مجلة الرسالة/العدد 178/في الأدب المقارن
→ كل امرئ وما خلق له | مجلة الرسالة - العدد 178 في الأدب المقارن [[مؤلف:|]] |
صور سياحة ← |
بتاريخ: 30 - 11 - 1936 |
النقد في الأدبين العربي والإنجليزي
للأستاذ فخري أبو السعود
ليس النقد إلا ميلاً طبيعياً في الإنسان إلى الحكم على ما يحس وما يرى، واختيار الأحسن من ذلك. ونشاط النقد دليل على نشاط الفكر، وهو مصاحب لارتقاء الأدب وانتشار الثقافة في كل أمة؛ بل هو ضروري لتقدم الأدب: يقفه على مواضع إحسانه ويظهره على مواقع تقصيره، ويجلو أمامه غاياته وطرائقه، ويستحثه على دوام الترقي والتزيد. فالأدب صدى الحياة، والنقد صدى لذلك الصدى، يُظهر للأدباء والمتأدبين مدى نجاح الأدب في تأدية رسالة الحياة ومواقع أعمالهم في النفوس.
فالناقذ النزيه خير صديق للأديب: يضع إصبعه على عيوبه فيتلافاها، ويستحسن إجاداته فيزيده ثقة بنفسه وإقبالا على ممارسة أدبه. ولعل أروع أمثلة ذلك ما كان ملازمة كولردج لوردزورث: فقد وجد الأخير في صاحبه - حين أعراض الجمهور عنه وغمْط الجميع حقه - خير عارف بقدره معجب بأدبه، وكان لإعجاب كولردج وتشجيعه أبعد المدى في أدب وردزورث، وكان الشعر الذي كتبه في عهد صداقتهما خير ما كتبه على الإطلاق.
بيد أن الأحقاد الشخصية سريعة إلى نفوس الأدباء والنقاد، والأهواء السياسية والمذهبية كثيرة الوغول على الأدب والنقد. وقد شهد الأدبان العربي والإنجليزي ما لا يحصى من أمثلة النقد المغرض، وقاسى الأدباء حملات الخصوم الشخصيين أو السياسيين باسم الفن والنقد. ومن أمثلة ذلك في العربية حملة الصاحب على المتنبي وأشلاؤه عليه أذنابه. وفي الإنجليزية عانى أعلام الأدب أمثال وردزورث وتنيسون وكيتس حملات الرجعيين والحاسدين، وبلغ الكمد من الأخير حين هاجمهبعض ناقديه فأقذع أن مات محتضراً في عنفوانه.
وقد كتب الكتاب في العربية والإنجليزية وغيرهما من اللغات في النقد كثيراً، وحاول كل من عالجه أن يستخلص من شتى الشواهد المنتزعة من آثار فحول الأدب قواعد عامة للأدب توضح غثه من سمينه وتعين القارئ والناقد على استحسان الحسن واستهجان الهجين مما يكتب الكاتبون، ولكن النقاد لم يتفقوا بعد جهودهم تلك على شيء ذي بال، ناقض بعضهم بعضاً، واستجاد هذا ما استرذل ذاك، وظل المرجع الأول في نقد الأثر الأدبي إلى ذوق النقد وتكوينه الفكري، وظل كل أثر أدبي من شعر أو نثر يحمل في طياته المبادئ التي يجب أن ينقد على حسبها، بل رأى وردزورث - وأصاب - أن الناقد الذي يُقبل على نقد أثر أدبي، وقد كون لنفسه مبادئ ثابتة غير أهل للحكم على ذلك الأثر أو غيره.
