى على الشاعر من ضروب الأصوات
السارة، ومن جمع الكنوز التي تحتويها بطون الكتب!
هبني نصف الفرح الذي حواه فؤادك. .!
لقد خرج هذا الحنق الموسيقي من شفتي. .!
وعلى العالم أن يصغي كما أصغي أنا الآن. .!
نظمي خليل