الرئيسيةبحث

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 55/عجز الذهن البشري

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 55/عجز الذهن البشري

مجلة البيان للبرقوقي - العدد 55
عجز الذهن البشري
[[مؤلف:|]]
بتاريخ: 1 - 5 - 1920


عن إدراك خفايا الأشياء

للعلامة الفيلسوف الأمريكي البروفيسير وليم جيمس

إن أحكامنا عن قيم الأشياء وأقدارها - صغيرة كانت أم كبيرة - تتوقف على ما تثيره هذه الأشياء في نفوسنا من الإحساسات والعواطف، فنحن إذا وصفنا شيئاً بالنفاسة بناء على الفكرة التي نكونها عنه فما ذلك إلا لأن هذه الفكرة ذاتها تكون مقرونة بإحساس خاص. ومعنى هذا لو أننا لو كنا بفطرتنا عديمي الإحساسات وكانت الفكرة هي كل ما يمكن أنة يقوم بنفوسنا من أشياء هذا الوجود. إذن لفقدنا كل ما نسميه شهوات ومكاره وأصبحنا عاجزين عن أي شيء من الأشياء هذا أنفس وأهم من ذلك.

وبعد فإن عجز الذهن البشري عن إدراك خفايا الأشياء الذي هو موضوع مقالنا هذا هو عجزنا جميعاً عن إدراك ما يقوم بنفس كل إنسان سوانا من والاحساسات العواطف المتسببة عن أشياء هذا الوجود.

نحن أشخاص عمليون لكل واحد منا وظائف وواجبات محدودة. كل منا مدفوع بالفطرة إلى أن يشعر أتم الشعور بأهمية واجباته وبخطورة الأحوال والظروف التي تستدعي هذه الواجبات. ولكن هذا الشعور يكون في كل واحد منا سراً حيوياً مكنوناً مكتوماً في خزائن صدورنا لا يمكننا إيقاف الغير على حقيقة؟؟؟؟ ومقجاره، إذ كنا عبثاً نحاول من الغير أن يشاركونا في هذا الشعور أو ينظروا إليه بالعين التي بها إليه ننظر أو يزنوه بالميزان الذي به نزنه. وذلك لأن هؤلاء الغير مشغولون عنا تمام الانشغال بأسرارهم الحيوية وقد بلغ من فرط اهتمامهم بخفايا وجداناتهم ومكنونات صدورهم ما لا يستطيعون معه اهتماماً بخبايا عواطفنا ودقائق أسرارنا، ومن ثم ما تراه من خطأ أحكامنا حين ترانا ندعي القدرة التامة على تكييف أحوال الغير واحساساتهم وتقدير مرمى أغراضهم وغاياتهم. وقيم مشتهايتهم ومبتغياتهم.

ولنضرب لك مثلاً على ذلك شأننا مع كلابنا. ألا ترى أنه ما يربطنا بهذه المخلوقات من عروة تلك المودة التي هي أوثق من معظم ما يرى في هذا العالم من الصلات والروابط - فنحن وهم أعني الكلاب في ماوراء هذه الصلة الودية العاطفية - كلانا غافل تمام الغفلة عن كل ما يحب الحياة إلى الآخر يجعل لها قيمة ووزناً. فأما نحن فغافلون عن فرط لذة العظام تحت الأسوار والجدران وعن روائح الأشجار وعمدان المصابيح وأما هم أعني الكلاب فغافلون عن ملاذ الكتب والقراءة والمباحث الفلسفية والفنون الجميلة. فأنت إذا جلست مكباً على قراءة أمتع ما صادفت من الروايات والقصص ترى ماذا يكون رأى كلبك في سلوكك نحوه إذ ذاك وما ترى حكمة على خطتك معه وموقفك إزاءه إما أنه مع ملية إليك وعطفه عليك فإن منه حالتك إذ ذاك ومعنى سلوكك يكون مما يقع وراء دائرة فهمه ودون نطاق إدراكه. ما معنى جلوسك كالتمثال أو الصنم فاقد الحس والشعور معدوم الحركة في حين كان الواجب عليك والمتوقع منك أن تخرج به للتنزه في الغابات لملاعبته ومداعبته تقذف العصى والعيدان في الماء ثم تأمره بالتقاطها وهلم جرّا!

