مجلة الرسالة/العدد 107/في أوطانهم غرباء
→ نهر النيل | مجلة الرسالة - العدد 107 في أوطانهم غرباء [[مؤلف:|]] |
المساء ← |
بتاريخ: 22 - 07 - 1935 |
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
إنما في بلادنا الشعراء ... فئةٌ في أوطانهم غرباء
لا رخاءٌ ولا أمانٌ ولا ما ... لٌ ولا عزّة ولا سرّاء
ألمن يكذبون ذاك التملى؟ ... ولمن يصدقون هذا الشقاء؟
ما جروحٌ تدمى الجلود بها مث ... لُ جروح تدمى بها الأحشاء
ما شكوا أعباء الحياة وأن كا ... نت ثقالاً عليهم الأعباء
وإذا دافعوا عن الحق جهزا ... فهناك الولايات والأرزاء
لم أجد للجمهور عطفاً عليهم ... وكأن الجمهور منهم براء
إنهم لا يرون من قومهم بر ... اً ولا تقديراً وهم أحياء
وإذا مالقوا الردى فعليهم ... يكثر الحزن منهم والبكاء
تلك أخلاقهم وقد ورثتها ... سنناً من آبائها الأبناء
ليس هذا في يومنا وحده جا ... رٍ على الأيام طراً سواء
إنما دنيانا لقوم جحيم ... ولأقوامٍ جنة غناء
ولقد أخر الألي قرضوا الشع ... ر نفوسٌ لهم بها كبرياء
واجتناب الرياء منهم بعصر ... شاع من أجل العيش فيه الرياء
شعراء العراق كل سنيهم ... سنة فيها تخلف الأنواء
أنني أطلب العزاء لنفسي ... في أساها، وأين مني العزاء؟
لهف نفسي على القرين فقد هب ... ت عليه تشله النكباء
عبثت في الربيع بالروض حتى ... ملأته من زهره الأشلاء
وإذا الورد في الربيع تولى ... فعلى ذلك الربيع العفاء
جفت الدوحة التي كل صبح ... فوقها كانت تهتف الورقاء
وعلى الزهر قد تصوح عندي ... زفرة تصطلي بهاء الأحشاء
بسمت في ربيعها لذكاء ... كلما أشرقت عليها ذكاء
أيها البلبل الذي يتغنى ... لا يسمك الهوان هذا ال أيها الشعر أنت أشجى أنين ... نزعته من نفسها الحوباء
أنت في أسماع الأشايب موسي ... قى في أعين الشباب ضياء
وإذا كنت الدهر للعشر أطرى ... فقليل مني له الإطراء
وكأن السماء ديوان شعر ... بعض أبياته النجوم الوضاء
وكأن المجر والليل صافٍ ... كدموعي قصيدة عصماء
لم يكن بالشعر الغرام قليلاً ... غير أن العراق منه خلاء
أحسن الشعر ما بنته على ما ... شعرت في حياتها الشعراء
غير أن التقليد فيه كثير ... وقليل على الشعور البناء
وأجل القريض ما استحسنته ... حين يتلى العقول والأهواء
ونصيب الكثير منه بوار ... ونصيب القليل منه البقاء
(بغداد)
جميل صدقي الزهاوي