مجلة الرسالة/العدد 149/العالم المسرحي والسينمائي
→ البريد الأدبي | مجلة الرسالة - العدد 149 العالم المسرحي والسينمائي [[مؤلف:|]] |
فن السينما ← |
بتاريخ: 11 - 05 - 1936 |
آراء فنانين ارلنديين في الممثل والمخرج المصري
لناقد (الرسالة) الفني
(أوه يا صديقي! إنني سعيد حقاً إذ أقضي ليلة في مصر أشهد فيها الممثلين المصريين يقومون بتمثيل رواية معروفة كان من حظي أن أقرأها وأن أشهد تمثيلها قبل ذلك في باريس في الهواء الطلق.)
هذا ما نطق به المستر هيلتن ادواردز مخرج فرقة (دبلن جيت) الارلندية التي عملت على مسرح الأوبرا الملكية خلال شهر مارس الماضي بعد أن صافحني في فترة الاستراحة الأخيرة من رواية السيد التي أخرجتها الفرقة القومية المصرية في الأسبوع الماضي. ولقد بادرته بالسؤال: (وما رأيك في تمثيل المصريين؟)
فأجاب بحرارة (اسمح لي يا صديقي أن أقول لك إن المصريين يتمتعون بميزة طيبة، هي جمال الصوت، وإنه ليخيل إلي أن اللغة العربية من أصلح اللغات للمسرح. إني أطرب لها؛ ولكم وددت لو أعرف العربية حتى يكون استمتاعي بالتمثيل أكثر منه الساعة)
(إن بين الأفراد الذين يعملون أمامي مجموعة قوية، مما يدل على أن في المصريين استعداداً قوياً للتمثيل، فلقد علمت أن ليس في مصر معهداً للتمثيل، بل إن نبوغ هؤلاء الأفراد نتيجة جهد شخصي، واستعداد فطري، وهذا فخر كبير لهم. ولقد قرأت هذه الرواية وشهدتها قبل ذلك تمثل، ولكن لم أدرسها ومع ذلك أستطيع أن أقول إني مرتاح جداً إلى قدرة الممثلين المصريين)
قلت: هل لك أن تدلي برأيك في أداء الممثلين الذين يعملون أمامك الآن، وعن ملاحظاتك؟ إنهم يرحبون بكل ملاحظة تبديها وكذلك قرائي يودون أن يعرفوا رأيك
فابتسم المستر ادواردز وقال: (قلت لك إنني لا أعرف العربية فحكمي لن يكون صادقا. على أنني أستطيع أن أقول إنني كثير الإعجاب بالسيدة التي تقوم بدور شيمين حبيبة السيد (زينب صدقي) إنها ممثلة قديرة ويبدو لي أنها تفهم دورها تمام الفهم، وهي تجيد مواقف الكبرياء، وأرجو أن تبلغها إعجابي)
(وإنني كذلك معجب بالملك (منسي فهمي) وأعتقد أنه ممثل قدير، وكذلك أنا معجب بالسيد (حسين رياض)، ومع جهلي باللغة العربية أحس أنه يجيد الإلقاء، وأنا مرتاح إلى تمثيله. والدون جوميز (زكي رستم) أدى دوره يحتاج إلى الصلف والكبرياء أحسن أداء، وهو يليق لهذه الشخصية)
قلت وما رأيك في السيدة التي تمثل دور ابنة الملك (عزيزة أمير)؟ فأجاب (إنها لا تليق لهذا الدور، وإنها تبدو في مستوى أقل كثيرا من مستوى الممثلة التي قامت به في باريس حتى ليخيل إليّ أنها لم تفهم دورها)
ثم سألته عن رأيه في الإخراج فأجاب (هل من الضروري أن أجيب عن هذا السؤال؟) فقلت أجل، إنه يهمنا كثيراً أن نعرف رأيك. . إن إخراجك قد حاز إعجاب جميع رجال الفن والأدباء من المصريين، وإن من دواعي السرور أن تفصح لنا عن رأيك
أطرق المستر ادواردز قليلا ثم رفع وجهه وقال: (لقد حدثتك من قبل عن رأيي في طريقة الإخراج التي أفضلها. لقد جعلت السينما أي جهد في إخراج الروايات بطريقة نقل الطبيعة ومحاكاتها عبثاً، لأن مجال المسرح محدود؛ والأمر على العكس من ذلك في السينما، ولهذا وجب علينا ألا نعنى بالأشياء الحقيرة والتفاصيل فهي مجال السينما، ولهذا فأنا غير مرتاح إلى اتباع طريقة الريالزم؛ وأفضل الطريقة الإيحائية لأنها تجعل رواد المسرح يشتركون مع الممثل والمخرج في نجاح الرواية والاهتمام بحوادثها، بدل أن تعرض عليهم عرضاً سهلا يبعث النوم إلى جفونهم، ولذلك لم يعجبني إخراج هذه الرواية)
(إن المسرح الحديث يعتمد أكثر ما يعتمد على الإضاءة؛ ولقد رأيت كيف عاونتني في إخراج هملت، وروميو وجولييت وغيرهما، ولكني أرى مخرجكم (زكي طليمات) لم يقصد من الإضاءة إلا أن يكشف المناظر والممثلين للنظارة، ولم يستخدم الإضاءة في غرض أو فكرة خاصة، واستخدامه للضوء يظهر في موقف واحد فقط بين السيد وحبيبته)
(وقد يكون استعمال المناظر المتعددة والستائر الكثيرة مما يلجأ إليه المخرجون الفرنسيون، ولكني أرى أن ما يصلح لفرنسا يجب ألا يفرض على مصر أو غيرها، بل يجب على المخرج أن تكون له شخصية تبرز في إخراجه وتعبر عن نفسيته، وتكون رجع الصدى للبيئة والقومية التي هو منها؛ ويبدو لي جلياً أن مخرج هذه الرواية لم يهتم بدراستها دراسة إخراج) وكان أول ما صرح به المستر ميكائيل ماك ليمور الممثل الأول لفرقة (دبلن جيت) وواضع تصميم مناظر الروايات، إعجابه بممثل شخصية الملك (منسي فهمي) فهو في رأيه ممثل قدير، وقد أبدى إعجابه أيضاً بالسيدة زينب صدقي في دور شيمين، وهو يتفق مع زميله في أن للمصريين صوتا جميلاً وأن طريقتهم في الإلقاء الشعري بديعة
وقد سألته عن رأيه في الإخراج فأجاب (إن هذا اختصاص زميلي المستر ادواردز فهو يستطيع أن يحدثك عنه حديثاً طيباً، ولكن أقول لك أنه يجب على الفرقة أن تعنى باختيار المناظر وعملها فتضع تصميما لكل منظر تختاره بحيث تسود المناظر روح واحدة وطريقة واحدة. وانتهاج مثل هذا السبيل يعاون المخرج والممثلين على الوصول إلى غور نفوس النظارة.)
(إن فرقتنا قبل أن تخرج أي رواية تعهد بها إليّ وإلى المستر ادواردز فنقوم بدراستها ونضع الفكرة الأساسية التي سيقوم عليها الإخراج وبعدئذ أفكر في وضع تصميم مناظرها) ولو لجأت الفرقة المصرية إلى هذه الطريقة لما رأينا أسلوب تصوير منظر يختلف عن أسلوب المنظر الآخر