الرئيسيةبحث

مجلة الرسالة/العدد 1022/شعر مختار

مجلة الرسالة/العدد 1022/شعر مختار

بتاريخ: 02 - 02 - 1953


. . . وبقيت وحدي

للأستاذ إبراهيم محمد نجا

كان الضياء السمح يمرح بين أغصان النخيل

وأنا أسير مرنح الأشواق من خمر الأصيل

متلفعاً بالنور آونة، وبالظل الظليل. . .

وكما أتى، ذهب الأصيل، كأنه نغم جميل

فتسلق النور الذرى مترقباً وقت الرحيل

حتى إذا وفد المغيب طواه في صمت جليل

فمضيت لا أدري لأية غاية، ولأي قصد!

فلقد مضى عني الأصيل بنوره. . وبقيت وحدي

وأتى المساء، وهللت روحي لأسرار المساء

ومضت تهيم، وملؤها ظمأ إلى نبع الخفاء

مسحورة بالصمت يرسل لحنه ناي الفضاء

مسحورة بالغيب يدعوها ويمعن في الدعاء

حتى إذا انتفضت وكاد السر يدركه الرجاء

ذهب المساء كأنما ارتفعت به أيدي السماء

فمضيت لا أدري لأية غاية، ولأي قصد!

فلقد مضى عني المساء بسره. . وبقيت وحدي

ولكم بدا ما أرتجيه، وكم توارى بالحجاب

ولكم أتى ما أشتهيه، وآب مبكي الإياب

حتى الذين نسيت عند لقائهم ذكرى عذابي

صحبي، ولم أعرف أعز من الحياة سوى الصحاب

ذهبوا كما ذهبت أماني النفس في فجر الشباب

وبقيت أحيا بعدهم مثل المحير في الضباب أمضي لا أدري لأية غاية، ولأي قصد؟

فلقد مضى عني الصحاب كما أتوا وبقيت وحدي!

حتى التي غنى بها قلبي، فغناها الوجود

ومنحتها ما تشتهي من الحياة، وما تريد

نسيت غرامي، حين طاف بقلبها حب جديد

يا هذه: كيف استباح الحب أفاق طريد؟

وعلام أجني الشوك في حبي، ومن غرس الورود؟

وعلام أذهب في الحياة كأنني نغم شريد؟

أمضي ولا أدري لأية غاية، ولأي قصد؟

فلقد مضى عني الحبيب بحبه. . . وبقيت وحدي

وأرى الشباب، ربيع أيامي، يقارب أن يضيع

فتموت في قلبي الحياة، وقد خبا وهج الربيع

وأحس عمري زهرة جفت على أيدي الصقيع

فأظل مطوي الضلوع على أسى يفري الضلوع

أتذكر العهد الذي ولى وليس له رجوع

وأعيش. . وفي روحي كآبات، وفي قلبي دموع

أمضي ولا أدري لأية غاية، ولأي قصد؟

فلقد مضى عني الشباب بدفئه. . وبقيت وحدي!

يا ويح قلبي، حين يقبل في غد شبح الفناء

وأنا المعذب في الحياة، أظل أرغب في البقاء!

لكن إذا نزل القضاء، فلا مفر من القضاء

هذا أنا. . . نعش يسير مشيعاً بالأصدقاء

هذا أنا. . . جدث تمر عليه أقدام العراء

هذا أنا. . . جسد يعود إلى الثرى، من حيث جاء

هذا مصيري! بل مصير الناس من قبلي ومن بعدي! فعلام أجزع إن تخطفني الردى، وبقيت وحدي؟

إبراهيم محمد نجا

إليهم. . .

(إلى أخوتي المهاجرين زفراتي وأناتي)

للأستاذ هارون هاشم رشيد

ومهاجرين معفرين على دروب التيه هاموا

يمشون والأقدار كابية فما فيها ابتسام

أقواتهم ماذا؟ وكيف؟ فليس عندهمو طعام

هم هؤلاء بقية الشعب الذي عرف الأنام

ذاك الذي بالأمس أشعلها فشب لها ضرام

شعواء دامية يردد رجعها الجيش اللهام

قال السلام وكيف يبلغها على يده السلام

والذئب يفتك بالقطيع إذا تولاه الظلام

هذي الخيام، ألا ترى ضاقت بمن فيها الخيام

لا. لا يروعك السقام فلن يحطمها السقام

لا. لن يضير عقيدة من أجلها صلوا وصاموا

غرة

هارون هاشم رشيد