مجلة الرسالة/العدد 147/سهرة أبريل
→ عبرة الموت | مجلة الرسالة - العدد 147 سهرة أبريل [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 27 - 04 - 1936 |
الشاعر والربيع
بقلم محمد رشاد راضي
الشاعر:
طير الربيع أعدت ذكرى بلبلي ... أأراه في فرح الربيع المقبل
قذف الحسام فكان مقبضه على ... شفتي وآخر حدّه في مقتلي
ومضى كما يمضي السحاب كأنه ... ظِلُّ الغريب وهدأة المتأمل
أجتاز أنواء العواصف تائها ... ويروح يرفل في الغلائل والحلي
الأرجوان العذب في وجناته ... ظللته بخياليَ المتهلل
رقرقت في عينيه بارق أنجم ... يهدي فكان لحيرتي كمظلل
حلو كما احلولت طفولة ناهد ... طلق طلاقة بسمة لمقبل
شرب السماء جميعها بعيونه ... ورمى بقيًّتها لماء الجدول
يمشي فيخضرُّ الثرى من خطوه ... وتذوب أحجار الجديب الممحل
الربيع:
نهب الكون ابتسامي ... إنه في كل ثغر
ونجومي البيض رفّت ... في الثنايا مثل درِّ
وكراكيّ وطيري ... رفرفت في كل صدر
الصبا الصارخ يسري ... في الدم القاني ويجري
إن وردي يا أميري ... صِبغةٌ من شفتيها
وغديري عبرات ... هربت من مقلتيها
وحياة الحب والفتن ... ة رسم من يديها
أوحت الدنيا إلى الل ... هـ فأهداها إليها. . .!
هي حلم لا يراه ال ... مرء حتى في الكرى
هي كأس دون خمر ... هي خمر قد جرى هي أحيتني فجئت ال ... يوم كيْ أحيي الورى
إن نور الشمس من أع ... ينها السود سرى
جمع الخالق حسن الأ ... رض فيها يا هزارْ
فلك الدنيا تراه ... كلما دارت يُدار
هي في النور ظلام ... وهي في الليل نهار
هي ماء أيها الشا ... عر كم يحرق نار!
أرسلتني اليوم يا صدَّ ... اح كيْ آتي إليكا
أرسلتني بدَلا من ... ها لأروي شفتيكا
كلما ترنو إلى مر ... آتها أبدو لديكا. . .!!
إنّني لوحتها تع ... رضها اليوم عليكا
إرسم اللوحة واحفر ... ها على لوح الخلودْ
هأنا صورتها العذ ... راء أنوار الوجود
خذ من الصورة أعلى ال ... فن والحسن الفريد
وأتم الرسم منها ... فهي يوماً ستعود. . .!
الشاعر:
كلما سرت يا ربيع النور ... أتهادى من جدول لغدير
كخيال يطوف بين القبور ... خلت أن الشذى ومرج الزهور
هو للكون ليس لي أنا وحدي
هو ظلٌّ منها يزيد شجوني ... إن كأس السراب لا ترويني
ولهذا يلجُّ عصف جنوني ... أنا أبغي الدنيا وإن تك دوني
لا بساطا يناله كل فرد. . . . .!
أنا أبغي عيناً ترى بعيوني ... أنا أبغي قلباً يدين بديني
أنا أبغي بلهفة وجنون ... أن تكون الحياة ملك يميني
ما انتفاعي بالطيف والطيف عندي. .؟!