مجلة الرسالة/العدد 181/نفح الطيب
→ النقد | مجلة الرسالة - العدد 181 نفح الطيب [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 21 - 12 - 1936 |
في طبعته الجديدة
بقلم الأستاذ أحمد يوسف نجاتي
شارح الكتاب
اطلعت في العدد الأخير من مجلة (الرسالة) الغراء على مقال بالعنوان الذي اخترناه لكلمتنا هذه بقلم الأديب محمد فهمي عبد اللطيف، فأردت بعد قراءته أن أقدم لحضرته هذه الكلمة في غير ردّ عليه ولا تزييف لقوله. وعسى أن تكون هذه الكلمة البريئة رسالة تعارف ودّي بيني وبين الناقد الكريم تتلاقى به الأشباح كما تلاقت الأرواح، فطالما قرأت له بمجلة (الرسالة) القيمة مقالات شائقة ممتعة؛ ولا غرو في ذلك فالرسالة ميدان تتبارى فيه فرسان البلاغة وجياد البراعة، وهي المجلة التي يتقبلها الأدباء بقبول حسن ويحلّونها من أنفسهم أكرم محل
افتتح حضرة الناقد الجهبذ مقاله الكريم بكلمة طيبة أثنى فيها على تلك الهمة المشكورة التي يبذلها حضرة الأستاذ الدكتور أحمد فريد الرفاعي في إحياء الأدب العربي وبعث تراثه من مراقده ونشر موسوعاته الجامعة؛ وراقه من كتاب نفح الطيب (وغيره طبع متقن وضبط كامل وتقسيم واضح وتصحيح دقيق تقوم وزارة المعارف بمراجعة أصوله النهائية مبالغة في إجادته وحرصا على إتقانه)؛ ونحن نشاركه في هذا الثناء ونتوجه بالشكر الجزيل لحضرة صاحب المعالي زكي العرابي باشا وزير المعارف الجليل وإلى حضرتي وكيليه الهمامين، فما منهم إلا نصير للغة وآدابها عامل على ترقيتها، فجزاهم الله خير الجزاء. وكذلك سرّنا من حضرة الناقد أن نوه بالمحاسن - وإن أجمل القول في ذلك إجمالاً - فجانب بذلك عادة عرف بها كثير من نقادنا وهي إغضاؤهم عن الحسنات وتشهيرهم بما يرونه هفوات
فليس من الحزم في شيء أن ينزل الكاتب - لشهوة الكتابة - على حكم النظرة الأولى العجلى فطالما أعجلت الكاتب عن التفكير، وكان حكمها خاطئاً بعيداً عن الحق متنكباً جادة الصواب؛ وليس من الكياسة الحكيمة أن يسرع بعض الناقدين إلى رمي من ينقدون أعمالهم بفساد القول وزلل المنطق، فقد كان من آثار ذلك أن أحجم كثير من المبرزين في الآداب أن يجلوا للناس عرائس أفكارهم، ضناً بأعراضهم أن ترتع فيها الألسنة المضرِّاة حتى تركوا الميدان لهؤلاء الذين جعلوا عقولهم وراء ألسنتهم، يجولون فيها وحدهم، ونرجو أن يكون للكتاب والناقدين قدرة حسنة في حضرة ناقدنا الأديب وأسوة صالحة بالكاتبين الكرام في الرسالة الغراء
1 - قال حضرة الناقد: إن الناشر (وضع اسم الكتاب على الغلاف ناقصاً فسماه: (نفح الطيب) والمؤلف قد سماه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب، وهذا الاسم هو الذي وضع على الطبعات السابقة) ونحن أيضاً نرى أنه كان الأولى أن يكتب على الغلاف اسم الكتاب كاملاً محافظة على وضع المؤلف. ولعل العذر في ذلك اشتهار الكتاب باسم (نفح الطيب) فحسب، وأن الاسم لو أثبت كاملاً لم يتسع له نطاق الغلاف بهذا الوضع المنسق الذي هو عليه، وأن القارئ لا يلبث إذا تصفح بضع ورقات من الكتاب أن يرى اسمه التام الذي اختاره له مؤلفه، والخطب في هذا يسير وليست ملافاته عسيرة. وكذلك نرى أنه كان من الخير أن يراعى تقسيم المؤلف فيقسم كل جزء من الأجزاء العشرين إلى أقسام ينبه بها إلى التقسيم الأصلي للمؤلف، ويبين فيها حدود أجزائه الأربعة الأصلية، وهذا أيضاً شيء يهون أمره ولا يعز تداركه في الأجزاء الآتية إن شاء الله
2 - ونقول لحضرة الناقد إن المقدمة التي صدر الجزء الأول بها للتعريف بمؤلف الكتاب ليست للناشر ولا لغيره من الشارح أو المراجعين، وإنما هي منقولة بنصها من كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر لابن فضل الدين المحبي، وقد نبه حضرة الناشر إلى ذلك في أول ذيل الصفحة الأولى، وما كان للناشر أن يتصرف في تلك المقدمة بمحو أو إثبات. فليس من العجب أن ينقل الأستاذ عبارة المحبي كما هي، وليس هو الذي أثبت اسماً قد ألغاه صاحبه ولكن المحبي صاحب خلاصة الأثر هو الذي أثبته غير مرة في هذه الترجمة الطويلة التي (جاء فيها بأشياء ذكرها المقري نفسه في المقدمة التي كتبها عن سفراته ورحلاته والباعث له على تأليف الكتاب) وإذا عرفنا أن المقدمة كلها من ص 9 - 31 منقولة من خلاصة الأثر فقد ارتفع اللوم عن الناشر وغيره وليس (لفّا) من الشارح ولا (فضولاً) أن ينبه في أسفل صفحة 9 إلى أن المؤلف قد غير اسم الكتاب من (عرف الطيب) إلى (نفح الطيب) قبل أن ينبّه المؤلف نفسه إلى ذلك في صفحة 244 حتى لا يتوهم بعض القراء في أول الكتاب عند صفحة 9 قبل أن يقطع المسافة إلى صفحة 244 أنهما كتابان متغايران
(يتبع)
أحمد يوسف نجاتي