ما معنى هذا المرض العجيب الذي ينتابك كل يوم في ساعة مخصوصة - مرض تناول الأشياء وإمساكها بين يديك وإدامة النظر إليها الساعات المتوالية وأنت ثناء ذلك فاقد الحركة مسلوب الحس قد زال عنك كل دليل على أنك حي ذو روح.

إن همج أفريقيا كانوا أقرب إلى الحقيقة من هذا الكلب الذي لا يفهم أدنى شيء من حقيقة حال صاحبه وهو مكب على القراءة، حين ازدحموا متعجبين حول أحد سياح الأمريكان وقد ظفر بعدد من جريدة الأميركان أدفر تيراز وأكب عليها يلتهم سطورها. وذلك أنه ما كاد يفرغ منها حتى أقبل عليه أولئك الهمج المتوحشون فأخذوا يسامونه في هذا العدد من الجريدة المذكورة وعرضوا عليه ثمناً غالياً جداً في ذلك الشيء الغريب المجهول.

فلما سألهم فيم ولوعهم بهذا الشيء ولم يطلبونه قالوا إنما نريده دواء للهين إذ م يستطيعوا أن يؤولوا إلا على هذا الوجه معنى ذلك الحمام البصري، البطيء الذي أعطاه ذلك الأمريكي لعينه على سطح ذلك الشيء (أي على صفحات الجريدة).

والواقع أن كل عمل من أعمال الحياة يبعث في الإنسان فرط الاشتياق إلى مزاولته وشدة الرغبة في إنجازه وإدراك غايته وكل أسلوب من العيشة يكون مشفوعاً بتوقد الحركة وجيشان الهمة وتحفز العزيمة وبالولوع والتطلع والتشوق والتلهف فهذا هو الذي يكون ذا أهمية وقيمة - وهذا التطلع والولوع والتلهف قد يكون متصلاً بالحواس أو بالنشاط العضلي والعصبي أو بالمخيلة أو بمملكة التأمل والتفكر - وعلى كل حال فهو حيثما يوجد يكون مقروناً باللذة والمتاع - وليس الا معه تكون شهوة الحياة وتوقد جمرتهما ولآلاء بهجتها. وتدفق موجها. وتدفع لجها. وهنا الأهمية والخطورة والقيمة والنفاسة.

ولقد أوضح الكاتب الشهير روبرت لويز ستيفنسون هذا المعنى بأبدع مثل وأروعه في مقالة أعتقد حقاً أنها جديرة بالخلود جزالة معنى وسداد حكمة ورشاقة معرض وحسن سلوك قال هذا الكاتب البديع:

في نهاية شهر سبتمبر حينما يدنو ميعاد عودة الطلبة إلى المدارس ويأخذ الليل في اشتداد الحلك كنا نخرج من بيوتنا ليلاً حاملين تلك المصابيح الصفيحية المسماة (عين الثور) - وكانت هذه المصابيح من الشيوع والاشتهار بحيث أصبحت من أهم متاجر الجزائر البريطانية. ففي ذلك الأوان كانت حوانيت التجار تعرض في نوافذها تلك المصابيح. فكنا نشتريها ونشدها في وسطنا معقودة في مناطقنا فكانت تفوح منها رائحة الصفيح المحرق. وكان ينبعث لها لهب لا يصلح لإضاءة وأنما يصلح لإحراق أصابعنا.

