مجلة الرسالة/العدد 192/العالم المسرحي والسينمائي
→ الكتب | مجلة الرسالة - العدد 192 العالم المسرحي والسينمائي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 08 - 03 - 1937 |
على مسرح الأوبرا الملكي
صورة في الرخام
لناقد (الرسالة) الفني
هي باكورة أعمال الآنسة (هلزل اليس) الممثلة الإيرلندية تنبئ عن مستقبل باهر واستعداد طيب للنبوغ وليست القصة في المستوى العالي من التأليف ولكن حوارها قوي بديع يدل على أن الكاتبة تلم بأمور المسرح إلماماً تاماً وإن كانت بعض الشخصيات غير كاملة التصوير لأن الكاتبة لم تترك إلى جانب شخصية اللورد بيرون فراغاً تكتمل فيه الشخصيات الأخرى
والقصة التمثيلية تصور حياة اللورد بيرون الشاعر الإنجليزي العظيم بين النساء وتشرح بعض نزواته وأخلاقه ونظرته في الحياة وما أحاط باسمه من إشاعات لم يكن يبالي بدفعها عنه بل يترك الأمور تتفاقم حتى يجري اسمه على كل لسان؛ كما تصور حبه لبلاد اليونان التي مات محموماً أثناء الدفاع عن حريتها
موجز القصة
اللورد بيرون ثائر ساخط متبرم بكل شيء لا يعبأ بأحد وأصدقاؤه في بيته يتحدثون عن تصرفاته مع العظماء، فهذا رئيس مجلس اللوردات يأتيه راجياً أن يكتب فيه بيتين من الشعر في عمل مجيد أداه فيرده خائباً لأنه يرى أن الإنسان لا يستحق المديح على واجب أتاه. ويدخل بيرون ويتحدث عن حياته ويقول إنه سوف يجعل اسمه يجري على كل لسان ويحدث أصدقاءه عن بلاد اليونان وعن حبه لها وألمه لأنها لا تتمتع بحريتها. وما يكاد يتم أقواله حتى تأتيه رسالة بموت أحب أصدقائه إلى نفسه فيصدم وينفجر مقهقهاً
فإذا كان المنظر الثاني رأينا حفلة راقصة يغشاها أشهر النساء وأجملهن ويجيء بيرون متأخراً قليلاً ويعتذر، وإذ يقف بعيداً إلى جانب الباب تقدم ربة الدار ضيوفها إليه فيذهب النساء إليه في مكانه كأنه ملك. هذا التصرف يغيظ السيدة (كارولين لامب) التي ما تكاد تتقدم إليه حتى ترتد راجعة فيفهم بيرون كبرياءها ويهمس في أذن إحدى صديقاته بأن سيجعل هذه السيدة تركع عند قدميه قبل انقضاء يوم واحد
ويدخل الجميع يستمتعون بالرقص عدا الليدي كارولين ويعود بيرون إلى لقاعة وتدور مناقشة حادة بين الاثنين؛ وهنا تبرز قوة الكاتبة موهبتها في الحوار وتنتقل من موضوع إلى موضوع، وفجأة يطوقها بيرون بذراعيه ويقبلها فلا تمانع وهكذا يبدأ حب هذه السيدة لبيرون وهو في الحقيقة لا يحفل بها!!
فإذا كان الفصل الثاني رأينا أصدقاء بيرون في بيته يتحدثون عن سلوكه غير المرضي فهو جعل السيدة (كارولين لامب) تجن به حباً وتجري وراءه، ويرى أحدهم أن الذنب ليس ذنبه فهو قد قطع كل علاقة بها ولكنها تلاحقه في الطرقات. ويجيء بيرون فيحدثونه في أمر هذه السيدة فيقول إنه أرسل إليها خطاباً يقطع كل علاقة له بها ويخبرهم أنه نوى الزواج بالآنسة (أنا بل ميلبانك) فيسأله صديق عما إذا كان يحبها فيقول: (ليس حباً عميقاً)
ويجيء الخادم يعلن أن سيدة تصر على مقابلة اللورد فيرفض أن يستقبلها ولكن أمام الإلحاح يخرج إليها ويعود بعد لحظة يرجو أصدقاءه أن ينتظروه في غرفة مجاورة حتى يفرغ من حديثه مع هذه السيدة. وتدخل كارولين لامب وتحاول أن تعيده إليها فيرفض ويصرح لها بأنه ينوي أن يتزوج من الآنسة (ميلبانك) ويطلب إليها أن تذهب إلى بيتها فلا تتحرك وإذ هو يستدعي الخادم ليحضر لها عربة تهجم عليه تريد أن تطعنه بخنجر ولكنه يتمكن من أن يمسك يدها ويثور فيقدم الخادم والأصدقاء
وفي المنظر الثاني نرى زوجة بيرون تشكو إلى صديقة لها سلوك زوجها وأنها تنوي الانفصال عنه فتنصحها هذه بالتريث من أجل ابنتها وأن عملاً كهذا يهدم حياة الشاعر العظيم ويقضي عليه، وتصرح الزوجة بأنها سمعت إشاعة مخزية عن علاقة اللورد بيرون بأخته (أوجستا) ولكن الصديقة تتمكن من تبديد شكوك الزوجة ويدخل بيرون، وسرعان ما يقوم الشجار بينه وبين زوجه، فتراها تبكي وتنتحب فيتأثر ويتقدم إليها مدللاً وبعد قليل يراجع البريد وتستوقفه رسالة من شقيقته ويخبر زوجه أنها تنوي القدوم إليهما لقضاء بضعة أسابيع فتثور الغيرة في نفس الزوجة وتطلب منه أن يرفض قبولها في بيته فيحاول أن يعرف السبب فتمتنع أولاً ولكنها تشير في النهاية إلى الإشاعة التي ترد على الألسنة وتطلب إليه أن يكذب هذه الإشاعة فتصدقه. وكعادته يرفض ويجيب بأنه ليس في حاجة إلى تصديقها فتريد الاطلاع على الخطاب فيرفض فتحاول أن تختطفه فيصرخ في وجهها ويحرق الخطاب ويلقيه في المدفأة.
