مجلة الرسالة/العدد 1011/البريد الأدبي
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 1011 البريد الأدبي [[مؤلف:|]] |
القصص ← |
بتاريخ: 17 - 11 - 1952 |
ضيف كريم
يزور القاهرة اليوم الكاتب العالم الخطيب شيخ علماء الجزائر ورئيس تحرير البصائر الأستاذ محمد البشير الإبراهيمي وهو في طريقه إلى أقطار الشرق الإسلامي ليلقى رجاله ويدرس أحواله. وقد تفضل الأستاذ فزار إدارة الرسالة فانسنا بلقائه ونعمنا بحديثه والرجل أحد الآحاد الباقين الذي يكتبون لغتهم بأسلوب رصين، ويبرزون فكرتهم في صورة أنيقة، وهو عميد جمعية العلماء الجزائريين وطريقتهم إلى الإصلاح والجهاد بما أوتي من صدق أيمان وقوة بيان ووفرة علم. ولولا هذه الجمعية لفتنت الجزائر عن دينها ولغتها ووطنها، فهي في جانب والاستعمار في جانب، والجانبان يتنازعان الأمة الجزائرية كل إلى جهته. وليس بين المتنازعين تكافؤ في المادة والوسيلة. فإذاقبضنا أيدينا عن مؤازرة هذه الجمعية ساعدنا المستعمرين على أن ينصّروا المسلمين ويبربروا العرب. ولعل الأستاذ الفاضل يكتب كلمة عن هذه الجمعية في الرسالة؛ فإن أكثر الناس عنها شيئا
إلى الأستاذ رئيس التحرير
قرأت في نشوة (نصيب قريتي من الثورة) وكنت من قبل قد قرت في وحي الرسالة نصيبكم من الإصلاح، ففي (وصف مآسي قريتكم من القرى، وأمتكم من الناس، وصفا مداده الدمع وكلماته الأنين) وإن فيما حفزتم به المستنم على اليقظة، والتوكل على العمل، والجازع على الصبر، والقلق على الاطمئنان، أن في كل ذلك وفي غير ذلك من آثار قلمكم - لخيوطا من سدى الثورة ولحمتها
ولئن لم ترى العين اليوم من الثورة غير جملتها فإن نسيجها كان بأيد مختلفة قدر لها أن تأتلف، وفي المأمول أن لا تعود فتختلف، ومن ثم كانت ثورة الجيش ثورة الأمة وكان لكل ذي نفس حساسة فيها نصيب
ولئن كنا في البداية من ثورة، نصيبكم فيها المساهمة في إعزاز الذليل وسيادة الرقيق وتمليك الأجير، فأحر بكم أن تدأبوا
- وقد حثثتكم على الدأب - ولا تحرموا الرسالة في بعض أسابيعها من بسمات في مكان سوابق الدمع. وضحكات في موضع سوالف الأنين لقد كان لانقطاعكم أحيانا عن الكتابة عذره العاذر فليس بالمغري وصف المفاسد والمخازي، وليس بالمشجع أيقاظ النيام. ولقد وعدتم مع بداية النهضة بتجديد الرسالة في الشكل والموضوع والتحرير والحجم لتساير العهد الجديد الذي بدأته مصر في الثقافة والحضارة، كما عدتم بعودة الرواية أقوى مما كانت عليه - جمال أسلوب - وحسن اختيار - فهل ينطوي تحت هذا الوعد استمراركم على موالاتها بما ينتظره القارئ منكم. وما يرجوه لكم من صحة وعافية
وبعد فلغيركم يقال
علام أقول السيف يثقل عاتقي ... إذا أنا لم أنزل إذا الحرب شبت
أما انتم فقد شبت الحرب وأنتم في ميدانها صائلين جائلين معقودا لكم لواء من ألويتها
وما انتهت بعد المعارك ومعاذ الله أن نرى ولو في خلال أسبوع من بين أسابيع من ينجو برأس طمرة ولجام - ولو أن رأسه رميت بأشقر مزيد)
