الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 117/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 117/البريد الأدبي

بتاريخ: 30 - 09 - 1935


سرقة أدبية!؟

قرأت كلمة في بريد الرسالة (115) بتوقيع (حبيب زحلاوي) يتهم فيها (الشاعر الدكتور إبراهيم ناجي) بأنه سرق قصيدته (عاصفة روح) من قصيدة الشاعر الدمشقي ميشيل عفلق (؟) ونحن لم نقرأ قصيدة (عاصفة روح) ولا قصيدة (عفلق) ولا نعتد بهذا الشعر، لأنا لا نجد فيه روحاً كالتي نريد، ولا لغة كالتي نرتضي، ولكنا مع هذا نعلم أن الدكتور ناجي من نابغي الشعراء الشباب في مصر، ونعرف له أشياء بالغة في بابها حد الجودة. فأحببنا أن نطمئن الدكتور إلى أنه ليس في دمشق شاعر يسمى ميشيل عفلق ألبتة، وربما كان فيها كاتب صحف، أو ترجمان قصص، بهذا الاسم، أما شاعر فلا. . .

وقد سألنا عن القصيدتين صديقنا الشاعر أنور العطار، فأكد لنا أن قصيدة عفلق مسروقة من قصيدة لشاعر من شعراء سورية في المهجر، وأن هذا هو السر في أنه لم ينظم في حياته غيرها!

على أن هذا المذهب الأدبي الجديد لا ينكر فيما نظن السرقات الأدبية. لأنه لو أنكرها وحرمها، لسقط سقوطاً لا قيام له من بعده، لأن في كل قصيدة أو مقالة من هذا الأدب الجديد ضميراً مستتراً يعود إلى شاعر أو كاتب إنكليزي أو فرنسي. ثم إن هذا الأدب لم يكتب بلغة عربية، تضمن له البقاء، وتكفل له الخلود، وليس فيه إلا معناه؛ فإذا خسره فقد خسر كل شيء، وماذا يبقى من أدب معناه مسروق، ولغته مرذولة ساقطة؟. . .

ولعل الله يوفقنا إلى تبيان هذا في مقال آخر، نرد فيه هذه البدعة المنكرة في الأدب، بدعة أقوام سرقوا المعاني والأفكار، ثم لم يقدروا أن يصوغوها صياغة عربية فقالوا: إنه لا شأن للألفاظ، ولكن الِشأن للمعاني والأفكار

علي الطنطاوي

حول سيرة تيمورلنك

قرأت في العدد السادس عشر بعد المائة من (الرسالة) الغراء ما كتبه الأديب الباحث م. ع. ع عن مصادر ترجمة تيمورلنك وابن عربشاه، ولعل من المفيد أن أذكر بعض المراجع التي ترجمت لهما مما لم يذكر الأديب الكاتب، فقد ترجم له ابن العماد في كتابه (شذرات الذهب في أخبار من ذهب) في نحو خمس صفحات كبيرة من الجزء السابع، وكذلك السخاوي في (الضوء اللامع)؛ فقد ترجم له أربع صفحات كبيرة من الجزء الثالث بتحقيق دقيق، ولابن عربشاه ترجمة واسعة أيضاً في الشذرات في أربع صفحات وكذلك في الضوء اللامع

محمد شفيق

مكانة الفن في نظم التربية

منذ بضعة أعوام عني ولاة الأمر في إنكلترا بتوسيع دائرة التعليم الفني في بعض درجات التعليم، ولاحظ الخبراء أن هذه الخطوة أثمرت ثمراً حسناً، وارتفع معيار الذوق الفني لدى الجمهور، وقد رأى مجلس الفن والصناعة أن يتقدم إلى (ديوان التربية) (أو مجلس المعارف الأعلى) باقتراحات جديدة لترقية التعليم الفني؛ وخلاصة هذه الاقتراحات هو أن يدخل في برامج التعليم في المدارس الثانوية والمتوسطة والعالية نظام ثابت للتعليم الفني، وأن يخصص فيها لهذا النوع من التعليم من العناية قدر ما يخصص لتعليم اللغات أو العلوم أو رياضيات، وأن الفن يجب أن يكون مادة إجبارية في برنامج مدارس المعلمين، وأنه يجب تشجيع استخدام المعلمين الأخصائيين في الفن. وتبوؤ الفن هذه المكانة في نظم التعليم يبث في أذهان الشباب حب الجمال في جميع مطالب الحياة

ويقول مجلس الفن إن دراسة الفن يجب ألا تكون لقصد الفن ذاته، وإنما يجب أن يكون التعليم الفني أداة للرخاء الاقتصادي. وذلك انه إذا مزج الفن والصناعة فإن معيار الصناعة يرتفع ارتفاعاً محسوساً. ولهذه النقطة أهمية خاصة، لأن أبناء الأمة إذا درجوا على تقدير الفن والنماذج الفنية، فأنهم كمستهلكين لابد أن يطالبوا بمنتجات تتفق مع أذواقهم الفنية، ولهذا يضطر أصحاب المصانع لاستخدام الفنيين لسد حاجاتهم، وهذه خطوة هامة في ترقية الصناعة

