مجلة الرسالة/العدد 122/المادة
→ الموت | مجلة الرسالة - العدد 122 المادة [[مؤلف:|]] |
حمامتي! ← |
بتاريخ: 04 - 11 - 1935 |
للأستاذ محمود غنيم
فتَّشتُ بين الناس عن زاهدِ ... فلم تقع عيني على واحدِ
ما أزهدَ المرَء إذا لم يجدْ ... وأبعدَ الزهدَ عن الواجد
لا يُزْهَ إنسانٌ بآدابه ... أو يفتخر بالسلف البائد
المجد إما سطوةٌ أو غنىً ... ما العاجزُ المعدِمُ بالماجد
فقيمةُ الشعب إذا قستها ... بقيمة الصَّادر والوارد
وقيمةُ الفرد بما يملك الْ ... فَرْدُ من الطّارف والتَّالد
كم طفلةٍ أوْدَعَ من هِرَّةٍ ... حَوَّلها الجوعُ إلى مارِد
قد يُحسدُ المرءُ على رزقهِ ... ولا أرى للفضل من حاسد
لم يفتتن بالمكْرُماتِ امرؤٌ ... والغانياتُ فتنةُ العابد
العلمُ والأخلاق ما قُدِّسا=إلا لنفع منهما عائدِ
لا يَردَعُ التاجرَ عن غشِّهِ ... إلا اتِّقاءُ المتجرِ الكاسد
لم يَخْتَر الناسُ دياناتهم ... بل أخذوا بالمذهَب السائد
ليس جمالُ الطبع في غادةٍ ... مثلَ جمال اليَدِ والسَّاعد
يا زاعمَ العِّفةِ في حبهِ ... ما تبتغي من كاعبٍ ناهد؟
لم يتَّقِ اللهَ امرؤٌ للتقى ... بل لنعيم الجنة الخالد
تَيمَت الناسِكَ حُورِيةُ ... ذاتُ قوامٍ أهْيَفٍ مائد
تَسقيه كأساً حُلوَةَ الطعم من ... خمرِ الجنانِ السيِّغ البارد
لولا جمال الحورِ ما لامَسَتْ ... أرضَ المُصلَّى جَبهةُ الساجد
هل كنتَ تلقي في الورى ساعياً ... لو كان يسعى الرِّزقُ للقاعد
سِيَّان مَنْ يسعى إلى قُوتِهِ ... بالسلْبِ أو بالوَرَع الزائد
كم لحيةٍ أجْدَى على ربِّها ... من ألفِ سهمٍ بِيَدِ الصائد
جُرْحُ يد المرءِ لَهُ قائدٌ ... وما لجُرح العِرْضِ من قائد
كم مُجرمٍ يقتُل روحاً ولا ... يُجزَى جزاَء القاتل الع قد يُتركُ الأولادُ من جهلهم ... صَرْعى ولا حدَّ على الوالد
صاح دَع الرُوحَ ودع قُدْسها ... نحن عبيدُ الجسد الفاسد