مجلة الرسالة/العدد 1000/رسالة النقد
→ الأدب والفن في أسبوع | مجلة الرسالة - العدد 1000 رسالة النقد [[مؤلف:|]] |
البريد الأدبي ← |
بتاريخ: 01 - 09 - 1952 |
كتاب معجم ما استعجم
من أسماء البلاد والمواضع
تأليف أبي عبيد البكري الأندلسي
المتوفى سنة 487هـ
تحقيق الأستاذ مصطفى السقا المدرس في الجامعة المصرية
للأستاذ حمد الجاسر
بقية ما نشر في العدد الماضي
الملاحظة الثالثة
وقع في هذا الجزء هفوات تحتاج إلى إصلاحات، منها:
1 - ص1175:
ما كان بين الشيطين ولعلع ... لنسائنا إلا مناقل أربع
والبيت بهذه الصفة، وإن استقام وزناً - إلا أنه خرج عن وزنه الصحيح، إذ هو من الطويل، وبعده: -
فجئنا بجمع لم ير الناس مثله ... يكاد له ظهر الوريعة يظلع
وصوابه إذن: (فما كان. . . لنسوتنا). كما في كتاب لغدة الأصبهاني، عن بلاد العرب (ص17 نسختنا الخطية المقابلة على نسخة السيد المرحوم محمود شكري الألوسي).
2 - ص1185: (المجازة، ومعرض، وحجر، والعامرية والصواب: (العمارية) وهي قرية من أعراض اليمامة، كما نقل المؤلف هنا، ولا تزال معروفة، تقع غرب مدينة الرياض مسافة 30كيلا (كيلو متر) - انظر (معجم البلدان) هذه المادة و (صفة جزيرة العرب) ص162 -
3 - وفي ص1201: (وبعث رسول الله ﷺ سرية إلى مدين، أميرهم زي بن حارثة، فأصاب سبياً من أهل ميناء، وقال ابن إسحاق: وميناء هي السواحل). كذا - وكلمة (ميناء) تصحيف (مقنا) بالقاف مكان الياء، ولعل هذا التصحيف سببه أن الفاء بالخط المغربي تنقط بواحدة من تحتها، فصحف أحد النساخ القاف فاء، ثم صحفت الفاء ياء لاشتباهها بالياء. ومقنا قرية معروفة الآن في ساحل مدين، بين قريتي (ظبا) و (حقل) وفي عهد رسول الله ﷺ كان سكانها من اليهود، إذ هي قريبة من وادي القرى (انظر هذه المادة في معجم البلدان، كتاب الرسول (ص) لأهل مقنافي (فتوح البلدان) للبلاذري، وفي (الوثائق السياسية للدكتور محمد حميد الله الحيدر آبادي، المطبوع بمصر، بمطبعة لجنة الترجمة والنشر والتأليف).
4 - وفي ص1236: (ثم تنزل تريم وهي لبني جشم) و (تريم) تصحيف (بريم) بالباء الموحدة المضمومة فراء مفتوحة فياء مثناة تحتية ساكنة، فميم، وهو منهل لا يزال معروفا بهذا الاسم، في عالية نجد، بقرب جبل حضن، وثم منازل بني جشم قديما، وبقاياهم في هذا العهد يقرب هذا المنهل وانظر لتحديد (صفة جزيرة العرب) ص144 و151 وكتاب لغد الأصبهاني حيث تجد فيه: وفي بريم وهم شركاء جشم فيه، قال الراجز: (تذكرت مشربها من تصلبا - قصبا مثقبا). أما تريم - بالتاء والمثناه الفوقية المكسورة، بعدها راء ساكنة فياء مثناه تحتية مفتوحة فميم، فهو موضع آخر يقع في شمال الحجاز، يقرب مقنا، بين (المويلح) و (حقل) وهو الذي ورد ذكره في شعر كثير عزة. وتريم - بفتح اوله وكسر ثانية - بلدة في حضرموت معروفة.
5 - ص1347: (قال أبو الصلت الثقفي). والمعروف (أمية بن الصلت الثقفي).
6 - وفي ص1270: (سيحان من جنب). والصواب (سنحان) بالنون بدل الياء، وهي قبيلة معروفة في عهدنا هذا من قبائل جنب، منازلها في جنوب المملكة العربية السعودية وفي أطراف اليمن الشمالية، وفي السراة، (انظر تاج العروس مادة (سنح) وراجع كتب الأنساب)
7 - وفي ص1335: أورد المؤلف شاهدا على تحديد (النميرة) بيتا للراعي، وعقبة بقولة: (فذلك أن حقيلا من ديار بين تميم). وكلمة (تميم) هنا مصحفة وصوابها (نمير) وهم قبيلة الراعي، وحقيل جبل في بلادهم قال فيه الراعي: وأفضن بعد كظومهن بجرة ... من ذي الأبارق إذرعين حقيلا
8 - في ص1398: (بلقيس بنت هداد بن شرح). والصواب ما نقل الأستاذ في الحاشية عن الجزء العاشر من (الإكليل): الهدهاد. وأما شرح فصوابه إلى شرح، كما حقق ذلك الدكتور نبيه أمين فارس (انظر طبعته للجزء الثامن من الإكليل ص19) وورد في كثير من المؤلفات العربية بصيغ متعددة - الشرح - إلى شرح - ليشرح - لي شرح - وأورده نشوان الحميري في مادة (شرح) وسماه بهذا الأسم، ولكن الهمداني أوثق وأعلم من نشوان.
