الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 220/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 220/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 220
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 20 - 09 - 1937


تشجيع جلالة الملك للكتاب والمؤلفين

تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك فأمر بمنح الأستاذ محمد بدران ناظر مدرسة بنبا قادن الابتدائية والعضو في لجنة التأليف والترجمة والنشر خمسين جنيهاً تشجيعاً له على ما بذله من جهد في ترجمة كتاب (إبراهيم باشا) فقابل الأستاذ بدران هذا العطف الملكي الكريم بالشكر والضراعة إلى الله أن يحفظ لمصر فاروقها

مدالية ذهبية إسلامية إلى فضيلة الأستاذ شيخ الجامع الأزهر

تلقت مشيخة الأزهر في الأيام الأخيرة كتاباً من وزارة الخارجية، جاء فيه أن جمعية (إسلام سيفا سماج) - وهي جمعية إسلامية كبرى في بومباي - قد قررت منح حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الجامع الأزهر (المدالية الذهبية الإسلامية) التي أنشأتها هذه الجمعية وجعلتها وقفاً على كبار المسلمين الذين يؤدون أعمالا ذات أثر ملموس في تاريخ النهضات الإسلامية الحديثة

وقد أرسلت الجمعية هذه المدالية الذهبية منذ أيام إلى فضيلة الأستاذ الأكبر مشفوعة بصورة من قرار مجلس إدارتها

متى يعلن الأدب المصري عن نفسه

ظهرت أخيراً ترجمة ألمانية لرواية تركية من قلم الكاتب التركي قربان سعيد عنوانها (علي ونينو) فأثار ظهورها اهتماماً في دوائر النقد الأدبي، وظهرت عنها في الصحف الألمانية عدة مقالات نقدية، ووصفها أحد النقدة المعروفين في إحدى الصحف النمسوية الكبرى بأنها رحلة بديعة في القوقاز وبلاد الكرج وفارس، وفي تلك المناطق التي لا يؤمها الأوربي كثيراً والتي تختلط فيها المذاهب واللغات المختلفة في صعيد واحد. وليست هذه أول مرة يترجم فيها الأدب التركي الحديث إلى اللغات الأوربية، ولكن المهم هو أن كاتباً تركياً يستطيع بإنتاجه الأدبي أن يتقرب إلى الذوق الغربي، وأن يثير اهتمام الدوائر النقدية الأوربية. ولا ريب أن الحركة الفكرية في تركيا الحديثة لم تبلغ ما بلغته الحركة الفكرية في مصر من القوة والتقدم، ولكنها تمتاز بخاصة لم يبلغها الأدب المصري بعد، وهي أنه استطاعت في بعض النواحي أن تجاري الحركات الأدبية الأوربية وأن تعرف عن نفسها، وأن تلفت أنظار النقد الأوربي، وأن تنال استحسانه في بعض الأحيان. أما في مصر فمن بواعث الأسف أننا لم نوفق في هذه الناحية بعد، ولا تزال الأمم الأوربية تجهل كل شيء عن أدبنا وتفكيرنا. نعم ترجمت في الأعوام الأخيرة بعض القصص المصرية إلى بعض اللغات الأوربية، ولكنها لم تثر اهتماماً نقدياً كافياً، وكان نقلها إلى الأدب الأوربي نتيجة اتصالات شخصية، ولم يكن مترتباً على مزاياها الأدبية الخاصة. وما دام الإنتاج القصصي في مصر يعتمد على النقل والاقتباس، ولا يتحرى الطرافة ودراسة الحياة والظروف القومية فانه سيبقى حيث هو مجهولا من الأدب الأوربي

أما قصة (علي ونينو) هذه التي أثارت استحسان النقد الأوربي، فهي قصة غرامية شائقة وقعت حوادثها في مدينة باكو حيث كان (علي) يدرس في جامعتها، وحيث عرف (نينو) أجمل فتاة في العالم، وهي تقدم لنا صوراً حسنة عن الحياة الشرقية في القوقاز وبلاد الكرج وفارس، وعن العواطف والمشاعر والأخلاق في هذه الأنحاء

