مجلة البيان للبرقوقي/العدد 49/أي أصناف الجمال الرجالي أحب إلى النساء
→ حضارة العرب في الأندلس | مجلة البيان للبرقوقي - العدد 49 أي أصناف الجمال الرجالي أحب إلى النساء [[مؤلف:|]] |
كيف يداوى الضجر والقلق ← |
بتاريخ: 1 - 6 - 1919 |
وضوع غريب
أي أصناف الجمال الرجالي أحب إلى النساء
بحث سيكولوجي
فتاوى طائفة من مشهورات السيدات في موضوع من أهم ما تعنى به النساء، وهو - أي الوجوه أحب إلى النساء؟ الوجوه الدالة على القوة البدنية - أم الذكاء الحاد - أم الروح الخيالية؟ وأي هذه الثلاثة تختارين أن يكون رفيقك في الحياة؟ ولماذا؟ وقد عرضت إحدى المجلات الغربية الوارد فيها هذا المقال صور إثني عشر رجلاً مختلفي الصيغة الجمالية ولكن كلهم كان في حياته مشهوراً بالجمال، وطلبت إلى السيدات المذكورات أن تختار كل واحدة منهن صورة من هذه الصور باعتبار أنها أجمل الجميع في نظرها.
(1) رأي البارونيس أوركازي
إن موضوع الجمال في الذكور موضوع عويص معضل، لأن جمال الرجال أمر يتوقف على أشياء كثيرة خلاف الوجه، وإني لأسأل القارئة الكريمة قبل كل شيء ما هي العناصر التي منها يتكون جمال الرجل؟ هل هي حسن أعضاء الوجه وانتظامها وتناسبها؟ كلا إن هذا وحده لا يكاد يكون الجمال المستملح في الرجال. فإن الوجوه التي هذا شأنها تكون في الغالي خالية من معاني القوة والمتانة والمضاء والصرامة. وعلى العكس من ذلك ترى أن الأجسام البادنة المكتنزة بالعضل المجدول والعصب المتين خالية من بريق الذكاء المتوقد في العينين، ثم ترى في أقفائها العريضة المسطحة دليلاً على كثافة الذهن وانحطاطا القوى العقلية. ثم من وجهة أخرى ترى الوجوه الناطقة بالمزايا الذهنية أو النفية تكون غالباً مصحوبة بضعف البدن ووهن أنسجته وبنوع من معاني التأنيث في الهيئة والشكل مما لا يستهوي الفريق الأكبر من النساء.
وعندك أيضاً الوجه القوي: وهو ذو الأعضاء الخشنة الحادة والعينين العميقتين والفك المتين المربع - فهذا ولا شك جذاب جداً - ولكنه لا يكون البتة مستنيراً ببهجة البشاشة ورونق الطلاقة أو مزداناً بوميض حلاوة الظرف والفكاهة التي هي سر الجمال في الرجال وشرطه الأساسي وأهم أركانه.
وإذ قد عرفت ذلك فاطلب هذه المزية الكبرى في وجوه الرجال - ابحث ع البشاشة وسطور الابتهاج حول شفاه الرجال - ابحث عن بريق الجذل ووميض الظرف والفكاهة في أعينهم - فأينما وجدت ذلك فتشبث بصاحبه واعلم أنك قد ظفرت بما هو خير لك وأفضل من أدونيز وهرقل.
إني أرى بين الاثني عشر رجلاً المختارين صديق صباي المعشوق. ورفيق شبابي المرموق اللورد تيتون. وإني لا أتردد لحظة في تمييزه دون الباقين باختياري. وإفراده من بينهم بإيثاري، فلقد كان وجهه عنوان شخصيته الساحرة وصفاته الباهرة. إذ كان عليه سيماء الفحولة والقوة خالياً من أدنى ظل للعنف والقسوة. وسيما النبوغ الفني خالياً من أدنى معاني الأنوثة والضعف، ودلائل الملكات الذهنية الباهرة خالياً من أدنى شواهد الغرور والزهو. وقد كان مع كل هذا مكللاً بأجمل المزايا البشرية - مزية الطلاقة والبشاشة ورقة الظرف وحلاوة الفكاهة، واحسرتاه لقد عاش ومات أعزب.
رأي المس إيليس جفريز
لا أدعي الخبرة بعلم الفراسة بأية حال. ولذلك فإني أستصعب ما أسند إلي من هذه المهمة، وإني لأسأل القارئ، أيصح لامرأة أن تجعل جمال المنظر وحده أساساً لاختيار رفيقها في الحياة؟ أما أنها لو فعلت لكان أقل ما في الأمر أنها تعرض نفسها لخطر جسيم فلقد جاء في قديم الأمثال (إنما الجمال جمال الفعال) وإني لأرى الاثني عشر رجلاً المختارين ههنا قد أتو من الفعال الجليل والجميل وأتوا كذلك القبيح والدنيء.
