مجلة الرسالة/العدد 164/البريد الأدبي
→ من دروس البادية | مجلة الرسالة - العدد 164 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
بتاريخ: 24 - 08 - 1936 |
المباحث الأثرية الأولمبية
من أنباء ألمانيا الأخيرة أن الهير هتلر، أعلن أن الحكومة الألمانية قررت لمناسبة عيد الألعاب الأولمبية أن تستأنف المباحث الأثرية في أولمبيا (من أعمال مقاطعة بلوبنيس اليونانية). وقد كانت أولمبيا منذ نحو ألفي عام مستودع التماثيل والذخائر اليونانية المقدسة، وكانت ساحاتها معرضاً للحفلات الرياضية الشائقة. وفي عهد الإمبراطور تيودوسيوس الروماني في القرن الرابع الميلادي منعت الألعاب الأولمبية، وخربت الهياكل الدينية، ونقلت تماثيل الآلهة إلى قسطنطينية بعد ذلك، وفي القرن السادس وقعت زلزلة هدمت كثيراً مما بقي من الهياكل الأولمبية.
وكان أول من لفت النظر إلى البحث في الأطلال الأولمبية العلامة الفرنسي برنار دي مونفو كون في أوائل القرن الثامن عشر. ثم تلاه العلامة الألماني فنكلمان ونظم بعثة للقيام بالحفريات والمباحث الأثرية في أولمبيا، ولكن الموت عاجله وهو في طريقه إلى اليونان. وفي سنة 1829 أوفدت الحكومة الفرنسية حملة إلى اليونان لمعاونتها في حرب التحرير، فقام بعض أفرادها بالحفر في أولمبيا. وفي سنة 1852، قام العلامة الألماني أرنست كورتيوس - وقد كان أستاذاً للتاريخ القديم - بدعوة قوية للبحث في أولمبيا، واستطاع أن يحمل تلميذه القيصر فريدريش الثالث على تنفيذ مشروعه؛ وأقر البرلمان الألماني الاعتمادات اللازمة؛ وقامت بعثة ألمانية بالحفر في أولمبيا بين سنتي 1875 و1881؛ واستطاعت أن تكشف عن ساحة (التس) الشهيرة برمتها، وظهرت أيضاً أطلال معبد زيوس القديم؛ وكان أعظم اكتشاف وفقت إليه لبعثة تمثال (هرميس) الذي صنعه المثال الأشهر (براكستليس) ووصفه الرحالة باوزنيوس في رحلته، ووجدت أيضاً نحو سبعمائة قطعة أثرية مختلفة. وقامت بعد ذلك بعثات مختلفة أخرى بالحفر في أولمبيا؛ وعثرت بآثار كثيرة، ولكن ما يزال هنالك مجال عظيم للبحث والحفر.
وتزمع الحكومة الألمانية أن توفد في القريب العاجل بعثة من علماء الآثار لاستئناف المباحث الأولمبية، وسوف تزوده بجميع الاعتمادات التي تعاونها على القيام بأعمال واسعة النطاق.
في أكاديمية الآثار والآداب
ألقى مسيو كلود شيفر رئيس البعثة الأثرية السورية في أكاديمية الآثار والآداب الفرنسية خطاباً عن النتائج التي انتهت إليها مباحث البعثة في رأس شمرا وخلاصتها أنه قد اكتشف حي جديد من مدينة أوجاريت عاصمة مملكة أوجاريت التي ترجع إلى ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، ووجدت عدة وثائق مكتوبة وقطع فنية من آثار هذا العهد؛ ووجدت بالأخص إلى جانب أوجاريت أطلال مدينة قديمة يطبعها الطابع الفرعوني وترجع إلى نحو الأسرة الثامنة عشر. كما وجدت عدة ألواح مكتوبة بخط غير معروف يظن أنه قلم أوجاريت في هذه العصور.
مؤتمر نسوي في باريس
عقد في باريس في السادس والعشرين من يوليه مؤتمر دولي للنساء ذوات الأعمال والمهن، واستمرت أعماله أسبوعاً؛ وقد اجتمع فيه نحو مائتي مندوبة يمثلن أربعاً وعشرين دولة؛ ومثلت الولايات المتحدة السيدة فرنسيس بركنس وزيرة العمل؛ وقد استقبلتها الحكومة الفرنسية بصفة رسمية، على يد مدام برونشفيج ممثلة لوزارة الخارجية؛ وأقيم احتفال رسمي لتكريم المندوبات في وزرة الخارجية؛ وكان أهم الموضوعات التي ألقيت في المؤتمر خطاب للسيدة بركنس تحدثت فيه عن (الحكومة والعمل) وتناول المؤتمر كثيراً من المسائل والموضوعات المتعلقة بالمهن والحرف التي تزاولها المرأة وحقوقها في ذلك الميدان، وما تصدره الأمم المختلفة من القوانين في هذا الشأن.
مؤتمر تقدم العلوم
عقد في شهر يوليه في مرسيليا مؤتمر تقدم العلوم، ومثل فيه العلماء الفرنسيون من كل فن، الطب والهندسة والكيمياء والرياضيات وغيرها. وألقيت فيه مباحث مختلفة عن أحدث النظريات العلمية؛ وكان مما لفت الأنظار بنوع خاص الأبحاث التي قامت بها لجنة الهندسة البحرية التي تدور بالأخص حول هندسة المواني الحديثة المدنية والحربية، وألقيت مباحث هامة أخرى في الطب والنبات والحيوان وغيرها.