وكان لا فائدة له وكانت لذتها خيالية فقط. غير أن الغلام الذي يحمل مثل هذا المصباح كان يحسب أنه ملك الدنيا بحذافيرها. فليس وراء ما قد بلغه غاية. وكأننا في هذا كنا ننتظر من طرف خفي إلى عادة الأجيال الغابرة وإلى ما كنا نقرؤه في الأقاصيص عن تلك العصور العجيبة - ولكن مهما يكن من مصدر هذه الفكرة فلقد كان متاعها عظيماً. وكان المصباح الصفيحي عين الثور أقصى أماني الغلام وغاية مأمولة.

وألذ ما في هذه اللذة أن الغلام كان إذا ركب المصباح في منطقته زر فوقه معطفه (البلطو) فخبأه تحته وحجب سناه وكتم شعاعه ثم انطلق في سبيله في الظلام الدامس فإذا التقى اثنان من أولئك الغلمان نادى الواحد الآخر أمعك مصباحك فيجيب الثاني أجل وفيها الكفاية. وذلك أنه لما كانت القاعدة في هذا الشأن أن يحجب الغلام نوره الباهر. وكوكبه الزاهر. كان لا يمكنك أن تعرف حامل المصباح إلا برائحته فكأنه في ذلك قطة الزبد لا تعرف إلا بعبق رياها. وأرج شذاها. فكان الغلام يعتسف الدجى مزرور الساء. مضموم الرداء. لا يتسرب شعاع من سناه. ولا يفلت بريق من ضياه ولا يتسلل من نوره الوهاج أدنى بصيص يسدد خطاه. ويضيء مراه. - فكأنه وسط الظلام عمود من الظلام. فاللذة كلها والطرب والنعيم في هذا وفي اعتقادك في أعماق ذهنك الأبله المعتوه أنك تحمل تحت كسائك مصباح عين الثور وفي فرط جذلك وطربك لهذا الاعتقاد.

لقد جاء في حكمة المتقدمين أن كل طفل شاعر وأن كل رجل مهما بلغ من جموده وجفائه ومن غلظته وقسوته فإنه يحمل في صميم قلبه قبر ذلك الشاعر الذي كأنه أيام هو صبي لاعب. على أنه يصح لنا القول بأنه لا يزال كل رجل مهما غلظت طباعه وجفت أخلاقه يضم بين جوانجه ويحمل في أعماق قلبه شاعراً حياً يعيش ويجيش ويلهو ويلعب تحت ظاهر الجامد القاسي - وهذا الشاعر الحي المتوقد في قلبه هو متعة حياته ولذة عيشه ومصدر ذاته ومبعث مسراته - أو هو كما يقال بهارى هذه الحياة وتوابلها وهو ترياقها وأكسيرها. وهو أريجها وعبيرها. وهو مجمرتها الفواحة بالطيب والشذا، التفاحة بالمسك والعنبر. ولقد أرى الناس يغفلون أو يتغافلون عما لا يبرح الإنسان يحمله في فؤاده حتى عهد المشيب والشيوخة - بل حتى يواري في ثرى رمسه من معاني الطفولة وخرافات الخيال وأخاديع المني وزخارف الأوهام والأحلام. فأنت إذا نظرت إلى حياته من الظاهر لم تلقها سوى كوخاً حقيراً من الطوب والآحر. فإذا استبطنتها وأفضيت إلى جوفها فلعلك واجد في صميمها غرفة ذهبية يرتع فيها الرجل ويمرح ويختال في برد ملفوف من نسيج أوهامه. ويرفل في وشي منمنم من غزل خرافاته وأحلامه. ويسحب مثل ذيل الطاووس من صنعة أباطيله. وينشر مثل أجنحة الملائكة من حوك أخاديعه وأضاليله. وفيها ينعم ويلهو. ويصدح ويشدو. ويجذل ويطرب. ويزهي ويعجب. ويمتع نفسه خيالاً بكل ما حرمه حقيقة ويستوهب من أكف الأوهام السخية السجيجة. أضعاف ما ضنت به الحقائق البخيلة الشحيحة، فإذا أبصرت طريقه في الحياة اسودت أرجاؤه وتكلفت ظلماؤه. فاعلم أنه يحمل في منطقته وتحت ردائه مصباح عين الثور.

