الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 157/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 157/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 157
البريد الأدبي
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 06 - 07 - 1936


حول البناء الحر (الماسونية)

وجه إلى الأستاذ (ع) من دمشق على صفحات (الرسالة) كلمة يعلق فيها على عبارة لي وردت عرضاً في مقالي عن (البارون فون أوفنباخ) (الرسالة عدد 141) بشأن (البناء الحر) (الماسونية) وغاياته

وما قلته يومئذ من أن البناء الحر إنما هو حركة من حركات الخفاء العالمية وأنه يعمل منذ الأحقاب لغايات بعيدة المدى، لا تدركها المحافل الصغيرة، ولا المراتب الدنيا، خلاصتها هدم النظم والعقائد القائمة كلها، وإدماج الإنسانية في مجتمع عام حر التفكير تسوده المساواة الاجتماعية المطلقة، هو أرجح الآراء التي انتهى إليها البحث الحديث في شأن البناء الحر وغاياته

وقد ذهب بعض أكابر الباحثين إلى أن حركة البناء الحر ليست إلا وجهاً من وجوه (الثورة العالمية) التي تسعى لإحداثها حركات هدامة كالشيوعية وغيرها

وقد كان البناء الحر وراء معظم الحركات الثورية في العصر الأخير، ولا سيما في إسبانيا والبرتغال وإيطاليا وبلجيكا

بل ذهب بعض الباحثين، ومنهم المؤرخ الفرنسي الكبير أولار، إلى أن الثورة الفرنسية ربما لم تكن في جوهرها سوى مؤامرة دبرها البناء الحر، وحاول أن يصل بإضرامها إلى تحقيق غاياته

وكنت أود أن أزيد السائل الأديب بياناً، ولكن يحول دون ذلك اعتلال صحة وأهبة عاجلة للسفر إلى الأندلس

بيد أني أحيله على بحث مستفيض عن البناء الحر وتاريخه ونظمه وغاياته ووسائله نشرته منذ أعوام في كتابي (تاريخ الجمعيات السرية) (ص87 - 115)

م. ع. ع

كتاب عن برلين

ظهر في العهد الأخير نوع جديد من الأدب الوصفي هو دراسة العواصم الكبرى باعتباره أكمل مظهر لمختلف الشعوب والأمم؛ وبلغ هذا الضرب الجديد من الأدب روعته على يد كتاب عظام مثل بول موران، الذي تعتبر كتبه عن لندن، ونيويورك، وبخارست من أبدع آثار الأدب المعاصر. وقد ظهر أخيراً كتاب من هذا النوع عن مدينة برلين بقلم الكاتب والمؤرخ المعروف هنري بيدو، وهو يصور لنا برلين كمارد فخم يجثم في وهاد براندنبورج وفيما بين الغابات والمستنقعات؛ وقد لوحظ كثيراً أن برلين ليست كباقي العواصم الأوربية الكبرى من حيث مناسبة موقعها وكونها تعبر عن مظهر لألمانيا الحقيقي فهي من حيث الموقع لا تضارع رومة التي تقع في وسط إيطاليا وتشرف على البحر الأبيض، وباريس التي تعتبر كأنها عجلة الإدارة الفرنسية، وموسكو التي تجتمع حولها موارد روسيا الشاسعة، ولندن ونيويورك وغيرها؛ ثم هي لا تعبر عن مظهر ألمانيا، أولاً لأن العنصر السلافي يغلب فيها فهي ليست مدينة ألمانية حقة مثل ميونيخ أو لايبزج أو فرنكفورت، وثانياً لأنها تبدو دائماً كأنها عاصمة مفروضة على ألمانيا، فرفضها آل هوهنزلرن رمزاً لقوة بروسيا، ثم فرضتها الظروف بعد ذلك؛ وحياتها الاجتماعية كمدينة عظيمة تكاد تكون معدومة ذلك لأنها تبدو دائماً كمعسكر، تغلب عليه المظاهر الآلية والخشنة، فالحياة المعنوية والاجتماعية فيها راكدة لا تروق الأذهان الحساسة الرفيعة. ولقد كانت ألمانيا تقدر منذ بعيد أن برلين الحديثة سيبلغ سكانها في فترة وجيزة 12 مليوناً من الأنفس، ولكن برلين لم تبلغ مع الجهد ثلث هذا الرقم، وهو دليل آخر على ركودها المعنوي والمادي

هذه هي الصورة التي يقدمها إلينا هنري بيدو عن العاصمة الألمانية، وهي صورة لا تغبط عليها مثل هذه العاصمة الكبرى

