مجلة الرسالة/العدد 165/السيارة المسروقة
→ فلنتعصب. . . .! | مجلة الرسالة - العدد 165 السيارة المسروقة [[مؤلف:|]] |
أسبوع في سبتمانيا ← |
بتاريخ: 31 - 08 - 1936 |
للأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني
(إن من الواضح أن تربيتك ناقصة. . . ناقصة جداً. . . هذا أنا - بجلال قدري - أكلمك منذ عشر ساعات وخمس وعشرين دقيقة وثلاث وأربعين ثانية وأنت لا تجيبين. . .).
فقالت زوجتي أخيراً، وألقت ما بيدها - وكان شيئاً تطرزه - أو لا أدري ماذا تصنع به -: (إني لست اليوم كفئاً لك ولهزلك، فاسكت من فضلك!).
قلت: (هذا بديل جميل من الاعتذار!. . . ألا تستحين يا امرأة؟. . ثم ما هذا الذي تتشاغلين به عن التقاط الحكمة من فم سيدك وتاج رأسك وبعلك؟).
قالت: (أرجوك!. أرجوك يا مسلم!! ثم إن الطباخة خرجت!. . .).
فانتفضت واقفاً وصحت: (نهارها أسود! لماذا؟).
قالت: (استحسن زوجها أن يكون ذهابها إليه يوم الجمعة بدلاً من يوم الأحد).
فانحططت على الكرسي وقلت: (ووافقت أنت بالطبع. .).
قالت: (وماذا أصنع غير ذلك؟ وقد أصرا على يوم الجمعة، فلو رفضت لفارقتنا، ولعدنا إلى حيرتنا القديمة).
قلت: (يا امرأة. . . . هل تعرفين أني أتضور في هذا البيت؟. . . يوم الجمعة الذي أستريح فيه، وأظل أحلم طول الليل بما أطمع أن أنعم فيه من الآكال؟؟ أوه! إن هذا لا يطاق! هذه. . . هذه. . . هذه. . . نعم هذه بلشفية صريحة! ومع ذلك تزعم الحكومة أنها تكافحها! ما عيب يوم الأحد بالله؟ لماذا يجب - حتماً - أن تكون بطالتها يوم الجمعة لا غيره؟. . .).
فضجرت زوجتي وبدأت تنفخ، وقالت: (ألا تسكت؟ مالك أنت؟ إن لك أن تأكل والسلام. . . ثم إنها مسلمة، وكذلك زوجها، فيوم الجمعة أوفق لهما).
قلت: (وهل من الضروري أن تتزوج هذه الدميمة وذلك المغفل؟).
قالت - وهي تتمطى -: (إني أشعر بفتور وخدر، فأعفني بالله من وجع الدماغ، وحسبي هم إطعامك في هذا اليوم الثقيل. . . .).
قلت - وقد خطرت لي فكرة -: (اسمعي أقل لك).
قالت - وهي تضحك - وهل تراني اليوم هنا إلا لأسمع. . تفضل يا سيدي ونور عيني. . . وماذا أيضاً؟).
قلت: (وتاج رأسك! اسمعي. . . إن الفتور يغشي جسمك كما تقولين، وأنا رأسي يكاد يطير مذ عرفت أن هذه الطباخة الكريهة الوجه قد تخلت عنا في يومنا هذا، فما قولك في أكلة ناشفة خفيفة نصنعها هنا أو نشتريها؟).
فقالت وقد لمعت عينها: (لماذا؟).
قلت: (وندعو لولو وسيلما - من أقربائنا - ونذهب جميعاً ومعنا الأولاد إلى القناطر الخيرية، فنقضي يوماً هناك بين الخضرة والماء).
قالت: (ولكنه سينقصك الوجه الحسن).
قلت: (يا خبيثة. . . . . . . هل تظنين أني تزوجتك وأنا مغمض العينين؟).