كتاب عن السحر صدر أخيراً بالإنكليزية كتاب عن السحر عنوانه (الفن الأسود) ومؤلفه مستر (رولو أحمد). وقد اختار المؤلف لكتابه عنوان: (الفن الأسود) لأن اللون الأسود كالسحر في مختلف العصور، يقترن في أذهان الناس بالخشية والروع؛ ويقول لنا المؤلف: إن السحر معروف عند الإنسان في عصور ما قبل التاريخ، يدل على ذلك طائفة من الرسوم الحجرية التي وجدت في بعض الكهوف؛ وقد كان المصريون القدماء أساتذة في (الفن الأسود) وكان له عندهم المقام الأعلى؛ وكذلك عرف السحر جميع الأمم القديمة مثل الكلدانيين والآشوريين واليونان والرومان وغيرهم.
ويستعرض المؤلف تاريخ السحر منذ العصر القديم إلى عصرنا، ويحاول أن يشرح أساطير السحر ووسائله؛ وأهم قسم في الكتاب هو المتعلق بالسحر في العصور الوسطى، فهنا يجد المؤلف مجالاً كبيراً للتحدث، ويصف لنا كيف ذاعت فكرة الشيطان في تلك العصور إلى حدود مدهشة، وكيف كانت تمثل في كل شيء في الحياة العقلية والدينية.
وقد زين المؤلف كتابه بطائفة كبيرة من الرسوم والنقوش والتعاويذ السحرية.
وفاة راقصة شهيرة
توفيت في أواخر يوليه فنانة كبيرة هي الراقصة والموسيقية الكبيرة (ارجنتينا)، ولم تحرر راقصة في عصرنا من الشهرة الفنية بعد الراقصة الروسية الشهيرة آنا بافلوفا؛ قدر ما أحرزت (ارجنتينا). وكان ظهورها على المسرح في أوائل هذا القرن حيث ظهرت لأول مرة في بروكسل ولفتت الأنظار بروعة فنها وابتكارها. ولم تكن ارجنتينا راقصة فقط، بل كانت موسيقية بارعة؛ ولما ذاعت شهرتها أخذت تطوف مسارح العالم الكبرى، في باريس، ولندن، وأمريكا، وغيرها وهي تثير الإعجاب أينما حلت؛ وكانت في فنها، أي الرقص الأندلسي القديم قرينة بافلوفا، وفي رقصتها الشهيرة (احتضار البجعة). وكانت أبرع راقصة في استعمال الصنج (الصاجات) الأندلسية. وكانت ارجنتينا مثل زميلتها بافلوفا تحتفظ ببراعتها ورشاقتها حتى أعوامها الأخيرة، أعني وهي في حدود الخمسين. وكانت وفاتها في مدينة بايون على مقربة من بيارتز حيث كانت تمضي معظم أوقاتها في قصر بديع هنالك.
وقد أحرزت ارجنتينا كثيراً من آيات التقدير لفنها وبراعتها ومن ذلك أن الحكومة الفرنسية أنعمت عليها بأرفع وسام من اللجيون دونير.
كتاب عن أرنولد بنيت
لم يمض قليل على وفاة الكاتب الإنجليزي الكبير أرنولد بنيت حتى ظهرت عنه عدة تراجم وكتب نقدية. منها كتاب ظهر أخيراً بقلم النقادة سيمونس بعنوان (أرنولد بنيت وقصصه) وهو عرض نقدي مستفيض لآثار الكاتب الراحل، وتلخيص بديع لقصصه، وتعليق ممتع على خواص تفكيره وأسلوبه؛ ويبدي المستر سيمونس في عرضه مقدرة فنية واضحة، ويتتبع العوامل والمؤثرات التي اشتركت في تكوين أرنولد بنيت، ويقول لنا إنه تأثر بالأدبين الفرنسي والروسي، فكان من أساتذته هوسمان، والأخوان جونكور، وموباسان، وتورجنيف وتولستوي؛ ويرد مستر سيمونس على نقدة بنيت من قبله ولا سيما مستر بريستلي الذي اشتهر بشدته في نقد بنيت، ولكن مما يلاحظ أن مستر سيمونس يميل إلى التنويه بمحاسن بنيت والإشادة بخواصه ومقدرته، وقلما يحس جوانب الضعف فيه، وهو من هذه الناحية يغفل قاعدة النقد الصحيح: ويؤيد هذا التحيز إلى بنيت حملاته على جميع نقدته السابقين؛ وينكر مستر سيمونس بشدة ما يسنده بعض النقدة، ولا سيما الكاتبة الشهيرة فرجينيا وولف، إلى بنيت من الميول المادية في الكتابة والتوجيه، بيد أن الكتاب في مجموعه عرض حسن لآثار بنيت يقدم عن الكاتب وآثاره فكرة واضحة، وقد لخصت فيه كل كتبه الهامة تلخيصاً وافياً، وكتب بأسلوب علمي بليغ، يشهد لمؤلفه بمقدرة نقدية لا شك فيها.