لقد سمعت حكاية خرافية قرعت حبة فؤادي ومست صميم روحي. وهي حكاية الراهب الذي ولج بعض الغابات فسمع طائراً يغرد فلبث يصغي دقيقة أو اثنتين ثم عاد من حيث أتى فلما انقلب إلى الدير بالمدينة وجد نفسه غريباً بين أهله وسكانه من الرهبان ثم علم أنه قد غاب من الغاب مدة خمسين عاماً خيل إليه أنها دقيقتان. فعلم - هداك الله - أن هذا الطائر ليس مقصوراً على الغابة ولكنه كائن في حياة كل إنسان يكمن منها في أعماقها وأغوارها حيث لا بني يهتف ويغرد فلا يسمعه إلا هذا الإنسان وقد غفل عنه سائر الناس طرا. فالحمال المسكين الذي يرزح تحت حمله من أجل درهم - إنه والله ليسمع أغاريد هذا الطائر فيبتهج في أعماق نفسه ويطرب وأنت تحسب أنه ليس على أديم الأرض أبأس منه ولا أشقى. ولقد أمكنني بغير واسطة سوى مصباح عين ثور أيام طفولتي أن أستثير هذا الطائر من عالم الخيال فاستمتع ما شئت بمطارب ملاحنه وأنا ذلك الطفل المعدم المسكين الرث الملابس يخالني الناظر فريسة الوجاع والآلام. واليتيم في مأذبة اللئام. فحياة الإنسان مؤلفة من عنصرين - أولهما البحث عن مكان هذا الطائر وثانيهما الإصغاء إلى أغانيه. فمعرفتنا هذه الحقيقة وذكرانا لتلك الساعات الهنيئة التي كنا فيها ننصت إلى أغاريد الطائر هما اللذان يملآننا عجباً عندما ننظر في قصص الروائيين الوقعيين وذلك أن كل ما تجده في هذه القصص هو الجزء الظاهر لك من حياة الأشخاص - وهذا في الغالب لا يكون إلا المؤلم الموجع المضيض القفر الموحش المجدب. فأنت في تلك الروايات لا ترى الحياة إلا مؤلفة من الطوب والطين والوحل والخشب والحديد ورخيص الشهوات وحقير المخاوف والآمال - وكل ما يخجلنا أن نذكره وكل ما لا يهمنا أن ننساه - فأما أغاني ذلك الطائر المغتال لدولة الزمن الفيحاء فلا نسمع لها خبراً. ولا نبصر لها أثراً.

أرأيت إذ عثرت أثناء قراءة بعض تلك القصص الوقعية على قطعة نصف لك حال غلام مثلي أيام طفولتي يسير في الظلماء رث الثياب سيء الحال مجوّعاً مقروراً تقذفه السماء بنبالها الصائبة. وتضربه النكباء بسياطها القاضبة. أكنت واجداً في هذه الصورة سوى ما تصف لك من بؤس ذلك الغلام وكربته. وما تصور لك من مسكنته وذلته. ولكن هذه هي الحقيقة كلا هذا ما قد حسبه مؤلف القصة المضلل وما يظنه القراء الغافلون أنه الحقيقة. ولكن هؤلاء لم يبصروا سوى الظاهر الكذاب. وقد خفي عنهم الباطن والسر واللباب. فسل الغلام نفسه ينبئك أنه في جنة من النعيم أساسها هو ذلك المصباح الكريه الرائحة.