وللنقد صور شتى: فالأديب هو أول ناقد لأدبه، وإنشاء الأثر الأدبي عملية مكونة من الخلق والنقد معاً؛ ومن الأدباء من يعرض ما ينشئ على رفاقه، ويستمع إلى ملاحظاتهم عليه؛ وكان ذلك معروفاً بين العرب قبل أن تذيع الكتابة، كما كانوا يعرضون أشعارهم على النقاد في الأسواق الأدبية، ولتمكن الملكة البيانية من العرب كان كثير من أمرائهم نقادة حفصاء للأدب. ويروى لعبد الملك والحجاج وسيف الدولة مع مداحهم: كثير وليلى الأخيلية والمتنبي نوادر في ذلك، فكثيراً ما كان الأمير أبصر بالأدب ونقده من مادحه؛ فلما ذاعت الكتابة وانتشرت الثقافة ظهرت كتب النقد.
وكتب النقد أنواع: فمنها ما يدرس مبادئ الأدب وغاياته ووسائله ويدخل في هذا الباب كتب البيان والبلاغة والعروض والقافية، وهي كل ما يمكن أن يتفق عليه النقاد من مسائل النقد. ويشترك الأدبان العربي والإنجليزي في وفرة هذا الضرب من كتب النقد الأدبي فيهما؛ ومن كتب النقد ما يدرس أديباً واحداً أو جملة أدباء على منهج خاص من الدراسة، كالكتب الكثيرة المؤلفة في دراسة شكسبير وملتون ووردزورث وتنيسون وهاردي؛ ومنها ما يدرس نوعاً خاصاً من الأدب كالقصة أو الشعر الغنائي، ومن ذلك كتاب أبن كرومي عن الملحمة؛ ومنها ما يدرس عصراً يوضح عوامل الأدب ومظاهره فيه وآثار فحوله، كالعصر الاليزابيثي والعصر الفيكتوري؛ ومنها ما يدرس من عصور أدب اللغة جملة: وتلك هي كتب تأريخ الأدب، وليست في صميمها إلا نقداً، وهي حديثة العهد.
وكل هذه الأنواع نادرة في الأدب العربي وبعضها لا يوجد به، وإنما الضرب السائد فيه هو ذاك الذي توخاه مؤلفو البيان التبيين والكامل ويتيمة الدهر: من تناول الأدباء بغير نظام وسرد بعض آثارهم والتعليق المقتضب عليها؛ وتلك هي كتب الأدب التي لم يكن الغرض منها درس أولئك الأدباء والإماطة عن جوانب نفسياتهم وأسرار نبوغهم، بل كان الغرض اقتطاف أطايب آثار المتقدمين وتقديمها للمتأدبين السالكين سبيل الأدب الطالبين أسرار بلاغة العرب، فلم تكن الغاية درس الأديب المتقدم، بل إخراج الأديب المقبل.
وقد استفاد النقد في الإنكليزية كثيراً بتقدم العلوم الحديثة حتى فاق النقد العربي في نواحي شتى: فتقدُّم علم التأريخ علّم النقاد أن يهتموا بحالة العصر الذي يدرسون من حيث السياسة والاقتصاد والمذاهب السائدة؛ وتقدُّم علوم الاجتماع علمهم أن يهتموا بالبيئة التي نشأ فيها الأديب الذي يدرسون والصفات التي ورثها عن أسرته، ومزاجه النفسي وتكوينه الجسمي، وأثر كل ذلك في أدبه، فجاء النقد الإنجليزي الحديث واضح المناهج بين الأسباب والنتائج، وأبرزَ للعصور والأعلام صوراً جلية وشخصيات متميزة.
