مجلة الرسالة/العدد 196/الفداء
→ على ذكر الحرب الأهلية في إسبانيا | مجلة الرسالة - العدد 196 الفداء [[مؤلف:|]] |
علم التاريخ عند العرب ← |
بتاريخ: 05 - 04 - 1937 |
للأستاذ أمجد الطرابلسي
(فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله للجبين. وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم. وتركنا عليه في الآخرين. سلام على إبراهيم)
قرآن كريم
شعَّ من بَسمةِ الصباحٍ الضّياءُ ... وأفاقتْ منْ نومها البطحاءُ
وتعرتْ كثبانُها والرَّوابي ... وتغطّتْ هضابُها السَّمراء
وتبدّتْ ذُكاءُ فانتفضَ الرّمْ ... لُ ابتهاجاً لّما تبدَّتْ ذُكاء
وشَّتِ الأرضَ بالضلالٍ فنوناً ... هيَ للطّرْفِ والنهَى إغواء
فمن الشمسِ والرمالِ نُضارٌ ... ومن الظلِّ واحَةٌ غَنّاء
السهوبُ الفِساحُ، والأفُقُ الزّا ... هي، وتلكَ الغمائمُ الشَّقراء
والخِضَمُّ المَوَّاج بالماسِ والتب ... رِ المصفّى والقبّةُ الزرقاء
والبطاحُ الغَرْقَى، وسِلْسِلةُ الكُثْ ... بانِ، والرَّمْلُ، والحصَى، والسَّناء
صورةٌ تغمُرُ العيونَ وسِحْرٌ ... عبقريٌ، ومُتعةٌ، ورُواء
وَحشةٌ ملؤها الجمالُ وصمتٌ ... خاشعٌ لا تشينُهُ ضوْضاء
أيها الشاعُر أتئدْ! هل تؤدي ... ما تؤديَّ الطبيعة الخرساءُ؟
إنّ صمتَ الرَّمال عودٌ ومِزما ... رٌ ونأيٌ ومِزهرٌ وحُداء
نَغَم يُفْعِمُ المسامِعَ سِحْراً، ... وغناءٌ، هيهات منه الغناءُ!
مَنْ هوَ السالكُ القفارَ وئيداً ... للأسى في جبينه سماء؟
كاسفَ البالِ ليس يَبْهُرُه الحس ... نُ، ولا يستبيه ذاكَ البهاء
مطرقاً رأسهُ الصديعَ تبدّى ... في أساريرِ وجههِ البأساء
وإلى جنبهِ ابنهُ حائرَ اللبَّ ... م تَنَزّي في صدرهِ الأهواء
يَتأَسَّى خُطَى أبيهِ وللْحِمُ ... لانِ بالشاةِ أسوةٌ واهت يسألُ الرَّملَ عن وجوم أبيهِ ... فإذا الرَّمل منصتٌ والفضاء
يسأل الأرضَ والسماَء فما تن ... ييهِ أرضٌ ولا تجيب سماء!
وتراه بَهمُّ يسأل عن ذا ... كَ أباه الحزينَ لولا الحياء
يا إلهي! هذا خَليلُكَ إبرا ... هيم يَغدو لما أرادَ القضاء
وإلى جنبهِ ابنهُ البرُّ إسما ... عيل سلواهُ في الدُّنى والعزاء
جاءه وحيُك المقدَّسُ في اللي ... ل وقد عمَّتِ الدُّنى الظَّلْماء
قال (قرِّبْ إلى السماءِ القَراب ... ينَ، فقد شاقتِ السماء الدماء
إنها تبتغي وحيدَكَ ذبحاً ... ليسَ في غَيرهَ لها إرضاء!)
هبَّ من نوْمِه الشروِد مُراعاً ... ونأى عن جفونِهِ الإغفاء
إنما تطلُبُ السماء فتاه! ... ليسَ مما تبِغي السماء نجاء!
قد قضى الله ما أرادَ وأمضى ... وقضاء اللهِ الرحيم مَضاء
ليكن ما أرادَ سوْفَ يضحَّي ... بابْنِهِ وهو عيشُه والهناء. . .