إن القوة البدنية لمن الفضائل المحمودة، والمحاسن المحسودة. كما أن الذهن المولع بالمخاطرات والمجازفات البعيد الطمحات المتوقد الحركات لهو من أشرف المزايا وأجل الصفات. ومن أجل ذلك كان موضع اختياري ومحل إيثاري هو اللورد كتشنر. وإني في اختياري هذا مدفوعة بفرط إعجابي بالرجل وعظائم أفعاله. وبدافع أشد من ذلك وأعظم وهو ما يبدو على وجهه من إمارات الرقة والعطف والبر والمروءة - كافة العناصر الإنسانية - وهو عكس ما ينسب إليه من الجمود والجفاء والعبوس والصمت وفقدان العاطفة وقلة المؤاساة للغير. هذا لا ينافي ما قد يبدو عبينه أحياناً من النظرات القارة القارسة. النافذة القارصة. عند مقتضيات الأحوال. ولكني إذا نظرت في الصورة المعروضة خيل إلي أن عين الرجل تلين وتسجو وتخلع عنها نظرة اليأس والقسوة عندما يخلق الرجل لباس الجد والوقار والأعمال الرسمية ويمتزج بالناس امتزاج العشرة والوداد والألفة.
هذا وإني ذلك الشارب لا يخفي ما تحته من معاني الظرف والاستئناس والبشاشة المتألقة حول الفم التي هي في نظري من أفتن محاسن ذلك الوجه النبيل. وإن صورة اللورد كتشنر التي تجلوه على أبصارنا مبتسماً لا تزال في رأيي أحسن عنوان على طيب النفس ورقة الظرف الحقيقية. وما تبتغي النساء بعد ذلك؟ ذهن وقاد وخلق رائع سما إلى أوج العلى وبلغ غاية الفخار بالفتح المبين وباهر الانتصار.
رأي المسز س. ن. وليمسون
إن غرائزنا الفطرية - نحن السيدات - وطبائعنا الوراثية تدفعنا من حيث لا نفهم ولا نشعر إلى اختيار الصنف الحربي من الرجال. فنحن نرتكن إلى هؤلاء لأننا طالما ارتكنا إليهم واعتمدنا عليهم، ألم يكونوا ملاذنا وعصمتنا يوم كانوا يدفعون عنا غوائل المردة والشياطين والغيلان والسعالى والتنانين ومن عصائب لصوص الهمجيين من الشعوب الوحشية والقبائل البربرية - آفات العصور الماضية. وبلايا الحقب الخالية؟ ولكن رأيي بالرغم من ذلك أن نموذج الجمال الرجالي هو ما جمع بين البدن الضليع والذكاء السريع. والخيال البديع. وإن أقرب الناس في نظري من هذا النموذج الكامل هو اللورد كتشنر. فلقد كان ذا خيال بديع وخلق غريب - مفرد فذ منقطع القرين بدليل أنه لم يجد قط في جماعات النساء من هي كفؤ له في غرابة الخلق والروح حتى يتخذها قرينة ورفيقة. أضف إلى ذلك أن حياته كلها كانت سلسلة مخاطرات هائلة. ولقد امتاز بالنظر في لغات سكان القفار والصحاري وفي صفحات قلوبهم وألواح ضمائرهم. وكلنا يعلم أي شجاع باسل كان!.
رأي نورة سكليجل
المصورة المشهورة
إن من أصعب الأمور أن تختار المرأة رفيق حياتها باعتبار جمال المنظر لا غير على أن في رأيي ومذهبي في هذا الصدد اجتناب الشعراء لخلوهم من عنصر المزاح والفكاهة والمراح وتغلب الحزن والكآبة على نفوسهم. والحق يقال أن الضحك أحسن المزايا البشرية. وأعظم مسهل لمصاعب الحياة وأنفع علاج لآلامها وأنجع ترياق لسمومها.
فالضحك مطر الحياة ونسيمها ونورها. وإني لأبصره في عين كيرلي بيلو وسيدني باراكلو.
رأي المسز بيلي رينولدز
ما أظن أن امرأة من المتعلمات المستنيرات في هذا العصر تختار رفيقها في الحياة لسواد عينيه أو حمرة وجنتيه وإن كان جمال المنظر يدخل ولا شك ضمن العوامل الباعثة على الاختيار. هذا وإني أستنكر في الصورة المعروضة ههنا معنى أن يشترك فيها إلا اثنين أو ثلاثاً - ذلك المعنى هو شعور كل شخص من هؤلاء الأشخاص بأنه حسن مليح - هو اعتداد كل منهم بمحاسنهم وتيهه وخيلائه بملاحاته ومفاتنه. (ومما شاهدت من أخلاق البشر أن الرجل الجميل أشد شعور بجماله وأكثر اختيالاً بحسنه من المرأة الجميلة) فهذا الزهو بالملاحة والحسن هو ما لا يحتمل ولا يطاق من الرجل.