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإسكندرية
أحمد عوض
(الرسالة) اشكر للسيد الفاضل جميل رأيه وحسن توجيهه، وأدعو الله على أن يعينني على تنفيذ ما أراد، وتحقيق ما أمل
ضبة - جبة
علق كاتب حذر - في العدد 1007 الصادر في 30 محرم سنة 1372 من مجلة (الرسالة) النيرة على علمين من أعلام الأمكنة في بلاد العرب وردا في مقالي عن كتاب (معجم ما استعجم) يطلق أحدهما على بلدة واقعة في شمال الحجاز على بحر (القلزم) باسم (البحر الأحمر) والثاني منهل من أعرف مناهل نجد بين بلدتي حائل والجوف (دومة الجندل) في الرمل المعروف قديما برمل (عالج). فقال ذلك الكاتب الذي لم يشأ ذكر اسمه الصحيح
1 - (ضبطت قرية (ظبا) بالظاء والصواب - كما أعتقد - أن يكتب الاسم الضاد (ضبا) لا بالظاء) وأقول الصواب أن تكتب بصيغة ثالثة مخالفة للصيغتين المذكورتين - هي (ضبة) بضاد فباء فهاء، قال ياقوت الحموي في معجم البلدان ج 5 ص 424 الطبعة المصرية: ضبة بلفظ واحد الضباب أما الحيوان وإما الضباب - اسم أرض وقيل قرية بتهامة على ساحل البحر مما يلي الشام وبحذائها قرية يقال لها (بدا) وهي قرية يعقوب النبي عليه السلام بها نهر جار بينهما سبعون ميلا ومنها سار يعقوب إلى أبنه يوسف عليه السلام بمصر - انتهى كلام الحموي، وضبة القرية هي المقصود وكل الأوصاف التي ذكرها الحموي تنطبق عليها فهي - 1 - قرية بتهامة على ساحل البحر مما يلي الشام - 2 - و (بدا) بفتح الباء والدال المخففة (وقد ضبطت في تاريخ الإسلام السياسي الدكتور حسن إبراهيم حسن ص33 ج 1 بتشديد الدال خطأ) لا تزال معروفة باسمها هذا بقرب ضبة وبقربها أيضا (شغب) قرية المحدث المعروف محمد أبن مسلم أبن شهاب الزهري - أول من دون الحديث النبوي - وفيهما يقول كثير الشاعر:
وأنت التي حببت (شغبا) إلى (بدا) ... إلي وأوطان بلاد سواهما
حللت بهذا حلة بعد حلة ... بهذا فطاب الواديان كلاهما
وفي الواديين مياه كثيرة وزروع. وقد كنت أثناء إقامتي في (ضبة) أسمع أهلها ينطقونها بالظاء لا بالضاد ويقولون أن اسمها القديم وأدى الظباء فكتبت في مجلة (المنهل) أصوب كتابة الاسم بالظاء بدل الضاد وكتبتها في كلمتي عن معجم البكري بها - ولكنني بعد أن اطلعت على كلام الحموي ظهر لي خطآن اثنان - بل ثلاثة - أحدها ما ذهبت إليه من كتابتها بالظاء وثانيها: كتابتها بالألف بدل الهاء، وثالثها: ضبط ياقوت لها بالتشديد كما يفهم من كلامه - والصواب في رأيي التخفيف مع ضم الضاد (ضبة) وكذا ينطقها أهل نجد إلا أنهم يسكنون الحرف الأول كعادتهم في كثير من أوائل حروف الأسماء