أما نقاد العرب فكانوا أكثر اهتماماً بدرس فنون الأدب وأساليب الصناعة منهم بدرس الأشخاص والعصور؛ وقد أسهبوا في درس الفنون التي فشت في أدبهم واستأثرت بمعظم نثرهم وشعرهم: كرسائل الأمراء والنسيب الاستهلالي والمدح والهجاء والرثاء، وهي المناحي التي لم تظفر من أدباء الإنجليزية ونقادها بالتفات، فقسَّم قدامة بن جعفر مثلاً الممدوحين إلى ضروب: فملوك ووزراء وكتاب وقواد وسوقة، وحصر صفات المدح في أربع: الشجاعة والعدل والعقل والعفة، يجمعها قول زهير:
أخي ثقة لا تُهلك الخمر مالَه ... ولكنه قد يهلك المال نائله
فمن مثل حصن في الحروب ومثله ... لإنكار ضيم أو الخصم يجادله
والناظر في كتب النقد في الأدبين العربي والإنجليزي، يرى - عدا ما تقدم - فروقاً واضحة بين نقدي الأمتين كالفروق التي يرى بين أدبيهما، بل يرى مواضع الاختلاف واحدة في الحالتين؛ ولا غرو فالنقد كما تقدم صدى الأدب، بل إن النقد والأدب يتجاوبان فيما بينهما صدى مستمراً طوال العصور؛ والخصائص التي تغلِب على أحدهما لا بد أن تغلب على الآخر، ومن ثم نجد بين النقد في العربية والنقد في الإنجليزية ما تجد بين أدبي اللغتين من فروق في نواحي المحافظة والتجديد، والتأثر بالأثر الأجنبي، والمعنى واللفظ، والفنون وهلم جرا.
فنزعة المحافظة هي الغالبة على نقاد العربية، وقل منهم من دعا إلى تجديد صحيح، وذلك أبن الأثير مثلاً يزعم أنه مجدد بذ الأوائل ثم يأتي بأمثلة من تجديده فإذا هي محافظة مغرقة وتقليد مفرط؛ وأغلب نقاد العربية يقدسون المتقدمين دون تأمل، ولا يرون عن مناهجهم حولاً ويضعونهم فوق متناول النقد. وذلك أبو علي الحاتمي يحسبه أتى بجديد حين مثل القصيدة بالإنسان في تناسب خلقه، فلا ينشب أن يقول: (وتأتي القصيدة في تناسب صدورها وأعجازها، وانتظام نسيبها بمديحها، كالرسالة البليغة)، فهو لا يتصور القصيدة إلا نسيباً ومديحاً كما فعل الأوائل.
وتتجلى نزعة المحافظة في النقد العربي في أمرين: غرضه، وممارسيه، وهما أمران متصلان أحدهما بالآخر، فقد كان غرض كتب الأدب والنقد في العربية كما تقدم وقف الناشئ المتأدب على بلاغة المتقدمين، وتفهيمه أسرار إعجاز القرآن، لينحو منحى أولئك المتقدمين ويضرب على وتيرتهم، فكان غرض النقد الأول تعليم المتأخرين كيف يقلدون الأولين.
ولم يمارس النقد فحول الكتاب والشعراء، ولم يؤثر عن فحول العربية مما يدرج تحت عنوان النقد إلا شذرات مقتضبة بعيدة عن التنظيم، كوصية عبد الحميد لمعشر الكتاب ونصيحة أبي تمام للبحتري؛ وربما ثار بعض الشعراء بما درج عليه زملائهم من تقاليد، كثورة أبي نواس بالوقوف على الديار في مثل قوله:
لا جفَّ دمع الذي يبكي على حجر ... ولا صفا قلب من يصبو إلى وتد
وتمرُّد المتنبي على النسيب الاستهلالي في قوله:
إذا كان شعرٌ فالنسيب المقدَّمُ ... أكلُّ أديبٍ قال شعراً متيم؟
ولكنها كانت خطرات عابرة لم تُكوِّن مذهباً ولم تغير سنة، بل لم يتبعها قائلوها أنفسهم وجاروا التقاليد الجارفة فيما نظموه، وإنما مارس النقد في العربية المقلون في النثر والشعر كالجرجاني وأبي هلال العسكري، أو من يؤثر عنهم شيء، وهكذا كان الأدباء فريقاً والنقاد فريقاً آخر.