وإني إذا تأملت هؤلاء الرجال المعروضة صورهم وجدت أن الرجل الوحيد الخالي من هذا العيب هو اللورد كتشنر وإن كنت أشك في صواب إدخاله في رزمة من يستحقون صفة الجمال البارع. وعلى كل حال فلقد كان الرجل بريئاً من وصمة (اتخاذ الجمال حرفة وصناعة) وكان عليه سيما الرجل الخليق أن يأتي من الأمور ما يفيد وينفع.
رأي المسز وينفريد جراهام
إني أخص باختياري كرلي بيلو بشرط أن يحلق شعره! فإن له وجهاً كوجوه كبار المصلحين - ولعله ورث عن أبيه الذي كان من مشاهير الوعاظ وخطباء الكنيسة، وإني لأرى في عيني الصورة آية السحر والفتنة ودليل الإخلاص والفاء كما أن الذقن تدل على قوة العزم والمضاء. وإن كان لا يظهر به تلك النقرة أو النون (ما يسميه العامة طابع الحسن) التي كانت إحدى مزاياه المعروفة. هذا وإن الأنف الدقيق المستوي المحدد والذقن القوي الدال على مضاء العزيمة يوازيان بل يرجحان بما يكسو سائر الوجه من رقة جمال الأنوثة وفي هذا الوجه أيضاً تعرف سيما الخيال والشعر بينما الجبين يشبه جبين بيرون (الشاعر المشهور) - وهذا ما أشار إليه صاحب الوجه في كثير من الأحايين أما العنق فيدل على القوة البدنية. وأما شكل الحاجبين وانفساح ما بينهما فدليل على دماثة الطبع وحلاوة الشمائل والرغبة في فعل الخير.
رأي المسز كلار شريدان النحاتة المشهورة
إن أبدع المعروض من هذه الصور في رأيي ومذهبي هو صورة شيلي (الشاعر المشهور) ولعلي أكون في ذلك محابية لأني ما زلت طول حياتي منغمسة في شيلي (أي في أشعاره ومؤلفاته وما كتب عنه من السير والتراجم). ولقد عشت في مصيفه بإيطاليا والتهمت كل ما ورثه العالم من كتاباته وآثار شخصيته وروايات سيرته. عليه رحمة الله لقد كان ذا شخصية رائعة باهرة هائلة. ولو كان اليوم عائشاً لغرد أغاريده. وشدا أناشيده احتفالاً بانتصار المرأة في ميدان الحياة. ولوددت والله أني كنت زوجة شيلي لأني كنت أفهمه لا محالة وأدرك حقيقة أمره. واستجلي غامض كنهه وسره.
أما بيرون فإني أتنصل عنه، وأنفض يدي منه، فأجمل منوجهه وجه روبيرت بروك وأمتن من خلقه خلق تيتس.
أما باقي الأشخاص المعروضة فما أراني القادرة على الحكم عليهم وإبداء الرأي عنهم وذلك لقلة ما أعرفه من شؤون حياتهم وتفاصيل أحوالهم ودقائق صفاتهم وخلالهم. ورأيي أن الجمال لا ينحصر في أنف ولا عين ولا فم ولا ذقن ولا جبين. ولكن فيما وراء ذلك. وإني لا أضن بالاستحسان والثناء على متانة بنية العوام الشهير الكابتن وب والملاكم الشهير كوربيت ولكن أرى وجهيهما عاديين خاليين من أدنى معاني الفتنة والسحر والغرابة. فهما لا يمتازان عما لا نزال نبصر كل ساعة في غدواتنا وروحاتنا من الآلاف المؤلفة من وجوه جماهير العامة. فالكابتن وب هو أشبه الناس برجال طائفة المعمار وكان الأليق به أن يحمل القادوم والمطمار.
رأي هنريتارا
المصورة المشهورة
لا أتردد في اختيار اللور ليتون. فإن هذا من الأمور البديهية التي لا جدال فيها من وجهة اعتبار من كان مصلي يتعاطى حرفة التصوير. أقول إني أختاره دون الباقين وإن صورته المعروضة ههنا تمثله وهو في دور شيخوخته وهرمه قبل وفاته بقليل ولكني عرفته في نضرة شبابة وزهرة صباه وخالطته سنين عدة فوجدت أن الجمال الذهين المشرق في صحيفة وجهه يشف عن روائع شيمه الباهرة. ةغرائب خلقه الساحرة. وعجائب ملكاته النادرة. مما لا ينكره ممن رآه إنسان. ولا يختلف فيه ممن عرفه اثنان.
