مجلة الرسالة/العدد 134/الغابة
→ أشبعوا غيرهم وباتوا جياعا! | مجلة الرسالة - العدد 134 الغابة [[مؤلف:|]] |
تحية يا شباب! ← |
بتاريخ: 27 - 01 - 1936 |
للأستاذ عبد الرحمن شكري
قد حكيت الآباد كالبحر والصح ... راء من طول أرضك الشجْرَاءِ
وحجبت الأفق البعيد عن الطر ... ف فأنسيت منتهى الأشياء
فكأْنْ لا مَدَى لدوحك يرجى ... حين تُدْحَى مطارح الغبراء
ورياح تشدو على ورق الدو ... ح بألحانِ شدة أو رخاء
منطق لم يدع لنفس شجوناً ... لا يُحاكى صفاتها في الغناء
ثم تبدو الغصون في هدأة الري ... ح كنايٍ معلق بالهواء
وكأني أصغي إلى غابر الده ... ر وما كان فيك من أرزاء
وكأن المساء ظلَّل دوحاً ... يتسامى ولات حين مساء
وكأن الظلام دس كميناً ... رابضاً في آجامك الدكناء
خطرت في ظلام دوحك أروا ... ح وناجت مسامع القدماء
لبث القوم فيك دهراً فناجا ... هم سِرارُ الفنون بالإيحاء
عُمُداً شيَّدوا وسقفاً كَبَهْوٍ ... واستمدوا من غابة وسماء
حين شادوا للدين بيْعة إيما ... نٍ تبدت كالغابة اللّفْاءِ
صرتِ ملهى وكنت غيلا مخوفا ... وملاذ اللصوص والطرداء
وارتضيت الأمان من بعد ذعر ... لم يزل في المدينة الشماء
غابة شادها ابن آدم نزلا ... دوحها من قصورها الزهراء
ربما عرّشت وضاقت فلا شم ... س لديها ولا مراح الهواء
ومَخُوفٍ من الفجاءة فيها ... كمخوف في الغابة القتماء
واحتيال ليُقْنَصَ الرزقُ والصي ... دُ سواء في مكرة كسواء
كم وحيد لا يعرف الأنس فيها ... أصبحت نفسه كقفرٍ خلاء
ضاق ذرعاً بنفسه فغدا ين ... شد طباً في معرض الأحياء
عذبته لو احظ الشمس حتى ... أخذته لوا عج الظلماء
وأفاعٍ في دورها وقرود ... ووحوش - من ناسها بالعَرَاء وغريب ومعدم وطريد ... قد عداه حتى خداع الرجاء
فكأنَّ الأقوام لم يخرجوا من ... ك ولا زال عهدك المتنائي
سُنَّةٌ قد سننتها في نفوس ... إنْ دعتها كانت جواب النداء
عبد الرحمن شكري