الاعتراف باللغة العربية لغة رسمية في عصبة الأمم

هبطت على (الأهرام) برقية من جنيف في اليوم السادس عشر من هذا الشهر تقول:

(ظهر علي الشمسي باشا مندوب مصر في عصبة الأمم للمرة الأولى في اللجنة السادسة التابعة لهذه العصبة فأحرز فيها نجاحاً جديراً بأن تفاخر مصر به وبان تشكره عليه جميع البلاد التي تتكلم باللغة العربية

فمن المعلوم أن جميع البيانات والمنشورات التي تتعلق بالتعاون الفكري كانت تصدر حتى الآن باللغتين الفرنسوية والإنجليزية. ولكن علي الشمسي باشا أظهر ما لمصر من المكانة منذ افتتاح جلسة اللجنة بتدخله في المباحثة تدخلاً باهراً أثبت على أثره الفائدة العظيمة والحاجة الماسة إلى الاعتراف للغة العربية بمثل الحقوق التي تتمتع بها اللغتان الفرنسوية والإنجليزية)

وقد أوضح هذه النظرية ببلاغة نادرة، وأيدها بحجج دامغة وافق عليها جميع المندوبين وهم من أعظم المفكرين في جميع البلدان

وهكذا قبل اقتراح علي الشمسي باشا ووافقت اللجنة بإجماع الآراء على استعمال اللغة العربية فدخلت هذه اللغة دخولاً باهراً في الميدان الدولي وأصبح من الواجب الاعتراف بعلي الشمسي باشا بأنه أدى لمصر وجميع البلاد العربية أعظم الخدم وأجلها

معرض باريس

هل كان معرض باريس الدولي دعاية حسنة لفرنسا، وهل تحقق ما كان معقوداً علية من الآمال؟ هذا ما تتساءل عنه معظم الصحف الفرنسية؛ وترى صحف اليسار الاشتراكية أن المعرض كان نجاحاً عظيماً لحكومة الجبهة الشعبية التي افتتح في ظلها، والتي أشرفت على مراحله الأخيرة، ولكن صحف الكتلة الوطنية ترى أن معرض باريس كان كارثة على سمعة فرنسا، وأنه كان فشلاً ذريعاً للحكم الاشتراكي؛ وتقول في التدليل على ذلك إن المعرض قد فتح بصفة رسمية منذ 25 مايو الماضي، ولكنه فتح قبل أن تتم معظم أقسامه، ولا تزال إلى اليوم بعد أشهر من افتتاحه أقسام لم يتم إعدادها. ولم يجذب معرض باريس إليه إلى اليوم ما كان منتظراً من الزائرين، ولم تقم حكومة الجبهة الشعبية بدعاية قوية في هذا السبيل، ولم تقدم من التسهيلات ما يغري بزيارته. وقد شعرت الحكومة بفشلها ففكرت أن تمد أجل المعرض عاماً آخر ابتداء من نوفمبر القادم وهو الموعد الذي حدد لإغلاقه؛ ولكن تقوم دون ذلك صعاب كثيرة يجب تذليلها، وذلك لأن كثيراً من الأمم الكبرى المشتركة في المعرض مثل ألمانيا وإنكلترا تعارض في مد الأجل لأنها تحتاج إلى معروضاتها لتعرض في جهات أخرى، ولأنها لا تستطيع أن تستمر في الأشراف على أقسامها في معرض باريس إلى أجل غير مسمى، والحكومة الفرنسية تسعى إلى مد الأجل لكي تستطيع تحصيل نفقات المعرض وهي تقدر بمليارات الفرنكات؛ وتقدر إدارة المعرض أنه يجب لتحصيل هذه النفقات أن يزور المعرض على الأقل عشرون مليون من الزائرين، وهو عدد لم يتحقق إلى اليوم سدسه ولا خمسه. وعلى أي حال فان مصير المعرض لن يتطور قبل نوفمبر القادم وهو موعد إغلاقه الأصلي