وحشرتهم جميعاً في السيارة، ودسست السلة التي فيها الطعام والشراب في مكان مجعول لما يحمل المسافر من زاد ومتاع، وكانت الساعة الثانية مساء حين انطلقنا فبلغنا القناطر بعد نصف ساعة، فحملنا أشياءنا وتركنا السيارة في حراسة رجل من الواقفين هناك المستعدين لمثل هذه المهمات، وتخيرنا مكاناً يشرف على الماء وتظلله أشجار باسقة وبسطنا السجادة وألقينا عليها صفحات من جرائد الصباح والمساء ووضعنا عليها الصحون والصواني ثم شرعنا نأكل. ولم يكن الطعام فيما يبدو لعيوننا الفارغة كثيراً، فجعل بعضنا يخطف من بعض، فكانت ألذ أكلة وأهناها، ثم طرحنا الوسائد على السجادة واستلقينا، فنام من نام. ولما آذنت الشمس بالغروب ركبنا زورقاً في ترعة أشمون، ثم بدا لنا أن نعود لندرك (الشيخ رفعت) وهو يتلو القرآن الكريم - فما نحب أن يفوتنا ذلك منه قط - فرجعنا إلى حيث السيارة. . فإذا بها اختفت!!؟
بهتُّ حين رأيت مكانها خالياً، فوقفت كالصنم وأقبلت علي زوجتي تسألني وتهز ذراعي، فقلت لها وقد أفقت قليلاً (نعم. . هزي ذراعي. . بقوة. . إن بي حاجة إلى الشعور بأني لست أحلم وأن هذا ليس كابوساً. .).
قالت: (أين ذهبت؟).
قلت: (فتشيني!. . لقد كانت هنا. . تركتها في هذا المكان وليس في الأرض ما يدل على أنها انشقت وابتلعتها. . . ولست أعرف أن لها أجنحة فلا يمكن أن تكون طارت. . إن الطريقة الصحيحة للاهتداء إلى الحقيقة هي أن يبدأ المرء بنفي كل الاحتمالات غير المعقولة - كما ترينني أصنع الآن).
فصاحت (لولو): (لقد سرقها اللصوص).
فصحت بها: (تالله ما أذكاك يا فتاتي!! كيف لم نفطن إلى هذا بمثل هذه السرعة المدهشة؟).
فقالت لولو: (وماذا تكون مزية العبقرية وفضيلتها إذن؟).
قلت: (صدقت يا فتاتي النابغة. .).
فقالت زوجتي مقاطعة: (أهذا وقت الكلام الفارغ؟. ألا تفكرون في طريقة لاستردادها؟).
فقلت: (آه. . هنا أيضاً عبقرية ولكن من ضرب آخر، ضرب عملي لا يرتاح إلى النظريات. . عبقرية يمكن أن ننعتها بأنها نابليونية؛ ولست أرى أنه ينقصنا - لنوقن من أن السيارة عائدة بإذن الله - إلا ضرب ثالث).
فقالت زوجتي متهكمة (نعم يا سيدي. .؟).
قلت بحدة: (لا تتهكمي يا امرأة. . نعم ينقصنا الضرب الشِّرلُكْمُزِي).
فصاحوا جميعا: (إيه؟).
فقلت: (أعوذ بالله!! ما لكم تصرخون هكذا؟. نعم الشرلكمزي. . يا جهلة. . لو كنتم تعنون بتثقيف عقولكم الفارغة قدر عنايتكم بخلافي والمكابرة معي وإنكار نعمتي عليكم وجحود فضلي. . لعرفتم أن الشرلكمزي نسبة إلى شرلوك هولمز) فقالت زوجتي وهي تضع كفها على فمي: (طيب اسكت بقى!).
فلثمت راحتها وسكت - كما أمرت!
وقال سليم - أخو لولو -: (إن من الواضح أن علينا أن نتفرق).
قلت: (بديهي. . حتى لا يرانا اللصوص فيخافوا. . نعم يحسن ألا نضع شيئاً يزعج اللصوص ويفسد عليهم متعتهم).
فصاح بي: (يا أخي ألا تكف عن هذا العبث؟).