يا رحيمَ الأكوان! حكمتُك الغرَّا ... ء، حارتْ في كُنهها الحكماء
إنْ أضْرَي الجراحِ يا رب ما عا ... ناهُ في الأرض رسْلُكَ الخلَصاء
أنت قدَّرتَ أن يعذّب في الأر ... ض نبيٌّ، ويسْعد الأغبياء!
طالَ سْيُر الفتى وناءت قواه ... وعراهُ بعد النشاطِ وَناء
أينَ يمضي به أبوه ولا زا ... د لديهِ، وليس في القفر ماء
الفيافي ممتدَّةٌ كالأماني ... لا تناهي وكلها جَرداء
فَإلامَ السيرُ الممِضُّ وما للِ ... قَفزِ من أول وليسَ انتهاءُ؟؟. .
وَتَجَرَّى وقال يَسْتطلِعُ السرَّ ... وقد آده الوّنى والظَّماءُ
وشجاه الصمتُ الطويلُ، وللصَّم ... ت على القلب غمَّة دكناء:
(أبتي طالَ سيرنا وعراني ... نصبٌ منه مُرمِضٌ وعناءُ
أين نبغي؟ لعلنا قد ضَللْنا ... نهْجنا! أينَ قصدُنا والرَّجاء؟
أبتاهُ كلَّت يداي ورجلا ... يَ، وأدمتُ أصابعي الحصباء
مِلْ إلى الظِّلْ نَسْتَجِمَّ قليلا ... فلقدْ هَدَّ قوتي الإعياء!) فأجابَ الأبُ الرحيمُ يواسي ... هِ وقد شفّه الأسى والشقاء
باسماً يمنع المدامع أن تج ... ري، وأن تستَفزَّه البُرَحاء:
(يا صغيري الحبيبَ، كيف خبا عز ... مُكَ، أين الثبات أين المضاءُ؟
غايةُ السير ذروةُ التّل هذا، ... وعليه المقيلُ والإرساء
فوقه يا بني تؤسى الجراحا ... ت، وتلقى الجهود والأعباء
فوقه يا بنيَّ يرقُبنا العطف ... من اللهِ ربِّنا والرّضاء)
فاستحى الطفل من أبيهِ وأغضى ... منتهى البثِّ والأسى الإغضاءُ
ثمَّ سارا وفي الفؤادين نارٌ ... وأحاديثُ جَمَّةٌ وبكاءُ!. . .
واستوتْ في سمائها الشمس عجباً ... وتَلَظَّتْ من وقدها الرَّمضاء
وتَغَنَّتْ فيها الجنادبُ فَرحى ... وعليها من الرِّمال خِباء
سكنتْ خطرةُ النَّسائم فالأرْ ... ضُ لهيبٌ والأفق والأجواءُ
وأناخَ الخمولُ كَلْكَلُ المُضْ ... ني، وأغفتْ كالمتْعَب البيداءُ
فبكى الطفلُ لا يحيرُ شكاةً ... والفيافي عن بثه صماءُ
مُطرقا رأسَهُ الصغير ليَخفي ... عن أبيه البُكى، وكيفَ الخفاء؟
وأبوه الساجي يُسارقُهُ اللحْ ... ظَ فَتنزو في صدره الأدواءُ
مَشْهَدٌ يمنعُ القوافي مِنَ الجر ... ي وَتَعْيا عن وصفه الشعراء!
إيهِ دمعَ البنينَ ماذا يُعاني ... ويقاسي مِنْ سكبكَ الآباء!؟
رحمةً للأب الشّفيق ولْلأمَّ ... م إذا ما تَباكتِ الأبناءُ!