ضوء جديد على اللغز الروسي

مازالت روسيا لغزاً مغلقاً على المؤرخ والسياسي، يصعب النفاذ إلى روحها وعقليتها؛ فهي تخرج من ثورة إلى ثورة، وتتحرر من طغيان القيصرية لتقع بين براثن طغيان أشد وأروع هو طغيان البلشفية. وقد ظهر أخيراً بالإنكليزية كتاب قيم يلقي كثيراً من الضياء على اللغز الروسي، ويشرح لنا تكوين روسيا السياسي في مراحله المختلفة؛ وعنوانه: (تاريخ روسيا السياسي والدبلوماسي بقلم الأستاذ المؤرخ فرنادسكي ويقول الأستاذ فرنادسكي إن نظام الطغيان هو نوع الحكم الوحيد الذي يصلح لروسيا، وإن روسيا عاشت مدى الأربعمائة عام الماضية تحت نير الطغيان؛ ويستعرض العوامل الجغرافية والتاريخية التي تؤيد هذه النظرية؛ فروسيا أعظم أمم الأرض من حيث المساحة، وكما أن حرمان ألمانيا من الحدود الطبيعية جعلها دائماً دولة عسكرية من الطراز الأول، فكذلك حاجة روسيا إلى الدفاع عن أقاليمها الشاسعة يجعلها في حاجة إلى اليد والنظم الحديدية. ولروسيا مهمة جعلتها قبلتها دائماً هي حماية الشعوب السلافية؛ وروسيا السوفيتية تسير على هذه السياسة لأن ظروفها وعواملها لم تتغير. ويقول لنا الأستاذ فرنادسكي أيضاً أنه يستحيل علينا أن نفهم روسيا المعاصرة إلا إذا وقفنا على العناصر الني تتكون منها، وكتاب الأستاذ فرنادسكي الجديد هو في الواقع ملحق لكتابه القيم عن تاريخ روسيا الذي ظهر في سنة 1929أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأااااالللللللااالحج08984564674897، وأثار إعجاب الدوائر الأوربية والتاريخية بدقة عرضه وقوة تصويره ورزانة استنتاجه؛ وقد وصفته الدوائر النقدية يومئذٍ بأنه أعظم كتاب ظهر عن روسيا في عصرنا، وقد استقبل كتاب الأستاذ فرنادسكي الجديد بمثل ما استقبل به كتابه الأول من الإعجاب والتقدير؛ ويعتبر فرنادسكي أعظم أستاذ في عصرنا للتاريخ الروسي.

جائزة جيته

كانت لجنة نوبل بجامعة استوكهلم قد منحت في أوائل هذا العام جائزة نوبل للسلم للكاتب الألماني فون أوسيتسكي، وكان لذلك وقع سيئ لدى حكومة ألمانيا النازية، لأن فون أوسيتسكي كاتب ديموقراطي يدعو إلى السلام ومقاطعة الحرب، وهذا ما لا يروق لزعماء ألمانيا الحاضرة؛ وكان أوسيتسكي معتقلاً في أحد المستشفيات حينما أسند إليه هذا الشرف الدولي العظيم؛ وقد احتجت الحكومة الألمانية يومئذٍ على ما اعتبرته تحدياً لها، وقرر الهر هتلر أن يحرم الكتاب على الكتاب الألمان قبول جوائز نوبل، وأمر بإنشاء جائزة أدبية كبرى تسمى بجائزة (جيته) وتخصص لأعظم كاتب ألماني يخدم بقلمه ودعوته الحركة الاشتراكية الوطنية الألمانية. وفي الأنباء الأخيرة أن جائزة (جيته) منحت للكاتب الألماني أروين جيدو كولنهاير، وهو من الكتاب الشيوخ، ولكنه استطاع أن يجاري النازية، وأن يحوز استحسان زعماء ألمانيا الحاضرة؛ ولم تكن له شهرة أدبية من قبل، ولكن الاعتبار الأول في منحه هذه الجائزة الكبرى، هو أنه خدم الحركة النازية بقلمه ودعايته؛ وقد علق أحد الكتاب الألمان المنفيين على ذلك بقوله: (إن النجاح الذي أسبغته جائزة جيته على كولنهاير قد عوضه عن الفشل الذي ما فتئ يلاقيه في حياته الأدبية)

الأستاذ استراتمان

في اليوم الرابع من شهر سبتمبر سنة 1927 بلغ الأستاذ الكبير المستشرق الستين من عمره، وهو مدير المعهد الشرقي بجامعة هامبورج، والأستاذ الألماني الوحيد المتخصص في الفرق الإسلامية والمخرج لمجلة

لهذا الأستاذ كثير من الأبحاث الإسلامية وله مؤلفات عدة تمتاز بالدقة العلمية والمنطق السليم وتعد لهذا من المراجع الأولى في الأوساط الأوربية للاستشراق، لأنه إذا كتب يكتب عن تفكير وروية ثم عن احتياط شديد. وهذا غاية ما يمتاز به العالم.

