الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 145/الليلة الثانية عشرة

مجلة الرسالة/العدد 145/الليلة الثانية عشرة

مجلة الرسالة - العدد 145
الليلة الثانية عشرة
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 13 - 04 - 1936


- 2 -

المشهد الثاني: على ساحل البحر

(تظهر فيولا والقبطان والبحارة)

للشاعر الحضرمي علي أحمد باكثير

فيولا: أيّ بلاد هذه؟ رفقتي!

القبطان: إيليريا!

أخي بِإلّيسيِومُ!

بجنّة يخلد سكانها ... ويكمل الأنس بها والنعيم

مالي وإيليريا!. . مَهٍ!. . علَّه ... مثلي نجا؛ هل مستحيلاً أروم؟

معُجزةٌ للحظِّ أن تسلمي!

فيولا: ... بمثلها الحظ لصِنوي كريم!

القبطان:

صدقتِ يا سيدتي، إنني ... أعضُد رَجْواكِ، وربي عليم

لما طغى الماء على فلكنا ... وزاغ منكم عن حِجاَه الحلم

وَأُدْتُم الزورقَ حتى لقد ... كاد من الكظَّة ألا يعوم

رأيته يسبح في لجةٍ ... تهوي به حيناً وحينا تقوم

رجاؤه شدَّ بأعضاده ... وأنَّه ذاك الشجاع العزوم

فشد كفَّيه إلى قائم ... في البحر ضمَّ الطفلِ صدر الرؤوم

كأنه (أريان) مستمسكا ... بظهر ذاك الحيوان العظيم

والهائجُ المحنَق من حوله ... قد راضه فهو وليّ حميم!

راقبته ما أسطعتُ حتى اختفى ... عن ناظري تحت ظلال الغيوم!

فيولا: شكراً لما طَمْأَنْتَ، علَّ السَّما ... تجمع قلبين بقلب رحيم!

سلامتي أوحت - وأيَّدتَ ما ... أوحته لي - أن ابن أمّي سليم

أتعرف هذي البلاد؟

القبطان: أجل ... بلاديَ أعرفها جيّدا

ثلاثٌ من السَّاع تكفي لتُوْ ... صِلَنا منشأي ثَمَّ والمولدا

فيولا: ومن يَتَّلى حكمهَا؟

القبطان: سيّد ... زكا خُلقاً، وسما محتدا

فيولا: وماذا اسمه؟

القبطان: أُرِسِنُو

فيولا: أُرِسِنُو؟ ... أبي كان سمَّاه لي مُحْمِدَا

وأعزبَ كان!

القبطان: وأعزبَ لَمْ ... يَزَلْ؛ فقريباً توَّشى الصَّدى

بإِغْرامِهِ بأوليفيا الجمي ... لةِ

فيولا: ... ما هي؟

القبطان ... عذراء مثل النّدى!

أبوها شريف قضى منذ عا ... مٍ وأوصى بها نجلَه الأوحدا

أخاها الحبيبَ إليها الذي ... به بعد ذلك ثنيّ الردى

فآلت أسًى لا ترى أو تعا ... شِر مِن بعده رجلا أبدا (؟)

فيولا:

ويحَهَا مِن مسكينة! آه لو أخْ ... دمُها! ربما أُسرِّي أساها

ربما أستطيع أن أنُصرَ الحبّ ... وألقي بذوره في رُباها

وأرِيها صوابَها في هوى الدو ... ق، وأُنشي دنياه في دنياها

ريثما تستقر حالي، ويُدرَى ... مَنْ أنا

القبطان: ... خطةً مُحالا أراها

إِنها حرَّمت على رُسُل الخطّا ... ب طرًّا أن يَقربوا من حِماها لن ترى وجه طارق منهم قط ... ولا الدوق نفسه إِنْ أتاها

فيولا:

لك يا سيدي شمائل غُرٌّ ... لا تراها عينٌ فلا تَهواها

غيّبت فيك باطناً من معاني ... ها، وحلّتك ظاهراً من حِلاها

لا تَلُمْ إن قلتُ: الطبيعة حاَبتْ ... كَ، وقل لي هل أنت ممن رشَاها؟

ليس هذا من دأبها؛ فهي تكسو ... حيَّة الروض لينها وبَهاها!

وإليك اطمأن قلبي، وما أح ... سب نفسي تضِلُ فيك هداها

كنِ عمادي في خطة ربمَّا تص ... عب، لكن لا شك في جدواها

وسأجزيك ما تطيب به نف ... سُك مما ينالني مِن جَنَاها

زُرْ بي الدوق في كساءِ وصفٍ ... عارضاً خدمتي لكي يرضاها

فكأني وقد تسربت كالما ... ء جرى بين نفسه ولِحَاها

واصطفاني لنفسه، وشكاني ... مطمئنَّا من هّمهِ ما عَناَها

وسرت في أعماقها رُوْحُ ألحا ... ني فهزَّت أوتارَ موسيقاها

واطَّبتْه فصاحتي كَرسول ... نحو اوليفيا يُذيب صَفَاها

كنْ لِسرّي قبرا؛ وأَترك حالي ... لليالي تختارُ لي عُقباها

القبطان:

نَفّذيها؛ وفي قرارة نفسي ال ... سِر لن ينتهي إلى أدناها

إن أُحِرّك به لساني فلا التذّ ... ت عيوني بنُورها وكَرَاها!

فيولا: لك شكري، هيّا بنا!

القبطان: ربّ سَدِّدْ ... مِن خُطاهُ! ولا أقول: خُطاها!

علي أحمد باكثير