مجلة الرسالة/العدد 188/البريد الأدبي
→ من هنا ومن هناك | مجلة الرسالة - العدد 188 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
الكتب ← |
بتاريخ: 08 - 02 - 1937 |
المصطلحات العسكرية في مجمع اللغة العربية:
تألفت في المجمع اللغوي الملكي لجنة لوضع كلمات عربية للمصطلحات العسكرية المستعملة في الجيش من حضرات الأساتذةالأب انستاس الكرملي وحسن حسني عبد الوهاب باشا والشيخ أحمد السكندري وسيادة حايم ناحوم أفندي ومنصور فهمي بك، وقد روعي في تشكيلها أن تظم بعض ممثلي الأقطار العربية الأخرى للاستئناس بما اتبع في البلاد الأخرى ورغبة في توحيد المصطلحات في جميع الأقطار العربية.
ومما يذكر أن بعض هذه الأقطار مثل العراق عرب تلك المصطلحات منذ مدة وقد حصلت اللجنة على بيان بالمصطلحات العربية في تلك البلاد. وكان المجمع قد كتب إلى وزارة الحربية لموافاته بالمصطلحات العسكرية المستعملة في الجيش الآن والتي ينظر أن تستعمل فيه بعد زيادته وإعادة تنظيمه، وقد الفت وزارة الحربية لجنة لموافاة المجتمع بما يطلبه. وقد أرسل المجمع إلى وزارة الحربية خطاباً طلب فيه انتداب ضابط ملم باللغة العربية ليحضر الجلسات التي يعقدها المجمع للنظر في وضع عبارات عربية لعبارات التعاليم العسكرية
الاجتهاد في الأصول
قرأت ما كتبه الأستاذ علي الطنطاوي في الرد على ما ذهبت إليه من تجويز الاجتهاد في الأصول كالفروع، لأن النبي ﷺ جعل للمجتهد أجرين إذا أصاب وأجراً واحداً إذا أخطأ، ولم يفرق بين أصول وفروع، بل أطلق الأمر إطلاقاً، وفتح باب الاجتهاد في الأصول والفروع معاً
وقد أنكر الأستاذ هذا أشد الإنكار لأنه يخالف ما استقر عليه الرأي بين المتأخرين من علماؤنا في الاجتهاد، ويخالف تعريفهم له بأنه استنباط الفروع من الأصول، فيخرج من هذا المسائل الكلامية لأنها ليست من الفروع، ولأن الحق فيها واحد فمن أخطأه فهو آثم، فإن كان الخطأ فيما يرجع إلى الأيمان بالله ورسوله فالمخطأ كافر
وما كنت أظن أن الأستاذ يؤاخذني بهذا بعد أن قرأ ما كتبته في موضوع الاجتهاد، وهو موضوع سأعود إليه بعد في مجلة الرسالة الغراء، فإني فيما كتبت في هذا الموضوع خارج على أولئك العلماء من المتأخرين، فلا يصح أن يحتج علي برأيهم في الاجتهاد، وتقييدهم له بالفروع دون الأصول
فالاجتهاد عندي بذل الجهد في استنباط الأحكام من النصوص الشرعية، اعتقادية كانت تلك الأحكام أو عملية
وليس بصحيح ما ذهب إليه الأستاذ من أن المخطئ في المسائل الكلامية آثم، لأن الخلاف بين أهل الكلام ليس مقصوراً على الخلاف بين جماعة أهل السنة وغيرهم من الفرق التي يقال إنها آثمة، فهناك خلاف أيضاً في علم الكلام بين أهل السلف والخلف من جماعة أهل السنة، وهناك خلاف أيضاً بين الخلف من الاشعرية والماتريدية، وهو خلاف لا أثم فيه لقيامه على الاجتهاد، وأنا لا أزيد على هذا إلا أني لا افرق فيه بين أهل السنة وغيرهم
عبد المتعال الصعيدي
كتاب سياسي خطير
صدر أخيراً بالإنكليزية كتاب سياسي عنوانه (عند الصفر) بقلم رتشارد فرويند وهو كاتب إنكليزي من اصل نمسوي، عرف أخيراً بقوة كتاباته السياسية وحسن تقديره للحوادث والنتائج؛ ويتناول المؤلف في كتابه مواطن الخطر في أوربا الحالية وفي أفق السياسة الدولية بصفة عامة؛ ولا يعنى الكاتب بالنظريات والمبادئ النظرية، ولكنه يعنى بنوع خاص بالحقائق العملية وبالحوادث الواقعة؛ وهو يعلق أملا ضئيلا على عصبة الأمم وعلى مستقبلها وما يمكن أن تؤديه في إنقاذ العالم من اضطرابه الحالي. ويتحدث عن كل مسالة وكل دولة في أوروبا، وعن الحوادث والقوى التي تضطرم بها أفريقية والشرق الأقصى في الوقت الحاضر؛ وهو أكثر ميلا إلى التشاؤم، ولا يرى في النظم والمجتمعات الحالية سوى معترك من الأنانية القومية. ويخشى أن يسفر هذا الاضطراب عند أية لحظة عن الانفجار الذريع الذي يحمل العالم إلى مصير كله الويل والدمار