وفوق ما له من المزايا العلمية وسعة الاطلاع فهو وديع هادئ لا يحب الظهور، ولا يميل إلى الإعلان عن نفسه؛ يسير مع طلبته كأحدهم ولكنه مع ذلك لا يتهاون في النقد العلمي معهم، بل قد تكون له في ذلك أحياناً ثورة نفسية باعثها الرغبة الشديدة في تعويد تلامذته الكتابة العلمية، ومن ورائها قلب طاهر يضمر لهم كل محبة وإخلاص.

يرحب بالمصريين ولا يضن عليهم بإرشاداته القيمة وإن أخذت كثيراً من وقته؛ ويعمل دائماً على تعريفهم بمشاهير علماء الاستشراق في أوربا، فإذا وفد إليه وافد من هؤلاء سارع إلى دعوة طلبته وفي مقدمتهم المصريون إلى منزله البهيج النظر لتبادل الحديث والتعرف بالوافد ثم يشيعهم بعد ذلك بكل عطف. فضلاً عن أنه يدعوهم من وقت لآخر لتوثيق عرى الرابطة بينهم.

فإذا بلغ اليوم الستين من عمره فإنما يبلغها ووراءه مفخرة عظيمة من الأبحاث العلمية المستقلة وطلبة نجباء في كثير من بقاع الأرض.

دكتور محمد البهي ماذا تعني الفاشستية

لم تثر مسألة من المسائل في عصرنا من الجدل قدر ما تثير الفاشستية؛ ومع ذلك فلا يزال معنى الفاشستية ومراميها الحقيقية بعيداً عن فهم الرجل العادي. وقد صدر أخيراً بالإنكليزية كتاب يوضح هذا اللغز ويفسره عنوانه (الفاشستي) بقلم الكاتب السياسي ا. أشتون وفيه يحلل معنى الفاشستية ويستعرض مثلها بطريقة واضحة. ومما يلاحظه في مقدمة كتابه أن من العبث أن ندرس الفاشستية من واقع عقائدنا وآرائنا السياسية، بل لا بد لذلك من أن نلبس جلد الفاشستي؛ وهو يحاول ذلك في كتابه؛ ويلخص لنا مستر أشتون مركز الفرد في الدولة الفاشستية بما يأتي: (إن الفرد لا قيمة له في نظر الدولة مطلقاً، وليس له حق البقاء إلا كفرد من المجتمع؛ وقد استبدلت حقوقه الشخصية بتسليم كل أفكاره ومشاعره ورغباته إلى الدولة، فلا حق له في التفكير أو التقدير؛ ولهذا أصبحت قوة التقدير عنده معطلة جامدة، وكل ما يسمح له أن يفكر فيه هو ما تسمح به الدولة أن يفكر؛ وهو يدهش إذ يرى في العالم أناساً لا يعتقدون أن الفاشستية هي خير طريق إلى الحياة)

ويلاحظ المؤلف أيضاً أن من خطل الرأي أن نعتقد أن الأكثرية من الدولتين الخاضعتين للنظم الفاشستية، وهما إيطاليا وألمانيا، ساخطة على هذه النظم؛ ولكن يلاحظ من جهة أخرى أن ألمانيا وإيطاليا هما دولتان في طور الفتوة، وليست لإحداهما كما لإنكلترا أو فرنسا أو أمريكا تقاليد ديمقراطية عريقة؛ بل لقد كانت الفكرة الديمقراطية لديهما طارئة، ولم يرسخ غرسها؛ ومن ثم قد استحالت الديمقراطية في إيطاليا غير بعيد إلى حالة من الفوضى يستغلها المحترفون، وأما الشعب الألماني فهو بطبعه شعب عسكري يجنح إلى النظام والالتفاف تحت الألوية العسكرية، ويقدم خضوعه للنظم التي تشبع بهذه الروح بسهولة لا توجد في الشعوب الأخرى.