قلت: (كففت بإذن الله. . تفضل. . ولكن اسمح لي أن أسأل هل تعني أن نرسل الأطفال وحدهم في ناحية، وأمهم وأختك في ناحية، وتذهب أنت إلى حيث ألقت، وأعود أنا إلى البيت، وقد تخلصت منكم جميعاً؟؟ إن كان هذا مرادك فأنا من الآن موافق، والسلام عليكم، ولا تكلفوا أنفسكم إرسال عناوينكم).
وبعد أن هدأت الضجة التي أثارتها هذه الكلمات البريئة قال سليم: (تأخذ أنت الأطفال وهاتين أيضاً - وأشار إلى زوجتي وأخته - وتركب تاكسي وتمر أولاً بمركز البوليس ثم لا تتكل عليه بل تذهب تبحث. . وأنا أذهب أبحث من ناحية أخرى).
فقالت زوجتي لسليم: (بل أكون أنا معك فإني لا أكاد أطيق مزحه في هذه الساعات. . إنه لا يفرق بين جد وهزل. . كل وقت عنده صالح للضحك. . شيء فظيع. .).
قلت: (أشكرك. . على أني أستطيع أن أهذب لك خطتك العقيمة. .).
فقالت زوجتي: (بالله اسكت. . . أرجوك. . . أر. . . جووووووك).
قلت: (حالاً. حالاً. كل شيء في وقته يا امرأة. . وهل هذا وقت رجاء؟؟ إنه وقت العمل. . ألا تفهمين؟. اسمع يا هذا. . تذهب أنت إلى البوليس وتعفيني من هذه المهمة التي لا أرتاح إليها، ولا أعتقد أن فيها فائدة، وتأخذ معك هذه الزوجة الجاحدة الناكرة للجميل، وافعل بعد ذلك ما تستطيع، وإلى الملتقى في البيت العامر إن شاء الله).
فقالت زوجتي: (أيوه. . أنا أقول لكم ماذا ينوي أن يصنع. . سيذهب إلى البت مباشرة ولا يكلف نفسه أي عناء في البحث عن سيارته. . وسترون).
فقلت: (وهبيني فعلت ذلك فهل كنت تحسبين أني شرطي أو بوليس سري؟؟ وماذا أصنع إذا كانت السيارة قد سرقت؟ هل أجري في الشوارع كالمجنون؟. . أو أقعد على هذا الرصيف وأبكي؟. . ثم إن معي طفلين صغيرين يريدان أن يناما. . أليس كذلك يا ميدو - اختصار عبد الحميد من فضلك - ومعي أيضاً هذه الفتاة الطويلة البلهاء التي لا رأس في عقلها - أعني لا عقل في رأسها!).
فمضيا عني ولم يجيبا بشيء. وضحكت لولو فقلت: (هذا أحسن. . ما فائدة الحزن واللطم والندب؟؟ ثم إنهما مغفلان - ولا مؤاخذة - فتعالي نسأل أولاً الحارس الذي كان هنا متى رآها آخر مرة فقد خطرت لي فكرة أرجو من ورائها خيراً كثيراً وراحة تامة).
وبحثنا عن الحارس حتى وجدناه نائماً تحت شجرة فأيقظناه فقال لنا: إنها كانت هنا منذ وقت قصير جداً وقد ركبها رجل وفتاة، وإن الرجل قال حين سألته عن الباقين - منا -: إنه ذاهب ليشتري لهم شيئاً ثم يعود. فسألته عن الاتجاه الذي ذهبا فيه فأشار إلى القناطر وطريق القاهرة.
فطلبت أن يجيئنا بتاكسي بسرعة، وقلت للولو: (إذا حقق الله ظني فسيخيب أمل السارق وفتاته، لأن السيارة ليس فيها من البنزين ما يكفي إلا عشرة كيلو مترات على أكثر تقدير، وأنا أرجو أن يخطئ الخطأ المعقول أي أن يتوهم أن من يجيء إلى القناطر بسيارة لابد أن يكون قد تزود الكفاية من البنزين للذهاب والإياب معاً، فيمضي معولاً على ذلك ومتخوفاً من أن يقف في القناطر لأخذ بنزين آخر فتقف به السيارة في الطريق حيث لا بنزين، ولا يخطر له في أول الأمر أن هذه هي العلة فيدور يبحث عن سبب آخر لوقوفها ويضيع في هذا وقتاً ثميناً ثم ييأس فيتركها في الطريق وينجو بجلده).