2 - وحاول الكاتب أن يخطئ استعمال كلمة (جبة) اسم المنهل المذكور - لعلتين أبداهما - 1 - سماعه من قبيلة الشرارات كلمة (الجوبة) - 2 - حكمه بعدم جواز أن تكون مؤنث (الجب). وفات حضرة المصحح المخطئ أن قبيلة الشرارات لا تسكن تلك الناحية وأنها تقصد بكلمة الجوبة - هي وغيرها من قبائل العرب - الأرض المنخفضة الواسعة أيا كانت، وفاته أيضا - الرجوع إلى معاجم اللغة والأمكنة - ولو رجع إليها لوجد اسم (جبة) يطلق على هذا المنهل وعلى عدة مواضع في العراق وفي الشام وغيرهما (أنظر هذه المادة في القاموس المحيط وهو من أسهل القواميس تناولا أتكثرها تداولا - مثلا) وإما الحكم بعدم جواز تأنيث (الجب) فأمر خارج عن موضوعنا - وهو - في حد ذاته - لم يصادف المحل ولم يستوف الشروط فصار باطلا - كما يقول السادة الفقهاء. وبعد فالرسالة الزاهرة يد بيضاء لما تنشره من كتابات لا تخلو من فائدة ولحضرات القراء تحية طيبة
حمد الجاسر
حول البوصيري
مجلة (الرسالة) هي مجلة العرب جمعاء - يجد كل باحث ومحقق عالم وأديب ميدانا واسعا لنشر ما يمتع ويفيد القراء وإذن فليأذن لنا الأستاذ الكبير الزيات بأن نعلق على ما جاء في العدد 1007 منها حول البوصيري بهذه الكلمة المجملة التي لا نريد بها إلا بيان الحق المجرد من كل غرض
قال القاضي الفاضل السيد علي الطنطاوي كلمة الحق حينما قال أن شرك المشركين الأولين أقل من شرك بعض المسلمين المتأخرين - لأن أولئك يدعون الله في الشدة - وهؤلاء يدعون غيره فيها؛ والدعاء من أنواع العبادة التي خلق الله الخلق ليصرفوها خاصة له (وما خلقت الجن والأنس آلا ليعبدون). ولكن الحق لا يرضي كل أحد فالأستاذ عبد السلام النجار يرى أن قول البوصيري
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العم
جائز ولا يتناقض مع شيء من أمور الدين بدليل حديث الشفاعة - وللأستاذ المحترم أن يعتقد ما شاء ولكن ليس له أن يرمي طائفة من المسلمين بما هم منه براء! فهو يقول (إن الطنطاوي تابع في تكفير البوصيري محمد بن عبد الوهاب أمام حنابلة نجد) فالأمام المجدد ابن عبد الوهاب - رحمه الله - وحنابلة آهل نجد بل كل المسلمين - لا يكفرون إلا من اتصف بالكفر - ولم يثبت عن واحد منهم تكفير البوصيري. وغاية ما يقولون ويعتقدون هو:
(1) أن البوصيري دعا الرسول والرسول ميت، ودعاء الأموات شرك (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك)
(2) لا ينكر أحد من المسلمين شفاعة الرسول (ص) تلك الشفاعة التي أوضحها الله سبحانه وتعالى في القران الكريم وبينها الرسول (ص) (من ذا الذي يشفع عنده ألا بأذنه؟) (ولا يشفعون ألا لمن ارتضى). وقال (ص) مجيبا لسائل سأله من أحق الناس بشفاعتك؟ فقال من قال لا اله آلا الله خالصا من قلبه. . فالآذن والرضا من الله وإخلاص العبادة له لا بد منها في الشفاعة
(3) تكفير المعين لا يجوز إلا من أن ارتكب شيئا من المكفرات وأصر على ارتكابها بعد إيضاح الحق له ومات على ذلك، وكل مسلم يبرأ إلى الله من إن يصف البوصيري بهذا الوصف - إذ لا يمكن الجزم بخاتمته. وليكن حسن الختام كلمتنا هذه تحية - من ربي نجد مضخمة بأريج شيحة وعراره للأستاذين الجليلين الطنطاوي والنجار - وشكرا عطرا للقائمين على هذه المجلة الغراء
عبد الرحمن بن رويشد