مَسَح الطفل أدمعاً فوق خَدَّيْ ... هِ وأهدابهِ لها لألاءُ
قائلاَ والشحوبُ في وجهِهِ با ... دٍ كم قد براه داءُ عَياء:
(يا أبي قد دنا المكان وفيه ... للمهيَض الهناء والنَّعماءُ
هو ذا المذبحُ المُقدَّس والحْب ... لُ، وهذي سكينك العَوْجاء
وعلى منكبيَّ مِحرَقَةُ الذَّبْ ... ح، فأين الضّحَّيةُ القَرْناء؟
أتٌرى قد نسيتها أمْ تراها ... سبقتنا بها إليه الرِّعاء؟)
صُعِقَ الوالدُ الوجيع وسالت ... عَبرةٌ فوق خَدّه عصماء وأجاب ابنَهُ مشيحاً بوجهٍ ... غضَّنتْه السِّنون والأرزاء:
(يا صغيري هناك يَرْقُبُنا القر ... بان، لا يقعُدَنْ بنا الإبطاء
لنحثَّ الخطى إليه سراعاً ... فسيحْلوا لنا هناك البَقاء)
إيه يا موكبَ الجلال الذي ما ... دتْ له من خشوعها الصحراء!
فالروابي ذواهلٌ مطرقاتٌ ... والنُّسَيْمات حوله سَجواء
إنَّ هذي الدموعَ ضجَّت لها الدني ... ا، ورُجَّتْ لسكبها الأرجاء
وأجل الدموع ما يَذرف القل ... ب، وتعي عن حبسِهِ الكبرياء
الفتى خافتُ الأنين صَموتٌ ... قد بَراه طول الَمدى والَحفاء
وأبوهُ يبكي عليهِ حناناً ... يا لَدَمْعٍ تَسُحُّه الأنبياء!
يا لدمْعٍ تهزُّهُ رحمةُ القل ... بِ، فُيبقيهِ م الجفونِ الإباء!
ذاكَ إبليسُ فتنة الشَرِّ والآ ... ثام، مَنْ كلُّ هَمِّهِ الإغواء
ساَءهُ أنْ يفوزَ ما أمر اللَّ ... هُ، وأنْ يُخْذلَ الخنا والرِّياءُ
فأتى هاجَراً يُنَبِّئُها الأمْ ... رَ، وإبليسُ ساعداه النِّساء
قال: (فيمَ الثّواءُ يا أُمَّ إسما ... عيلَ، والثُّكْلُ بيِّنٌ والشقاء
لستِ تدرين ما يحيك لكِ المق ... دار نامت عن حظِّها الأشقياء!
قد غدا بابنكِ المحَبَّبِ إبرا ... هيم تحدوهُ جُنَّةٌ هَوْجاء
زاعماً - والإلهُ أعول من أنْ ... تَصْطلي نارَ سُخطِهِ الأبرياء -
أنَّ وحياً أتاهُ، في الليل، والنا ... سُ نيام، والأرض والآناء
ودعاهُ ليذبحَ الطفلَ صبراً! ... تلك رُؤيا كذوبة شنعاء
أسرعي! أنقذيه! من قبل أن تُر ... وى بقاني دمائه الغبراء. . .)
فأجابته وهي تُخفي أساها ... ولَظاها: (لن يكذبَ الإيحاء!
إن يكن ذاكَ ما أراد إلهي ... فهُوَ الخير كله والهناء)
إيه إبليس! خاب فألُكَ يا مِس ... كينُ! ما كلُّ غادةٍ حوَّاء!
وصلَ الوالد الحزين، ولكن ... ودَّ لوْ طالَ سيره والعناء
وابنه من ورائه مُثْقَل الخط ... وِ، تلظَّى في صدره الصعُّداءِ رازحٌ تحتِ عبئهِ لاهث الصد ... ر، وللظهر كالمسِنَّ انحناء
حطَّ عن منكبيْه وهو يجيل ال ... طّرفَ: أين الخراف، أينَ الظباء!
نظرَ الطفل حوله، فإذا الأر ... ض خلاء من الأضاحي قَواء
وتحرَّى فلم يجد حوله الذبحَ ... ولا هزَّ مسمعيه ثغاء
فرنا ثائرَ الشكوك، وفي عْي ... نيه شوق للسرَّ واستقصاء
وأبوه يحار في فمه النط ... ق، وفي الرزء تبكم البلغاء
شدَّ من حزنه على قلبه الوا ... هي، وعشّتْ عيونه الضرّاء
وتهاوت دموعه مثل ما رفَّ ... ت على زنبق الربى الأنداء
ربَّ رحماك! ما يقول؟ وما يف ... شي؟ وكيف المقال والإفشاء؟
هبْه يا رب من لدنك بياناً ... فلقد يعقد اللسانَ البلاء!