والواقع أن سر سعادة امرئ ومنبع سروره هو أعقد من المشكلات. وأعوض المعضلات. ومما لا يكاد إنسان مهما نفذت بصيرته. وثقبت بديهته. أن يستطيع الوقوف عليه. والاهتداء إليه فهذا السر والعلة الخفية قد تتعلق على أوهى من خيط العنكبوت من الوسائط الخارجية كمصباح عين الثور وقد تكون كامنة في خفايا نظام العقل وجوهر النفس وتركيب الروح وهي (أعني العلة الخفية في سعادة الإنسان) لا يكاد يكون لها روابط بالأشياء الظاهرية - بل ربما لم يكن لها بتلك مساس البتة. حتى ترى أن عيشة الإنسان التي قد قبلها وارتضاها من القدر هي بحذافيرها خارجة عن منطقة الحقائق واقعة في دائرة الخيال، وفي هذه الحال يكون نهر اللذة في حياة المرء هو مما يجري تحت الثرى والأديم فأعين الناظرين البله المغفلين (أني لأرحمنهم رحمة واسعة لغرورهم وغفلتهم) لا تأخذ إلا ظاهر الأمر ولكنها عن مكنون الحقيقة عمية مكفوفة. لأنها لا تنظر إلا إلى الرجل. . . ومن نظر إلى الرجل كان بخيبه الظن وفساد الرأي مليئاً جديراً. لأن عين الناظر في هذه الحال لا تصيب من الإنسان إلا ما يماثل الساق من الشجرة الباسقة - فهو لا يرى إلا واسطة التغذية ومصدر القوت للإنسان فأما الإنسان ذاته فهو في عليا طبقات الجو وسط قبة الورق الخضراء ينعشه بمراوحها الهفهافة أيدي النسيم. وتطرب نغمات ألحان البلبل الرخيم. فالمذهب التأليفي الحقيقي هو في الواقع ليس سوى مذهب الشعراء (الذي يعده الناس خطأ نقيضاً للمذهب الحقيقي) فإنك ترى الشاعر يتغلغل بين الأغصان والقضبان وراء الإنسان الحقيقي المستتر كما قلنا في عليا طبقات الجو وسط قبة الورق الخضراء، وما أن ينى يرتقي ويتسلق كأنه السنجاب حتى يسمو إلى حيث يستطيع أن ينال لمحة من الفردوس السماوي الذي ينعم فيه الإنسان الحقيقي ويتلذذ. أجل إن المذهب الحقيقي مازال أبداً مذهب الشعراء - إذ ينقبون عن مكنون موضع اللذة ويفتشون عن محجوب مستقر الطرب ثم يجعلون لهذا الطرب صوتاً فوق مرتبة الغناء. ووراء أقصى غاية الموسيقى.

فإن الطرب هو سر السعادة فإذا فاتك الطرب فقد فاتك كل شيء. والطرب الذي يجد المرء في مباشرة أي عمل هو الذي يحعل لهذا العمل معنى وغاية وغرضاً وقيمة ووزناً. فهذا بيان الأمر - وهذا عذر كل امرئ في كل ما يباشر من الأعمال ألا ترى أن الذي لم يقف على سر المصباح لا يستطيع أن يدلاك حقيقة ما يجده الغلام حامل المصباح من اللذة الخفية. والنغمة اليسرية. ومتى صح الحكم على الكتب المسماة حقيقة المذهب بأنها أبعد الأشياء من الحقيقة. فإن كل هذه الكتب خلو من اللذة الشخصية والمعاني الشعرية ومن عالم السحر والأحلام ومن نسيج الخيال الذهبي الذي يكسو كل معنى عار ويشرف كل معنى خسيس. وفي كل كتاب منها (من الكتب الحقيقة) ترى الحياة هاوية إلى أسفل كالرصاص بدلاً من سموها كالمنطاد وتغلغلها في ذهب الأصيل وبهجة جمال الغروب. فإن قيل أن هذه الكتب الحقيقية صادقة قيل في الوقت نفسه وإنها أيضاً كاذبة. فإنك لا تكاد تبصر إنساناً يعيش وسط الحقائق الظاهرية - بين أحماض معمل الوجود وأملاحه ولكن في غرفة خياله الملونة بين نوافذها المنقوشة الزجاجات وبين جدرانها المسطورة بأساطير الأقاصيص وأعاجيب الروايات والأحاديث

لها بقية في بيت القصيد سنأتي عليها في العدد القادم