9 - وفي ص1403: (صيد ين همدان). والصواب: (صيد من همدان) إذ الصيد هؤلاء من ولد عمرو بن جشم بن حاشد، وحاشد من همدان (أنظر نسبهم في الجزء العاشر من الإكليل، وانظر ص80ج 8 منه طبعة الدكتور نبيه فارس).
10 - نقل الأستاذ في حاشية ص 1272 - عن ياقوت أن (منفوحة) قرية كان يسكنها الأعشى وبها قبره، وهي لبني قيس بن ثعلبة نزلوها بعد قتل مسيلمة. ولا أدري كيف غاب عن الأستاذ ان جملة (نزلوها بعد قتل مسيلمة) لا تتفق مع كون تلك القرية بلدة الأعشى وبها قبره، إذ الأعشى مات قبل قتل مسيلمة، وهو من بني قيس هؤلاء؟ وإذن فسكنى بين قيس متقدم على قتل مسيلمة.
هذه بعض الهفوات، ولم نحاول إحصاءها وحصرها، ولم نشر إلى الأغلاط المطبعية إيجاز للقول، وضنا بالوقت، ولأن جل من يرجعون إلى هذا الكتاب لتحقيق موضع ما من العلماء الذين لهم من سعة الإدراك والاطلاع ما يمكنهم من التثبت والتحقيق حتى يصلوا إلى الصواب، حينما يريدون الاستفادة من هذا الكتاب.
الملاحظة الرابعة
ذكر الأستاذ السقا - في مقدمة هذا الجزء - أنه صحح أغلاط المؤلف أوهاماً كثيرة، وأغلاطا فاحشة لم تصحح، وقد ذكرنا في كلمتنا التي نشرناها في هذه المجلة عند صدور الجزء الثالث عذر المؤلف في ذلك. لكونه ينقل عن كتب كثر فيها التحريف والتصحيف، وهو في بلاد الأندلس، البعيدة عن بلاد العرب. ولا نريد استقصاء ما وقع من المؤلف من الغلط، ولكننا نشير إلى بعضها، مؤملين من الأستاذ السقا إعادة النظر فيها عند إعادة طبع الكتاب، فمنها: 1 - في ص1288 و1370: (وحسن خبة) بالخاء، وقد أوردها المؤلف في بابها، والصواب (جبة) بالجيم، وهو منهل معروف في فلاة واسعة يقع بين بلدتي (حائل) و (الجوف) في شمال نجد، وتلك بلاد طئ في العهد القديم.
2 - وفي ص1218: (الحزواء) وأوردها كذلك في حرف الحاء مع الزاي - وهي في رأيي (الحوراء) التي ورد تحديدها في صفحة 1310 وهي فرضة قديمة على ساحل البحر الأحمر، تقع بقرب بلدة (الوجه) في جنوبها وقد خربت قبل القرن السابع الهجري.
3 - في ص1253: (الملح) وقال المؤلف أنه مذكور في رسم القاعة والقاعة تسمى في عهدنا الحاضر: وادي المياه، وتقع غرب الإحساء، ممتدة من الجنوب إلى الشمال، وفيها قرى كثيرة ومن قراها (ملج) بالجيم بدل الحاء، وبقربها قرية (نطاع) وقد أورد البكري في ص104 - قول الشاعر
طحون كملقى مبرد فعمة ... بصحراء ملح أو بجود نطاع
وقال الأصبهانيى - في كتابه عن بلاد العرب ص45 نسختنا الخطية: (ثم تخرج من بطن غر فتقع في الستار، وفيه أكثر من مائة قرية،. . . ومن قراها ثاج قال ذو الرمة
نحاها لثلج نحية ثم إنه ... توخى بها العينين عيني متالع
وعينا متالع منها، وقرية يقال لها ملج، وقرية يقال لها نطاع، قال العجاج،
إن تك وهنا ظعنت عن دارها ... عامدة لملج أو ستارها
فقد تصيد القلب باحوارها ... وكفل ينصار بانصيارها
فإذا خرجت من الستار وقعت في القاعة، فيها مياه كثيرة) أهـ
4 - وفي ص1217 (كداء. . جبل مكة، هو عرفة بعينها)
5 - وفي ص1217 (المروة جبل بمكة معروف، والصفا جبل بإزائه، وبينهما قديد، عنهما شيئا، والمشلل هو الجبل الذي ينحدر منه إلى قديد) إلى غير ذلك من الخلط في تحديد المواضع، مما لا نطيل بذكره ونرى أن هذه الصحيفة لا تتسع لبيان وجهة الصواب فيه.