قالَ يا نورَ مُقلتيَّ ويا من ... هو عيشي وسلوتي والرجاء
يا وحيدي! يا مائلي! يا سراجي ... ما تدَجَّتْ همومي الكدراء
طال ما قد كتمتُ عنك من السر ... م وقد شاق سمعك الإصغاء
يا رجائي! ماذا أقولُ؟ وهل للنُّ ... طق في زحمة الدموع غَناء؟
كلما همَّ بالكلام لساني ... أيْبَستْه المصيبة السوْداء!
أترى أنتَ إن ذكرتُ لك الأمْ ... رَ مطيعي أم غاضبٌ أبّاء؟
جاءني الوَحْي في المنام بأمرٍ ... ليس فيه دفْعُ ولا إرجاء
قال لي: اذبح غداً وحيدَك، يا للْ - هَوْل تنزو لذكْره الأحناء
يا بنيَّ! انظرْ ما تراهُ، ولا تأ ... خذُك بي غضْبةٌ ولا استهزاء
ليت شعري! أذاك أمرُ إلهي ... أم تُرى تلكَ لوثتي الحمقاء؟)
فاقْشَعَّر الفتى كما انتفضتْ في ... خَطرة الرِّيح وردةٌ حسناء
وسَرَت رهبةُ الرَّدى في مُحيا ... هُ، ورفّت غمامةٌ صفراء
ودَّ لو يكتمُ الأسى عن أبيهِ، ... كيف يخفى عن العيون الداء؟
رعدةُ الموت ما تخلّصَ منها ... فقراءٌ قضوا ولا أُمراء
إنما الموتُ حيثما حلَّ في الكو ... خِ وفي القصر غُمّة وبلاء هو للشَّيبِ مثلما هو للأط ... فال، غُوْلٌ، وحيّةُ، رقطاء
وأجاب الفتى يواسي أباه ... لو يفيد العزاء والتأساء!
(أبتاه! هوَّن عليك! فإني ... لستُ ممَّنْ من القضاءِ يُساء
حبّذَا مصرعي بكفّك إمَّا ... كان فيه لربَّنا إرضاء
أبتاه! افعلْ ما أمرت ولا تأ ... خُذْك بي رحمةٌ ولا أهواء
أنْفِذْ الوحْيَ يا أبي! هل يطيعُ الل ... هَ إلا المعاشر السعداء؟
أبتاه! إن حانَ يومي فهلْ عُنْ ... هُ محيدٌ، أو هل ليومي اتَّقاء؟
أبنا خالد على هذه الأرْ ... ضِ، وما للحياة فيها بقاء؟
لا تهنْ يا أبي هَلَّم فأضْجِعْ ... نيَ من قبل أن يَدِبّ المساء
ثم عصِّب عينيَّ رفقاً بمندي ... لٍ، فَلِلْمَوْتِ سَحْنة نكراء
واشحذ الْخِنْجَرَ المُظَمَّأَ حتى ... تتلظَّى شباتُه الحَمْرَاء
ثم ضعه على خناقي واذبح ... ني كما تُذْبَحُ الظَّبا والشاء. . .