ويعنى المستر فرويند بمركز ألمانيا الهتلرية بنوع خاص، ويرى أنها تمثل الآن طوراً من أطوار الطموح والتوسع، لابد له أن ينفجر آجلا أو عاجلا؛ ومن حسن الحظ أن ميول هتلر الشخصية وبغضه المأثور لروسيا والبلاشفة يحول دفة المعترك اليوم إلى جهة الشرق وإلى الجنوب الشرقي؛ ولكن إذا مات هتلر، أو إذا استطاعت روسيا أن تسحق تحديه، فقد تتجه ألمانيا إلى ناحية أخرى، وقد تتجه إلى الإمبراطورية البريطانية. ويرى مستر فرويند أن ألمانيا الهتلرية قد بدأت بالفعل تتجه إلى مناوأة المصالح البريطانية في كثير من المواطن، وأن السياسة الإنكليزية تسيء صنعاً إذا هي لم تعتبر بهذه الحقيقة وآمنت بوعود هتلر وتأكيداته؛ وعلى أي حال فإن المصاعب الداخلية التي تتخبط فيها ألمانيا الآن كفيلة بأن تشحذ سياسة العدوان الألمانية وتدفع ألمانيا في طريق الحرب والاعتداء
أما عن إيطاليا فيرى مستر فرويند أنها تنمو وتتقدم باستمرار، وأنه لابد أن تأتي الساعة التي تضطر إنكلترا فيها إما إلى الحرب وإما إلى التراجع، لأنها لا تستطيع أن تنزل عن سيادتها في البحر الأبيض المتوسط دون المخاطرة بكل مركزها في أفريقية والشرق الأدنى. كذلك يتوقع الكاتب أن تضطر إنكلترا قريباً إلى الوقوف في وجه اليابان بشيء من الحزم لأنها بدأت فعلاً تهدد منطقة المصالح البريطانية. ويعرض مستر فرويند نظرياته بقوة وصفاء ويدعمها بكثير من الحقائق والحوادث الواقعة
رأي جديد في أسباب الثورة الفرنسية
يرى البحث الحديث رأيا جديداً في الثورة الفرنسية وفي أسبابها، فبينما تجمع الروايات والبحوث القديمة كلها على أن الثورة ترجع إلى أسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية فقط، إذا بالبحث الحديث يرى أنها ترجع أيضاً إلى جهود الجمعيات السرية الخفية ولاسيما محافل البناء الحر (الماسونية) وأن هذه الهيئات السرية قد لعبت من وراء الستار دورا عظيما لإضرام نارها
وقد ظهر أخيرا كتاب بالإنكليزية عنوانه: (لويس السادس عشر وماري انتوانيت قبل الثورة) بقلم السيدة نستا وبستر وفيه تميل المؤلفة إلى الأخذ بهذا الرأي، وتفصل العوامل والظروف الخفية التي كانت تحيط بهذين الملكين التعيسين قبل نشوب الثورة. وترى السيدة وبستر أن المساعي الخفية التي قامت بها الجمعيات السرية وراء الستار كانت كالأسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية عاملا خطيرا في نشوب الثورة الفرنسية؛ ومن رأيها أن قضية عقد الملكة الشهيرة التي ثارت حول اسم الملكة واتهم فيها الكردينال دي روهان والكونت كاجليوسترو، إنما ترجع إلى تدبير هذه القوى الخفية، وإن كاجليوستر لم يكن سوى داعية خطر يحمل رسالة هذه القوى، ويحيك شراكه من وراء الكردينال. ولقد كانت هذه القضية أو هذه الفضيحة من أعظم أسباب الثورة، ومع أن السيدة وبستر تعدد عيوب ماري انتوانيت ووجوه ضعفها كامرأة وملكة، فإنها تدافع عنها في موطن الشرف والكرامة، وتقول إن الدعاية الواسعة التي أثيرت حول أسمها لتشويه سمعتها الشخصية لم تكن سوى مزيج من الأكاذيب والوشايات المدبرة وأن ماري انتوانيت، كانت امرأة وافرة الشرف والعفة، وملكة وافرة الكرامة والعقل.