مجلة البيان للبرقوقي/العدد 54/شهداؤنا الاثنا عشر
→ خواطر ليوباردي | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 54 شهداؤنا الاثنا عشر [[مؤلف:|]] |
تفاريق ← |
بتاريخ: 1 - 4 - 1920 |
خلدوا تاريخهم بين السير ... وارفعوهم فوق أقدار البشر
واقطعو من جلدنا أكفانهم ... واجعلوا أهدابنا خيط الإبر
واغسلوا من دمعنا أجسادهم ... وادفنوهم بين سمعي والبصر
في هوى النيل هوت أقمارنا ... من سما (دُجنا) وأرداها الخطر
فإذا مصر في ظلام حالك ... تستغيث الله من وقع الخبر
مادت الهرام حزناً وأسىً ... وأبو الهول من الهول زأر
لا ترى في الناس إلا باكياً ... مذ بكى العلم عليهم وانفطر
- * *
مجّدوا تلك الضحايا واقرأوا ... آية الإخلاص في تلك السور
لم تكن هجرتهم من أرضهم ... عن جفاء بيننا أو عن بطر
إنما هجرتهم للعلم كي ... ينهلوا من ورده حيث انهمر
فإذا الموت (بدجنا) رابض ... في انتظار الركب إذا وفى ومر
فدهاهم فوق جسر ومضى ... حاملاً أراوحهم الاثنى عشر
- * *
يا بقايا همة ناهضة ... سوف يبقى بيننا هذا الأثر
كلما مر عليكم ناشئ ... جدد العهد وحيى وادكر
مصر أولى بالضحايا إنها ... أمهم أحنى عليهم وأبر
جشموا أنفسهم من أجلها ... غربة كانت عذاباً للأسر
فّا ما استشهدوا في حبها ... كان في أقصائهم إحدى الكبر
بل هنا في مصر في أحضانها ... ينبغي أن ينعموا بالمستقر
وبإيطاليا ارفعوا ما شئتم ... أثراً بالقرب من ذاك الممر
- * *
أيها المصري لا تهلك أسىً ... كل شيء في كتاب مستطر
حكمة بالغة بل عبرة ... لو وعاها المرء منا لاعتبر
كم غريب آب من أسفاره ... بعد ما أمسى شهيداً وانقب ومقيم هب من رقدته ... بسلم الروح على متن السفر
في التوابيت شباب ناهض ... رلزل القطرين لما أن عثر
في التوابيت رجال صمدوا ... في قتال الدهر لما أن غدر
في التوابيت كرام أنفقوا ... عمرهم في رفعة النيل لأعز
في التوابيت هنا أكبادنا ... أودعوها في الحشا لا في الحشر
في التوابيت وما أدراكم ... ما التوابيت ضحايا المؤتمر
- * *
يا شباب النيل سر نحو العلا ... رافع الرأس وجده ما اندثر
وأين كالأهرام مجداً خالداً ... ليس تلبيه الليالي والغير
أمة مظلومة من خلقكم ... لا ترى ذون الورى أن تحتقر
- * *
أمة النيل تأسي واصبري ... واشتري صفو الليالي بالكدر
واحمدي الله على أحكامه ... يرحم الموتى ويجز من صبر
محمد نجيب الفرابلي المحامي