مجلة البيان للبرقوقي/العدد 59/أمير كتسنه في ضيافة لندن
→ دي فاليرا والمفاوضات الإرلندية | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 59 أمير كتسنه في ضيافة لندن [[مؤلف:|]] |
شيء عن الوهابيين ← |
بتاريخ: 31 - 12 - 1920 |
يقيم الآن في إحدى فنادق لندن أمير إفريقي مسلم من نيجيريا ومعه زوجتاه وأولاده وخدمه، ويقال أنه سيمر بمصر قريبا قاصدا إلى مكة المكرمة. وقد كان لزيارة هذا الأمير وقع غريب في لندن لمحافظته على عادات بلاده واحتجاب زوجتيه في غرف الفندق وسذاجة وصفه وحاشيته وللأشياء التي يرونها. وقد تقاطر ألوف لمشاهدة هذا الأمير وحاشيته وكتبت عنه الجرائد الإنجليزية كثيرا فرأينا أن تقتطف شيئاً من أقوالها ولاسيما لما يتوقع من زيارته لنا ولصلته الإفريقية بنا. (مما يؤثران الأمير وحاشيته يرون لندن شديدة البرد (في يوليه) حتى اضطر بعضهم أن يشتري معاطف صوف. وقد راقهم مناخ منشستر، ولاحظ الأمير أن النهار هناك طويل بهيج. ومما أدهشه شرطة الشوارع في منشستر قال (إن إيقاف حركة شارع بأجمعه بإشارة من يدي شرطي أمر مدهش خارق، ولا شك أن شرطيكم له أربعة عيون) وقد شملهم الخوف جميعا عندما زاروا مخازن كروسلى للسيارات وتكلم أحد أولاد الأمير مع أبيه من غرفة أخرى بواسطة جهاز مخصوص. ولم يفهم بعض رجال الحاشية كيف أن السيارات تمر ببعضها وهي مسرعة في السير دون أن تصطدم!
ولم تشترك زوجتا الأمير معه في نزهاته وزياراته بل احتجبتا في غرف الفندق ولم يكن يراهما أحد سوى الأمير. وقد احتالت محررة في الديلي إكسبريس حتى تمكنت من مقابلتهما فقالت: دخلت فوجدت زوجتي الأمير منكمشتين في ركن بعيد في غرفة واسعة وقد وقفت أمامهما خادمة سمينة ضخمة الجسم قوية العضلات تكاد تحجبهما بجسمها عن الأنظار. وقد ظهر القلق والارتباك على زوجتي الأمير من هذه الزيارة الطارئة غير المألوفة لها. فأخذتا تنكمشان وتقتربان من بعضهما والخادمة ترمقني بعينين سوداوين براقتين. وكانت الأميرة معينة - أصغر الزوجين وأحبهما إلى الأمير - جالسة على أرض الغرفة متشحة بعباءة زرقاء كثيفة وعلى رأسها عمامة مختلفة الألوان. وعند اقترابي منها التصقت أكثر من قبل بزوجة الأمير الثانية ملكة، وكانت تلبس مثل ثيابها وجالسة على مقعد بشكل يدل تماما على أنها لم تتعود الجلوس عليه من قبل!
ولما عرفتهما بنفسي وسب بزيارتي هزت الخادمة أقراطها وحليها وأوسعت لي الطريق إلى رؤية وديعتيها. وكانت معينة في الثانية والعشرين من عمرها ذات وجه أسمر مستدير وعينين سوداوين كبيرتين وهي من أجمل بنات القبيلة. أما ملكة فكانت تبلغ والعشرين وفي عينيها الساجيتين الناعستين أحلام. وقد لفتتها قبعتي الحمراء وحقيبتي. ولكنهما على ما قالا يفضلان عمامتيهما ويعدان أزياءنا غريبة غبر متسقة. وهما يقضيان نهارهما منكمشتين في ركن الغرفة ولا عمل لهما سوى الحديث عن القبيلة. ويصليان الأوقات الخمسة. ولما سألتهما عما إذا كانا يعملان عملا آخر أجابتني معينة أنهما يجدان غاية السرور في تأمل وجهيهما في المرآة ووضع الخطوط والكحل. وقد حدثتني ملكة عن الفرق العظيم بين أثاث الفندق الفخم وبين أكواخهما. وكيف أنها فزعت مرة من ضوضاء الحركة في الشارع إذ نظرت خلال الشباك. وكان دهشهما عظيما عند حضورهما التمثيل في إحدى المقصورات!