وكنت أنا مقتنعاً بهذا الرأي حتى اشتريت (صفيحة بنزين من القناطر وضعناها معنا في التاكسي وقلت للولو: (لهذا فائدة أخرى هي أن يعتقد سائق التاكسي حين نتركه ونركب سيارتنا أنا ما استأجرنا سيارته إلا لهذا السبب، فلا يروح يعجب أو يسأل عن شيء ولا يبدو له شيء غريب في عملنا).
وقد شاء الله أن يحقق ظني فما كدنا نقطع خمسة كيلو مترات من الطريق بعد أن تركنا القناطر وأخذنا في سكة قليوب حتى وجدنا السيارة. وأوجز فأقول إنا ركبناها فرحين وعدنا إلى القناطر عسى أن نجد بقيتنا. فلما لم نجد أحداً تركنا لهما خبراً عند الحارس النائم ثم حملناه معنا إلى مركز البوليس لنسرهم ونعفيهم من البحث فعلمنا أن أصحابنا أبلغوهم خبر السرقة، وأن بعض الشرطة خرج للبحث وأن الخبر طير بالتلفون إلى قليوب والقاهرة ولجهات أخرى أيضاً لضبط السارق في الطريق. فشكرنا لهم هذه الهمة التي لم تكن متوقعة ثم قلت لهم: (إن المهم الآن هو البحث عن زوجتي!).
فصاح الرجل (إيه؟).
قلت: (إنها مع قريبي وقريبها).
قال: (انتهينا).
قلت: (كلا لم تنته. . وما أدراك أن هذه ليست سرقة أخرى أفظع وأشنع؟).
فضحك الرجل وجرتني لولو وهي تحتج.
تركنا السيارة أمام رصيف البيت وجلسنا في الشرفة نأكل لحم الغائبين - أعني ننتظرهما - وإذا بهما عائدان بعد نحو ساعتين في سيارة - هي أخت سيارتنا بلا فرق - فانحدرت إلى الطريق بسرعة فوجدتهما يتأملان هذه المعجزة. فقلت: (تمام. . لقد سرقت هذه السيارة يا صاحبي ولم أكن أعرف أن قريبي ونسيبي لص. . ولكن ماذا أصنع؟. لقد أخفوك عني قبل أن أتزوج. فصار واجبي أن أخفيك أنت عن الناس بعد أن تزوجتُ).
فهم بكلام فمنعته ودعوته أن ينظر إلى رقم السيارتين، فاقتنع وقال ما العمل الآن؟ قلت: (تستعد للسجن. . لقد كان هذا واجباً من زمان طويل في الحقيقة، ولكن ما أكثر من يستحقون السجن وهم طلقاء. . والآن اذهب بالسيارة إلى الجراج - السيارة المسروقة - ثم أبلغ البوليس بالتلفون وقل له إنك عندي تنتظر حضوره للقبض عليك).
وعرفنا منهما بعد ذلك أنهما ركبا القطار ثم الترام إلى العتبة الخضراء وإذا بهما يريان السيارة عند رصيف إدارة البريد فذهبا إليها يعدوان فألفياها خالية فركبا، وساقها هو وانطلقا بها من غير أن يعنيا بالنظر إلى رقمها وانحدرا بها في شارع فاروق وتركا صاحبها المسكين يجري وراءهما ويصيح ويصرخ ويستنجد وهما يضحكان مسرورين! بارك الله فيهما من لصين جريئين!
فقلت لهما: (لا عليكما. . ستكون العتبة الخضراء كلها عندنا بعد دقائق ببوليسها وصبيانها وباعتها. . إلى آخره. . إلى آخره. . وسيشهد الجيران وجيران الجيران، أمتع رواية رأوها أو يمكن أن يروها في حياتهم أو حياة هذا الشارع الرزين).