ويرى مجلس الفن أيضاً ألا يقتصر على تعليم الفن داخل المدارس، وإنما يجب أن يسهل السبيل للمتطوعين خارج المدرسة، ويجب أن يكون للفن أثره في الخط، وفي شرح دروس التاريخ والجغرافيا والآداب والطبيعيات والتدبير المنزلي. هذا ولما كانت المدارس الحديثة تبني جامعة لكل أسباب الراحة والصحة، فأنه يجب أيضاً أن يعنى بزخرفتها عناية خاصة حتى يعيش النشء بين مناظر الفن والجمال

وليس الفن الإنشائي خاصة لأقلية صغيرة من الناس؛ فقد دلت معارض الأطفال الفنية على مقدرة لم تكن للنشء من قبل. وقد آن الأوان لأن يشغل التعليم الفني مكانته في جميع درجات الدراسة، وأن يكون من أهم العناصر في نظم التربية وبرامج التعليم

هجرة الكتاب والعلماء من ألمانيا

ليس من ريب في أن قيام طغيان الوطنية الاشتراكية في ألمانيا ضربة للعلوم والآداب والفنون الألمانية، وقد ظهرت آثار السياسة الهتلرية في انحطاط مستوى الدراسات العلمية والفنية في ألمانيا انحطاطاً ظاهراً، وفي تدهور الصحافة الألمانية إلى الحضيض بعد أن كانت في مقدمة صحافات العالم، وفي انحلال النهضة الأدبية الألمانية؛ ومن المعروف أن معظم العلماء الألمان قد اضطروا إلى الفرار من ألمانيا لأنهم من اليهود أو لأنهم لا يناصرون النظام الهتلري. وقد أثيرت هجرة العلماء الألمان في مؤتمر استقلال المباحث العلمية الذي عقد أخيراً في اكسفورد، وتلا الستاذ نورمان بنتوتش الإنكليزي على المؤتمر تقريراً ضافياً عن الاضطهادات التي وقعت في ألمانيا على العلماء الذين رفضوا مناصرة السياسة النازية، ويبدو من الإحصاءات التي تلاها أن العلماء الألمان الذين فقدوا مناصبهم في ظل الحكم الهتلري يبلغ عددهم زهاء ألف ومائتين، وعلق الأستاذ على ذلك بقوله إن مطاردة العلماء على الجملة إلى مثل هذا الحد ليس لها نظير في التاريخ منذ فتح الأتراك القسطنطينية في سنة 1453م، وهو فتح أعقبه هجرة العلماء البيزنطيين إلى غرب أوربا. ومما يجدر ذكره أن نحو خمسين من هؤلاء العلماء المشردين قد استخدمتهم الحكومة التركية في معاهد استانبول وأنقرة

هذا وأما الكتاب الألمان فيكفي أن تعرف أن أكابرهم يعيشون الآن في المنفى في سويسرة وإنكلترا، ومنهم كثير من الكتاب الآريين (غير اليهود) مثل توماس مان عميد الأدب الألماني المعاصر والحائز على جائزة نوبل، وأخوه هنيرش مان وولده كلاوزه، وقد جرد معظم أولئك الكتاب من أملاكهم وأموالهم في ألمانيا وحظر على المطابع الألمانية أن تخرج كتبهم كما حظر دخولها في ألمانيا، ومعظمهم الآن يخرج كتبه مترجمة إلى الإنكليزية أو الفرنسية

وأما الصحافة الألمانية، فإن أولئك الذين عرفوها أيام ازدهارها وعظمتها أعني قبل ثلاثة أعوام، يدهشون اليوم حينما يرون ما انتهت إليه الصحف الألمانية من ضآلة في الحجم والمادة، ومن تشابه ممل فيما تكتب وتعرض وتناقش

الرياضة والمخدرات

يفتك وباء الأفيون ببلاد الملايو التي يسيطر عليها الإنكليز كما يفتك بالصين وكل الشعوب التي تنتمي إليها من الوجهة الجنسية أو من وجهة الحضارة. وقد قرأت السيدة هرسبروج عضو مجلس العموم الإنكليزي ومندوبة إنكلترا في اللجنة الخاصة بمكافحة الأفيون في عصبة الأمم، تقريراً في اللجنة عن الوسائل التي تجري عليها السلطات الإنكليزية في بلاد الملايو في محاربة وباء المخدرات، قالت فيه إن هذا الكفاح لا يجري فقط بالرقابة والحظر، ولكنه يجري بوسائل اجتماعية يراد بها إضعاف الرغبة في تذوق المخدرات وخصوصاً بين الشباب. ومما يلاحظ في بلاد الملايو أن عادات الشعب قد تغيرت تغيراً كبيراً عما كانت عليه منذ عشرة أعوام، ولا سيما بين الطبقات الصينية. ذلك أن اللعاب تستغرق الآن اهتمام الشباب من الجنسين. وقد أنشئت ملاعب كبيرة في المدن والقرى للعب الكرة، وهي تجذب جماهير كبيرة، وأنشئت متنزهات عامة في المدن الكبرى يؤمها الصينيون من مختلف الطبقات، واتخذت إجراءات ووسائل صحية كثيرة ساعدت على ارتفاع المعيار الصحي في البلاد، وأنشئت مستشفيات عديدة لمعالجة المرضى والمدمنين، وقد ظهر أثر التيار الرياضي واضحاً في الجيل الحالي، فهو أقل ميلا إلى الانصراف إلى لذة المخدرات وأكثر شغفاً بوجوه التسلية القائمة على ترويض الجسم والذهن