مصاير الحرب والسلام في أوربا

لفت أنظار الدوائر السياسية في إنكلترا وفي القارة كتاب سياسي خطير ظهر أخيراً بالإنكليزية عن نيات ألمانيا ومشاريعها العسكرية عنوانه: (مؤامرة هتلر ضد السلام) ' ومؤلفه الدكتور اكنر (وهو غير الطيار الشهير) أحد الكتاب الألمان المنفيين؛ وفيه يستعرض أغراض هتلر العسكرية كما يبسطها في كتابه المعروف (كفاحي) ويدلل على أن ألمانيا النازية قد قطعت شوطاً كبيراً في الاستعداد لتنفيذ هذا البرنامج بالعنف والسيف؛ وهذه مسألة ليست جديدة في الواقع، ولكن الجديد في كتاب الدكتور اكنر هو المعلومات الهامة التي يذيعها عن جهود الحكومة النازية لتكوين العقلية العسكرية في الشعب الألماني وإقناعه بأن الحرب هي وحدها طريق المجد والرخاء، وعن الدعاية المدهشة التي تنظم في ألمانيا ضد الدول التي يعتبرها النازي عقبة في سبيل أحلام ألمانيا. كذلك يقدم لنا المؤلف طائفة من المعلومات الجديدة عن مشاريع ألمانيا في أسبانيا وآمالها في محالفة الحكومة الفاشستية التي تحاول أن تعاون في إقامتها فيها، وعن أطماع ألمانيا في المشرق ووسائلها لتمهيد لهذه الأطماع؛ وهذه الحقائق الغريبة يدعمها المؤلف بطائفة من الوثائق والأدلة الهامة السرية والعلنية. والكتاب صفحة هامة من التاريخ السياسي تلقى ضياء كبيراً على مصاير الحرب والسلام في أوربا

كتاب عن المسألة الاستعمارية

أضحت المسألة الاستعمارية من أخطر المشاكل الدولية التي تهدد سلام العالم؛ وما زالت المأساة الحبشية ماثلة أمام الأعين بكل روعتها، فقد ذهبت أمة عريقة في الاستقلال هي الحبشة ضحية لهذه الشهوة الاستعمارية الخطرة وأدركت الأمم الصغيرة مرة أخرى أن الحق والسلام والعدالة كلمات جوفاء إذا لم تدعمها القوة الغاشمة. وقد صدر أخيراً كتاب خطير عن المسألة الاستعمارية عنوانه (المسألة الاستعمارية: أهميتها الدولية) , بقلم الأستاذ الدكتور بون؛ وفيه يبحث الكاتب دعاوى الدول المحرومة من المستعمرات مثل ألمانيا وإيطاليا واليابان في المساواة الاستعمارية ويستعرض ثروات الأمم الاستعمارية الكبرى وعدد سكانها ومواردها الطبيعية وموارد مستعمراتها، ويقارن مزاياها الاقتصادية، ويخرج من بحثه بأن القيمة الاقتصادية للمستعمرات مبالغ فيها لأنها ليست في الواقع عاملاً مفيداً في تخفيف ضغط السكان في الدول الكبرى، هذا فضلا عن أن عبء الدفاع عنها وقت الحرب يثقل كاهل أصحابها

ويرى الدكتور بون أن عصر بناء الإمبراطوريات الاستعمارية قد انتهى، وأن عصرنا هو عصر انحلال لهذه الإمبراطوريات وكل ما تستطيع الدول المحرومة أن تشهده وهو عملية التصفية؛ وينوه المؤلف بالأخص بالعامل النفسي في الدول المحرومة ويصف حقد ألمانيا لفقد مستعمراتها بواسطة معاهدة فرساي؛ ويرى أيضاً أن الشروط التي يجب توفرها لضمان سلام العالم هي عود الأمم إلى التعاون، وتنازل الأمم الاستعمارية عن بعض امتيازاتها للدول المحرومة، وعود الأمم المحرومة إلى موقف التعقل والرشاد.