وجاء الشرطة والمسروق المسكين في تاكسي. وكان لا بد أن يروا السيارة وأن ينزلوا، وكنت واقفاً إلى جانبها أنتظر هذا التشريف، فقال الرجل (هذه هي. .) ومسح العرق المتصبب ودنا منها وهم بأن يفتح بابها فتصديت له وقلت: (عفواً. . هل من خدمة؟.)
فصاح (خدمة؟؟ يا حرامي يا مجرم!! أين أخفيت شريكتك؟ المرأة التي كانت معك؟).
فنظرت إلى الشرطي وأنا أبتسم - فقد كان الموقف يتطلب الهدوء والكياسة - وقلت: (هذه سيارتي يا حضرة الشاويش فما خطب هذا الرجل؟).
فصاح الرجل (سيارتك يا حرامي يا صفيق الوجه؟).
قلت: (إني أسمح بأن تتأملها).
فدار حولها ونظر إليها من الأمام ثم من الخلف، ثم وقف أمامي وهو يرعد وينتفض ويقول: (أما مجرم!!. . بسرعة غيرت أرقامها؟؟ ولكن هل تظن أن هذا ينفعك؟).
فبدا على وجه الشرطي التردد حينما سمع أن الأرقام مختلفة، وإذا كان المفجوع في سيارته قد طار عقله، فإن الشرطي لا يوجد ما يدعو إلى ذهاب عقله أيضاً. وقلت أنا: المسألة بسيطة. ومن المعقول أن أغير لوح المرور بسرعة، ولكن ليس من المعقول أن أغير رقم الشاسية المحفور على محرك السيارة، فتفضل واذكر هذا الرقم بعد مراجعة رخصتك إذا شئت ثم ارفع غطاء المحرك وانظر).
ففعل فإذا الرقم مختلف جداً وشعر بالهزيمة، وأدرك أنه تجنى علي جداً، فبدأ يعتذر، فسألته
(ولكن كيف يمكن أن تخطئ إلى هذا الحد؟؟ هل يعقل ألا تعرف سيارتك؟)
قال: (إنه لا فرق بينهما على الإطلاق - لا من الداخل ولا من الخارج؟).
فقال الشرطي: وهو يريد أن يفض النزاع الذي تهور فيه صاحبنا: (ما دامت السيارتان متشابهتين إلى هذا الحد فإنه معذور، فسامحه).
قلت: (وهل كنت تعذرني لو أني أخطأت مثل خطئه، وذهبت أسب الناس وأتهمهم بالسرقة؟).
قال (طبعاً. . صحيح إنه تهور في الاتهام قبل التثبت، ولكنه معذور في خطئه في معرفة السيارة).
قلت (وإذا دللتك على سيارتك هل تشكرني؟؟ أم تستأنف اتهامك لي بالسرقة؟).
فعاد إلى الاعتذار، وأكد لي أنه يكون شاكراً جداً، فلم يبق داع للإطالة، فرويت له وللشرطي القصة من أولها إلى آخرها كما وقعت، وقلت لهما: إننا أبلغنا مركز البوليس أنا وجدنا السيارة الأخرى التي ظنها قريبي سيارتنا، وأن البوليس لا شك سيحضر بعد قليل ليتسلمها.
وبهذا انتهى الحادث.
وقلت لزوجتي وأنا دخل بعد الفراغ من ذلك: (هل تعترفين الآن أن الذي كان يضحك ويمزح كان هو الحكيم السديد الرأي الصحيح النظر؟).
فآثرت المكابرة وقالت إنها مصادفة واتفاق، فشهدت لولو بأني أحسنت التقدير، فعادت زوجتي تلوم لأني كتمت رأيي الحقيقي وتركتها تذهب وتلف وتدور مع سليم، وأني آثرت لها التعب ولنفسي الراحة، فقلت (ليكون هذا لك درساً. . ألم أقل لك إن تربيتك ناقصة؟) فهاجوا بي وثاروا ولكن هذا لا يعني القراء لا قليلاً ولا كثيراً.
إبراهيم عبد القادر المازني