فإذا ما ذبحتني وتروَّت ... من دَمي هذه الرمال الظِماء
فاحترس أن يصيبَ كفك شيءٌ ... منه، أو أن يبَلَّ منك الرداء
وتجنب رَشاشهُ، لا يهنْ أجْ ... ركَ فيهِ، ولا يقلَّ الجزاء
دعْه للرَّمْل ينسربْ في حنايا ... هُ، ففيه لحرِّها إطفاء
دعْه يذهب كما تبَدّدَ عِطْر ... في الفضا أو تغَيّبَتْ أصداء
وإذا ما فرغتَ منِّي وحالت ... بيننا ظلمةُ الرّدى السَّحْماء
وأردت الرجوعَ بعدي إلى الدا ... ر، فلي يا أبي إليكَ رجاء
ذاكَ ثوبي فانْزعْه عنِّي إذا م ... تُّ، وقد خضّبَتْه مِنِّي الدماء
واحيهُ إذ تعود ذِكرى لأمِّي ... فبهِ سَلوَةٌ لها وعزاء
إيه! أمَّاه لو علمت مصيري ... وتَبَيّنْتُ ما تريد السماء
لَتمّليْتُ منكِ لثماً ونقبي ... لاً، ولكن هيهات منّا اللقاء!
لستُ آسى إلاّ عليك من الدُّني ... ا، ولوْلاكِ لم يرُعْني العفاء. . .
عذب الموت في سبيلكَ يا ربُّ ... وساغَ البلىَ وطاب الفناء فمرور السكَّينِ في العنق لثمٌ ... ولهيبُ النيرانِ ظلٌّ وماء. .
أضجعَ الوالد ابنَه مثلما تُضْ ... جعُ شاةٌ وديعةٌ خرساء
والفتى ساكنٌ كما نام في الَمه ... دِ تغنيه أمُّه الَحسناء
مُغْمِضٌ عيْنَه على الدمع، هل يب ... ديهِ إلاّ الأذِلْة الجُبناء؟
والأب الواله المعذّب تدوي ... ثائراتٍ في صدْره الأنواء
قبَّلَ الطِّفْلَ ثم عصِّب عينيه ... وقد ينْفَع البصير الغطاء
تؤلم المبصرَ الدياجي وتنجو ... من قذاهن مقلة عمياء
وانتضى الخنجر الرهيب بكف ... أرعشتها الفجيعة الحمراء
مثلما أُرعشت بكأس الحميا ... كف صب مجنونة هوجاء
كاد يردى فتاه لولا هتاف ... في السموات مطرب ونداء
وإذا بالسماء تلتمع الأن ... وار فيها وتسطع الأضواء
وإذا باللحون ترقص في الجوِّ ... حبوراً وتهتف الأصداء. . .
رفع الوالد المعذب عيناً ... ملأتها المدامع العصماء
فإذا بالدموع تضحك في عْي ... نيه بِشراً وتنجلي الضراء
وتهزُّ البشرى الرحيمة كفْي ... هـ فتهوى سكينه الصّماء
ملك في الفضاء يحمل كبشاً ... قد تعالى في السُّحب منه الثغاء
هبط الأرض مثلما تهبط الروْ ... ض اشتياقاً حمامة بيضاء
فدية للصبي أرسلها الله ... تهادى بحملها البشراء
رحمة الله كم تداركتِ الخلْ ... ق وقد أعوزتهم الرحماء!
يا خليل الرحمن هيا ارفع الطف ... ل فقدْ ردْتهُ إليكَ السماءُ
واذَبح الكَبْشَ يا نبيُّ فِداءً ... عظمَ المفتدى وطابَ الفداء
واسجدا خاشعين شكرا لمنعم ... البرايا نداه والآلاء
رحمه الله تغمر المجرم العا ... صي، فكيف الخلائق الأبرياء
إيه شعري قد تَيْمَتْك البطولا ... تُ وأَغواك نورُها الوضّاء
غَنِّها فهيَ للجراحات مَلْهى ... وعزاءٌ وبَلْسمٌ وشفاء وارْوها فالشْبابُ مُصغ لما تن ... شد قد هدِّه الأسى والداء
والزمان الشقيُّ ساد به الشرَّ ... وأخنى على بنيه الشقاء
عُذِّبت في جحيمهِ العبقريَّا ... ت كما فاز بالنّعيم الرِّياء. . .
غنّها ربما تعزّي جريحٌ ... أو تجافتْ عن ذلَّها الْجَبنَاءِ
سِيَرُ الخالدين كمْ شبّ في أح ... ضانها الخالدون والعظماء
دمشق
أمجد الطرابلسي