أدب البحر

أقامت جمعية (أبولو) في الإسكندرية في الأسبوع الماضي حفلة شعرية عن أدب البحر نظمها سكرتير الجمعية الدكتور أبو شادي. واشتراك فيها جمع حفيل من حضرات الشعراء والمستمعين. . .

وقد بدأت الحفلة بكلمة الدكتور أبي شادي، ثم تلتها قصيدة رائعة للأستاذ (أحمد محرم) ثم توالى الشعراء في إلقاء قصائدهم وكانت من القصائد المبرزة في الحفلة قصائد حضرات الشعراء (يوسف فهمي، ومحمد السيد، وزكي غازي، وفتحي الشهابي ومصطفى السحرتي)

ثم نهضت الآنسة نفيسة السيد وألقت قصيدة جميلة هزت الأسماع ننشر بعضها في هذا العدد تشجيعاً لها على المضي في هذا الميدان. . . متجاوزين عن بعض هنات بسيطة لا تشوه من جمال القصيدة.

وقد لاحظنا في الحفلة أن كثيراً من شعرائها قد خرجوا في إلقائهم عن قواعد اللغة البسيطة. . . فمثلا نرى الشاعر (محمد السيد) قد خرج بكثير من كلمات القافية عن صحتها. . . فنراه ينطق كلمة (زفاف) بفتح الزاي وصحتها بالكسر وكلمة (هتاف) بكسر الهاء وصحتها بالضم. . . وكذلك نرى الشاعر (مصطفى صبحي) ينطق (ريح الشمال) بكسر الشين وصحتها بالفتح. . . إلى غير ذلك مما تعصانا عنه الذاكرة

والحفلة في مجموعها مجهود موفق نشكره للدكتور أبي شادي ولحضرات الشعراء الأفاضل، ونهنئ به الإسكندرية التي تلبثت زماناً طويلاً بعيدة عن أمثال هذه المحافل الأدبية

فتحي. م

ذكرى شاعر قوقازي احتفل أخيراً في بلاد الكرج والقوقاز بالعيد المئوي لمولد الشاعر الكرجي إيليا شافشفادزي، أعظم شعراء الكرج في القرن التاسع عشر وكان هذا الشاعر زعيماً وطنياً لعب دور عظيم في إذكاء الروح الوطنية بين مواطنيه، واتخذ الشعر والأدب سلاحاً لدعوته، ولبث مدى أربعين عاماً زعيم أمته الفكري؛ وقد نظم الشعر بكثرة وبراعة واشتغل بالأدب والصحافة، وكان له مع القيصرية مواقف وطنية مؤثرة؛ ولما صدر الدستور الروسي على أثر ثورة سنة 1950، احتفظت القيصرية بكراسي مجلس الشيوخ لصنائعها من رجال البلاط؛ ولكنها لم تجد بداً من النزول على ضغط الحركة الوطنية في القوقاز، ورأت أن تهدئها باختيار ممثل لها في مجلس الشيوخ؛ وكان هذا الممثل هو الشاعر الكبير شافشفادزي أو البرنس شافشفادزي، وهو الأول والأخير الذي حظي بهذا الشرف؛ وقد انتظم الشاعر مع ذلك في صف خصوم القيصرية منذ مقدمه إلى بطرسبرج، فكانت النتيجة أن القيصرية توسلت إلى التخلص منه بوسائلها المعروفة. وكان أن قتل بعد ذلك بأشهر قلائل على أثر عودته إلى القوقاز. ولكن القيصرية لم تستطيع أن تقتل الحركة الوطنية التي أذكاها شافشفادزي بقلمه ولسانه، بل لبثت آثارها ماثلة في الجيل الذي خلفه، والذي استطاع فيما بعد أن يعاون في هدم القيصرية والطغيان. ومما هو جدير بالذكر أن ستالين زعيم روسيا وطاغيتها الحالي هو من مواطني الشاعر وتلاميذه في الوطنية والحركة التحريرية