أما في الإنجليزية فاختلط الفريقان، وكان أفذاذ الأدب عادة هم أفذاذ النقد أيضاً، وكان زعيم كل نهضة أدبية هو أيضاً زعيم النقد فيها: فكل من بن جونسون ودريدون وبوب وصمويل جونسون ووردزورث وكولردج وديكونسي وماكولي وماثيو أرنولد ورسكن، كان كاتباً أو شاعراً كما كان ناقداً، وذاك لعمر الحق ودليل حيوية الأدب وروح التجديد فيه: فلن يكون الأديب أديباً حتى يكون له رأي في الأدب والحياة تنضح عنه في كتاباته النقدية، كما يصدر عنه في آثاره الأدبية، وكلُّ من دريدن وبوب ووردزورث قد استجد مدرسة في الأدب لا بأشعاره فقط، بل بنظرياته في النقد. فبينما كان غرض النقد في العربية المحافظة على مناهج المتقدمين، وكان في الإنجليزية ابتداء حركات جديدة.
ولا ريب أن الأدباء الذين يمارسون النظم والنثر هم أدرى الناس بنقدهما، لأنه لا يعرف الشوق إلا من يكابده؛ والأديب الذي يعلن للناس نظرياته النقدية مشفوعة بآثاره الأدبية أمثلةً مؤُيِّدةً لتلك النظريات، كما فعل وردزورث في أغانيه الشعبية ومقدمته النثرية لها، أحرى أن يُتَّبَعَ من الناقد الذي لا يمارس الأدب، وإنما يملي على الأدباء آراءه وهو بنجوة عن محيطهم، فمن أعجب ظواهر الأدب العربي تنحي فحوله عن مضمار النقد، وتركهم مجاله لعباد القديم ومقدسي السلف.
ولتقديس النقاد للقديم وقفوا موقفاً متناقضاً: فكانوا ينكرون على الأديب أن يحيد عن مناهج القدماء، ثم ينكرون عليه أن يتداول معانيهم التي سبقوه إليها، وصرفوا جانباً عظيما من اهتمامهم إلى تتبع سرقات الشعراء، فكتاب الوساطة للجرجاني أغلبه جهد ضائع في تقصي المعاني إلى مواطنها الأولى في أشعار الأجيال السالفة، وتمزيق القصائد بيتاً بيتاً؛ والحكم على الشعراء بالاختلاس لأوهى الشبهات اللفظية.
وكان نقاد العربية أكثر التفاتاً إلى الألفاظ منهم إلى المعاني، وعد أكثرهم إحكام اللفظ ميزة الأديب الفحل، وعدوا المعاني مشاعاً بين الجميع، قال أبو هلال العسكري: (وليس الشأن في إيراد المعاني، لأن المعاني يعرفها العربي والعجمي والقروي والبدوي، وإنما هو في جودة اللفظ وصفائه)، وقال أبن الأثير (ولقد رأيت كثيراً من الجهال الذين هم من السوقة أرباب الحرف والصنائع، وما منهم إلا من يقع له المعنى الشريف، ويظهر من خاطره المعنى الدقيق، ولكنه لا يحسن أن يزوِّج بين لفظتين؛ فالعبارة عن المعاني هي التي تخلب بها العقول، وعلى هذا فالناس كلهم مشتركون في استخراج المعاني).
ولهذا صرف أكثر النقاد همهم إلى خصائص الألفاظ وضروب الأساليب، وأسهبوا القول فيما سموه علم البديع، واستقصوا أقسام الجناس والطباق والسجع، وطُرُق تضمين الآيات وحَلِّ الأشعار؛ ووجود علم البديع في العربية دون الإنجليزية برهان ناطق على شديد اهتمام نقاد العرب باللفظ؛ وكان للناقد والأدباء معاً إيمان وطيد بمقدرة اللغة على أداء أي معنى، وثقة لا تتزعزع في تفوق اللغة العربية في الفصاحة على غيرها من اللغات، وكانوا يرون ذلك ميزة العرب على غيرهم من الأمم التي بذتهم في شتى العلوم.