وبعد كل ما تقدم: فإننا نشارك حضرة الأستاذ السقا في قوله (إني لمغتبط إذا أقدم معجم ما استعجم بعد إتمام طبعه في هذه الصورة إلى العلماء، والباحثين في الثقافة العربية، ليحلوه من خزائنهم محل الصديق الوفي، يفزع إليه في التماس العون والرأي، إذا أدجن ليل الشبهة، وغامت سماء الشكوك، خاصة فيما يتعلق بالجزيرة العربية، التي هي الوطن الأول للإسلام والعرب والعروبة) ونزجي لحضرته - مع هذا - شكرنا، لما أبداه للعربية من يد بيضاء.
حمد الجاسر
الإمام المراغي
تأليف الأستاذ أنور الجندي
للأستاذ عبد العزيز الدسوقي
كان الإمام المراغي. . طيب الله ثراه. . ورضى عنه. . قبساً من أقباس الفكر الخالق المتعمق، وشعاعا من نور النبوة الصافية. . . ونوراً من هدى السماء. مزج الدين بالدنيا، ووصل الأرض بالسماء. . وواءم بين وثبات الفكر المتطور المتألق، والعلم الزاحف. . . وبين منابع الدين الغامرة العامرة. . حتى صار بحق ثالث ثلاثة أحدثوا في الشرق والعالم الإسلامي، ثورة فكرية بعيدة المدى. .
. . وكان - الإمام - أحد نماذج التي تعشقتها، وكنت أستلهمها. وأستوحيها. . كان حبيباً إلى نفسي بنظراته النفاذة العميقة. وصوته الهادئ الموسيقي العذب النبرات، الفياض بالإخلاص. والمعبر القوي،. . ثم اختفى بعد حياة حافلة بالكفاح والاصطلاح. . وخنق صوته غول الفناء الرهيب. . وكادت سيرته تحتفي في قبو النسيان. . والشرق. . ومصر خاصة ما أكثر ما ينسى أبطاله، فلم نسمع عن المؤلفات التي تكتب عن المراغي وشخصيته متعددة الجوانب، ولم نر الأزهر يخلد ذكرى الإمام الذي وقف حياته على إصلاح، حتى قيض الله لهذا الإمام. . الصديق الكريم الأستاذ أنور الجندي وهو وإن كان من غير بيئة أن هيامه بالشرق، وتوفره على دراسة المسائل الإسلامية، وكتبه المتعددة في هذا المضمار، شاهد قوي على أنه ليس غريبا على جو الإمام والمراغي. .
لذلك أقدم الزميل الحبيب في إيمان حار. . وأخرج كتابه الإمام المراغي. . والكتاب وإن كان صغير الحجم كما تقضي بذلك طبيعة سلسلة (أقرأ) إلا أنه ألم بكل حياة المراغي. . فكتب عن المراغي طفلا تنطبع على نفسه انطباعات الطفولة في قريته المراغة بصعيد مصر، وكتب عنه قاضيا لقضاة السودان، وصوره تصويرا بارعا، وتعمق نفسه، وقارن بينه وبين محمد عبده، وذكر وطنيته، وإصلاحه في المجتمع والأزهر، وتجديده ونزعته المتحررة، كتب عن كل هذا في أسلوب مشرق يفيض بالحماس الحار، والإخلاص لحياة الإمام المراغي. . .
وأنا لا أستطيع أن ألخص كتاب الزميل بهذه العبارات القلائل، فليس الكتاب قصة ألخصها، وإنما هو دراسة نفسية لحياة الإمام تنبسط أحيانا، ثم تنقبض أحيانا أخرى، وتمر على بعض الأدوار مرورا سريعا مكتفية باللقطات المعبرة، واللمسات الجياشة، وتمعن في التعمق واستكناه الأسرار في بعض الأدوار، ثم تمضي هذه الدراسة شيئا فشيئاكما تمضي الحياة نفسها حتى يبلغ الكتاب أجله، وتخمد الجذوة، ويسدل الستار على حياة الإمام، وهنا ينتهي الكتاب، ولكنه يترك في النفس خطوطا قوية، ودبيباً عارما، وهمساً فياضا. يدفع المرء إلى التأمل. . والكتاب الذي يدفعك إلى التفكير بعد قراءته هو كتاب قد أدى رسالته.
لذلك أهنئ الصديق أنور الجندي بهذا المجهود الطيب. . جزاه الله عن العروبة والإسلام خير الجزاء.
عبد العزيز الدسوقي