مجلة الرسالة/العدد 122/الموت
→ كلمات | مجلة الرسالة - العدد 122 الموت [[مؤلف:|]] |
المادة ← |
بتاريخ: 04 - 11 - 1935 |
للأستاذ فخري أبو السعود
أيا قادماً تخشَى النفوس قُدُومَه ... لأنْتَ صديقٌ في ثياب غريم
قدومُك تحريرُ الأُسارى ولو درتْ ... لما أنكرتْك النفسُ يوم قدومِ
كما يُنكرُ الطفلُ الطبيبَ وعنده ... له بُرْءُ أسقامٍ ودَمْلُ كلوم
بَلَوْتَ نفوسَ الخلْق من عهد آدم ... فأنتَ بها يا موت جدُّ عليم
إذا قسَت الدنيا على مُتعَب بها ... بسطتَ له لأْياً جناحَ رحيم
ومن شَفَّهُ قيظُ الحياةِ أغَثتَهُ ... بِبَرْد نسيم في الأصيل رخيم
فأنت لِنِضْوِ العيش من دون صحبه ... ومن دون قُرباه أُبَرُّ حميم
وأنتَ دواءُ الجسم قد خيلَ داَءهُ ... تميط الأذَى عن مُوجَع وسقيم
وأنت بلاغُ النفس حَيْرى مَرُعَةً ... بوادي شكُوكٍ جمةٍ وهموم
وفيك ابتعادٌ عن جهالة جاهل ... وعن قول مَأْفونٍ وفعل لئيم
وعندك نسيانٌ وطول زهادة ... لكل مُراد في الحياة عقيم
فأنت - وإن غُلْتَ المنى - أطْيَبُ المنى ... وفيك نعيمُ المرءِ أيّ نعيم
لعمرك ما حَيٌّ بأرْوَحَ منزِلاً ... على الأرض من بالٍ بها ورميم
ولو علم الجاني لما جادَ عامداً ... على خَصمه بالموت جُود كريم
وتمحو يداك الحقدَ والخوفَ والأسى ... وكلَّ بلاءٍ في النفوس قديم
وكلُّ بلاءٍ لم يسِغ طعمَه الفتى ... عليه طَوَى بالأمس كشح كظيم
وأنت تُريح الفكر من كلِّ مُعْضِلٍ ... يَظَلُّ لَهُ في حَيرةٍ ووجوم
وتطوِي عن الأجفان صفحة عالمٍ ... مَليءٍ بأنواع الشرور ذميم
وتطوي كتاب الأمس طياً وما مضى ... به من بغيضٍ ذكرُه وأليم
عزاءٌ لبعض الناس أنك قادمٌ ... وأن شقاَء العيش غيرُ مقي