جورج دوهامل عضو الأكاديمية

وأخيراً انتظم جورج دوهامل بين أعضاء الأكاديمية الفرنسية وأصبح من الخالدين. وجورج دوهامل كاتب من أعظم كتاب فرنسا المعاصرين، وكاتب اجتماعي وأنساني قبل كل شيء؛ وقد اشتهر بعدة من آثاره القيمة وبالأخص بكتابين هما (حياة الشهداء) و (اعتراف منتصف الليل)

وزار دوهامل مصر أكثر من مرة، في شتاء سنة 1929 وفي صيف سنة 1934؛ ولم يكتب دوهامل عن مصر ولم يصفها كما يفعل زملاءه الذين يزرونها؛ ولكن يؤثر عنه بأنه وصف مصر بأنها (الأرض التي يسود فيها منذ الآماد عشق الحياة الأخرى) وقد تأثر دوهامل أيما تأثير مما رأى من آثار الفراعنة التي تتجسم فيها فكرة الخلود والأبدية

ودوهامل يكتب بأسلوب رائع وبيان قوي؛ وتطبع كتاباته كلها نزعة إلى الإنسانية وإلى التسامح العام

ولم يكن دوهامل يوما من الساعين إلى الدخول في الأكاديمية ولكنه حينما رشح وأنتخب لهذا الكرسي الرفيع لم يسعه إلا أن يتبوأه مغتبطا

بعثة جديدة إلى الأرض الخضراء

سافرت أخيراً إلى الأرض الخضراء (جرينلند) بعثة علمية فرنسية، لتقوم بقطع هذه الجزيرة القطبية الشاسعة من الغرب إلى الشرق؛ وهي مؤلفة من الدكتور جيسان، وميشيل بيريه، والكونت كوند، ورئيسها بول أميل فكتور. ومن أهم أغراض البعثة أن تقوم بإسعاف السكان الذين يقطنون هذه الصحاري الثلجية والذين تفتك بهم (الأنفلونزا) في الوقت الحاضر فتكا ذريعاً

وقد سبق لرئيس هذه البعثة، وهو بول فكتور أن قام برحلة كبيرة إلى الأرض الخضراء، وسلخ عاما في مدينة انجمسالك في شرقي الجزيرة، وهو يعيش عيشة أهلها الصيادين ويقلدهم في جميع عاداتهم وأحوالهم الخشنة

وقد حالت تلال الثلوج دون سير السفينة (بوركوا) القطبية، فاضطرت البعثة أن تحاول الوصول إلى أنجمسالك من طريق اليابسة

ومن أغراض البعثة العلمية أن تقوم بتحقيق ملاحظات العلامة المكتشف فنجر الذي قام سنة 1930 بسبر غور أعماق الطبقة الثلجية التي تغطي الجزيرة كلها، وإن تكرر تجاربه من نسف الثلوج بالديناميت، وقياس سرعة تغلغل الديناميت ليستدل بها على الأغوار؛ وقد ثبت من تجارب العلامة فنجر أن أعماق الطبقة الثلجية تتراوح بين 2000 و 2700 متر؛ وتنوي البعثة أيضاً أن تقوم ببعض دراسات أقليمية، وأن تدرس طبائع السكان وأحوالهم الجنسية

رحلة إلى الأندلس اعتزم صديقنا الكاتب المؤرخ الأستاذ محمد عبد الله عنان أن يقوم هذا الصيف برحلة جامعة إلى إسبانيا، يدرس خلالها جميع المراجع والمخطوطات العربية في مكاتب الأسكوريال ومدريد وغرناطة ودير ساكرومونتي، وجميع الآثار والنقوش العربية في مختلف المتاحف الإسبانية؛ ويتجول في ربوع الأندلس وقواعدها القديمة مثل طليطلة وقرطبة واشبيلية وغرناطة ومالقة وبلنسية وغيرها؛ فيشاهد ما بها من الآثار العربية، ويدرس في الطبيعة معالم الوقائع والأحداث التاريخية الشهيرة

ويقوم الأستاذ بهذه الدراسة استكمالاً لمواد كتابه الذي يضعه عن تاريخ الأندلس، والذي توفر منذ أعوام على وضع منهجه وإعداد مواده

بناة العالم لاشتيفان زفايج

نعرف أن للكاتب النمسوي الكبير اشتيفان زفايج عدة دراسات نقدية هامة عن طائفة من أقطاب التفكير والكتابة، صدرت من قبل تحت عناوين مختلفة، فمثلاً صدرت الدراسات الخاصة ببلزاك ودكنز ودستوديفسكي تحت عنوان (الأساتذة الثلاثة)، وصدرت تراجم هلدرلن وكلايست ونيتشه تحت عنوان (النضال مع الشيطان)، وكازانوفا وشتندال وتولستوي تحت عنوان (شعراء ثلاثة لحياتهم)