فإذا كان الفصل الثالث رأينا بيرون واقفاً إلى جانب النافذة يرى الجماهير محتشدة أمام بيته ثائرة ويشير عليه أحد أصدقائه بالابتعاد عن النافذة حتى لا تصيبه أحجار الغوغاء ويبدي بيرون عجبه من الشعب فهو لم يؤذه ولم يسئ إليه ومع ذلك يريد هذا الشعب أن يفتك به. ويطلب بيرون إلى الخادم أن يحمل رسالة إلى زوجته في بيت والدها ويذهب الخادم ويجيء أصدقاء بيرون ويقولون أنهم شقوا طريقهم وسط كتل بشرية ويحدثهم بيرون بأن بلاده هي اليونان ويتحدث عن جمالها وعن آماله في أن تثور وتحطم القيود التي تغلها. ويجيء الخادم يقول أن الزوجة رفضت أن تجيب على الرسالة وأنها تطلب من بيرون ألا يحاول مقابلتها أو الكتابة إليها فيصدم بيرون وتسمع بعد قليل أصوات باعة الصحف ويعرف بيرون من خادمه أن اليونان ثارت على تركيا مطالبة بحريتها.
وفي المنظر الثاني من الفصل الثالث نرى بيرون في بيته يستعد للرحيل ويأتي أصدقاءه فيخبرهم بأنه سيسافر إلى اليونان متطوعاً ليحارب في صفوفهم ويتركهم إلى تلك البلاد التي أحبها والتي قضى نحبه محموماً أثناء الدفاع عن حريتها.
الإخراج والتمثيل
لم يعمد المخرج في هذه الرواية إلى الطريقة الإيحائية التي ألفناها منه بل عمد إلى تركيز إخراجه في منظر واحد وجعل أجزاء من حوائط هذا المنظر تتبدل فيتبدل المنظر بها، وهكذا استطاع أن يخلق من المنظر الواحد مناظر متعددة. والإضاءة كانت غاية في الدقة والروعة ولون المنظر أزرق داكن يلتئم مع جو الرواية
مثل المستر ميكائيل ماك ليمور اللورد بيرون فسما به وكان بديعاً جداً، وإنني أعد هذا الدور من خير أدواره التي رأيتها خلال هذا الموسم والموسم الماضي ولقد شاهدت كثيراً من الإنجليز يهنئون الممثل على إجادته، وبين هؤلاء المستر سكيف الأستاذ بالجامعة المصرية فقد كان إعجابه بالتمثيل أكثر من إعجابه بالرواية نفسها. ومثلت الآنسة (ميريل مور) السيدة كارولين لامب فأدته بنجاح، ووفق بقية الممثلين في تأدية أدوارهم وهكذا رفع التمثيل والإخراج هذه الرواية.
مدرسة الفضائح
ريتشرد برينسلي شريدان وأوليفر جولد سمث من أعلام الكوميدي الإنجليزي القديم وقد رأت فرقة دبلن جيت أن تخرج هذه الرواية لأن مؤلفها إيرلندي ولأنها من أحب الروايات إلى شعب الإمبراطورية. فهي تصور ناحية من نواحي المجتمع الإنجليزي في الربع الأخير من القرن الثامن عشر وكيف كانت المجتمعات بؤراً تفرخ فيها الإشاعات وتنتشر على الألسنة وكيف كانت المخازي والفضائح تدبر وكيف كان الناس يخدعون بالظواهر فالرجل الذي يرون في سلوكه ما لا يرضيهم يعد شقياً سيئ السلوك في حين أن من يأتي النقائص في الخفاء يكون موضع التجلة والإكبار، فالشعب كان يخدع ويحكم على الأمور بظواهرها
والرواية ليست جديدة على المصريين إذ سبق للمسرح المصري أن أخرجها باسم (مدرسة النميمة) في مستهل النهضة المسرحية فلاقت نجاحاً كبيراً. وأعتقد أن مثل هذه الرواية التي تقوم على المفاجئات والمواقف الكوميدية يفسدها التلخيص ويمسخها
أخرج الرواية المستر إدواردز وقام بدور بيتر تيزل فكان خفيف الظل عذب الروح مما جعل رواد المسرح يضجون بالضحك؛ ومثل المستر ماك ماستر دور شارلز سيرفيس فملأ الشخصية حياة وكان بديعاً في أكثر مواقفه كما أجادت الآنسة (آن كلارك) دور لادي تيزل.
يوسف تادرس