رأي المسز ماي أدجنتون
إني لأعلم بيقين أي أصناف الجمال الرجالي هو أجذب للمرأة - المرأة العادية - وأخلب. فإنها إن لم توفق إلى الرجل الجامع لجملة المحاسن البشرية بين بدنية وذهنية وعاطفية فإنها لتفضل - في صميم قلبها وغن حاولت كتمان ذلك ومداراة ومواراة بباعث الاستحياء والترفع - أنها لتفضل الوجه الدال على القوة البدنية والبنية الحديدية. ذلك لأن الرجل ذا القوة البدنية العظيمة خليق دائماً أبداً أن يدخل على حياة المرأة شيئاً كثيراً من دواعي الأنس والمراح والطرب وبواعث اللذة واللهو والشهوة. ما الرجل ذو الذهن الوقاد والذكاء الحاد فخليق أن يكون له من الأناة والتؤدة وفرط الوقار والرزانة وكثرة التدبر والتأمل وطول الإطراق والروية والتفرس في حركات الناس وتصرفاتهم والتفتيش عن سرائرهم والخوض بنظراته الكشافة في أغوار ضمائرهم. وتشريح نفوسهم وأرواحهم على منصة بحثه بمبضع ذهنه المرهف المشحوذ كما يشرح الجراح الحاذق الجثة - يكون له من كل ذلك ما يفسد بينه وبني المرأة من صلات التآلف والامتزاج التي يجب أن يكون سداها الضحك والمرح ولحمتها التساهل والتغافل - فلا غرو إذا ندت عنه وأعرضت ونفرت لأنه يخيفها ويفزعها ويملأ قلبها هيبة ووحشة ولا تجد في جوه ذلك الإشراق والصفاء والدفء التي ليس إلا بها تتفتح زهرة قلبها وتينع ثمار عواطفها.
فنصيحتي إلى المرأة أن تلتقط رجلاً شديد قوة البدن ثم تنفث فيه من ينبوع عواطفها نفثة من روح الأماني العجيبة والخيالات الغريبة - من الروح الروائية الخرافية - فستجدين فيه إذ ذاك النموذج الكامل والمثل الأعلى. فإذا ألفيت بعد ذلك نقصاً في ذكائه وقصوراً في فطنته فلا يسوءك ذلك فإنه لو كان غير ذلك لأحاط علماً بظاهرك وباطنك وليس هذا مما يسرك. وإذا وجدته ساذجاً بسيطاً فاحمدي حسن حظك وسعد طالعك ودعيه يبقى كذلك. أما من وجهة رأيي في الصور المعروضة ههنا فإن أجذبها عندي وأخلبها صورة كوربيت الملاكم.
رأي المسز بيلوك لونديز
إن الفريق الأكبر من النساء يفضل ولا شك بالفطرة والغريزة الرجل القوي البدن المتين البنية - سواء كان جميل الطلعة أو عاديها. وكذلك معظم الرجال - بل كل الرجال ما عدا الفئة النادرة الشاذة - يفضلون المرأة المؤنثة أعني اللينة الناعمة الرقيقة الغريرة. ولا نزاع في أن القوة الخفية المسماة الفتنة النسائية أعني العين الساحرة ذات اللحظ الخلاب أو كما يسميها فريق من الشعراء العين الداعية إلى الصبابة الآمرة بالولوع والاستهامة - لا شك أن هذه من أقوى العوامل في اختيار الرفيق. واشد البواعث على اصطفاء العشيق. ولكنها من المزايا النادرة جداً سواء في الرجال والنساء وقلما يكون فيها ضمان السعادة الدائمة أوالوفاء والأمانة في الحياة الزوجية. ولا أشك في أن الرجال والنساء جميعاً يخضعون لسلطان الحسن والملاحة - ومن ثم كان ذلك النجاح الباهر الذي يظفر به بعض ذوي المحاسن الباهرة من الممثلين والممثلات ولكني أشك في أن هؤلاء الممثلات والممثلين يستطيعون استبقاء هذه المزية النادرة في غضون حياتهم المنزلية.
إن من النساء لفريقاً يستهويه الصيت والشهرة في الرجال. فأمثال هؤلاء النساء لا تحجم إحداهن عن الاقتران بالرجل القبيح الصورة والسيء الخلق الشاذ الطباع بشرط أن يكون شاعراً مذكوراً أو فارساً مشهوراً وأعجب من هذا وأغرب أنها تعيش معه سعيدة.
إذا كنت مختارة واحداً من بين هؤلاء الرجال المعروضة هنا صورهم فإني أختار اللورد كتشنر.