أما موقف جمهور الأدباء الإنجليز من اللغة فكان غير هذا: فهم وإن لم يغفلوا أهمية الصياغة اللفظية وضرورة تمكن الأديب من اللغة ووقوفه على أسرارها، ظلوا يعدون اللغة وسيلة لا غاية، وسيلة للتعبير عن خوالج النفس، بل عدَّها كثير منهم وسيلة ناقصة عاجزة عن التأدية إلى تلك الغاية، يجب على الأديب أن يستفرغ جهده ليجعلها تؤدي غرضه؛ فلم يهتم أدباء الإنجليزية ونقادها برنين الألفاظ الأجوف وزخرفها المموه، بل استعانوا بمعانيها المصطلح عليها، وجرس حروفها ودقة اختيارها والملاءمة بينها، واشتقاقها وخلقها حيث لا توجد لتأدية الحالة النفسية المتخيلة على ما يجب، وتصوير الجو العاطفي أو المنظر المرئي: من رهبة أو جذل أو سكون أو سرعة، ويفاضل النقاد الإنجليز بين الأدباء حسب مقدرتهم على استخدام اللغة هذا الاستخدام وتطويعها لأغراضهم على هذا النحو، لا حسب حظوظهم من المحسنات البديعة، ويقولون إن الفرق بين لغة العلم ولغة الأدب أن الأولى تعتمد على المعنى المجرد للفظ، والثانية على ما توحيه الألفاظ من أجواء معنوية.
ولما كان إيمان العرب بتفوقهم البياني كما تقدم، لم يهتموا بالآداب الأجنبية أو النقد الأجنبي كثيراً، فهم واضعو علوم البلاغة في لغتهم، وهم نهجوا بكتب الأدب والنقد نهجهم الخاص بهم، وجدهم في هذا السبيل جسيم جليل؛ أما الإنجليز فجعلوا النقد الأدبي الأجنبي دائماً نصب أعينهم، قديماً كان أو حديثاً، فما كتبته أرسطو ومما نظمه هوراس في النقد نشأ النقد الدبي في الإنجليزية، وغُذِّى بعد ذلك بكتابات دانتي وبوالو ولسنج وجيته وسنت بيف وتين؛ فالناقد الإنجليزي يستعرض آراء هؤلاء أثناء استعراض آراء مواطنيه بلا تفريق ولا ريب أن اشتمال النقد الإنجليزي على آراء أمثال أولئك ربح للأدب لا يقدر: فاطلاع الأدباء والنقاد على خير ما تنتجه القرائح في العالم أجمع يوسع آفاق تفكيرهم ويفسح حدود أدبهم، ويربأ بالأدب أن تثقله القيود وتفسده التقاليد، ومن ثم قال ماثيو أرنولد بضرورة إتقان الناقد في أدب ما أدباً أجنبياً واحداً على الأقل، تزداد فائدته له كلما ازداد التباين بينه وبين أدب الناقد الأصلي.
فاكثر النقاد الإنجليز كانوا كما تقدم من أعلام النظم والنثر، وكانوا مطلعين على الآداب الأجنبية، وما كُتب فيها في النقد، ثم هم كانوا - ولا سيما متأخروهم - مهتمين بالفنون الأخرى بجانب الأدب، واقفين على ما كتب في نقدها، بل كان منهم من جَمعَ بين نقدها والنقد الأدبي: فدريدن واضع أساس النثر الإنجليزي الحديث كتب رسالته في (الموازنة بين الشعر والتصوير) وكذلك جمع لام وثكري وركسن بين نقد الأدب ونقد التصوير أو النحت؛ ولا ريب أن تفقه الناقد في تلك الفنون أكبر معوان له على حسن النظر في الأدب وصدق النقد له، لتشابه الفنون في وسائلها وغاياتها.
فالناقد الإنجليزي كان اكثر أهلية للنقد وقدرة على النجاح فيه: لأنه كان يمارس الأدب بنفسه نظماً ونثراً فهو أدرى بدخائله ولأنه مطلع على الأدب الأجنبي، فهو أدرى بمحاسن أدبه ومثالبه، ولأنه متبصر في الفنون فهو أعلم بمناحي فنه الخاص - الأدب - ومن ثم حفل الأدب الإنجليزي بالدراسات القوية لعصور الأدب وفحوله وفنونه، وجاء تاريخه أوضح منهاجاً وأبين معالم من تأريخ الأدب العربي.
فخري أبو السعود