وقد صدرت أخيراً طبعة ألمانيا جامعة لهذه الدراسات الشهيرة تحت عنوان جديد هو (بناة العالم) - وصدرت عن مطبعة ريختر النمسوية الشهيرة في ثوب أنيق جداً

والمعروف أيضاً أن هناك تراجم فرنسية وإنكليزية لهذه الدراسات القيمة ظهرت متفرقة ومجتمعة

ويقيم اشتيفان زفايج معظم شهور السنة في مدينة سالزبورج الشهيرة بفنونها الموسيقية والغنائية، ويقضي باقي الوقت في مدينة فينا

رحلات أفريقية

صدر أخيراً بالإنكليزية سفر من أسفار الرحلات الممتعة عنوانه (فجر الاستواء) بقلم الكاتبة والرحالة الإنكليزية الشهيرة السيدة دروثي أونا راتكليف (أو مسز ماك كريجور فلبس)، والسيدة راتكليف شاعرة غنائية رقيقة ولها ديوان شعر ممتع تترنم فيه بمحاسن موطنها ومهد طفولتها (يوركشير). وهي رحالة كثيرة الأسفار، تجولت كثيراً في قلب أفريقية، وفي أعماق وهادها وغاباتها؛ وقد أصدرت من قبل كتاباً عن بعض رحلاتها الأفريقية عنوانه (صيف في جنوب أفريقية) وفي كتابها الحالي تصف رحلاتها برفقة زوجها وجماعة من الأصدقاء الرحل في كنيا وأوغندا وتنجانيقا، والكونغو، والسودان والنوبة؛ وقد كانت غاية هذه الجماعة المخاطرة أن تقوم باقتناص الوحوش الضارية في أعماق الغابات والوهاد الخطرة، وأن تصور مناظر الصيد تصويراً طبيعياً دقيقاً، وأن تدرس طبائع الوحوش وحياتها من الوجهة العلمية. وقد استطاعت البعثة أن تصور مناظر الوحوش من آساد وفيلة وسباع البحر، والطيور تصويراً بديعاً؛ واستطاعت أيضاً أن تجوس خلال القبائل الزنجية العارية وأن تدرس أحوالها وطباعها. وقد لقيت السيدة راتكليف ورفاقها كثيراً من المخاطرات والحوادث المشجية والفكهة معاً، فدونتها كما وقعت بأسلوب ساحر. وفي الكونغو استطاعت البعثة أن تقوم بالصيد والدرس في (بستان الكونغو) وهو أعظم حظيرة لصيد الضواري في العالم وتشرف عليه سلطات الكونغو البلجيكية؛ وتصف المؤلفة إدارة الكونغو البلجيكية، وتصف حياة السكان، والبعثات الدينية والمهاجرين القلائل في حياتهم الساذجة الشاقة، وتصف لنا التماسيح المقدسة في بحيرة فكتوريا، وما حول هذه الوهاد من المناظر الطبيعية الرائعة، وما يعمرها من عالم الحيوان والإنسان. والخلاصة أنها تقدم إلينا صوراً حية بديعة من الحياة الأفريقية في أروع وأعجب أشكالها، وكتابها ممتع خلاب، يعتبر بمحتوياته وأسلوبه من كتب الرحلات الرفيعة

تدريب الكلاب على السير

يبدي الإنكليز عناية كبيرة بالحيوان ورفاهته والمحافظة على حياته؛ ومن ذلك الكلاب؛ فإنها تلقي كثيراً من الرفق والعناية وقد لوحظ أخيراً في إنكلترا أن عدداً عظيماً من الكلاب يقتل كل عام بسبب حوادث السيارات وغيرها في الطرق العامة، فارتفعت الأصوات بوجوب العمل على حماية هذه الحيوانات، وقضت المحاكم في كثير من القضايا التي رفعها أصحاب الكلاب المقتولة على أصحاب السيارات بتعويضات كبيرة؛ وأخيراً رؤى أيضاً أن التعويض لا يكفي لتعزية أصحاب الكلاب العزيزة، فرؤى تقليلاً للخطر أن تدرب الكلاب نفسها على السير في الطرق العامة كما يدرب الأشخاص وقد أجريت أخيراً تجارب عديدة في هذا الباب، وقام نادي (تيل واجرز) بدعوة واسعة النطاق لتدريب الكلاب وتعويدها الطاعة وفهم الإشارات المختلفة؛ وأسفرت التجارب التي أجريت على بعض الكلاب بدفعها في الطرق وأمرها بالسير في اتجاهات وأوضاع معينة عن نتائج حسنة، وأمكن لهذه الكلاب أن تتجنب كثيراً من السيارات والعربات الثقيلة في مآزق حرجة